أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 1040

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1980

برياسة السيد المستشار محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان؛ وحسين كامل حنفي، ومحمد ممدوح سالم، ومحمد رفيق البسطويسي.

(201)
الطعن رقم 1293 لسنة 50 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص ولائي". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز الدفع بعدم الاختصاص الولائي لأول مرة أمام النقض ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره. علة ذلك؟
اتهام أحد أفراد القوات المسلحة وآخر من المدنيين بارتكاب جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار. اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى الجنائية بالنسبة لكل منهما. ولو قضى ببراءة المتهم المدني من القضاء العادي. أساس ذلك؟
(2) إثبات. "بوجه عام". "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال، للمحكمة كامل الحرية في تقديره. أخذ المحكمة به. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لعدم الأخذ به.
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
محكمة الموضوع غير ملزمة - بحسب الأصل - أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
تطابق أقوال الشاهد لمضمون اعتراف المتهم. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الشهادة كما أخذت بها المحكمة. غير متناقضة مع ما عولت عليه من اعتراف المتهم وجوهر الدليل الفني.
1 - متى كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، كما لم يدفع بعدم اختصاص النيابة العامة بتحقيق الواقعة وببطلان ما أثبت عنه من اعتراف لهذا السبب، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت مما يظاهر ما يدعيه الطاعن من عدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. هذا فضلاًَ عن أنه لما كانت المادة 4 من القانون رقم 25 لسنة 1966 الخاص بالأحكام العسكرية بينت الأشخاص الخاضعين لأحكامه، ثم نصت المادة الخامسة منه - والمعدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1968 - على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية: ( أ ) الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو الأماكن أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت. (ب) الجرائم التي تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة" كما نصت المادة السابعة من القانون المذكور على أن "تسري أحكام هذا القانون أيضاً على ما يأتي: 1 - كافة الجرائم التي ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأدية وظائفهم.
2 - كافة الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون"، وكانت الجريمة المسندة إلى الطاعن - وهي قتل عمد مع سبق الإصرار - ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة سالفة الذكر، ولم تقع بسبب تأدية أعمال وظيفته، فإن الاختصاص بمحاكمته - وإن كان جندياً بالقوات المسلحة ممن يخضعون لأحكام قانون الأحكام العسكرية طبقاً للبند 2 من المادة 4 منه - إنما ينعقد للقضاء العادي طبقاً للمادة رقم 7/ 2 من القانون ذاته إذ وجد معه مساهم من غير الخاضعين لأحكامه، ولا يؤثر في ذلك أن يكون هذا المساهم قد حكم ببراءته غيابياً في جلسة سابقة، ذلك أن المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية وقد نصت على أن "في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة، إذا كان بعض الجرائم من اختصاص محاكم خاصة، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك" فقد قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص، هي أنه إذا ارتبطت جريمة من الجرائم العامة بجريمة من اختصاص محكمة خاصة - كالقضاء العسكري - ارتباطاً حتمياً لا يتجزأ - سواء من جانب الركن الشخصي أو من جانب الركن المادي - اختص بنظر الدعوى برمتها والفصل فيها القضاء الجنائي العادي، تغليباً لاختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة على غيرها من جهات القضاء، ولا يسار إلى غير هذا الأصل العام إلا في الأحوال التي يتناولها القانون بنص خاص، ويظل اختصاص المحكمة العادية مبسوطاً على الدعوى برمتها في هذه الحالة سواء من حيث الجرائم المرفوعة بها أو من حيث أشخاص مرتكبيها إلى أن يتم الفصل فيها، ولا ينفك عنها هذا الاختصاص ولو قضى في الجريمة الأصلية التي هي من اختصاصها بحسب الأصل بالبراءة أو بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، وذلك لورود النص بصيغة عامة مطلقة، والعبرة بعموم الفظ لا بخصوص السبب، ولأن مناط الاختصاص المشار إليه هو الارتباط الحتمي بين الجرائم، حيث تتماسك الجريمة المرتبطة وتنضم بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأصلية وتسير في مجراها وتدور معها في محيط واحد في سائر مراحل الدعوى، في الإحالة والمحاكمة، إلى أن يتم الفصل فيهما، أو بين الأشخاص حيث تتوحد الجريمة التي ارتكبوها سواء كانوا فاعلين أصليين أو فاعلين وشركاء.
