أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 874

جلسة 4 من ديسمبر 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين: محمد أحمد حسن، السيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف.

(193)
الطعن رقم 3061 لسنة 54 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بيانات حكم الإدانة". إثبات "بوجه عام".
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في واقعة اختلاس أموال أميرية. مؤاخذة الطاعن عن القدر الذي تيقنت المحكمة من اختلاسه تعويلاً على إقراره. لا تناقض.
(2) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". اختلاس أموال أميرية.
العبرة في المحاكمات الجنائية. باقتناع قاضي الموضوع. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين.
(3) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم ما يدل على تحقق قصد الاختلاس.
(4) اختلاس أموال أميرية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي. الرد على ما يوجه إليها من مطاعن عند الأخذ بها. عدم لزومه. أساس ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". اختلاس أموال أميرية.
وزن أقوال الشهود. موضوعي. مفاد أخذ المحكمة بالشهادة.
(6) إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً.
(7) اختلاس أموال أميرية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود".
لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها والتعويل على أقوال شاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر دون بيان العلة. علة ذلك؟
(8) إثبات "بوجه عام" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اختلاس أموال أميرية.
لا محل للنعي على الحكم بالخطأ في الإسناد. متى كان ما أسنده للطاعن من إقرار بالاختلاس له أصل بالأوراق.
(9) عقوبة "تطبيقها". نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
معاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة السجن على خلاف ما تقضي به المادة 118 عقوبات - إذ أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس خطأ في تطبيق القانون. يوجب التصحيح.
(10) اختلاس أموال أميرية. الطعن بالنقض. عقوبة "العقوبة التكميلية" نيابة عامة.
المتهم لا يضار - بناء على الطعن المرفوع منه وحده.
توقيت عقوبة العزل على خلاف ما تقضي به المادة 118 عقوبات وسكوت النيابة عن الطعن في الحكم. ليس لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.
1 - لما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في تحصيله لأدلة الثبوت أنه إنما أخذ الطاعن عن اختلاسه مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه باعتبار أن هذا المبلغ هو القدر الذي تيقنت المحكمة من اختلاسه وفقاً لإقرار الطاعن، مما يدل على أن المحكمة واجهت عناصر الدعوى وألمت بها واعتبرت الواقعة التي أخذت الطاعن عنها في حكم الحقيقة الثابتة لديها.
2 - لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره الشهود مغايراً لما استند إليه الحكم، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته بعد التحقيقات، لأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم بدعوى إغفاله تمحيص الاختلاف في تحديد قيمة العجز يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن بناء على ما أورده من أدلة سائغة وأثبت في حقه أنه تصرف في المبلغ الذي أخذه عن اختلاسه على اعتبار أنه مملوك له، فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هي معرفة في القانون بركنيها المادي والمعنوي، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد.
4 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير لجنة الجرد وإنما عول في تحديد المبلغ المختلس على ما أقر به الطاعن في هذا الصدد فإن ما ينعاه على الحكم من قصور وفساد في الرد على الدفع ببطلان تقرير تلك اللجنة يكون غير مجد.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن تناقض كل من الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته.
7 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه فيها والتعويل في قضائها على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى، ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر دون بيان العلة إذ يرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد ما أثاره دفاع الطاعن من تناقض روايات أعضاء لجنة الجرد، ورد الحكم على هذا الدفاع يسوغ إطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً لما فيه من مصادرة لحرية محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتكوين معتقدها في الدعوى.
