مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1237

جلسة 29 من يونيه سنة 1957
(129)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1264 لسنة 2 القضائية

( أ ) علاوة التلغراف - الحاصلون على دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف يتناولون 500 م فوق ماهية شهادتهم الدراسية وذلك طبقاً لقواعد الإنصاف - زيادة هذه الفئة إلى 1.5 ج بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 5/ 1950 - هذه الزيادة يفيد منها من حصل على هذا الدبلوم قبل صدور ذلك القرار أو بعد صدوره، على ألا تسري إلا من تاريخ صدوره - حجة ذلك.
(ب) دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف - احتساب أقدمية الحاصلين عليه في الدرجة الثامنة من تاريخ التحاقهم بتلك المدرسة وذلك طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 5/ 1950 - سريانه على من كان طالباً وقت نفاذ القرار على أن تحتسب أقدميته من تاريخ نفاذه - عدم سريانه على من تخرج من المدرسة قبل نفاذه.
(جـ) دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف - سريان قانون المعادلات الدراسية على حملة هذا الدبلوم بأثر رجعي في حالتين فقط: الحاصلون عليه مسبوقاً بشهادة البكالوريا أو ما يعادلها، والحاصلون عليه مسبوقاً بشهادة الثقافة - عدم سريانه بأثر رجعي على غيرهم: كالحاصلين على الدبلوم مسبوقاً بشهادة الفنون والصنائع، أو شهادة الكفاءة.
1 - يبين من الاطلاع على الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف أنه نص - في الكشف رقم 4 الخاص بالعلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية - على أن الحاصل على دبلوم مدرسة التلغراف يتناول 500 م "فوق ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها"، ثم صدر بعد ذلك قرار مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 فرفع هذه العلاوة من 500 م إلى 500 م و1 ج. وواضح أن هذه العلاوة هي تقدير للمؤهل ذاته؛ ومن ثم يفيد منها من حصل على المؤهل قبل صدور قرار 3 من مايو سنة 1950 سالف الذكر، كما يفيد منها من حصل على المؤهل بعد ذلك التاريخ، على ألا تسري هذه الزيادة إلا من تاريخ صدور ذلك القرار؛ ذلك أنه من المسلم أنه إذا صدر تنظيم جديد يتضمن مزايا للموظف فإنه يسري في حقه من يوم صدوره، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
2 - يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 - (في ضوء المذكرة المرفوعة من مدير عام مصلحة السكة الحديد إلى مجلس الإدارة) أنه، إذ حسب مدة الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، إنما قصد أن يفيد من ذلك من ينتظم في سلك الدراسة في ظل هذا القرار؛ للاعتبارات التي أفصحت عنها تلك المذكرة، وهي تشجيع الإقبال على هذه المدرسة. وغني عن البيان أنه يفيد في الوقت ذاته من هذه المزية بحكم الاقتضاء من كان طالباً بالفعل وقت نفاذ هذا القرار، ما دام لم تزايله صفة الطالب فيها، ولكن لا تحتسب له الأقدمية عندئذ إلا من تاريخ نفاذه، دون إرجاعها إلى تاريخ التحاقه بالمدرسة، وهو تاريخ أسبق، وإلا كان ذلك تطبيقاً للقرار بتاريخ سابق بغير نص واضح منه، ومن باب أولى لا ينطبق هذا القرار على من سبق أن تخرج من المدرسة قبل نفاذه وانقطعت صلته بها وزايلته صفة الطالب قبل هذا التاريخ.
3 - إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية لا يسري بأثر رجعي إلا بالنسبة للحالات التي عناها على وجه التحديد بما لا شبهة فيه، وهو لم يعالج بالنسبة لحملة دبلوم التلغراف سوى حالتين بالذات هما: الحاصلون على دبلوم التلغراف مسبوقة بشهادة البكالوريا أو ما يعادلها، والحاصلون على المؤهل المذكور مسبوقاً بشهادة الثقافة؛ فعالج حالتهم بمعادلة جديدة سواء في تقدير الدرجة أو المرتب أو الأقدمية بما يقطع بأنه ألغى تطبيق قرارات مجلس الوزراء السابقة في حقهم بأثر رجعي، إذ أسنده إلى تاريخ سابق على نفاذه، أما من عدا هؤلاء المذكورين على سبيل الحصر فلم يعالج قانون المعادلات حالتهم كالحاصلين على دبلوم التلغراف المسبوقة بشهادة أخرى كدبلوم الفنون والصنايع أو شهادة الكفاءة، فلا مندوحة - والحالة هذه - من اعتبار قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر نافذة في حقهم ما دامت لم تلغ بأثر رجعي بقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953.


