أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 32

جلسة 9 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي.

(5)
الطعن رقم 604 لسنة 47 القضائية

(1) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". أحوال شخصية. حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
الخطأ المادي في اسم المتوفى في إجراءات تحقيق وفاة. لا أثر له في صحة الحكم.
(2) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". أوراق رسمية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
العبرة باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق وبحث كافة العناصر المطروحة أمامه. عدم جواز مطالبته الأخذ بدليل معين ولو كانت أوراقاً رسمية. ما دام هذا التدليل غير مقطوع بصحته.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات وما تضمنته المستندات. كفايته لإطراح دليل النفي والقضاء بالإدانة. الخوض بعد ذلك في تعارض أقوال الشهود جدل في تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت قد أطرحتها ولم تستند إليها في قضائها.
(5) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دعوى جنائية. أحوال شخصية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية نزاع حول مسألة من مسائل الأحوال الشخصية مطروح أمام المحكمة الجنائية وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى من عدمه. أمر تستقل به المحكمة الجنائية.
1 - لئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في إحدى فقراته بذكر أن اسم المتوفى هو........ بدلاً من الاسم الصحيح وهو...... الذي أورده في باقي مدوناته فإن هذا الأمر لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتا لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها ولا يقدح في سلامته وبالتالي يكون النعي عليه غير سديد.
2 - العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره، وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.
3 - متى اطمأنت المحكمة إلى أقوال الشهود إلى المستندات المقدمة في الدعوى من مقارفة الطاعن للجريمتين المسندتين إليه وأطرحت دليل النفي الذي تحمله الأوراق الرسمية المقدمة منه للدليل على أن صحة اسمه........ فإن ما يثيره الطاعن حول تعارض أقوال شيخ الناحية مع إقراره الوارد بمحضر مصلحة الشهر العقاري وتناقض أقوال شاهد الإثبات الآخر مع ما جاء بشهادة وفاة........ وتجاهل الحكم لصورة القيد العائلي المقدم من الطاعن وتعويله على الشهادة الصادرة من الاتحاد الاشتراكي ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
4 - لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها في قضائها وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أغفل الإشارة إلى أقوال شاهدة النفي....... يكون غير سديد.
5 - لما كانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص". فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية بما لا يقتضي وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة، ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضى وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها مقررة للاعتبارات السائغة التي أوردتها أن الطاعن هو بعينه...... وليس...... كما زعم حين اتخذ إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة محل الجريمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة........ كل من: 1 - ......... (الطاعن) و2 - ......... و3 - بأنهم في: أولاً أبدوا أقوالاً غير صحيحة مع علمهم بذلك في إجراءات تحقيق وفاة......... أمام محكمة بلقاس للأحوال الشخصية ولاية على النفس بأن تقدم الأول بطلب إلى المحكمة مدعياً فيه وفاة......... وأنه يستحق تركته جميعاً بدون شريك ولا وارث له سواه وتقدم المتهمان الثاني والثالث أمام المحكمة وشهدا بما يؤيد صحة هذه الأقوال وذلك على خلاف الحقيقة وتم ضبط الإعلام على هذا الأساس. ثانياً: المتهم الأول أيضاً - استغل الإعلام المزور سالف الذكر الذي تم ضبطه بناء على أقوال غير صحيحة مع علمه بذلك بأن قدمته إلى الشهر العقاري لنقل ملكية الأرض إليه. وطلبت معاقبتهم بالمادة 226 من قانون العقوبات. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت في الدعوى غيابياً....... عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. فعارض المتهمون وفى أثناء نظر المعارضة ادعى كل من...... و....... قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً لكل على سبيل التعويض المؤقت. وبتاريخ.......... قضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفى موضوع الدعوى الجنائية بتأييد الحكم المعارض فيه وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهم مصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف المتهمون هذا الحكم وقيد........ ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل من المتهمين عشرين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ........ المحامي عن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم......... وقضى فيه بتاريخ......... بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت فيها........ بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريم كل من المتهمين عشرين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه......... في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تقرير أقوال غير صحيحة في إجراءات متعلقة بتحقيق الوفاة والوراثة واستعمال الإعلام الذي تم ضبطه بناء على ذلك - خالف الثابت بالأوراق، وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم قد أورد أن الطاعن طلب إثبات ووفاة ووراثة المرحوم........ خلافاً للثابت بأوراق الدعوى من أن الطلب خاص بإثبات وفاة ووراثة شخص آخر هو المرحوم........ كما عول الحكم في قضائه بإدانة الطاعن على أقوال شيخ الناحية..... و...... رغم أن أقوال أولهما تتعارض مع الإقرار الصادر في محضر رسمي بمصلحة الشهر العقاري بصدد تحقيق الطلب رقم 1047.........، كما أن أقوال الثاني تتناقض مع ما جاء بورقة رسمية هي شهادة قيد وفاة....... المثبتة لوفاته بتاريخ 22 من إبريل سنة 1911 واستند الحكم إلى شهادة ميلاد الطاعن على أن اسمه....... متجاهلا أن بالأوراق صورة قيد عائلي ص 15 مسلسل 1200 تفيد أنه.......... واستدل في هذا الشأن بشهادة صادرة من الاتحاد الاشتراكي مع أنه ليس من شأنه تقصى حقيقة الأسماء والأنساب، هذا إلى أن الحكم أعرض عن أقوال أسماء........ وعن المستندات الرسمية المقدمة في الدعوى المؤيدة بشهادتها بأن صحة اسم الطاعن هو........ كما التفت عن دفاعه القائم على أن محكمة الأحوال الشخصية رفضت طلباً للمطعون ضده الأول بإثبات وراثته........ وكلفته برفع دعوى مما يدل على أن هناك نزاعاً في الإرث مما كان يتعين معه وقف الفصل في الدعوى الماثلة حتى يفصل في ذلك النزاع، وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي تقرير أقوال غير صحيحة في إجراءات متعلقة بتحقيق الوفاة والإرث واستعمال الإعلام الذي تم ضبطه بناء على ذلك اللتين دين الطاعن بهما، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين....... و...... وشهادة ميلاد الطاعن وشهادة صادرة من الاتحاد الاشتراكي والإعلام الذي تم ضبطه أمام محكمة بلقاس للأحوال الشخصية. لما كان ذلك، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في إحدى فقراته بذكر أن اسم المتوفى هو......... بدلاً من الاسم الصحيح وهو....... الذي أورده في باقي مدوناته فإن هذا الأمر لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها ولا يقدح في سلامته وبالتالي يكون النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق غير سديد، لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره، وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة، وإذ كانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير الأدلة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود إلى المستندات المقدمة في الدعوى من مقارفة الطاعن للجريمتين المسندتين إليه وأطرحت دليل النفي الذي تحمله الأوراق الرسمية المقدمة منه للتدليل على أن صحة اسمه........ فإن ما يثيره الطاعن حول تعارض أقوال شيخ الناحية مع إقراره الوارد بمحضر مصلحة الشهر العقاري وتناقض أقوال شاهد الإثبات الآخر مع ما جاء بشهادة وفاة...... وتجاهل الحكم لصورة القيد العائلي المقدم من الطاعن وتعويله على الشهادة الصادرة من الاتحاد الاشتراكي ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها في قضائها وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أغفل الإشارة إلى أقوال شاهدة النفي........ يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص". فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية بما لا يقتضي وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة، ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضي وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها مقررة للاعتبارات السائغة التي أوردتها أن الطاعن هو بعينه...... وليس....... كما زعم حين اتخذ إجراءات الوفاة والوراثة محل الجريمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة طبقاً لنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.