8 - لما كان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن ما أسنده الحكم المطعون فيه للطاعن من إقرار باختلاس مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه له أصله في التحقيقات خلافاً لما يقول به الطاعن - فإن تعيب الحكم بالخطأ في الإسناد يكون غير صحيح.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات إلا أنه قضى بعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة السجن على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقاً لما تقضي به المادة 27 من ذات القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً "موظف بالجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بالشركة الأهلية للغزل والنسيج" اختلس مبلغ 8166.027 جنيهاً والمملوك للجمعية سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2 ( أ )، 118، 119، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته مدة مساوية وبرد مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه يخصم منه المبلغ المدفوع منه إلى خزينة محكمة إسكندرية الابتدائية بتاريخ 7/ 3/ 1984 وبتغريمه مبلغاً مساوياً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الاختلاس فقد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما أخطأ في القانون وفي الإسناد ذلك بأنه اكتفى - في تحصيله لواقعة الدعوى - بذكر قيمة العجز في عهدة الطاعن دون أن يورد شيئاً عن اختلاف ما تضمنه بلاغ الواقعة في شأن هذا العجز عما جاء في نتيجة الجرد الذي أجراه مدير الجمعية وما أثبتته اللجنة التي شكلتها النيابة العامة برئاسته في تقريرها كذلك فقد سكت الحكم عن الرد على ما أثاره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون عجزاً في عهدته مما لا تقوم به جريمة الاختلاس، كما أطرح بأسباب غير كافية ولا سائغة ما تمسك به, من انتفاء قصد الاختلاس لديه وبطلان تقرير لجنة الجرد لعدم أداء أعضائها اليمين القانونية قبل قيامهم بعملهم, ولتناقض رواياتهم التي أدلوا بها، هذا إلى أن ما أورده الحكم من أن الطاعن قد اعترف باختلاس مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه لا أصل له في الأوراق, كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إن المتهم.... الموظف بالجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بالشركة الأهلية للغزل والنسيج عهد إليه بوديعة من أموال الجمعية ليكون مندوباً عنها في شراء اللحوم وغيرها وتوزيعها على منافذ البيع التابعة للجمعية ثم جمع حصيلة البيع من تلك المنافذ ليشترى بها مرة أخرى ما يخص الجمعية من السلع المذكورة على أن يتقدم لمدير الجمعية في فترات متقاربة لحساب عمليات الشراء والتحصيل التي يجريها ويورد له المبالغ التي تتجمع لديه وتزيد على حاجة المشتريات غير أنه وقد تراخت عنه قبضة الرقابة والحساب استحل لنفسه اختلاس ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه من أموال الجمعية التي هو أمين عليها، وفي يوم 20/ 8/ 1983 انقطع عن عمله وغادر البلاد للبحث عن عمل. وبجرد عهدته اتضح وجود عجز مقداره 8166.027 ثمانية آلاف ومائة وستة وستون جنيهاً وسبعة وعشرون مليماً، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال كل من..... و.... و.... و..... ومما قرره الطاعن بالتحقيقات، وأورد مؤدى كل منها في بيان واف ثم انتهى إلى قوله: "إن المحكمة وإن اطمأنت إلى إقرار المتهم باختلاسه ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه مما كان في عهدته من أموال الجمعية إلا أنها تجد الدعوى خالية من دليل كاف على اختلاسه ما جاوز ذلك من جملة العجز في عهدته إذ لم يقم في الأوراق دليل يكذب دفاعه بشأن فقد أربعة آلاف جنيه أو تغفلته عن إثبات نقص المبالغ المنصرفة بل يرشح لذلك قول الشاهد الرابع أن المتهم لم يكن منتظماً في تقديم الحساب عن أعماله في الشراء والتحصيل هذا إلى أن مجرد وجود عجز في العهدة لا ينهض دليلاً على أن مرجعه إلى اختلاس قارفه المتهم ومن ثم فإن المحكمة تأخذ المتهم بما اعترف بأنه اختلسه وتلزمه برده للجهة المجني عليها استيفاء من المبلغ الذي أودعه على ذمتها خزانة المحكمة أما ما جاوز ذلك من مبلغ العجز فإن الجمعية المجني عليها وشأنها في استيفائه بالطرق المقررة قانوناً، لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في تحصيله لأدلة الثبوت أنه إنما أخذ الطاعن عن اختلاسه مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه باعتبار أن هذا المبلغ هو القدر الذي تيقنت المحكمة من اختلاسه وفقاً لإقرار الطاعن, مما يدل على أن المحكمة واجهت عناصر الدعوى وألمت بها واعتبرت الواقعة التي أخذت الطاعن عنها في حكم الحقيقة الثابتة لديها, ولا عبرة - من بعد - بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره الشهود مغايراً لما استند إليه الحكم، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته بعد التحقيقات، لأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم بدعوى إغفاله تمحيص الاختلاف في تحديد قيمة العجز يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن بناء على ما أورده من أدلة سائغة وأثبت في حقه أنه تصرف في المبلغ الذي أخذه عن اختلاسه على اعتبار أنه مملوك له، فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هي معرفة في القانون بركنيها المادي والمعنوي، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير لجنة الجرد وإنما عول في تحديد المبلغ المختلس على ما أقر به الطاعن في هذا الصدد فإن ما ينعاه على الحكم من قصور وفساد في الرد على الدفع ببطلان تقرير تلك اللجنة يكون غير مجد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. كما أنه من المقرر أن تناقض كل من الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه فيها والتعويل في قضائها على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى، ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر دون بيان العلة إذ يرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد ما أثاره دفاع الطاعن من تناقض روايات أعضاء لجنة الجرد، ورد الحكم على هذا الدفاع بما يسوغ إطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً لما فيه من مصادرة لحرية محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتكوين معتقدها في الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن ما أسنده الحكم المطعون فيه للطاعن من إقرار باختلاس مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه له أصله في التحقيقات خلافاً لما يقول به الطاعن فإن تعييب الحكم بالخطأ في الإسناد يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات إلا أنه قضى بعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة السجن على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقاً لما تقضي به المادة 27 من ذات القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.