أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 1018

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعه؛ ومحمد النادي؛ وصفوت مؤمن، وأحمد أبو زيد.

(197)
الطعن رقم 1009 لسنة 50 القضائية

(1) إثبات. "شهود". استئناف حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم أقوال شهود الإثبات عند تحصيله واقعة الدعوى. عدم تكرار سرده أقوالهم بعد ذلك لا يعيبه ولا يعد قصوراً.
(2) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(3) إثبات "شهود" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صحة الأخذ بأقوال الشاهد. ولو تأخر في الإبلاغ. أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة. ما دامت المحكمة كانت على بينة من ذلك.
تقدير الدليل موضوعي.
(4) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع سلطتها في تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول دعوى الخطأ في الإسناد إذا كان ما حصله الحكم له صداه في الأوراق - أساس ذلك؟
(5) نيابة عامة. إجراءات. "إجراءات التحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب تحقيق النيابة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم بالنقض ما دام الطاعن لم يطلب استكماله.
(6) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة.
جواز إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - بكافة طرق الإثبات. مثال.
(7) إثبات. إقرار. "إقرار غير قضائي". خلو رجل.
الإقرار المأخوذ على المجني عليهم بعدم دفع مبالغ خلو رجل طبيعته. إقرار غير قضائي خضوعه من حيث قوته التدليلية لتقدير قاضي الموضوع.
(8) دعوى مدنية "نظرها والفصل فيها". نقض "المصلحة في الطعن". ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام".
تخلي الحكم المطعون فيه عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 إجراءات النعي عليه في ذلك غير جائز، ولا مصلحة فيه.
1 - لما كان البين من الحكم أنه قد أحال في بيان الواقعة إلى الحكم المستأنف الذي بين عند تحصيله واقعة الدعوى أقوال شهود الإثبات بياناً مفصلاً فلا يعيب الحكم المطعون فيه بعد ذلك عدم تكرار سرده لأقوال الشهود.
2 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت منه أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
3 - تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، وذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعقله بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
4 - لما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوالهم له صداه في الأوراق فلا يعدو الطعن عليه بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
5 - نعي الطاعن على تصرف النيابة بعدم استجابتها لطلب سماع أقوال باقي مستأجري العقار لا يعدو أن يكون تعييباً لتحقيق النيابة بما رآه فيه من نقص لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
6 - لما كان من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وإذ كانت جريمة تقاضي مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار التي دين بها الطاعن ليست من الجرائم المستثناة من هذا الأصل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد من نعي على الحكم يكون غير سديد.
7 - لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الإقرارات المأخوذة على المجني عليهم بعدم تقاضي الطاعن منهم مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على نفي التهمة اطمئناناً منه لأقوال شهود الإثبات ذلك أن هذه الإقرارات تعتبر إقرارات غير قضائية تخضع من حيث قوتها التدليلية لتقدير قاضي الموضوع الذي له أن يتخذ منها حجة في الإثبات إذا اطمأن إليها، كما أن له أن يجردها من تلك الحجية ويلتفت عنها دون أن يخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان تقديره سائغاً كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
(8) منعى الطاعن على الحكم لعدم قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية مردود بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في غضون الفترة من 15 إبريل سنة 1974 وحتى أول أغسطس سنة 1975 بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ إضافية "خلو رجل" خارج نطاق عقود الإيجار التي قام بإبرامها على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابه بمواد الاتهام. ومحكمة جنح الزيتون قضت حضورياً في 21 من إبريل سنة 1977 ببراءته مما هو منسوب إليه ورفض الدعوى المدنية فاستأنفت النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم (الطاعن) خمسمائة جنيه عن التهمة المسندة إليه وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تقاضي مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون، وذلك بأن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات دون أن يورد مضمون شهادتهم ولم يحفل بما أبداه الطاعن من تناقض أقوالهم وتراخيهم في الإبلاغ ووجود خصومة بينهم وبين الطاعن وخالف في تحصيله لأقوالهم الثابت في الأوراق إذ أورد بمدوناته فيما أورده أن السكان أجمعوا على اقتضائه منهم مبالغ خارج نطاق العقد في حين أنه لم يسأل في التحقيقات سوى بعضهم ولم تستجب النيابة لطلبه سماع أقوال جميع المستأجرين هذا إلى رفض الحكم الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة دون سند من القانون وقد التفت عن دليل النفي الذي تضمنته إقرارات شهود الإثبات المقدمة منه كما أن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى المدنية المقامة فيه من المستأجرين غير أن الحكم قضى بقبول استئنافهم وبإحالة الدعوى المدنية دون أن يعرض لهذا الدفع إيراداً له ورداً عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوفر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم أنه قد أحال في بيان الواقعة إلى الحكم المستأنف الذي بين عند تحصيله واقعة الدعوى أقوال شهود الإثبات بياناً مفصلاً فلا يعيب الحكم المطعون فيه بعد ذلك عدم تكرار سرده لأقوال الشهود، ولما كان من المقرر أنه لا يقدم في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت منه أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعقله بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم فيما أورده في معرض اطمئنانه لأدلة الثبوت بقوله "إن المحكمة قد اطمأنت إلى ما انعقد عليه إجماع السكان المجني عليهم وعلى التفصيل الوارد بأقوالهم" إن مفاد مساق الحكم حين تحدث عن "إجماع قالة السكان المجني عليهم لم يقصد بهذه العبارة سوى إجماع أقوال شهود الإثبات - المدعين بالحقوق المدنية - التي سبق أن سردها وحصل مؤداها بما مفاده أن الطاعن تقاضى منهم مبالغ إضافية متفاوتة خارج نطاق عقد الإيجار، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوالهم له صداه في الأوراق فلا يعدو الطعن عليه بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن على تصرف النيابة بعدم استجابتها لطلب سماع أقوال باقي مستأجري العقار لا يعدو أن يكون تعييباً لتحقيق النيابة بما رآه فيه من نقص لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة وأطرحه في قوله "إنه لا سبيل إلى الاحتجاج بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني طالما أن الأمر لا يتعلق بإثبات قيام عقد من العقود وإنما مجال البحث هو في قيام جريمة خلو الرجل من عدمه" وما أورده الحكم رداً على الدفع صحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلا ما استثني بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال وإذ كانت جريمة تقاضي مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار التي دين بها الطاعن ليست من الجرائم المستثناة من هذا الأصل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد من نعي على الحكم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الإقرارات المأخوذة على المجني عليهم بعدم تقاضي الطاعن منهم مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على نفي التهمة اطمئناناً منه لأقوال شهود الإثبات، ذلك أن هذه الإقرارات تعتبر إقرارات غير قضائية تخضع من حيث قوتها التدليلية لتقدير قاضي الموضوع الذي له أن يتخذ منها حجة في الإثبات إذا اطمأن إليها، كما أن له أن يجردها من تلك الحجية ويلتفت عنها دون أن يخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان تقديره سائغاً كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعن على الحكم لعدم قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية مردود بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من قانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.