أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 863

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة، حسن غلاب، محمد أحمد حسن والصاوي يوسف.

(192)
الطعن رقم 2505 لسنة 54 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
إيداع الأسباب بعد الميعاد. أثر ذلك؟
(2) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها". نظام عام.
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. متعلق بالنظام العام. وهو من الدفوع الجوهرية.
(3) أمر بألا وجه. أمر حفظ. نيابة عامة.
أمر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة بعد قيامها بأي إجراء من إجراءات التحقيق. ماهيته وأثره؟
(4) نيابة عامة. أمر بألا وجه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
اشتراط الحكم قدر معين من التحقيق لاعتبار الأمر الصادر بالحفظ أمراً بألا وجه. واستلزامه أن يكون مسبباً لتكون له حجيته. ودون أن تتحرى المحكمة حقيقة الأمر. خطأ في القانون. أثر ذلك؟
(5) نيابة عامة. أمر بألا وجه.
الجنايات. الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها وجوب صدوره من المحامي العام أو من يقوم مقامه. المادة 209 أ. ج بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981.
تطبيق الحكم المستحدث رغم انطباق نص المادة قبل التعديل. أثره؟
مناط الدليل الجديد الذي يجيز العودة إلى التحقيق؟ القول فيه برأي: لا يتأتى إلا من واقع ما تجريه المحكمة من تحقيق.
(6) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "اتصال وجه الطعن"
أثر اتصال الوجه الذي بني عليه النقض بالطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً؟
1 - إذ كان البين أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1983، فقرر الطاعن الرابع بالطعن فيه بطريق النقض في 26 من يناير سنة 1984 بيد أن الأسباب التي بني عليها طعنه لم تودع إلا في السابع من فبراير سنة 1984، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها متعلق بالنظام العام وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة، متى أبدي لها أن تتحرى حقيقة الواقع في شأنه وأن تجري ما تراه لازماً من تحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه.
3 - من المقرر أن أمر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة بعد قيامها بأي إجراء من إجراءات التحقيق هو في صحيح القانون أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له بمجرد صدوره حجيته التي تمنع من العودة إلى التحقيق إلا في الحالات وبالكيفية التي قررها الشارع في المادة 110 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية، ولو جاء الأمر في صيغة الحفظ الإداري وسواء كان مسبباً أم لم يكن.
4 - إن مفاد نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى يصدر في مواد الجنايات من رئيس النيابة العامة أو من يقوم مقامه. وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في تبرير إطراح ذلك الدفع إلى أن تحقيقاً ما لم يتم وعلى الأخص مع شهود الواقعة والمتهمين في الشكوى آنفة الذكر وإلى أن ما جاء بالشهادة المقدمة من الطاعنين لا يفيد أن أمراً مسبباً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أصدر من عضو النيابة المختص قانوناً بإصداره، بما مفاده أن الحكم قد اشترط أن يتم قدر معين من التحقيق لاعتبار الأمر الصادر بالحفظ أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية واستلزم أن يكون الأمر مسبباً لكي تكون له حجيته، وذلك دون أن تتحرى المحكمة حقيقة الأمر وذلك بالاطلاع على أوراق الشكوى التي قررت ضمها وبإجراء ما قد يلزم من تحقيق، فإن الحكم يكون فيما تقدم جمعيه قد أخطأ صحيح القانون خطأ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
