مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1254

جلسة 29 من يونيه سنة 1957
(131)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1488 لسنة 2 القضائية

دبلوم التلغراف - سريان قانون المعادلات الدراسية على حملته بأثر رجعي في حالتين: الحاصلون عليه مسبوقاً بشهادة البكالوريا أو ما يعادلها، والحاصلون عليه مسبوقاً بشهادة الثقافة - إرجاع أقدمية من يسري عليه هذا القانون من هؤلاء إلى تاريخ التعيين في الحكومة أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، وليس من تاريخ الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف كما كان ينص قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 5/ 1950.
نصت المادة الأولى من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة بالجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه في الحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً"، كما قضت المادة التاسعة بسريان أحكام هذا القانون على الدعاوى المنظورة أمام اللجان القضائية أو أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وأخيراً نصت المادة العاشرة على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد تم هذا النشر يوم صدور القانون؛ ومن ثم يكون القانون المشار إليه قد قرر بنص خاص انطباقه بأثر رجعي على المنازعات القائمة، طالما لم يصدر فيها حكم يكون قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه قبل تاريخ العمل به. وقد قدر هذا القانون بالنسبة لحملة دبلوم مدرسة التلغراف الدرجة السابعة الفنية بماهية 10 ج ابتداء للحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها والموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة، أما حملة الثقافة أو ما يعادلها فيمنحون الدرجة السابعة بعد سنة بماهية 10 ج. وظاهر من ذلك أن قانون المعادلات الدراسية قد عالج حالة هؤلاء بمعادلة جديدة، سواء في تقدير الدرجة أو المرتب أو الأقدمية فيها من تاريخ سابق على نفاذه؛ إذ أرجعهم طبقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى منه إلى تاريخ التعيين في الحكومة أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، وليس من تاريخ آخر كتاريخ الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، كما كان يقضي بذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 5/ 1950؛ بما يستفاد منه أن هذا القانون قد ألغى قرار مجلس الوزراء المشار إليه في خصوص حالة من ينطبق عليه هذا القانون وفي الحدود سالفة الذكر.


إجراءات الطعن

في 20 من مايو سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 22 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 1841 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ضد حسن علي علي المصري، القاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، ورفض التظلم، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد قرار اللجنة القضائية، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المواصلات في 12 من يوليه سنة 1956، وإلى المطعون عليه في 24 من الشهر ذاته، ولم يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته، وقد أبلغا في 30 من ديسمبر سنة 1956 بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات التظلم رقم 4451 لسنة 1 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية اللجنة في 12 من مايو سنة 1953 ذكر فيها أن مجلس الوزراء وافق في 23 من ديسمبر سنة 1951 على أن يحسب للموظفين ذوي المؤهلات الدراسية المدد التي يكونون قد قضوها في التمرين في أقدميتهم في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم الدراسية، سواء كانت مدة التمرين هذه متصلة بخدمتهم الحالية أو منفصلة عنها، بأجر أو بدون أجر، وأنه لما كانت له مدة قضاها في التمرين على أعمال التلغراف فقد طلب ضمها، ولكن المصلحة تعللت بأن هذه الفترة معتبرة فترة دراسية وليست فترة تمرينية في حين أن التمرين إنما يكون بقصد التعيين في الوظيفة، يؤكد ذلك أن المصلحة تطلب من المتقدمين لمدرسة التلغراف قبل الالتحاق بها استيفاء كافة مسوغات التعيين، كما تطلب منهم إقرارات نص فيها على شروط جزائية لمن لا يمضي في الوظيفة مدة معينة بعد انقضاء فترة التمرين، فضلاً عن أنه صدر قرار من مجلس الوزراء في سنة 1950، تشجيعاً للالتحاق بهذه المدرسة، باحتساب مدة الدراسة في أقدمية الدرجة لمن يعينون بعد هذا التاريخ. وانتهى المتظلم إلى طلب احتساب المدة التي قضاها في مدرسة الحركة والتلغراف في أقدمية الدرجة الثامنة المخصصة لمؤهله الدراسي، وهو شهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص، لتبدأ أقدميته من 18 من أكتوبر سنة 1938 بدلاً من 17 من يوليه سنة 1939. وبجلسة 7 من سبتمبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها باستحقاق المتظلم لحساب مدة الدراسة بمدرسة الحركة والتلغراف في أقدمية الدرجة الثامنة؛ واستندت في ذلك إلى أن مجلس الوزراء وافق في 3 من مايو سنة 1950 على المذكرة المقدمة من المصلحة بتعديل لائحة مدرسة الحركة والتلغراف، ومن بين هذه التعديلات اعتبار الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة، وأن هذا التعديل قد به تحسين حالة خريجي هذه المدرسة وقد جاء مطلقاً؛ ومن ثم يفيد منه جميع الخريجين الحديثين والقدامى، باعتبار أن المدة التي يقضيها الموظف في هذه المدرسة هي مدة تمرينية يزداد فيها خبرة، والقول بعكس ذلك يؤدي إلى التفرقة في المعاملة بين خريجي مدرسة واحدة. وبعريضة مودعة محكمة القضاء الإداري في 26 من ديسمبر سنة 1953 طعنت وزارة المواصلات في هذا القرار بالدعوى رقم 1841 لسنة 8 القضائية طالبة الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأسست طعنها على أنه يتضح من صياغة المذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 أن المزايا التي قررها يقتصر الانتفاع بها على من يلحق بالمدرسة من تاريخ صدور موافقة مجلس الوزراء على تقرير هذه المزايا، أما الذين تخرجوا في هذه المدرسة قبل صدور هذا القرار فتحكمهم القواعد التي كانت قائمة عند التحاقهم بها والتي عينوا بخدمة المصلحة في ظلها؛ ولذلك لا يجوز بسط الانتفاع بهذه المزايا بأثر رجعي؛ لما في ذلك من خروج على الحكمة من تقريرها وهي تشجيع الالتحاق بالمدرسة بعد الإحجام عنها. ومتى كان الثابت أن المطعون ضده قد تخرج في المدرسة قبل صدور قرار مجلس الوزراء المشار إليه فلا يجوز أن يفيد من أحكامه. وأضافت الوزارة في مذكرتها أن معاون التلغراف يمر بثلاث مراحل: الأولى، التعليم في مدرسة التلغراف، وهذه تقضي - حسب النظام الذي كان معمولاً به عند التحاق المطعون عليه بالمدرسة - بدون أجر وخارج الخدمة. والثانية، هي الفترة الواقعة بين تاريخ نجاحه في امتحان مدرسة التلغراف والتعيين الفعلي كمعاون تلغراف، وهذه هي مدة التمرين المقصودة بالضم، طالت هذه المدة أم قصرت، والثالثة، هي تعيين الناجح والمتمرن في وظيفة معاون تلغراف. وخلصت الوزارة من ذلك إلى أن المدة التي تضم هي مدة التمرين لا مدة التعليم التي لم تكن القرارات السارية وقتئذ تسمح بضمها. هذا وقد قرر القانون رقم 371 لسنة 1950 ماهية خاصة ودرجة خاصة لحملة دبلوم التلغراف من تاريخ التعيين. وبجلسة 22 من مارس سنة 1956 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، ورفض التظلم، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 371 لسنة 1953 نص في المادة الأولى منه على أن أقدمية حملة المؤهلات المبينة به - ومنها مؤهل المدعى عليه - في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم تحدد من تاريخ تعيينهم بالحكومة أو من تاريخ حصولهم على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً. ومقتضى هذا الحكم أن مدة الدراسة - وهي سابقة على التعيين أو على الحصول على المؤهل - لا تدخل في حساب أقدمية الدرجة المقررة للمؤهل، وكذلك الحال بالنسبة إلى مدة التمرين. هذا إلى أن القانون المذكور قدر لحملة دبلوم التلغراف الحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها الدرجة السابعة بماهية عشرة جنيهات ابتداء؛ وبذلك يكون قرار اللجنة القضائية المطعون فيه - إذ قضى بحساب مدة الدراسة بمدرسة التلغراف في أقدمية الدرجة الثامنة - في غير محله، ويتعين إلغاؤه، ورفض التظلم. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 20 من مايو سنة 1956 طلب فيها "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتأييد قرار اللجنة القضائية، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وبني هذا الطعن على أن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 النص على إلغائها - ومنها القرار الصادر في 3 من مايو سنة 1950 الخاص بتعديل لائحة الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف - هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين، وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية، فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. ولما كان القانون رقم 371 لسنة 1953 قد خلا من مثل هذا النص الخاص على إلغاء تلك القرارات، فإنها تظل قائمة نافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون عليه حصل على شهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص في يونيه 1938، وفي 22 من أكتوبر سنة 1938 تقرر قبوله بوظيفة تلميذ بمدرسة الحركة والتلغراف، وفي أول يونيه سنة 1939 نجح في الامتحان النهائي بهذه المدرسة، وفي 17 من يوليه سنة 1939 عين بوظيفة معاون تلغراف في الدرجة الثامنة، ثم رقي إلى الدرجة السابعة في أول إبريل سنة 1946.
