أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 19

جلسة أول يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد علي موسى.

(2)
الطعن رقم 844 لسنة 47 القضائية

قتل خطأ. إثبات. معاينة. "بوجه عام". "شهود ". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضي الدعوى بناء على الأدلة المطروحة عليه فيها. ما لم يقيده القانون بدليل أو بقرينة ذاتها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضى براءته ورفضه الدعوى المدنية قبله.
انتهاء الحكم في ثبوت خطأ الطاعن لقيادته سيارته في الجانب من الطريق المخصص للاتجاه المضاد. استناداً إلى أقوال شاهد وإفادة المرور. طرحاً بذلك ما أثبت بالمعاينة من أن المرور كان محولاً إلى هذا الجانب. لا عيب.
لما كانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضى الدعوى بناء على الأدلة المطروحة عليها - فهو يحكم بما يطمئن إليه من أي عنصر من عناصرها وظروفها المعروضة على بساط البحث - ولا تصح مطالبته بدليل بعينه ولا بقرينه بذاتها، فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بدليل معين أو بقرينة ينص عليها، كما أن وزن شهادة الشهود وتعويل القضاء على الأقوال التي يطمئن إليها منها - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات - كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في ذلك، وحسبها أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضى ببراءته ورفض الدعوى المدنية - تبعاً لذلك - ما دام الظاهر من حكمها أنها أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وإذ كانت المحكمة - في حدود سلطتها التقديرية - لم تطمئن إلى ما أثبت بمعاينة الشرطة وقرره قائد السيارة الأجرة من أن المرور كان محولاً وقت الحادث على نحو يسمح له وللطاعن بالسير في الطريق الذي وقع فيه التصادم، وإنما عولت في هذا الصدد على أقوال الشرطي - الذي كان معيناً في التقاطع المقال بتحويل المرور عنده - وعلى إفادة إدارة المرور، وإذ لم يثبت لها من هذه الإفادة وتلك الأقوال - حصول ذلك التحويل، فقد انتهت إلى أن الطاعن هو الذي خالف قواعد المرور بقيادته سيارته في اتجاه ممنوع السير فيه، فإنه لا يجوز للطاعن - من بعد - مجادلتها في شيء من ذلك أمام محكمة النقض، ويكون نعينه على حكمها بالفساد في الاستدلال غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم أنه - بعد أن أحاط بظروف الدعوى أدلة الثبوت فيها - خلص في منطق سائغ إلى أن الطاعن هو الذي أخطأ بقيادة سيارته في الاتجاه المشار إليه المضاد السيارة قيادة المطعون ضده الأول الأمر الذي أدى إلى حصول التصادم وإصابة الطاعن، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى المدنية - باعتبار أن هذه الإصابة لم تنشأ إلا عن خطأ الطاعن وحده - ومن ثم فإن كافة ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده الأول بأنه تسبب خطأ في إصابة..... بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن قاد سيارة بطريقة تعرض حياة الأشخاص للخطر فصدم بسيارته المجني عليه فأحدث به إصابته المذكورة. وطلب معاقبته بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الظاهر الجزئية قضت غيابياًَ عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فاستأنف المدعى بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ.... المحامي عن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي - الذي استأنفه الطاعن فيما قضى به من رفض دعواه المدنية قبل المطعون ضدهما - والمؤسس على تبرئة المطعون ضده الأول من تهمة إصابة الطاعن خطأ، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب. ذلك بأنه أقام قضاءه على أن الثابت من أقوال شرطي المرور وإفادة إدارة المرور أن المرور بشارع رمسيس - الذي وقع فيه الحادث - لم يكن محولاً، واعتبر بالتالي أن الطاعن هو الذي خالف قواعد المرور بسيره في هذا الشارع في الاتجاه المضاد للسيارة قيادة المطعون ضده الأول، مهدراً بذلك معاينة ضابط القسم التي أثبت فيها أن المرور كان محولاً بالفعل مع أنها تمت أثر وقوع الحادث وتأيدت