5 - إن الحكم إذ ذهب إلى أن أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لم يصدر من عضو النيابة المختص قد أقام ذلك على ما أفصح عنه من وجوب صدور هذا الأمر في الجنايات من المحامي العام أو من يقوم مقامه - دون أن تفطن المحكمة إلى أن ذلك مستحدث بما نصت عليه المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - في حين أن المنطبق على واقعة الدعوى هو نص تلك المادة قبل هذا التعديل، الأمر الذي حجب المحكمة عن تقدير ما أسفر عنه اطلاعها على دفتر حصر التحقيق من أن تحقيق الشكوى كان منوطاً بأحد أعضاء النيابة العامة وأن رئيس هذه النيابة قد أشر على الشكوى بالحفظ مما قد يرشح لأن يكون هذا الحفظ - في صحيح القانون - أمراً بأن لا وجه، هذا إلى أن ما تساند إليه الحكم بقالة أن دلائل جديدة قد ظهرت بما يجيز العودة إلى التحقيق وفق ما تقضي به المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية، مردود بما هو مقرر من أن مناط الدليل الجديد أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، وهو ما لا يتأتى القول فيه برأي إلا من واقع ما تجريه المحكمة من تحقيق سواء بالاطلاع على التحقيقات السابقة للوقوف على ما كان مطروحاً فيها من أدلة ومقارنتها بتلك التي يراد العودة إلى التحقيق استناداً إليها أو بغير ذلك من تحقيقات والواقع في الطعن الماثل أن المحكمة لم تطلع على الشكوى موضوع الدفع رغم إصدارها قراراً بضمها، كما أنها لم تجر أي تحقيق تستجلي به ما إذا كانت الدلائل التي سوغت بناء عليها العودة إلى التحقيق وما ترتب عليها من تحريك الدعوى موضوع الطعن قد سبق طرحها في التحقيقات المقيدة برقم 35 لسنة 1974 حصر تحقيق نيابة الجيزة الكلية والتي انتهت بالحفظ، من عدمه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
6 - لما كان الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالطاعن الرابع الذي لم يقبل طعنه شكلاً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إليه أيضاً وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهم الأول: 1 - وهو موظف عمومي "أمين سر محكمة مركز الجيزة" ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو رول السيد القاضي بجلسة 19/ 6/ 1974 في الدعوى رقم 561/ 166 سنة 1969 بيوع مركز الجيزة، وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن عدل تاريخ الجلسة المؤجلة لها الدعوى المذكورة بجعلها 6/ 8/ 1974 بدلاً من جلسة 7/ 8/ 1974 بمحو رقم 7 وكتابة رقم 6 في البيان الخاص باليوم. 2 - بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو رول السيد القاضي بجلسة 6/ 8/ 1974 في الدعوى آنفة البيان وكان ذلك بطريقي تغيير المحررات وزيادة كلمات بأن محا عبارة "القطعة 33 من 13 بحوض الديباجية رقم 4 قسم ثان" من منطوق الحكم الصادر في تلك الجلسة والمحرر بخط القاضي وأضاف له عبارة "القطعة 70 بحوض الديباجية رقم 4 قسم ثالث". 3 - بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي محاضر جلسات 27/ 3، 15/ 5، 19/ 6/ 1974 في الدعوى آنفة البيان، وكان ذلك بطريق الاصطناع وتغيير المحررات ووضع إمضاءات مزورة بأن أتلف المحاضر الأصلية واصطنع أخرى مزورة بدلاً منها وأثبت خلافاً للحقيقة بمحضر جلسة 19/ 6/ 1974 تأجيل الدعوى إلى جلسة 6/ 8/ 1974 وحضور الأستاذ.... المحامي وكيلاً عن المدعي وأغفل إثبات حضور الأستاذ المحامي نائباً عن الأستاذ.... المحامي وكيل المدعي ثم وقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً لقاضي المحكمة. 4 - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو محضر جلسة 6/ 8/ 1974 في الدعوى آنفة البيان حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بذلك بأن أثبت زوراً عناوين غير صحيحة لمحال إقامة المتهمين من الثاني إلى الرابع كما أثبت خلافاً للحقيقة اشتراك المتهمين الثالثة والرابع في المزايدة بعرض كل منهما ثمناً للأطيان محل المزاد يزيد عن ذلك الذي عرضه المتهم الثاني. 