ومن حيث إنه في 23 من إبريل سنة 1950 رفع مدير عام مصلحة السكك الحديدية مذكرة إلى مجلس إدارة المصلحة يطلب الموافقة على اقتراح تعديل لائحة الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، وقد جاء بهذه المذكرة ما يأتي "كانت القواعد الموضوعة للالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف أن يكون الطالب حاصلاً إما على دبلوم الفنون والصناعات (قسم الميكانيكا والكهرباء) أو شهادة الدراسة الثانوية (قسم ثان) علوم أو رياضة وأن تكون مدة الدراسة بحيث لا تقل عن 6 شهور ولا تزيد على 12 شهراً يعين بعدها من يمضي الامتحان النهائي بنجاح في الدرجة الثامنة الفنية ويمنح أول مربوطها وقدره 6 ج شهرياً. ولما صدرت قواعد الإنصاف تقرر منح خريجي هذه المدرسة الماهيات التي حددت لشهاداتهم مضافاً إليها 500 م قيمة العلاوة التي تقررت لهم وتعيينهم في الدرجات التي خصصت لكل شهادة، أي بوضع حملة دبلوم الفنون والصناعات في الدرجة السابعة بماهية شهرية قدرها 500 م و10 ج، وحملة البكالوريا في الدرجة الثامنة بماهية قدرها 8 ج شهرياً. وقد أعرض حملة هذين المؤهلين عن الالتحاق بهذه المدرسة، ولم يعد هناك سبيل للحصول على المرشحين الكافين لإلحاقهم بها إلى أن أفتت وزارة المالية بكتابها رقم 234/ 3/ 8 في 18 من مايو سنة 1940 بأن شهادة الثقافة العامة تجيز التعيين في الدرجة الثامنة الكتابية بأول مربوطها؛ وعلى ذلك فقد أباحت المصلحة لحملة الثقافة العامة الالتحاق بالمدرسة ومنحهم بعد تخرجهم الماهية المحددة لهذه الشهادة وهي 500 م و6 ج مضافاً إليها علاوة الخمسمائة مليم المقررة لخريجي هذه المدرسة. استمر الإحجام عن الالتحاق بالمدرسة رغم كثرة الإعلان بالجرائد وهذا يرجع لتفضيل حملة الثقافة الالتحاق بالوظائف الكتابية دون انتظار فترة الدراسة بالمدرسة بدون مرتب طالما أن الطالب سيحصل على نفس هذه الماهية بغض النظر عن الخمسمائة مليم قيمة علاوة التلغراف التي لا تعتبر في نظره إغراء كافياً. وعلاجاً لهذه الحالة وتلافياً لقلة عدد المتقدمين لهذه المدرسة فإني أقترح إدخال التعديلات الموضحة بعد على اللائحة للتشجيع على الالتحاق بمدرسة التلغراف: 1 - منح الطالب مكافأة شهرية قدرها خمسة جنيهات خلال فترة الدراسة. 2 - رفع علاوة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج. 3 - اعتبار الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة؛ وذلك لأن منهج الدراسة بهذه المدرسة يعتبر مرحلة من مراحل التعليم الفني التي لا غنى عنها في شغل وظائف معاوني المحطة والتلغراف، فضلاً عن أن هذه الوظائف خطيرة وذات مسئوليات جسيمة، لهذا أرجو من المجلس التفضل بالموافقة على هذا الاقتراح تمهيداً للحصول على تصديق مجلس الوزراء". وقد وافق مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة في 29 من إبريل سنة 1950 على إدخال التعديلات المقترحة على لائحة الالتحاق بمدرسة التلغراف، ووافق مجلس الوزراء على ذلك بجلسته المنعقدة في 3 من مايو سنة 1950.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ويتفرع عن ذلك أن التنظيم الجديد يسري على الموظف بأثر حال من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف نتيجة لتطبيق التنظيم القديم، قانوناً كان أو لائحة، على حالته إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كلائحة. أما إذا تضمن التنظيم الجديد، قانوناً كان أو لائحة، مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة، فالأصل ألا يسري التنظيم الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق؛ إذ يفيد الموظف من هذه المزية الجديدة من التاريخ المذكور ولو تقررت بلائحة، بشرط أن يكون هذا القصد واضحاً لا شبهة فيه.