بشهادة قائد السيارة الأجرة - التي اصطدمت بدورها بسيارة الطاعن من الخلف - بينما جاءت أقوال الشرطي وإفادة المرور بعد ذلك ببضعة أشهر - فضلا عن أن ذلك الشرطي لم يكن موجوداً وقت المعاينة ولا معيناً في منطقة الحادث، وأن هذه الإفادة لم ترد على سبيل الجزم بل اقتصرت على أنه لا يوجد ما يفيد تحويل المرور ومع ذلك فقد غفل الحكم عما هو ثابت من أن المطعون ضده الأول كان يقود سيارة الشركة التي يمثلها المطعون ضده الثاني وهي ليست مرخصاً بتسييرها وأنه كان مسرعاً ولم يستعمل آلة التنبيه بل واستعمل الضوء المبهر، كما لم يعن الحكم بالرد على ذلك كله رغم تمسك الطاعن به في مذكرته.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن فيما قضى به من رفض دعواه المدنية قبل المطعون ضدهما - والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما موجزه أن تصادما وقع أمام مدرسة غمرة بشارع رمسيس بين مقدمة السيارة قيادة المطعون ضده الأول - التي كانت متجهة من العباسية إلى ميدان رمسيس - ومقدمة سيارة الطاعن التي كانت قادمة في الاتجاه العكسي، كما أن سيارة أجرة اصطدمت بدورها بسيارة الطاعن من الخلف، وأنه ثبت بمعاينة الشرطة أن المرور كان محولاً عند تقاطع شارعي رمسيس وجعفر بحيث كانت السيارات تسير في اتجاهين بالناحية اليمنى لشارع رمسيس، وأن الطاعن والمطعون ضده الأول أصيبا ولم يتقدم أحد للشهادة. ثم أقام الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة إصابة الطاعن خطأ المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية بالتالي على أنه ثبت من أقوال الشرطي المعين على جهاز المرور عند تقاطع شارعي رمسيس وجعفر يوم الحادث أن الطريق لم يكن محولاً لشارع رمسيس في ذلك اليوم، كما تبين من إفادة إدارة المرور أنه لا يوجد ما يفيد هذا التحويل - خلافاً لقول الطاعن وقائد السيارة الأجرة - مما مؤداه أن الطاعن هو الذي خالف قواعد المرور بقيادته سيارته في الاتجاه المضاد للسيارة قيادة المطعون ضده الأول. لما كان ذلك، وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضي الدعوى بناء على الأدلة المطروحة عليه فيها - فهو يحكم بما يطمئن إليه من أي عنصر من عناصرها وظروفها المعروضة على بساط البحث - ولا تصح مطالبته بدليل بعينه ولا بقرينة بذاتها، فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بدليل معين أو بقرينة ينص عليها، كما أن وزن شهادة الشهود وتعويل القضاء على الأقوال التي يطمئن إليها منها - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات - كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في ذلك، وحسبها أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ورفض الدعوى المدنية - تبعاً لذلك - ما دام الظاهر من حكمها أنها أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة. وإذ كانت المحكمة - في حدود سلطتها التقديرية - لم تطمئن إلى ما أثبت بمعاينة الشرطة وقرره قائد السيارة الأجرة من أن المرور كان محولاً وقت الحادث على نحو يسمح له وللطاعن بالسير في الطريق الذي وقع فيه التصادم، وإنما عولت في هذا الصدد على أقوال الشرطي - الذي كان معيناً في التقاطع المقال بتحويل المرور عنده - وعلى إفادة إدارة المرور، وإذ لم يثبت لها - من هذه الإفادة وتلك الأقوال - حصول ذلك التحويل، فقد انتهت إلى أن الطاعن هو الذي خالف قواعد المرور بقيادته سيارته في اتجاه ممنوع السير فيه، فإنه لا يجوز للطاعن - من بعد - مجادلتها في شيء من ذلك أمام محكمة النقض، ويكون نعيه على حكمها بالفساد في الاستدلال غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم أنه - بعد أن أحاط بظروف الدعوى أدلة الثبوت فيها - خلص في منطق سائغ إلى أن الطاعن الذي أخطأ بقيادة سيارته في الاتجاه المشار إليه - المضاد السيارة قيادة المطعون ضده الأول - الأمر الذي أدى إلى حصول التصادم وإصابة الطاعن، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى المدنية - باعتبار أن هذه الإصابة لم تنشأ إلا عن خطأ الطاعن وحده - ومن ثم فإن كافة ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.