5 - بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو دفتر يومي الجلسة المدنية بمحكمة مركز الجيزة "الأجندة" وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن نزع الصحيفة الثابت بها الدعوى آنفة البيان بجلسة 19/ 6/ 1974 إلى جلسة 7/ 8/ 1974 وأثبت أخرى خلافاً للحقيقة أنها أجلت لجلسة 6/ 8/ 1974 كما قام بتعديل تاريخ الجلسة المؤجلة لها الدعاوى أرقام 179، 1082 سنة 1973، 180 و230 سنة 1974 مدني مركز الجيزة بجعلها جلسة 6/ 8/ 1974 بدلاً من جلسة 7/ 8/ 74 وذلك بكتابة رقم 6 فوق رقم 7 في البيان الخاص باليوم والدعاوى أرقام 1164 سنة 1970 و971 سنة 1971، 322 و417 و661 سنة 1972 و47 و492 و985 سنة 1973 و1، 44 و82، 148، 170، 193، 272، 316، 320، 329، 559 سنة 1974 مدني مركز الجيزة بجعلها جلسة 6/ 11/ 1974 بدلاً من جلسة 5/ 11/ 1974 بكتابة رقم 6 فوق رقم 5 في البيان الخاص باليوم والدعاوى أرقام 38 سنة 1966 و185 سنة 1972 و11، 472 سنة 1973 و210، 282 و561، 563 سنة 1974 مدني مركز الجيزة بجعلها جلسة 13/ 11/ 1974 بدلاً من جلسة 12/ 11/ 1974 بكتابة رقم 3 فوق رقم 2 في البيان الخاص باليوم والدعوى رقم 555 سنة 1974 مدني مركز الجيزة بجعلها جلسة 13/ 8/ 1974 بدلاً من جلسة 14/ 8/ 1974 بكتابة رقم 3 فوق رقم 4 في البيان الخاص باليوم. 6 - بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو محضر جلسة 19/ 6/ 1974 في الدعوى رقم 555 سنة 1974مدني مركز الجيزة وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن عدل تاريخ الجلسة المؤجلة لها الدعوى المذكورة بجعلها جلسة 13/ 8/ 1974 بدلاً من جلسة 14/ 8/ 1974 بأن كتب رقم 3 فوق رقم 4 في البيان الخاص باليوم.
7 - بصفته سالفة الذكر أحدث عمداً إضراراً بأموال ومصالح الأفراد المعهود بها إليه بأن ارتكب وقائع التزوير المبينة بوصف التهم من الأولى إلى الرابعة في الدعوى رقم 561/ 166 سنة 1969 بيوع مركز الجيزة وتمكن بذلك من إيقاع بيع الأرض محل المزاد في تلك الدعوى والمملوكة لـ...... وآخرين على المتهم الثاني بثمن يقل عن ثمنها الحقيقي وعن قيمة الدين المستحق لـ..... الدائن مباشر الإجراءات في نفس الدعوى.
8 - بصفته سالفة الذكر أتلف أوراقاً أميرية هي محاضر جلسات 27/ 3، 15/ 5، 19/ 6/ 1974 في الدعوى 561/ 166 سنة 1960 بيوع مركز الجيزة وبعض أوراق دفتر يومية الجلسة المدنية بمحكمة مركز الجيزة على النحو الموضح بالتحقيقات حالة كونه مأموراً بحفظها. ثانياً: المتهم الثاني: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكابه الجرائم المبينة بوصف التهم الأولى والثانية والثالثة والسابعة والثامنة بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن تقدم في الجلسة المحددة لإجراء المزاد هو والمتهمين الثالثة والرابع وعرض للأرض محل المزاد ثمناً يقل عن ثمنها الحقيقي فتم إيقاع البيع عليه إضراراً بمالكيها والدائن مباشر الإجراءات ووقعت تلك الجرائم بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: المتهمون من الثاني إلى الرابع: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير المبينة بوصف التهمة الرابعة بأن اتفقوا معه على أن يثبت لمحال إقامتهم عناوين غير صحيحة في محضر جلسة 6/ 8/ 1974 في الدعوى رقم 561/ 166 سنة 1969 بيوع مركز الجيزة واشتراكهم - خلافاً للحقيقة - في المزايدة وساعدوه على ذلك بأن أملوا عليه عناوين غير صحيحة فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة، وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... و..... و..... مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً في 28 من ديسمبر سنة 1983 عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 116 أ، 151، 152/ 1، 2، 211، 213 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 55، 56 من ذات القانون بالنسبة للمتهمين الثالثة والرابع. أولاً: بمعاقبة كل من...... و...... بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إلى كل منهما. ثانياً: بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه. ثالثاً: بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليها - وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها عليها إيقافاً شاملاً لكافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم. رابعاً: إلزام المتهمين المصروفات الجنائية وقدرت للمحامي المنتدب عن المتهم الرابع مبلغ ثلاثين جنيهاً أتعاب محاماة. خامساً: بإلزام المتهمين بالتضامن بأن يدفعوا للمدعيين بالحق المدني على سبيل التعويض المؤقت مبلغ واحد وخمسين جنيهاً وألزمتهم بمصروفات الدعوى المدنية ومبلغ عشرين جنيهاً مقابلاً لأتعاب المحاماة.