ومن حيث إنه يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 (في ضوء المذكرة المرفوعة من مدير عام مصلحة السكة الحديد إلى مجلس الإدارة) أنه إذ حسب مدة الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بمدرسة الحركة والتلغراف، إنما قصد أن يفيد من ذلك من ينتظم في سلك الدراسة في ظل هذا القرار؛ للاعتبارات التي أفصحت عنها تلك المذكرة، وهي تشجيع الإقبال على هذه المدرسة. وغني عن البيان أنه يفيد في الوقت ذاته من هذه المزية بحكم الاقتضاء من كان طالباً بالفعل وقت نفاذ هذا القرار، ما دام لم تزايله صفة الطالب فيها، ولكن لا تحتسب له الأقدمية عندئذ إلا من تاريخ نفاذه دون إرجاعها إلى تاريخ التحاقه بالمدرسة وهو تاريخ أسبق، وإلا كان ذلك تطبيقاً للقرار بتاريخ سابق بغير نص واضح منه، ومن باب أولى لا ينطبق هذا القرار على من سبق أن تخرج من المدرسة قبل نفاذه وانقطعت صلته بها قبل هذا التاريخ.
ومن حيث إنه قد صدر بعد ذلك القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وقد نصت المادة الأولى منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة بالجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه في الحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً"، كما قضت المادة التاسعة بسريان أحكام هذا القانون على الدعاوى المنظورة أمام اللجان القضائية أو أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وأخيراً نصت المادة العاشرة على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد تم هذا النشر يوم صدور القانون؛ ومن ثم يكون القانون المشار إليه قد قرر بنص خاص انطباقه بأثر رجعي على المنازعات القائمة، طالما لم يصدر فيها حكم يكون قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه قبل تاريخ العمل به.
ومن حيث إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قدر في الجدول المرافق له الدرجة السابعة الفنية بماهية عشرة جنيهات ابتداء للحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها، والموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة، أما حملة الثقافة أو ما يعادلها فيمنحون الدرجة السابعة بعد سنة بماهية عشرة جنيهات، وظاهر من ذلك أن قانون المعادلات الدراسية قد عالج حالة هؤلاء بمعادلة جديدة، سواء في تقدير الدرجة أو المرتب أو الأقدمية فيها من تاريخ سابق على نفاذه؛ إذ أرجعهم طبقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى منه إلى تاريخ التعيين في الحكومة أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً وليس من تاريخ آخر كتاريخ الالتحاق بالمعهد، مما يستفاد منه أن هذا القانون قد ألغى قرار مجلس الوزراء المشار إليه في خصوص حالة من ينطبق عليه هذا القانون وفي الحدود سالفة الذكر.
ومن حيث إن المدعي حاصل على الشهادة الثانوية القسم الخاص قبل حصوله على دبلوم التلغراف؛ وبهذه المثابة ينطبق عليه قانون المعادلات سالف الذكر، ويكون الحكم المطعون فيه - والحالة هذه - قد أصاب الحق في قضائه؛ ومن ثم يتعين رفض الطعن، وذلك مع عدم الإخلال باستحقاق المدعي مبلغ 500 م و1 ج علاوة الأعصاب المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يوليه سنة 1947، إذا انطبقت عليه شروطه؛ إذ ظاهر أن الحكمة في منح هذه المكافأة هو المجهود العصبي الذي يبذله من يقوم بالعمل بخلاف معادلة المؤهل التي يقوم عليها القانون رقم 371 لسنة 1953.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.