3 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا على الحكم إن هو أخذ باعتراف الطاعن في التحقيقات لبراءته مما يشوبه واطمئناناً من المحكمة لصحته ولو عدل عنه بعد ذلك، وتتمخض من ثم مقولة الطاعن بعدم صدق اعترافه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى مما لا يقبل أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون شقيقه المتهم الآخر الذي قرر الشاهد أنه أسهم في الاعتداء وقضي ببراءته - فإن ذلك من إطلاقاتها لما لها من حق تجزئة شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ولما هو مقرر من أنها لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وليس بلازم أن تطابق أقوال الشاهد مضمون اعتراف المتهم، بل يكفي أن يكون جماع الشهادة كما أخذت بها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى - غير متناقضة مع ما عولت عليه من اعتراف المتهم وما حواه تقرير الصفة التشريحية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر (حكم ببراءته) بأنهما: قتلا عمداً مع سبق الإصرار....... بأن بيتا النية على قتله - (إذ سبق اتهامه في مقتل شقيقهما في القضية رقم 1636 لسنة 1975 قسم الجيزة أحداث) - وأعدا لذلك آلات حادة "مدي" وما أن ظفرا به حتى انهالا عليه طعناً بأسلحتهما قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب، ذلك بأنه صدر من محكمة غير مختصة إذ كان وقت ارتكاب الجريمة مجنداً بالقوات المسلحة مما ينعقد به الاختصاص للقضاء العسكري دون أن يمنع من ذلك اتهام آخر من المدنيين معه لأن اتهامه كان غير جدي ولذا قضي غيابياً ببراءته، وهو ما يجعل تحقيق النيابة العامة بما حواه من اعتراف مسند إليه باطلاً، فضلاً عن تناقض هذا الاعتراف مع أقوال شاهد الإثبات....... الذي قرر أن الطاعن وأخاه اعتديا على المجني عليه بمدي، ومع ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية من إصابة المجني عليه بتسع إصابات طعنية وقطعية، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، كما لم يدفع بعدم اختصاص النيابة العامة بتحقيق الواقعة وببطلان ما أثبت عنه من اعتراف لهذا السبب، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت مما يظاهر ما يدعيه الطاعن من عدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. هذا فضلاًَ عن أنه لما كانت المادة 4 من القانون رقم 25 لسنة 1966 الخاص بالأحكام العسكرية بينت الأشخاص الخاضعين لأحكامه، ثم نصت المادة الخامسة منه - والمعدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1968 - على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية: ( أ ) الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو الأماكن أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت. (ب) الجرائم التي تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة" كما نصت المادة السابعة من القانون المذكور على أن "تسري أحكام هذا القانون أيضاً على ما يأتي: 1 - كافة الجرائم التي ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأدية وظائفهم. 2 - كافة الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون"، وكانت الجريمة المسندة إلى الطاعن - وهي قتل عمد مع سبق الإصرار - ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة سالفة الذكر، ولم تقع بسبب تأدية أعمال وظيفته، فإن الاختصاص بمحاكمته - وإن كان جندياً بالقوات المسلحة ممن يخضعون لأحكام قانون الأحكام العسكرية طبقاً للبند 2 من المادة 4 منه - إنما ينعقد للقضاء العادي طبقاً للمادة رقم 7/ 2 من القانون ذاته إذ وجد معه مساهم من غير الخاضعين لأحكامه، ولا يؤثر في ذلك أن يكون هذا المساهم قد حكم ببراءته غيابياً في جلسة سابقة، ذلك أن المادة 183 من قانون الإجراءات الجنائية وقد نصت على أن "في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة، إذا كان بعض الجرائم من اختصاص محاكم خاصة، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك" فقد قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص، هي أنه إذا ارتبطت جريمة من الجرائم العامة