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1983، فقرر الطاعن الرابع..... بالطعن فيه بطريق النقض في 26 من يناير سنة 1984 بيد أن الأسباب التي بنى عليها طعنه لم تودع إلا في السابع من فبراير سنة 1984، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من كل من الطاعنين الثلاثة الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن الأول بجرائم التزوير في الأوراق الرسمية حالة كونه موظفاً عاماً وذلك أثناء تأديته وظيفته والإضرار عمداً بأموال ومصالح الأفراد المعهود بها إليه والإتلاف ودان الثاني والثالثة بالاشتراك في التزوير فقد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك بأنه أطرح الدفع المبدى من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الشكوى رقم 35 لسنة 1974 حصر تحقيق الجيزة بقالة خلو الأوراق مما يفيد أن أمراً قضائياً مسبباً بحفظ الشكوى المذكورة قد صدر من عضو النيابة المختص قانوناً تأسيساً على أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لا يصدر في مواد الجنايات إلا من المحامي العام أو من يقوم مقامه وذلك بالمخالفة لصريح نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية، وبأن ثمة دلائل جديدة قد ظهرت بما يجيز العودة للتحقيق وذلك على الرغم من أن ما عدده الحكم واعتبره من الدلائل الجديدة لا يعتبر كذلك وفق التطبيق السوي للقانون لسبق طرحها في الشكوى التي صدر الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها, وفي ذلك ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل الدفع المبدى من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الشكوى رقم 35 لسنة 1974 حصر تحقيق الجيزة، أطرحه في قوله "(1) من المقرر أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى في الجنايات وعملاً بنص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون إلا بعد تحقيق ومن المحامي العام أو من يقوم مقامه ويجب أن يشتمل الأمر على الأسباب التي بني عليها والثابت من أوراق الدعوى أن تحقيقاً ما لم يتم وعلى الأخص مع شهود الواقعة والمتهمين في الشكوى الإداري آنفة البيان، وما جاء بالشهادة الإدارية المقدمة من المتهمين بأن دفتر حصر التحقيق مؤشر به أمام بيانات الشكوى الإداري رقم 35 لسنة 1974 حصر تحقيق بأن الشكوى حفظت، هذه العبارة على فرض صحتها لا تفيد أن أمراً مسبباً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أصدر من عضو النيابة المختص قانوناً بإصداره. (2) من المقرر كذلك وعملاً بنص المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة, ومما يعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم تعرض والتي من شأنها زيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة. والثابت من أوراق الدعوى أن التحقيقات وورود تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي انتهى إلى ثبوت تزوير توقيع القاضي على محاضر جلستي 5/ 5/ 1974 و19/ 6/ 1974 وتزوير خطه في المنطوق المثبت برول القاضي بجلسة 6/ 8/ 1974, وثبوت إتلاف بعض صفحات يومية جلسات المحكمة وتلك الأمور ظهرت بعد الشكوى الإداري المذكورة وتعتبر دلائل جديدة تجيز العدول عن أمر الحفظ إن كان ثمة أمراً في صحيح الواقع والقانون وهو ما ليس كذلك على النحو الذي سلف بيانه. ومتى كان ذلك فإن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لا يقوم على أساس صحيح من واقع أو قانون تلتفت عنه المحكمة". ويبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة كانت قد أصدرت تحقيقاً للدفع, قراراً بضم الشكوى المشار إليها والدعوى المقيدة برقم 4259 لسنة 91 ق استئناف القاهرة، غير أن قرارها لم ينفذ حتى أصدرت حكمها المطعون فيه, كما قررت أيضاً ضم دفتر حصر التحقيق بنيابة الجيزة الكلية عن سنة 1974 - وتبينت من الاطلاع عليه - أن القضية رقم 25 لسنة 1974 حصر تحقيق الجيزة خاصة بتحقيق بلاغ من مكتب الأستاذ..... المحامي عن..... بتاريخ 13/ 11/ 1974 عن تهمة تزوير وأن محققه هو الأستاذ..... وكيل النيابة وأن أوراق القضية أرسلت في 13/ 1/ 1975 إلى نيابة قسم إمبابة لاستكمال التحقيق ثم أعيدت إلى نيابة الجيزة الكلية وتم حفظها إدارياً من