أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 100

جلسة 29 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.

(17)
الطعن رقم 972 لسنة 47 القضائية

(1، 2) رسوم توثيق. شهر عقاري. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة . أركانها "قصد جنائي". إثبات. "بوجه عام".
1 - الخطأ المادي الذي لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
2 - جريمة التوصل إلى الهرب من أداء بعض الرسوم المنصوص عليها بالقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر. عمدية. قوامها القصد الجنائي العام باتجاه إدارة مرتكبها إلى الإخلال بأحكام هذا القانون.
استخلاص قيام القصد الجنائي. موضوعي. مثال في شراء عقار مجزأ على صفقتين بعقدين في تاريخين مختلفين.
1 - لئن كان الحكم قد أخطأ في بعض مواضعه في ذكر تواريخ عقدي الشراء وطلبي الشهر المقدمين عنهما إلا أن ما ذكره من ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
2 - لما كانت المادة 35 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر تنص على عقاب كل من يتوصل عمداً إلى التهرب من أداء بعض الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون عن طريق تجزئة الصفقة أو الإدلاء بيانات غير صحيحة في الإجراءات والأوراق التي تقدم تنفيذاً له أو بأية وسيلة أخرى، وكان مفاد ذلك أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي باتجاه إرادة مرتكبها إلى الإخلال بأحكام القانون المنظمة لأداء رسوم الشهر المنصوص عليها فيه، وكان من المقرر أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، وكان توافره مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليما مستمداً من الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه - للأسباب السائغة التي أوردها - قد استخلص من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها أن المطعون ضده وقد اشترى العقار على صفقتين بعقدين في تاريخين مختلفين اشتمل كل منها على نصف العقار ثم تقدم عن كل من العقدين بطلب للشهر بعد عدة سنوات من تاريخ إبرامه، لم يكن يستهدف تجزئة صفقة واحدة بقصد التهرب من الرسم المستحق عليها ورتب على ذلك قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإن ذلك حسبه ليستقيم قضاؤه لما هو مقرر من أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة توافر إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات المدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح العطارين الجزئية ضد المطعون ضده بوصف أنه: توصل عمداً إلى التهرب من أداء بعض الرسوم المنصوص عليها في القانون وطلب معاقبته بالمادة 35 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 4500 جنيه قيمة ثلاثة أمثال الرسوم التي حصل الشهر عليها، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصاريف. فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التوصل عمداً إلى التهرب من أداء بعض رسوم الشهر العقاري وبرفض الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بصفته قد خالف الثابت بالأوراق وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن المطعون ضده تقدم بطلب الشهر عن الحصة الأولى من العقار مشتراة في 25/ 12/ 1967 ثم تقدم بطلب عن الحصة الثانية في 24/ 3/ 1968 في حين أن الثابت من الأوراق أنه تقدم بالطلب عن الحصة الأولى في 23/ 10/ 1971 وعن الحصة الثانية في 1/ 11/ 1971 بما مفاده أن كلا الطلبين قدم في وقت كان للعقدين وجود، وكذلك فإن الحكم عول في قضائه على أن تجزئة الصفقة كان من حيث إبرامها في حين أن التجريم في حكم المادة 35 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بتناول تجزئة الصفقة من حيث إجراءات شهرها وهو ما فعله المطعون ضده، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤبد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى كما أوردها الطاعن في صحيفة الادعاء المباشر المعلنة إلى المطعون ضده ثم عرض لدفاع هذا الأخير والمستندات المقدمة منه واستخلص من كل ذلك أن المطعون ضده قد أبرم صفقتي شرائه العقار بمقتضي عقدين مؤرخين 25/ 12/ 1967 و24/ 3/ 1968 وأنه تقدم بطلب الشهر عن العقد الأول في 23/ 10/ 1971 وعن العقد الثاني في 1/ 11/ 1971 وتم شهرهما في 5/ 2/ 1972، ومضى الحكم إلى بحث مدى توافر القصد الجنائي لدى المطعون ضده وانتهي للأسباب السائغة التي أوردها إلى أنه لم يستهدف تجزئة صفقة واحدة بقصد التهرب من الرسم المستحق عليها. لما كان ذلك، ولئن كان الحكم قد أخطأ في بعض مواضعه في ذكر تواريخ عقدي الشراء وطلبي الشهر المقدمين عنهما إلا أن ما ذكره من ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر تنص على عقاب كل من يتوصل عمداً إلى التهرب من أداء بعض الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون عن طريق تجزئة الصفقة أو الإدلاء بيانات غير صحيحة في الإجراءات والأوراق التي تقدم تنفيذاً له أو بأية وسيلة أخرى، وكان مفاد ذلك أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي باتجاه إرادة مرتكبها إلى الإخلال بأحكام القانون المنظمة لأداء رسوم الشهر المنصوص عليها فيه، وكان من المقرر أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، وكان توافره مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه - للأسباب السائغة التي أوردها - قد استخلص من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها أن المطعون ضده وقد اشترى العقار على صفقتين بعقدين في تاريخين مختلفين اشتمل كل منها على نصف العقار ثم تقدم عن كل من العقدين بطلب للشهر بعد عدة سنوات من تاريخ إبرامه، لم يكن يستهدف تجزئة صفقة واحدة بقصد التهرب من الرسم المستحق عليها ورتب على ذلك قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإن ذلك حسبه ليستقيم قضاؤه لما هو مقرر من أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة توافر إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات المدنية.