إجراءات الطعن

في 18 من إبريل سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 21 من فبراير سنة 1956 في الدعويين رقمي 2520 و3810 لسنة 8 القضائية المرفوعتين من بشاي ويصا بشاي ضد وزارة المواصلات، ومن الأخيرة ضد الأول، القاضي "بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبتسوية حالة بشاي ويصا بشاي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من أحقية المطعون لصالحه في الفروق المالية المترتبة على رفع علاوة مدرسة الحركة والتلغراف إلى 500 م و1 ج شهرياً اعتباراً من 3 من مايو سنة 1950، وإلغاء هذا القرار فيما قضى من رفض ما عدا ذلك من الطلبات، واعتبار أقدمية المطعون لصالحه في الدرجة الثامنة من تاريخ التحاقه بمدرسة الحركة والتلغراف، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى المطعون لصالحه في 15 من نوفمبر سنة 1956، وإلى وزارة المواصلات في 31 من أكتوبر سنة 1956، وعين لنظره جلسة 22 من ديسمبر سنة 1956، وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم التظلم رقم 1951 لسنة 1 ق طالباً اعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة من تاريخ التحاقه بمدرسة التلغراف واستحقاقه للفروق المالية المترتبة على رفع علاوة مدرسة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج شهرياً، وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950. وفي 5 من أكتوبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها "باستحقاق المتظلم للفروق المالية المترتبة على رفع علاوة مدرسة الحركة والتلغراف إلى 500 م و1 ج شهرياً اعتباراً من 3 من مايو سنة 1950، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وبعريضتين أودعتا سكرتيرية محكمة القضاء الإداري، الأولى من بشاي ويصا بشاي في 13 من يناير سنة 1954، والثانية من وزارة المواصلات في 7 من فبراير سنة 1954 طعن كل منهما في قرار اللجنة القضائية، وطلب الأول اعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة راجعة إلى تاريخ التحاقه بمدرسة التلغراف، وطلبت الثانية إلغاء قرار اللجنة القضائية. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبتسوية حالة بشاي ويصا بشاي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأسست قضاءها على أن "القانون رقم 371 لسنة 1953 وضع قواعد جديدة لحملة هذا المؤهل استحدث فيها حقوقاً جديدة لهم، فيها تحسين لحالتهم جبت كل القرارات الصادرة في هذا الشأن، يضاف إلى ذلك أن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر لم يقض بحساب مدة الدراسة إلا في أقدمية الدرجة الثامنة فقط، الأمر الذي لا يفيد منه الطاعن شيئاً؛ ذلك أن القانون رقم 371 لسنة 1953 يقضي بمنحه الدرجة السابعة بعد سنة واحدة من تاريخ تعيينه في الخدمة على أساس ما توضح بالبند 51 من الجدول المرافق لهذا القانون".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القانون رقم 371 لسنة 1953 قد خلا من نص خاص يلغي القرار التنظيمي الصادر في 3 من مايو سنة 1950؛ وبذلك يكون الحكم مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي حصل على شهادة الكفاءة 1922، والتحق بخدمة مصلحة السكك الحديدية في وظيفة معاون في أول يوليه سنة 1923 بعد تخرجه في مدرسة التلغراف ومنح الدرجة الثامنة، وفي أول يوليه سنة 1943 رقي إلى الدرجة السابعة الشخصية، ثم منح الدرجة السادسة اعتباراً من أول مارس سنة 1949.
