أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 1076

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينه نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد حلمي راغب، وجمال الدين منصور، وسمير ناجي، ومحمد عبد المنعم البنا.

(206)
الطعن رقم 721 لسنة 50 القضائية

(1، 2) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
1 - وزن أقوال الشهود. موضوعي. مفاد الأخذ بالشهادة؟
2 - تناقض الشاهد أو تضاربه. متى لا يعيب الحكم؟
كفاية أن تورد المحكمة ما تطمئن إليه من روايات الشاهد.
(3، 4) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
3 - عدم التزام المحكمة بطلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها. أساس ذلك؟
إشارة الدفاع إلى أن طلب الضم للاستدلال على الخصومة السابقة. مفاده أن القصد منه إثارة الشبهة في أدلة الثبوت.
4 - الطعن. لا يبنى على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل. مثال في طلب ضم قضية.
(5) جريمة. "أركانها". ضرب. "ضرب بسيط". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام".
قيام جنحة الضرب المعاقب عليها بالمادة 242 عقوبات ولو حصل الضرب باليد مرة واحدة. ترك أثراً أو لم يترك. بيان حكم الإدانة. بمقتضى تلك المادة. موقع الإصابات. وأثرها. وجسامتها. ليس بلازم.
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - لما كان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن أقوال المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاًً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3، 4 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، وهو لا يستلزم منها عند رفضه رداً صريحاًَ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب ضم القضية رقم..... عسكرية الزيتون، وأشار في مرافعته إلى أنه وإن كانت واقعة القضية المطلوب ضمها سابقة على الواقعة موضوع الدعوى إلا أن الدفاع يستدل منها على الخصومة السابقة بين الطرفين، ولما كان الثابت من ذلك أن قصد الدفاع من هذا الطلب لم يكن إلا إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، ومن ثم فلا يحق للطاعنين - من بعد - إثارة دعوى الإخلال بحقهما في الدفاع لالتفات المحكمة عن طلب ضم القضية المذكورة، ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الطاعنان في أسباب طعنهما من أنهما كانا يرميان من هذا الطلب إثبات أنه لم يكن في مقدورهما الاعتداء على المجني عليه بسبب ما لحق بهما من إصابات في الواقعة السابقة موضوع القضية المطلوب ضمها، وذلك لما هو مقرر من أنه لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل.
5 - لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز، بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثراً أو لم يترك، وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين أنهما اعتديا على المجني عليه بالضرب مما أحدث به الإصابات التي أثبتها الحكم من واقع التقرير الطبي وأخذهما بمقتضى المادة 242 من قانون العقوبات، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحدثا عمداً بـ........ الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الزيتون الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم كل من المتهمين مبلغ عشرة جنيهات وإلزامهما بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ ثلاثين جنيهاً مناصفة بينهما على سبيل التعويض النهائي. فاستأنف المحكوم عليهما. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الضرب قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه على أقوال المجني عليه - رغم تضاربها إذ قرر المذكور في محضر جمع الاستدلالات أن الاعتداء بالضرب وقع عليه مساء يوم...... وأسنده إلى الطاعنين معاً في حين قصر اتهامه أمام المحكمة على الطاعن الأول وذكر أن الحادث وقع مساء يوم.......، وقد أثار الطاعنان هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع كما تمسكا بطلب ضم الجنحة........ عسكرية الزيتون للتدليل على كذب رواية المجني عليه، بيد أن المحكمة أطرحت دفاعهما ولم تستجب لطلبهما، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يبين محدث كل إصابة من إصابات المجني عليه والآلة المستعملة في إحداثها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه....... من أن الطاعنين اعتديا عليه بالضرب وأحدثا إصاباته، ومما جاء بالتقرير الطبي من إصابة المجني عليه بكدمة بالأنف وجرح قطعي بفروة الرأس وكدمة بالظهر وكدمة أعلى الفخذ الأيسر، وهي أدلة لا ينازع الطاعنان في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن أقوال المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاًً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، وهو لا يستلزم منها عند رفضه رداً صريحاًَ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب ضم القضية......، وأشار في مرافعته إلى أنه وإن كانت واقعة القضية المطلوب ضمها سابقة على الواقعة موضوع الدعوى إلا أن الدفاع يستدل منها على الخصومة السابقة بين الطرفين، ولما كان الثابت من ذلك أن قصد الدفاع من هذا الطلب لم يكن إلا إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، ومن ثم فلا يحق للطاعنين - من بعد - إثارة دعوى الإخلال بحقهما في الدفاع لالتفات المحكمة عن طلب ضم القضية المذكورة، ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الطاعنان في أسباب طعنهما من أنهما كانا يرميان من هذا الطلب إثبات أنه لم يكن في مقدورهما الاعتداء على المجني عليه بسبب ما لحق بهما من إصابات في الواقعة السابقة موضوع القضية المطلوب ضمها، وذلك لما هو مقرر من أنه لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز، بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثراً أو لم يترك، وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين أنهما اعتديا على المجني عليه بالضرب مما أحدث به الإصابات التي أثبتها الحكم من واقع التقرير الطبي وأخذهما بمقتضى المادة 242 من قانون العقوبات، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.