بجريمة من اختصاص محكمة خاصة - كالقضاء العسكري - ارتباطاً حتمياً لا يتجزأ - سواء من جانب الركن الشخصي أو من جانب الركن المادي - اختص بنظر الدعوى برمتها والفصل فيها القضاء الجنائي العادي، تغليباً لاختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة على غيرها من جهات القضاء، ولا يسار إلى غير هذا الأصل العام إلا في الأحوال التي يتناولها القانون بنص خاص، ويظل اختصاص المحكمة العادية مبسوطاً على الدعوى برمتها في هذه الحالة سواء من حيث الجرائم المرفوعة بها أو من حيث أشخاص مرتكبيها إلى أن يتم الفصل فيها، ولا ينفك عنها هذا الاختصاص ولو قضي في الجريمة الأصلية التي هي من اختصاصها بحسب الأصل بالبراءة أو بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، وذلك لورود النص بصيغة عامة مطلقة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأن مناط الاختصاص المشار إليه هو الارتباط الحتمي بين الجرائم، حيث تتماسك الجريمة المرتبطة وتنضم بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأصلية وتسير في مجراها وتدور معها في محيط واحد في سائر مراحل الدعوى، في الإحالة والمحاكمة، إلى أن يتم الفصل فيهما، أو بين الأشخاص حيث تتوحد الجريمة التي ارتكبوها سواء كانوا فاعلين أصليين أو فاعلين وشركاء، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في شأن اختصاص القضاء العسكري على غير سند. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وحصل واقعة الدعوى في قوله "إنه منذ أربعة أشهر سابقة على 13/ 9/ 1975 اتهم المجني عليه.......، بقتل....... شقيق المتهم........ الشهير.......، فبيت الأخير النية على قتل المجني عليه أخذاً بثأر شقيقه، وأعد لذلك عدته وسلاحاً من شأنه إحداث الموت "مطواة" إلى أن كان يوم 13/ 9/ 1975 حيث ظفر بالمجني عليه سالف الذكر فانهال عليه طعناً بتلك المطواة قاصداً من ذلك قتله فأحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته" واستند الحكم في ثبوت هذه الواقعة إلى أقوال الشاهد........ واعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة وفي محضر جلسة سماع أقواله بتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1978، وإلى تقرير الصفة التشريحية، وحصل أقوال الشاهد....... في قوله "إنه بتاريخ 13/ 9/ 1975 وأثناء وقوفه بشارع سعد زغلول بدائرة قسم الجيزة مر من أمامه المجني عليه وبادره بالحديث، وما هي إلا لحظة حتى أقبل المتهم....... وبيده مطواة وأسرع خلف المجني عليه حتى إذا ما ظفر به انهال عليه طعناً بتلك الآلة فسقط على الأرض" وأورد عن اعتراف الطاعن القول "واعترف المتهم...... بتحقيقات النيابة العامة بطعنه المجني عليه عدة طعنات بمطواة كانت معه، وأضاف أن المجني عليه سبق أن قتل شقيقه.......، كما اعترف بجلسة سماع أقواله المنعقدة بتاريخ 5/ 12/ 1978 بقتله المجني عليه أخذاً بالثأر". وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم عن اعترافه له معينه الثابت في الأوراق، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا على الحكم إن هو أخذ باعتراف الطاعن في التحقيقات لبراءته مما يشوبه واطمئناناً من المحكمة لصحته ولو عدل عنه بعد ذلك، وتتمخض من ثم مقولة الطاعن بعدم صدق اعترافه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى مما لا يقبل أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون شقيقه المتهم الآخر الذي قرر الشاهد أنه أسهم في الاعتداء وقضي ببراءته - فإن ذلك من إطلاقاتها لما لها من حق تجزئة شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ولما هو مقرر من أنها لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وليس بلازم أن تطابق أقوال الشاهد مضمون اعتراف المتهم، بل يكفي أن يكون جماع الشهادة كما أخذت بها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى - غير متناقضة مع ما عولت عليه من اعتراف المتهم وما حواه تقرير الصفة التشريحية، فضلاً من أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني مما يمتنع معه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.