مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1167

جلسة 15 من يونيه سنة 1957
(122)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1747 لسنة 2 القضائية

( أ ) موظفون منسيون - القانون رقم 329 لسنة 1952 - عدم انطباقه إلا في حق الموظفين الداخلين في الهيئة دون الخارجين عنها.
(ب) درجة شخصية - أوجه التشابه وأوجه المفارقة بينها وبين الدرجة الأصلية.
1 - إن القانون رقم 329 لسنة 1952 قد نص في مادته الأولى على أن "يرقى بصفة شخصية إلى الدرجة التالية كل موظف أو مستخدم من الدرجة التاسعة إلى الدرجة الخامسة قضى في درجته الحالية خمس عشرة سنة على الأقل في 20 يونيه سنة 1952، ويخصم بتكاليف هذه الترقيات على وفر اعتمادات الباب الأول في ميزانية كل وزارة أو مصلحة"، وهو بهذه المثابة لا يطبق إلا في حق الموظفين الداخلين في الهيئة دون الخارجين عنها؛ وآية ذلك: (أولاً) أن الدرجات التي نصت عليها المادة المذكورة، على ما يبين من الاطلاع على جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، هي من درجات الموظفين الداخليين في الهيئة، (ثانياً) تنص المادة 117 من الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وهو الباب الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة - على أن "تسري على المستخدمين الخارجين عن الهيئة فضلاً عن الأحكام الواردة في هذا الباب نصوص المواد 7 و13 والفقرتين الأولى والثالثة من المادة 21 والفقرة الأولى من كل من المادتين 22 و23 والمواد 25 و33 و36 و37 والمواد من 42 إلى 48 ..."، ولم تشر تلك المادة إلى المادة 40 مكرراً من القانون المذكور التي هي استمرار للقانون رقم 329 لسنة 1952. ولئن كانت المادة 40 مكرراً قد أضيفت بالقانون رقم 94 لسنة 1953 ثم عدلت بالقانون رقم 432 لسنة 1953 إلا أنه مع ذلك لم يدخل أي تعديل على المادة 117 سالفة الذكر يقضي بسريان أحكام المادة 40 مكرراً على المستخدمين الخارجين عن الهيئة.
2 - إذا ثبت أن المدعي قد رقي إلى الدرجة الثامنة الشخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 329 لسنة 1952 فإنه يعتبر مرقى إلى درجة دائمة، ولا يقدح في ذلك أن الدرجة المرقى إليها درجة شخصية وأنه بقى بعد الترقية في درجته الشخصية؛ ذلك أن الدرجة الشخصية والدرجة الأصلية تتساويان في هذا الخصوص في كل المميزات والحقوق المترتبة على منحها، فليس ما يمنع من ترقية صاحب الدرجة الثامنة الشخصية إلى الدرجة السابعة، كما لا تحول درجته الشخصية دون منحه علاوات تلك الدرجة في مواعيدها وبفئاتها المقررة أسوة بالدرجة الأصلية، وكل ما هنالك من فارق بين الدرجة الأصلية والدرجة الشخصية أن أوضاع الميزانية عند ترقية موظف إلى درجة شخصية لم تكن تسمح بمنحه درجة أصلية، وهو أمر لا أثر له على مركزه القانوني باعتباره مرقى إلى تلك الدرجة، وهو على كل حال وضع مؤقت يسوى عند وجود خلوات تسمح بوضع صاحب الدرجة الشخصية على درجة أصلية دون أن ينقص ذلك من حقوقه شيئاً.


