أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 126

جلسة 5 من فبراير سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل.

(23)
الطعن رقم 1000 لسنة 47 القضائية

(1، 2، 3) قتل عمد. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "قرائن". شهود". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) حق محكمة الموضوع في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق. لها وزن أقوال الشهود وتقديرها. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير مقبولة.
(2) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني. تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(3) استناد الحكم إلى وجود آثار آدمية بالعصا المضبوطة بمنزل الطاعن. رغم عدم إمكان تحديد نوع فصيلتها. كقرينة معززة ومؤيدة لما ارتكن إليه من أدلة أخرى. لا يعيبه.
1 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة والده المجني عليها على النحو الذي أثاره في أسبابه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال والدة المجني عليها شاهدة الإثبات من أنه الخلاف سابق بين الطاعن وزوجته المجني عليها لزواج الأول بأخرى وإقامة المجني عليها دعوى نفقة وصدور حكم لصالحها ورفعها دعوى تطليق منه، مما أوغر صدره، قرر أن ينتقم لنفسه منها فعقد العزم على قتلها وأعد عصا ثقيلة ينتهي طرفها بقطعة من الحديد وتربص لها في طريق عودتها إلى بلدتها وفاجأها من الخلف وانهال على رأسها ضرباً بالعصا حتى فاضت روحها ثم فر هارباً لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن المجني عليها أصيبت بجرح رضي يبدأ عند الحدبة الجدارية اليمنى ويتجه إلى الخلف وأسفل بطول نحو عشرة سنتمترات ويوجد بمنتصف الجانب الأيمن منه تفرغ طوله نحو سنتيمتر واحد يتجه إلى اليمين وأعلا قليلاً فضلاً عن وجود كسور منخسفة متفتتة بعظام الجمجمة تحت ذلك الجرح، كما أصيب بسجح رضي في مساحة 2 + 5 سنتيمتر بمنتصف مقدم الجبهة وأن الإصابات الموصوفة برأس المجني عليها هي إصابات رضية حيوية تنشأ من المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصا بها قطعة حديدية والوفاة إصابة تعزي إلى كسور الجمجمة وتهتك المخ ونزيف على سطحه وأنه من الممكن حصول الحادث حسب التصوير الوارد بمذكرة النيابة المستقى من أقوال الشاهدة الأولى وكان قول الحكم - في مجال الرد على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني - أن والدة المجني عليها رددت في جميع مراحل التحقيق أن المتهم للطاعن - ضرب المجني عليها عدة ضربات على رأسها بعصا في نهايتها قطعة من الحديد وجاء التقرير الفني مؤيداً ذلك القول مثبتاً وجود كسور منخسفة بعظام الجمجمة وسحج رضي بمنتصف مقدم الجبهة ومؤكداً أن هذه الإصابات تنشأ عن المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل العصا المضبوطة بمسكن المتهم من شخص يقف خلفها وقريباً منها وهذا الذي رد به الحكم على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني كاف وسائغ ولا ينازع في أن له أصله في الأوراق ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تقرير المعامل من وجود أثار دماء آدمية بالعصا المضبوطة بمنزل الطاعن. وإنما استندت إلى تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم أن عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من تقرير المعامل دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبل الطاعن - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضاً موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل.......عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتلها وأعد لهذا الغرض عصا في نهايتها قطعة من الحديد وترصدها في الطريق الذي أيقن مرورها منه ولما ظهر بها انهال عليها ضرباً بالعصا على رأسها قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. وادعت (والدة المجني عليها) مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.......إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول - فيما عول عليه - على أقوال والدة المجني عليها رغم ثبوت عدم تواجدها بمحل الحادث وقت وقوعه وتعارض أقوالها مع الدليل الفني لأن مفاد أقوال الشاهدة تعدد الضربات برأس المجني عليها في حين أن الثابت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليها كانت نتيجة ضربة واحدة بما يشكك في الدليل المستمد من أقوالها، وقد رد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الطاعن من دفاع جوهري في هذا الشأن بما لا يصلح رداً، هذا إلى أن الحكم استند إلى تلوث العصا المضبوطة بمنزل الطاعن بعد عدة أيام من وقوع الحادث - بآثار دماء آدمية في حين أنه كان يتعين للأخذ بها كدليل ثبوت أنها من فصيلة دماء المجني عليها وهو الأمر الذي يتحقق لعدم كفاية تلك الآثار لفحص الفصائل وأن كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال والدة المجني عليها والضابطين..... و...... ومن تقرير الصفة التشريحية، وتقرير المعامل، وهي أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال للشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة والدة المجني عليها على النحو الذي أثاره في أسبابه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال والدة المجني عليها شاهدة الإثبات من أنه الخلاف سابق بين الطاعن وزوجته المجني عليها لزواج الأول بأخرى وإقامة المجني عليها دعوى نفقة عليه وصدور حكم لصالحها ورفعها دعوى تطليق منه، مما أوغر صدره، قرر أن ينتقم لنفسه منها فعقد العزم على قتلها وأعد عصا ثقيلة ينتهي طرفها بقطعة من الحديد وتربص لها في طريق عودتها إلى بلدتها وفاجأها من الخلف وانهال على رأسها ضرباً بالعصا حتى فاضت روحها ثم فر هارباً لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن المجني عليها أصيبت بجرح رضي يبدأ عند الحدبة الجدارية اليمنى ويتجه إلى الخلف وأسفل بطول نحو عشرة سنتيمترات ويوجد بمنتصف الجانب الأيمن منه تفرع طوله نحو سنتيمتر واحد يتجه إلى اليمين وأعلا قليلاً فضلاً عن وجود كسور منخسفه متفتتة بعظام الجمجمة تحت ذلك الجرح، كما أصيب بسحج رضي في مساحة 2 × 5 سنتيمتر بمنتصف مقدم الجبهة، وأن الإصابات الموصوفة برأس المجني عليها هي إصابات رضية حيوية تنشأ من المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصا بها قطعة حديدية والوفاة إصابية تعزي إلى كسور الجمجمة وتهتك المخ ونزيف على سطحه وأنه من الممكن حصول الحادث حسب التصوير الوارد بمذكرة النيابة المستقى من أقوال الشاهدة الأولى وكان قول الحكم - في مجال الرد على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني - أن والدة المجني عليها رددت في جميع مراحل التحقيق أن المتهم للطاعن - ضرب المجني عليها عدة ضربات على رأسها بعصا في نهايتها قطعة من الحديد وجاء التقرير الفني مؤيداً ذلك القول مثبتاً وجود كسور منخسفة بعظام الجمجمة وسحج رضي بمنتصف مقدم الجبهة ومؤكداً أن هذه الإصابات تنشأ عن المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل العصا المضبوطة بمسكن المتهم من شخص يقف خلفها وقريباً منها وهذا الذي رد به الحكم على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني كافٍ وسائغ ولا ينازع الطاعن في أن له أصله في الأوراق ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تقرير المعامل من وجود أثار دماء آدمية بالعصا المضبوطة بمنزل الطاعن، وإنما استندت إلى تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من تقرير المعامل دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبل الطاعن - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضاً موضوعاً.