ومن حيث إنه في 23 من إبريل سنة 1950 رفع مدير عام مصلحة السكك الحديدية مذكرة إلى مجلس إدارة المصلحة يطلب الموافقة على اقتراح تعديل لائحة الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، وقد جاء بهذه المذكرة ما يأتي "كانت القواعد الموضوعة للالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف أن يكون الطالب حاصلاً إما على دبلوم الفنون والصناعات (قسم الميكانيكا والكهرباء) أو شهادة الثانوية قسم ثان (علوم أو رياضة) وأن تكون مدة الدراسة بحيث لا تقل عن ستة شهور ولا تزيد على 12 شهراً يعين بعدها من يمضي الامتحان النهائي بنجاح في الدرجة الثامنة الفنية ويمنح أول مربوطها وقدره ستة جنيهات شهرياً. ولما صدرت قواعد الإنصاف تقرر منح خريجي هذه المدرسة الماهيات التي حددت لشهاداتهم مضافاً إليها 500 م قيمة العلاوة التي تقررت لهم وتعيينهم في الدرجات التي خصصت لكل شهادة، أي يوضع حملة دبلوم الفنون والصناعات في الدرجة السابعة بماهية قدرها 500 م و10 ج وحملة البكالوريا في الدرجة الثامنة بماهية قدرها 8 ج شهرياً، وقد أعرض حملة هذين المؤهلين عن الالتحاق بهذه المدرسة ولم يعد هناك سبيل للحصول على المرشحين الكافين لإلحاقهم بها إلى أن أفتت وزارة المالية بكتابها رقم 234/ 3/ 8 في 18 من مايو سنة 1940 بأن شهادة الثقافة العامة تجيز التعيين في الدرجة الثامنة الكتابية بأول مربوطها؛ وعلى ذلك فقد أباحت المصلحة لحملة الثقافة العامة الالتحاق بالمدرسة ومنحهم بعد تخرجهم الماهية المحددة لهذه الشهادة مضافاً إليها علاوة الخمسمائة مليم المقررة لخريجي هذه المدرسة. استمر الإحجام عن الالتحاق بالمدرسة رغم كثرة الإعلان بالجرائد، وهذا يرجع إلى تفضيل حملة الثقافة الالتحاق بالوظائف الكتابية دون انتظار فترة الدراسة بالمدرسة بدون مرتب طالما أن الطالب سيحصل على نفس هذه الماهية بغض النظر عن الخمسمائة مليم قيمة علاوة التلغراف التي لا تعتبر في نظره إغراء كافياً. وعلاجاً لهذه الحالة وتلافياً لقلة عدد المتقدمين لهذه المدرسة فإني أقترح إدخال التعديلات الموضحة بعد على اللائحة للتشجيع على الالتحاق بمدرسة التلغراف: (1) منح الطالب مكافأة شهرية قدرها 5 جنيهات خلال فترة الدراسة. (2) رفع علاوة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج. (3) اعتبار الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة، وذلك لأن منهج الدراسة بهذه المدرسة يعتبر مرحلة من مراحل التعليم الفني التي لا غنى عنها في شغل وظائف معاوني المحطة والتلغراف، فضلاً عن أن هذه الوظائف خطيرة وذات مسئوليات جسيمة، لهذا أرجو من المجلس التفضل بالموافقة على هذا الاقتراح تمهيداً للحصول على تصديق مجلس الوزراء". وقد وافق مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة في 29 من إبريل سنة 1950 على إدخال التعديلات المقترحة على لائحة الالتحاق بمدرسة التلغراف، ووافق مجلس الوزراء على ذلك بجلسته المنعقدة في 3 من مايو سنة 1950.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تقرر من رفع علاوة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج، فإنه يبين من الاطلاع على الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف أنه نص - في الكشف رقم 4 الخاص بالعلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية - على أن الحاصل على دبلوم مدرسة التلغراف يتناول 500 م "فوق ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها" وبين الكتاب الدوري كيفية تطبيق القيم المقترحة في الكشف رقم 4 على أصحاب الشهادات، وأورد لذلك مثلاً خريجي مدرسة المحصلين والصيارف على النحو الآتي: إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة نظام قديم فتكون الماهية 7 + 0.5 = 7.5 ج، إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة نظام جديد فتكون الماهية 7.5 + 0.5 = 8 ج، وإذا كان حاصلاً على كفاءة التعليم الأولي فتكون الماهية 6 + 0.5 = 6.5 ج. وظاهر من قرار 3 من مايو سنة 1950 أنه عدل من قيمة تلك العلاوة الإضافية المقررة في قواعد الإنصاف، فرفعها من 500 م إلى 500 م و1 ج، أي أنها تقدير للمؤهل ذاته؛ ومن ثم يفيد منها من حصل على المؤهل قبل صدور قرار 3 من مايو سنة 1950 سالف الذكر. كما يفيد منها من حصل على المؤهل بعد ذلك التاريخ على ألا تسري هذه الزيادة إلا من تاريخ صدور ذلك القرار؛ ذلك أنه من المسلم أنه إذا صدر تنظيم جديد يتضمن مزايا للموظف فإنه يسري في حقه من يوم صدوره، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
ومن حيث إنه بالنسبة لاعتبار الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة، فإن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ويتفرع عن ذلك أن التنظيم الجديد يسري على الموظف بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف نتيجة لتطبيق التنظيم القديم - قانوناً كان أو لائحة - على حالته إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه كلائحة، أما إذا تضمن التنظيم الجديد - قانوناً كان أو لائحة - مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري التنظيم الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق؛ إذ يفيد الموظف من هذه المزية الجديدة من التاريخ المذكور - ولو تقررت بلائحة - بشرط أن يكون هذا القصد واضحاً لا شبهة فيه.