رئيس النيابة في 19/ 7/ 1976، ثم أرسلت الشكوى في 1/ 11/ 1976 إلى محكمة استئناف القاهرة لضمها في القضية رقم 4259 لسنة 11 ق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها متعلق بالنظام العام وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة، متى أبدي لها، أن تتحرى حقيقة الواقع في شأنه وأن تجري ما تراه لازماً من تحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، كما أنه من المقرر كذلك أن أمر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة بعد قيامها بأي إجراء من إجراءات التحقيق هو في صحيح القانون أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له بمجرد صدوره حجيته التي تمنع من العودة إلى التحقيق إلا في الحالات وبالكيفية التي قررها الشارع في المادة 110 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية. ولو جاء الأمر في صيغة الحفظ الإداري وسواء كان مسبباً أم لم يكن، وإذ كان مفاد نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى يصدر في مواد الجنايات من رئيس النيابة العامة أو من يقوم مقامه، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في تبرير إطراح ذلك الدفع – وعلى ما سلف بيانه - إلى أن تحقيقاً ما لم يتم وعلى الأخص مع شهود الواقعة والمتهمين في الشكوى آنفة الذكر وإلى أن ما جاء بالشهادة المقدمة من الطاعنين لا يفيد أن أمراً مسبباً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أصدر من عضو النيابة المختص قانوناً بإصداره، بما مفاده أن الحكم قد اشترط أن يتم قدر معين من التحقيق لاعتبار الأمر الصادر بالحفظ أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية واستلزم أن يكون الأمر مسبباً لكي تكون له حجيته، وذلك دون أن تتحرى المحكمة حقيقة الأمر وذلك بالاطلاع على أوراق الشكوى التي قررت ضمها وبإجراء ما قد يلزم من تحقيق، فإن الحكم يكون فيما تقدم جميعه قد أخطأ صحيح القانون خطأ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم إذ ذهب إلى أن أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لم يصدر من عضو النيابة المختص قد أقام ذلك على ما أفصح عنه من وجوب صدور هذا الأمر في الجنايات من المحامي العام أو من يقوم مقامه - دون أن تفطن المحكمة إلى أن ذلك مستحدث بما نصت عليه المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 - في حين أن المنطبق على واقعة الدعوى هو نص تلك المادة قبل هذا التعديل، الأمر الذي حجب المحكمة عن تقدير ما أسفر عنه اطلاعها على دفتر حصر التحقيق من أن تحقيق الشكوى كان منوطاً بأحد أعضاء النيابة العامة وأن رئيس هذه النيابة قد أشر على الشكوى بالحفظ مما قد يرشح لأن يكون هذا الحفظ - في صحيح القانون - أمراً بأن لا وجه هذا إلى أن ما تساند إليه الحكم بقالة أن دلائل جديدة قد ظهرت بما يجيز العودة إلى التحقيق وفق ما تقضي به المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية، مردود بما هو مقرر من أن مناط الدليل الجديد أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، وهو ما لا يتأتى القول فيه برأي إلا من واقع ما تجريه المحكمة من تحقيق سواء بالاطلاع على التحقيقات السابقة للوقوف على ما كان مطروحاً فيها من أدلة ومقارنتها بتلك التي يراد العودة إلى التحقيق استناداً إليها أو بغير ذلك من تحقيقات الواقع في الطعن الماثل أن المحكمة لم تطلع على الشكوى موضوع الدفع رغم إصدارها قراراً بضمها، كما أنها لم تجر أي تحقيق تستجلي به ما إذا كانت الدلائل التي سوغت بناء عليها العودة إلى التحقيق وما ترتب عليها من تحريك الدعوى موضوع الطعن قد سبق طرحها في التحقيقات المقيدة برقم 35 لسنة 1974 حصر تحقيق نيابة الجيزة الكلية والتي انتهت بالحفظ، من عدمه لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين الثلاثة الأول بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى. لما كان ذلك، وكان الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالطاعن الرابع الذي لم يقبل طعنه شكلاً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إليه أيضاً وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.