أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 1059

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1980

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حسن عثمان عمار، وإبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفي؛ ومحمد سالم يونس.

(204)
الطعن رقم 1335 لسنة 50 القضائية

(1) سرقة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
- مناط اعتبار المال منقولاً قابلاً للسرقة. هو مجرد قابليته للنقل من مكان لآخر. ومن يد لأخرى. ولو لم يكن بذاته منقولاً في حكم القانون المدني.
- لا عبرة بما ورد ببلاغ الحادث من وصف للفعل. العبرة بالتكييف القانوني الصحيح للفعل.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". "قرائن". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- العبرة في المحاكمات الجنائية. هي باقتناع القاضي. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين. إلا في الأحوال التي نص عليها القانون.
- حق المحكمة في الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر. متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى.
- عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في دفاعه الموضوعي. اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
- الطلب الجازم. ماهيته؟
1 - المناط في اعتبار المال منقولاً قابلاً للسرقة هو مجرد قابليته للنقل من مكان إلى آخر ومن يد إلى أخرى ولو لم يكن بذاته منقولاً في حكم القانون المدني، كالعقارات بالتخصيص والعقارات بالاتصال متى فصلت عن المال الثابت بل والعقارات بطبيعتها بالنسبة للأجزاء التي يمكن انتزاعها منها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر اختلاس الأبواب والنوافذ وأخشاب سقف منزلي المدعين بالحق المدني سرقة يكون قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
لا عبرة بوصف الفعل الذي اشتمل عليه بلاغ الحادث وإنما العبرة بالتكييف القانوني الصحيح لهذا الفعل.
2 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أنه اشترى الأخشاب المضبوطة لديه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها والوارد ذكرها، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الاستدلال بأقوال والد المتهم الثالث، وملكيته للأخشاب المضبوطة، وعدم صحة تحريات الشرطة، يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت في محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن طلب بجلسة 15/ 10/ 1977 سماع شهود نفي فاستجابت له المحكمة وقررت التأجيل لجلسة 29/ 11/ 1977 لإعلانهم وفي هذه الجلسة ترافع عن الطاعن ولم يتمسك بسماع هؤلاء الشهود فحجزت المحكمة الدعوى للحكم. كما يبين من محضر جلسة 19/ 4/ 1978 أمام محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن قال "إنه يوجد شهود نفي للمتهم" ثم ترافع في الدعوى دون أن يطلب سماعهم. وإذ كان طلب سماع شهود النفي على هذا النحو غير جازم، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن ما ينعاه الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: (أولاً) سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لعائلة....... من مسكنهم ليلاً. (ثانياً) أتلفوا عمداً العقار المبين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوك لعائلة....... وقد ترتب على ذلك ضرر مالي يزيد على عشرة جنيهات. وطلبت عقابهم بالمادتين 317/ 2 - 4، 361/ 2 من قانون العقوبات. وادعت السيدة....... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أبو حمص الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة قد أخطأ في القانون وشابه فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الأخشاب موضوع الاختلاس هي عقار بالاتصال مما لا تتوافر به جريمة السرقة التي يجب أن يكون محلها مالاً منقولاً، وقد خلا بلاغ الحادث منها واقتصر على واقعة إتلاف منازل المدعين بالحق المدني، واستند الحكم في الإدانة إلى أقوال والد المتهم الثالث وواقعة ضبط أخشاب أمام منزل الطاعن ادعت الشرطة أنها للمدعين بالحق المدني مغفلاً دفاع الطاعن من أن أقوال الشاهد المذكور سماعية، وأن تحريات الشرطة غير صحيحة بدلالة عدم إبلاغ رجال الحفظ بالواقعة مع أنهم كانوا معينين لحراسة منازل المدعين بالحق المدني منذ وقوع جريمة قتل، وأن الأخشاب المضبوطة اشتراها الطاعن بموجب عقد، وأن الخبير المنتدب قرر أنها تختلف عن الأخشاب المسروقة، والتفتت المحكمة عن طلب سماع شهادة البائع ورجال الحفظ تحقيقاً لدفاعه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه إثر بلاغ أحد أفراد عائلة المجني عليهم بسرقة بعض أبواب ونوافذ وأخشاب أسقف منزلي المجني عليهم توصلت تحريات الشرطة إلى أن الطاعن وآخرين هم مرتكبو الحادث وتم استئذان النيابة في تفتيش مساكنهم وأسفر التفتيش عن ضبط بعض الأخشاب والأبواب والنوافذ أمام وبداخل مسكن الطاعن وكذا بمسكن المتهم الثاني تتفق في أوصافها مع أوصاف الأخشاب المسروقة. وأورد الحكم على ثبوت تلك الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المبلغ ووالد المتهم الثالث وما ثبت من المعاينة وما أسفر عنه التفتيش. وعرض الحكم لدفاع الطاعن من أنه اشترى الأخشاب المضبوطة من آخر بموجب عقد وأطرحه تأسيساً على أنه حين سئل عن تاريخ الشراء تردد في تحديده فذكر ثلاثة تواريخ مختلفة وقدم عقد بيع يحمل تاريخاً رابعاً، وأنه لم يعلل كيفية علم والد المتهم الثالث بهذا العقد ومضمونه مع أنه نفى حضور أحد واقعة تحريره مما يؤكد صحة قول والد المتهم الثالث بأن تلك المتابعة إنما اصطنعت خصيصاً لدفع مسئولية الطاعن عن الحادث، وأن الأخشاب تطابق في أوصافها الأوصاف التي ذكرها المبلغ عن الأخشاب المسروقة. لما كان ذلك، وكان المناط في اعتبار المال منقولاً قابلاً للسرقة هو مجرد قابليته للنقل من مكان إلى آخر ومن يد إلى أخرى ولو لم يكن بذاته منقولاً في حكم القانون المدني، كالعقارات بالتخصيص والعقارات بالاتصال متى فصلت عن المال الثابت بل والعقارات بطبيعتها بالنسبة للإجراء التي يمكن انتزاعها منها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر اختلاس الأبواب والنوافذ وأخشاب سقف منزلي المدعين بالحق المدني سرقة يكون قد اقترن بالصواب، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا عبرة بوصف الفعل الذي اشتمل عليه بلاغ الحادث، وإنما العبرة بالتكييف القانوني الصحيح لهذا الفعل، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يخطئ هذا التكييف فإن ما ينعاه الطاعن في شأن خلو بلاغ الحادث من السرقة لا يكون له محل. ولما كان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون، وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أنه اشترى الأخشاب المضبوطة لديه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها والمار ذكرها، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الاستدلال بأقوال والد المتهم الثالث، وملكيته للأخشاب المضبوطة، وعدم صحة تحريات الشرطة، يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت في محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن طلب بجلسة 25/ 10/ 1977 سماع شهود نفي فاستجابت له المحكمة وقررت التأجيل لجلسة 29/ 11/ 1977 لإعلانهم وفي هذه الجلسة ترافع عن الطاعن ولم يتمسك بسماع هؤلاء الشهود فحجزت المحكمة الدعوى للحكم. كما يبين من محضر جلسة 19/ 4/ 1978 أمام محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن قال "إنه يوجد شهود نفي للمتهم" ثم ترافع في الدعوى دون أن يطلب سماعهم. وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم به محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن ما ينعاه الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.