أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 66

جلسة 16 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، وقصدي اسكندر عزت، وأحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ.

(12)
الطعن رقم 699 لسنة 47 القضائية

1 - تبديد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام".
تحقق القصد الجنائي في التبديد بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه وائتمن عليه إلى ملكه واختلاسه لنفسه. بحث توافر هذا القصد. موضوعي.
2 - تبديد. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في توافر القصد الجنائي. جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام النقض.
عدم جدوى إثارة قصور الدليل بالنسبة لتبديد بعض الأشياء. من ثبت يقيناً تبديد الباقي منها.
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التبديد يتحقق بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه، والبحث في توفره مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية التي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من أوراق الدعوى.
2 - لما كان الحكم قد استظهر بالأدلة السائغة التي استند إليها وبما يتفق مع الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تسلم كافة المستندات بصفته أميناً لصندوق الجمعية المذكورة مما يتحقق به تسليمها إليه على سبيل الوكالة عنها وأنه قد أودع بعضاً منها في القضية التي رفعها على المطعون ضدها فاستبعدها ولم يدنه إلا عن الباقي من المستندات التي كان قد تسلمها بتلك الصفة ولا تتعلق بالنزاع المذكور، وكان مفاد ذلك أن الطاعن وقد امتنع عن رد هذا الباقي دون وجه حق فإنه يكون قد أضافه إلى ملكه بنية اختلاسه وحرمان الجمعية المطعون ضدها منه وهو ما يتوفر به القصد الجنائي في جريمة التبديد على النحو الذي يطلبه القانون لما كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى واستنباط محكمة الموضوع لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولا جدوى من بعد مما يثيره الطاعن بشأن سجل الجمعية وخاتمها ما دام قد ثبت في حقه تبديد تلك المستندات الأخرى التي تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ارتكب ما هو مدون بعريضة الدعوى. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى رئيس مجلس إدارة جمعية النعمة الإلهية القبطية الأرثوذكسية بصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة المنتزه الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهم أن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامه بالمصروفات المدنية عن الدرجتين فطعن الأستاذ........ عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد مستندات وسجل وختم جمعية النعمة الإلهية المطعون ضدها (المدعية بالحقوق المدنية) قد شابه خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فضلاً عن أنه خالف صحيح القانون، وذلك بأن تلك المستندات كان قد قدمها إلى المحكمة المدنية - ولا زالت بها - في الدعوى المدنية التي أقامها على الجمعية المذكورة يطالبها فيها بما يداينها به وكانت هي الدليل الوحيد على ثبوت حقه هذا في ذمتها ولم تكن نيته قد انصرفت إطلاقاً إلى تملك تلك المستندات مما ينفي عنه القصد الجنائي الواجب توافره في تلك الجريمة التي آخذه بها، أما السجل والختم سالفى الذكر فلم يرد لهما ذكر في صحيفة الدعوى خلافاً لما ذهب إليه الحكم على غير الثابت في الأوراق دون أن يعني ببيان وصفهما والدليل على استلامه لهما مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، عرض لما دفع به الطاعن من أنه قد تلك المستندات في الدعوى المدنية التي رفعها على الجمعية المطعون ضدهما ورد عليه بقوله: "وحيث إن المتهم دفع الاتهام المسند إليه بوجود حساب بينه وبين المدعية بالحق المدني وأنه يطلب تصفيته وكان دفاع المتهم يستقيم لو أنه امتنع عن تسليم المبالغ التي حصلها كلها فعلاً مع وجود هذا النزاع وكذلك باقي المستندات التي تؤيد دفاعه وثبت حقه في هذا الشأن إلا أنه وقد امتنع عن تسليم المدعية باقي المستندات التي لا تتعلق بالنزاع والتي ليس لها علاقة بإثبات أو نفي ما ادعى به مثل سجل الجمعية (خلاف سجل الاشتراكات) وخاتمها فإنه يكون قد ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات ويتعين معاقبته وفق هذه المادة". وهذا الذي أورده الحكم يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ويسوغ، إطراحه، وذلك أنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التبديد يتحقق بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه، والبحث في توفره أو عدم توفره مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية التي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من أوراق الدعوى، لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات أن المطعون ضدها قد عددت في صحيفة دعواها المستندات التي نسبت للطاعن تبديدها فدفع هذا الأخير بأنه قدم تلك المستندات في الدعوى المدنية التي رفعها ضدها وقدم صورة من حافظة المستندات التي أودعها في تلك القضية. لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر بالأدلة السائغة التي استند إليها وبما يتفق مع الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تسلم كافة المستندات بصفته أميناً لصندوق الجمعية المذكورة مما يتحقق به تسليمها إليه على سبيل الوكالة عنها وأنه قد أودع بعضا منها في القضية التي رفعها على المطعون ضدها فاستبعدها ولم يدنه إلا في الباقي من المستندات التي كان قد تسلمها بتلك الصفة ولا تتعلق بالنزاع المذكور، وكان مفاد ذلك أن الطاعن وقد امتنع عن رد هذا الباقي دون وجه حق فإنه يكون قد أضافه إلى ملكه بنية اختلاسه وحرمان الجمعية المطعون ضدها منه وهو ما يتوفر به القصد الجنائي في جريمة التبديد على النحو الذي يتطلبه القانون. لما كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا جدوى من بعد مما يثيره الطاعن بشأن سجل الجمعية وخاتمها ما دام قد ثبت في حقه تهمة تبديد تلك المستندات الأخرى التي تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه ومن ثم فإن الطعن برمته مستوجباً الرفض.