إجراءات الطعن

في 11 من أغسطس سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 13 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 10293 سنة 8 ق المرفوعة من وزارة الزراعة ضد إبراهيم حسن الشيمي، القاضي "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبتسوية حالة المطعون ضده طبقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، ورفض التظلم، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 27 من أغسطس سنة 1956، وللخصم في 2 من سبتمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسة أول يونيه سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن إبراهيم حسن الشيمي قدم في 30 من مارس سنة 1953 تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة الزراعة قيد برقم 1515 سنة 1 ق طالباً تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 باعتباره حاصلاً على شهادة الزراعة العملية. وقد ردت الوزارة على التظلم بأن المتظلم حصل على شهادة الحقول الزراعية في ديسمبر سنة 1921 ونجح في امتحان القبول بالسنة الأولى الثانوية بمدرسة الإعدادية الثانوية سنة 1922، وقد عين باليومية من 23 من مايو سنة 1925 ثم بالماهية الشهرية من أول مايو سنة 1936، وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف فوضع في الدرجة التاسعة الشخصية من 23 من مايو سنة 1925 ورقي إلى الدرجة الثامنة الشخصية من 18 من ديسمبر سنة 1952. وفي أول يوليه سنة 1951 صدر قرار من مجلس الوزراء قدر لشهادة الزراعة العملية خمسة جنيهات في الدرجة التاسعة إذا لم تكن مسبوقة بشهادات أخرى، وستة جنيهات شهرياً في الدرجة الثامنة للحاصلين على الشهادة الابتدائية. وقد طلبت وزارة المالية موافاتها ببيان التكاليف اللازمة عن تسوية حالات الموظفين الذين تنطبق عليهم أحكام هذا القرار والقرارات الأخرى الصادرة بتقدير قيم بعض المؤهلات الدراسية لإمكان تنفيذها، وقد قامت الوزارة بتقدير هذه التكاليف وأرسلت بيانها إلى وزارة المالية، ونظراً لعدم ورود تعليمات من وزارة المالية أو ديوان الموظفين بشأن تنفيذ هذه التقديرات فلا يجوز تعديل حالته في الوقت الحاضر. وبجلسة 6 من يوليه سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "تسوية حالة المتظلم باستحقاقه للدرجة الثامنة براتب شهري قدره ستة جنيهات من تاريخ التعيين، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 على ألا تصرف الفروق إلا من 18 من أغسطس سنة 1952". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 8 من يوليه سنة 1954 طعنت الحكومة في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر طالبة إلغاءه وتسوية حالة المتظلم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية. وبجلسة 13 من يونيه سنة 1956 حكمت المحكمة "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبتسوية حالة المطعون ضده طبقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المتظلم يشغل درجة تاسعة شخصية خصماً على الدرجة الثامنة (غير صناع) بمصلحة وقاية المزروعات خارج الهيئة؛ ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة الحقول الزراعية سنة 1921 ونجح في امتحان القبول بالسنة الأولى بالمدرسة الإعدادية الثانوية سنة 1922، وقد التحق بخدمة وزارة الزراعة بوظيفة ملاحظ رش باليومية في 23 من مايو سنة 1925، ثم عين اعتباراً من أول مايو سنة 1936 بالماهية الشهرية ثم نقل إلى الدرجة الثالثة السائرة من أول مايو سنة 1941 وبالأمر رقم 588 في 30 من يونيه سنة 1951 سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة التاسعة الشخصية من 23 من مايو سنة 1925 بمرتب خمسة جنيهات وتدرج مرتبه حتى وصل إلى ثمانية جنيهات في أول مايو سنة 1949. وفي 8 من نوفمبر سنة 1952 صدر الأمر رقم 472 بالخصم بماهية المدعي على ربط وظيفة من الدرجة الثامنة (غير صناع) تاسعة شخصية بمصلحة وقاية المزروعات قسم 14 فرع 3، 1 - أ، جـ كادر خارج هيئة العمال، وذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. وفي 2 من مارس سنة 1953 صدر الأمر رقم 912 بترقيته إلى الدرجة الثامنة الشخصية ونص في ديباجته على أنه صدر "بناء على ما جاء بكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 8 لسنة 1953 بشأن ترقية قدامى الموظفين إلى درجات شخصية تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 والمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952"، كما نص فيه على بقاء المدعي على درجته التاسعة الشخصية.
