أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 108

جلسة 29 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

(19)
الطعن رقم 977 لسنة 47 القضائية

(1، 2) دعارة. جريمة "أركانها" قصد جنائي.
1 - تقديم منزل أو مكان لإدارته للفجور أو الدعارة مع علم المؤجر أو مقدم المكان بأنه سيدار للفجور أو الدعارة. وأن يدار بالفعل لهذا الغرض على وجه الاعتياد. عمل مؤثم قانوناً.
تأجير أو تقديم منزل أو مكان للسكنى لممارسة البغاء فيه مع العلم بذلك. عمل مؤثم. تحقق ممارسة البغاء ولو ارتكب الفعل مرة واحدة. المادة 9 من القانون رقم 10 لسنة 1960.
2 - مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز. بغاء. اعتباره فجوراً إذا مارسه الرجل ودعارة إذا مارسته الأنثى.
(3) إثبات "بوجه عام" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
كفاية الحكم بالإدانة رداً على أوجه الدفاع الموضوعية. أساس ذلك؟
1 - يبين من نص الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961، أنه يؤثم حالتين أولاهما تأخير أو تقديم منزل أو مكان لإدارته للفجور أو الدعارة مع العلم بذلك وهي ما يلزم لقيامها علم المؤجر أو مقدم المكان بأنه سيدار للفجور أو الدعارة وأن يدار بالفعل لهذا الغرض على وجه الاعتياد. وثانيهما تأجير أو تقديم منزل أو مكان لسكنى شخص أو أكثر لممارسة البغاء فيه مع العلم بذلك, هو ما لا يتطلب تكرار الفجور أو الدعارة فيه بالفعل، ذلك أن الممارسة لا تعني سوى ارتكاب الفعل ولو لمرة واحدة.
2 - البغاء كما هو معرف به في القانون هو مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز فإن ارتكبه الرجل فهو فجور وإن قارفته الأنثى فهو دعارة، ومن ثم فإن النص ينطبق سواء مارس البغاء بالشقة المؤجرة رجل أو أنثى متى علم المؤجر بذلك.
3 - إن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قدم المسكن المبين بالمحضر مفروشاً للغير لارتكاب الفحشاء به نظير أجر يتقاضاه مع علمه بذلك. وطلبت معاقبته بالمادة 9 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً والغلق لمدة ثلاثة أشهر. فاستأنف، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تأجير مسكن لممارسة الدعارة فيه مع علمه بذلك قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب ذلك بأن الواقعة التي دين عنها - على فرض صحتها - غير مؤثمة لانتفاء علمه بممارسة الدعارة في الشقة المؤجرة بالنص في عقد الإيجار على عدم ارتكاب فعل مخل بالآداب فيها وبعدم توافر ركن العادة المكون للجريمة، هذا إلى أن الطاعن أثار في دفاعه أن إحدى السيدتين المضبوطتين صديقة أحد المستأجرين والأخرى زميلتها وليسا داعرتين. ورغم جوهرية هذا الدفاع، فإن الحكم لم يعرض له إيراداً ورداً، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن ضابط قسم مكافحة جرائم الآداب العامة علم من تحرياته السرية أن الطاعن يؤجر بعض الشقق المفروشة للغير بقصد ارتكاب الدعارة فيها مع علمه بذلك وبعد استئذان النيابة العامة انتقل ومعه زميلان له وقوة من رجال الشرطة السريين لتفتيش مسكن الطاعن الذي قام بتأجيره للغير لهذا الغرض فألقوا بداخله أربعة رجال ليبين والمتهمة الثانية مختفية أسفل سرير بحجرة النوم مرتدية قميصاً شفافاً وبجوارها ملابسها الداخلية كما ضبطت المتهمة الثالثة مرتدية جلباب رجل بعد أن ألقت بنفسها إلى الطريق من إحدى النوافذ فور مداهمة الشرطة للشقة، وعثر على ملابسها الداخلية بالشقة، وإذ واجهوا هؤلاء بما أسفرت عنه التحريات والضبط اعتراف الرجال منهم باستئجار الشقة من الطاعن لممارسة الدعارة فيها وأن هذا الأخير كان على علم بغرضهم هذا، وأقر اثنان منهم بممارسة الفحشاء مع المتهمين الأخيرتين لقاء أجر وصادقتهما الأخيرتان على ذلك، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود المستأجرين وما جاء على لسان أحدهم من أن الطاعن شاهد في اليوم السابق على الضبط بعض النسوة يغادرون المسكن المؤجر منه دون أن يبدي اعتراضاً على ذلك وأن الشاهد سبق له ممارسة الفحشاء في ذات المسكن من ستة أشهر سابقة على يوم الضبط ومن اعتراف المتهمتين الأخيرتين بممارسة الدعارة في هذا المسكن ومن ضبط ملابسهما الداخلية فيه، كما عرض الحكم لتوافر علم الطاعن بممارسة الدعارة في المسكن المؤجر منه فأثبته في حقه بقوله "وبالنسبة للمتهم الأول". "الطاعن" فإن ركن العلم يتوافر في حقه حسبما هو ثابت من أقوال الشهود أنه كان على علم مسبق بالغرض الذي من أجله قاموا باستئجار المسكن منه ولم يعارض في ذلك وما قدماه من أجرة مرتفعة لهذا الغرض وهو تدليل سائغ وكاف. ولما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيهاً ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة أو لسكنى شخص أو أكثر إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك". وكان يبين من هذا النص أنه يؤثم حالتين أولاهما تأجير أو تقديم منزل أو مكان لإدارته للفجور أو الدعارة مع العلم بذلك، وهي ما يلزم لقيامها علم المؤجر أو مقدم المكان بأنه سيدار للفجور أو الدعارة وأن يدار بالفعل لهذا الغرض على وجه الاعتياد وثانيهما تأجير أو تقديم منزل أو مكان لسكنى شخص أو أكثر لممارسة البغاء فيه مع العلم بذلك، وهو ما لا يتطلب تكرار الفجور أو الدعارة فيه بالفعل ذلك أن الممارسة لا تعني سوى ارتكاب الفعل ولو لمرة واحدة وفقاً لما ورد بتقرير لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب المرفوع للمجلس في 21 من إبريل سنة 1951 عن مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951 في شأن الدعارة الذي حل محله القانون المطبق رقم 10 لسنة 1961 وبذات الألفاظ بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا لتطبيقه في الإقليمين، لما كان ذلك، وكان البغاء كما هو معرف به في القانون هو مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز فإن ارتكبه الرجل فهو فجور وإن قارفته الأنثى فهو دعارة، ومن ثم فإن النص ينطبق سواء مارس البغاء بالشقة المؤجرة رجل أو أنثى متى علم المؤجر بذلك وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص بأدلة سائغة لها معينها من الأوراق توافر علم الطاعن بأن الغرض من تأجيره الشقة هو ممارسة المستأجرين الفجور فيها، وكان القانون لا يتطلب توافر العادة في هذه الجريمة، فإن منعي الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن قيام سبب آخر لتواجد المتهمتين الأخيرتين بالشقة غير ممارسة الدعارة مع المستأجرين لها، وكان الأصل أنه لا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثره أمامها، ومع هذا وعلى فرض إثارته لهذا الدفاع - فإن بحسب الحكم الرد عليه ما أورده من أدلة الثبوت التي اطمأن إليها لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة القصور في التسبيب يكون على غير سند - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.