مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1228

جلسة 29 من يونيه سنة 1957
(127)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 647 لسنة 2 القضائية

قواعد الإنصاف - عدم تولد أثرها حالاً ومباشرة بصدور قرار مجلس الوزراء في 30/ 1/ 1944، بل بفتح الاعتماد المالي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملكه - القرار بإنصاف وزارة الأوقاف لخدم المباني والأطيان المؤجرة والمنزرعة ورفع ماهياتهم إلى 3 ج - صيرورته منتجاً لآثاره من تاريخ فتح الاعتماد المالي في 25/ 12/ 1952.
إن القرار الإداري - باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة - إن القرار الإداري بهذه المثابة لا يتولد عنه أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً أو متى أصبح كذلك. وقرارات الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 ما كان يمكن قانوناً أن يتولد أثرها حالاً ومباشرة بمجرد صدورها، وإنما بفتح الاعتماد المالي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملكه. وإذ كان الاعتماد المالي المخصص لمواجهة أعباء إنصاف خدم المباني والأطيان المؤجرة والمنزرعة ورفع ماهياتهم إلى ثلاثة جنيهات شهرياً لمن تقل ماهيته عن هذا القدر لم يفتح في ميزانية وزارة الأوقاف إلا عن السنة المالية 1952/ 1953 الصادر بها القانون رقم 355 لسنة 1952 في 25 من ديسمبر سنة 1952، فإن قرارات الإنصاف تصبح من هذا التاريخ فقط بالنسبة لهذه الطائفة من الخدم والبوابين ومن إليهم جائزة وممكنة قانوناً ومنتجة لآثارها.


إجراءات الطعن

في 4 من مارس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الحكومة بالإسكندرية بجلسة 7 من فبراير سنة 1956 في الدعوى رقم 239 لسنة 3 قضائية المرفوعة من محمد دردير أحمد ضد وزارة الأوقاف، القاضي "باستحقاق المدعي لمرتب 3 ج شهرياً من تاريخ العمل بقواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف فروق المرتب وإعانة الغلاء من هذا التاريخ، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة". وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم، وبرفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن لوزارة الأوقاف في 24 من مايو سنة 1956، وللمدعي في 28 من مايو سنة 1956، وعين لنظره جلسة 8 من يونيه سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 239 لسنة 3 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الحكومة بالإسكندرية طالباً الحكم باستحقاقه لمرتب 3 ج ابتداء من 30 من يناير سنة 1944 تطبيقاً لقرارات الإنصاف والفروق المستحقة وتثبيت إعانة الغلاء على مرتب 3 ج من 5 أغسطس سنة 1948 تاريخ قرار مجلس الوزراء إلى الآن في حدود مبلغ 180 ج. وقال إنه عين بواباً بوزارة الأوقاف في 28 من إبريل سنة 1943 بمرتب 500 م و1 ج، ثم تدرج مرتبه حتى وصل إلى 3 ج اعتباراً من 25 من ديسمبر سنة 1952، ولم تطبق عليه الإدارة قرارات الإنصاف من تاريخ صدورها في 30 من يناير سنة 1944 بمنحه 3 ج منذ ذلك التاريخ، كما لم تنفذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من فبراير سنة 1950 الخاص بمنح المستخدمين الخارجين عن الهيئة إعانة غلاء وتثبيتها على مرتب 3 ج من أول مارس سنة 1950 ولا قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من أغسطس سنة 1947 الذي يقضي بإعفاء الخدم الخارجين عن الهيئة من قيود تثبيت إعانة الغلاء بالنسبة لمن اقتصر انتفاعهم من قواعد الإنصاف على تكملة المرتب إلى 3 ج وذلك بمنح إعانة الغلاء الخاصة بهم على أساس هذه الماهية بالفئات الجديدة على أن يكون الصرف من 5 من أغسطس سنة 1947. وردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي عين بواباً للحرمين الشريفين من 28 من إبريل سنة 1943 بمرتب 500 م و1 ج رفع بواقع الربع من 3 من يناير سنة 1944 تطبيقاً لقواعد الإنصاف ولقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1944، ثم منح علاوة استثنائية من أول مايو سنة 1948، ثم رفع مرتبه إلى 525 م و2 ج من أول سبتمبر سنة 1950، ثم إلى 3 ج من 25 من ديسمبر سنة 1952 بقرار رفع مرتبات خدم العمارات. وبجلسة 7 من فبراير سنة 1956 حكمت المحكمة "باستحقاق المدعي لمرتب 3 ج شهرياً من تاريخ العمل بقواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف فروق المرتب وإعانة الغلاء من هذا التاريخ، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة". وأقامت قضاءها على أن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 اقتصرت - في رفع مرتب الخدم الخارجين عن هيئة العمال إلى 3 ج شهرياً - على من كان بالخدمة فعلاً وقت صدورها، ولا يفيد منها من يعين بعد ذلك. ولما كان المدعي قد التحق بالخدمة قبل صدور قواعد الإنصاف؛ ومن ثم فمن حقه أن يفيد من هذه القواعد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا شبهة في أن من حق المدعي الإفادة من قواعد الإنصاف، إلا أن ذلك منوط بطبيعة الحال بتوافر الاعتماد اللازم لمواجهة تكاليف تنفيذ هذا الحكم؛ ومن ثم يكون طلب المدعي رفع راتبه إلى 3 ج مع ما يترتب على ذلك من فروق مالية عن المدة السابقة لتاريخ تقرير الاعتماد المذكور لا أساس له من القانون متعين الرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن القرار الإداري - باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بمالها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة - إن القرار بهذه المثابة لا يتولد عنه أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً أو متى أصبح كذلك.
ومن حيث إن قرارات الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 ما كان يمكن قانوناً أن يتولد أثرها حالاً ومباشرة بمجرد صدورها، وإنما بفتح الاعتماد المالي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملكه، وإذ كان الاعتماد المالي المخصص لمواجهة أعباء إنصاف خدم المباني والأطيان المؤجرة والمنزرعة ورفع ماهياتهم إلى ثلاثة جنيهات شهرياً لمن تقل ماهيته عن هذا القدر لم يفتح في ميزانية الأوقاف إلا عن السنة المالية 1952/ 1953 الصادر بها القانون رقم 355 لسنة 1952 في 25 من ديسمبر سنة 1952، فإن قرارات الإنصاف تصبح من هذا التاريخ فقط بالنسبة لهذه الطائفة من الخدم والبوابين ومن إليهم جائزة وممكنة قانوناً ومنتجة لآثارها.
ومن حيث إن وزارة الأوقاف قد طبقت قواعد الإنصاف في حق المدعي اعتباراً من 25 من ديسمبر سنة 1952؛ فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بصرف الفروق المالية عن المدة السابقة على هذا التاريخ - قد خالف القانون، ويكون الطعن - والحالة هذه - قد قام على أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.