ومن حيث إن القانون رقم 329 لسنة 1952 سالف الذكر قد نص في مادته الأولى على أن "يرقى بصفة شخصية إلى الدرجة التالية كل موظف أو مستخدم من الدرجة التاسعة إلى الدرجة الخامسة قضى في درجته الحالية خمس عشرة سنة على الأقل في 20 من يونيه سنة 1952، ويخصم بتكاليف هذه الترقيات على وفر اعتمادات الباب الأول في ميزانية كل وزارة أو مصلحة"؛ وهو بهذه المثابة لا يطبق إلا في حق الموظفين الداخلين في الهيئة دون الخارجين عنها؛ وآية ذلك: (أولاً) أن الدرجات التي نصت عليها المادة المذكورة - على ما يبين من الاطلاع على جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - هي من درجات الموظفين الداخلين في الهيئة، و(ثانياً) تنص المادة 117 من الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وهو الباب الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة - على أن "تسري على المستخدمين الخارجين عن الهيئة فضلاً عن الأحكام الواردة في هذا الباب نصوص المواد 7 و13 والفقرتين الأولى والثالثة من المادة 21 والفقرة الأولى من كل من المادتين 22 و23 والمواد 25 و33 و36 و37 والمواد من 42 إلى 48 ..." ولم تشر تلك المادة إلى المادة 40 مكرراً من القانون المذكور التي هي استمرار للقانون رقم 329 لسنة 1952. ولئن كانت المادة 40 مكرراً قد أضيفت بالقانون رقم 94 لسنة 1953 ثم عدلت بالقانون رقم 432 لسنة 1953، إلا أنه مع ذلك لم يدخل أي تعديل على المادة 117 سالفة الذكر يقضي بسريان أحكام المادة 40 مكرراً على المستخدمين الخارجين عن الهيئة؛ ومن ثم فإن المدعي، وقد رقي إلى الدرجة الثامنة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 329 لسنة 1952، يعتبر من الموظفين الداخلين في الهيئة.
ومن حيث إن ترقية المدعي إلى الدرجة الثامنة الشخصية هي ترقية له إلى درجة دائمة، ولا يقدح في ذلك أن الدرجة المرقى إليها درجة شخصية وأنه بقى بعد الترقية في درجته الشخصية؛ ذلك أن الدرجة الشخصية والدرجة الأصلية تتساويان في هذا الخصوص في كل الميزات والحقوق المترتبة على منحها، فليس ما يمنع من ترقية صاحب الدرجة الثامنة الشخصية إلى الدرجة السابعة، كما لا تحول درجته الشخصية دون منحه علاوات تلك الدرجة في مواعيدها وبفئاتها المقررة أسوة بالدرجة الأصلية، وكل ما هنالك من فارق بين الدرجة الأصلية والدرجة الشخصية أن أوضاع الميزانية عند ترقية موظف إلى درجة شخصية لم تكن تسمح بمنحه درجة أصلية، وهو أمر لا أثر له على مركزه القانوني باعتباره مرقى إلى تلك الدرجة، وهو على كل حال وضع مؤقت يسوى عند وجود خلوات تسمح بوضع صاحب الدرجة الشخصية على درجة أصلية دون أن ينتقص ذلك من حقوقه شيئاً، وقد نصت المادة 40 مكرراً في فقرتها الأخيرة على كيفية تسوية الدرجات الشخصية، فقضت بأن "يخصص ثلث درجات الأقدمية المطلقة في كل وزارة أو مصلحة لتسوية الدرجات الشخصية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون والقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية ....". وأما النص على بقاء المدعي في درجته الشخصية فهو أمر طبعي إلى أن تحول درجته إلى درجة أصلية، وهو لا يعدو أن يكون بياناً للمصرف المالي الحالي لمرتبه إلى أن تسوى درجته على النحو المبين بالمادة 40 مكرراً.
ومن حيث إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956 قد حدد المقصود بالموظفين الذين تسري عليهم أحكامه بأنهم الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية. ولما كان المدعي - على ما سبق البيان - في الدرجة الثامنة، وهي من الدرجات الدائمة داخل الهيئة، وقد التحق بالخدمة قبل أول يوليه سنة 1952 وحصل على مؤهله الدراسي قبل ذلك التاريخ أيضاً، فإن من حقه أن يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 - قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن - والحالة هذه - قد قام على غير أساس سليم من القانون، ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.