ومن حيث إنه يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 (في ضوء المذكرة المرفوعة من مدير عام مصلحة السكة الحديد إلى مجلس الإدارة) أنه إذ حسب مدة الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، إنما قصد أن يفيد من ذلك من ينتظم في سلك الدراسة في ظل هذا القرار؛ للاعتبارات التي أفصحت عنها تلك المذكرة وهي تشجيع الإقبال على هذه الدراسة. وغني عن البيان أنه يفيد في الوقت ذاته من هذه المزية بحكم الاقتضاء من كان طالباً بالفعل وقت نفاذ هذا القرار ما دام لم تزايله صفة الطالب فيها، ولكن لا تحتسب له الأقدمية عندئذ إلا من تاريخ نفاذه دون إرجاعها إلى تاريخ التحاقه بالمدرسة، وهو تاريخ أسبق، وإلا كان ذلك تطبيقاً للقرار بتاريخ سابق بغير نص واضح منه، ومن باب أولى لا ينطبق هذا القرار على من سبق أن تخرج من المدرسة قبل نفاذه وانقطعت صلته بها وزايلته صفة الطالب قبل هذا التاريخ.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ينطبق على حالة المدعي؛ ذلك أن هذا القانون لا يسري بأثر رجعي إلا بالنسبة للحالات التي عناها على وجه التحديد بما لا شبهة فيه، والقانون المذكور لم يعالج سوى حالتين بالذات هما: الحاصلون على دبلوم التلغراف مسبوقة بشهادة البكالوريا أو ما يعادلها، والحاصلون على المؤهل المذكور مسبوقاً بشهادة الثقافة، فعالج حالتهم بمعادلة جديدة سواء في تقدير الدرجة أو المرتب أو الأقدمية؛ بما يقطع بأنه ألغى تطبيق قرارات مجلس الوزراء السابقة في حقهم بأثر رجعي؛ إذ أسنده إلى تاريخ سابق على نفاذه، أما من عدا هؤلاء المذكورين على سبيل الحصر فلم يعالج قانون المعادلات حالتهم كالحاصلين على دبلوم التلغراف المسبوقة بشهادة أخرى كدبلوم الفنون والصنايع أو شهادة الكفاءة - كما هو الحال بالنسبة للمدعي وهو من الحاصلين على شهادة الكفاءة - فلا مندوحة - والحالة هذه - من اعتبارات قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر نافذة في حقهم، ما دامت لم تلغ بأثر رجعي بقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم من شأن المدعي - وهو من حملة شهادة الكفاءة - فإنه يحق له الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 برفع العلاوة الإضافية لدبلوم التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج فوق المرتب المقرر لمؤهله اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القرار، ورفض دعواه فيما يتعلق باعتبار مدة أقدميته في الدرجة الثامنة من تاريخ التحاقه بمدرسة الحركة والتلغراف.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد وقع مخالفاً للقانون، ويتعين إلغاؤه، وذلك مع عدم الإخلال باستحقاق المدعي مبلغ 500 م و1 ج علاوة الأعصاب المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يوليه سنة 1947، إذا انطبقت عليه شروطه؛ إذ ظاهر أن الحكمة في منح هذه المكافأة هو المجهود العصبي الذي يبذله من يقوم بالعمل بخلاف العلاوة الإضافية التي قررت بقواعد الإنصاف ثم رفعت فئتها بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950، وما يترتب على ذلك من فروق مالية على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.