مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 6

(2)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ومحمد عبد الرازق خليل وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 651 لسنة 28 القضائية

دعوى - قرار إداري - وقف التنفيذ - طلب وقف التنفيذ - اقترانه بطلب إلغاء - مدى تحققه - يشترط لقبول طلب وقف تنفيذ القرار الإداري اقترانه بطلب إلغائه وإلا غدا غير مقبول شكلاً - هذا الشرط يتحقق في كل حالة يتضمن فيها طلب وقف التنفيذ معنى إعدام القرار وتجريده من كل أثر قانوني أياً كانت الألفاظ المستعملة للدلالة على هذا المعنى - إقامة المدعي دعوى مستهدفاً بها إلغاء قرار محافظ الإسكندرية بإزالة تعدي المدعي إدارياً على أرض النزاع وانطواؤها على طلب برد حيازته لهذا العقار ومنع التعرض له - هذه الدعوى تكون قد طويت على طلب وقف التنفيذ والإلغاء في آن واحد بعد أن أقامها في الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء - الحكم بقبول طلب وقف التنفيذ - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21 من مارس سنة 1982 أودع الأستاذ محمد خيري محمود شريف المحامي نائباً عن الأستاذ محمود الانبابي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد عبد اللطيف عبده أبو العلا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 651 لسنة 28 القضائية ضد:
1 - محافظ الإسكندرية.
2 - محمد حسين عقيل بهجت، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 21 من يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 1281 لسنة 34 "ق" المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما الذي قضى بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظرها مجدداً أمام دائرة أخرى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل مجدداً في طلب إثبات الحالة وإبقاء الفصل في المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3 من يناير سنة 1983 ثم قررت الدائرة بجلسة 4 من إبريل سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 7 من مايو سنة 1983 وتداول نظر الطعن أمام المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة أول أكتوبر سنة 1983، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن أصدرت الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 23/ 5/ 1979 أقام عبد اللطيف عبده أبو العلا الدعوى رقم 1624 لسنة 1979 مدني مستعجل أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة ضد محافظ الإسكندرية بصفته ومحمد حسين عقيل بهجت طالباً الحكم:
أولاً: برد حيازته لعقار النزاع ومنع تعرض المدعى عليه الأول له.
ثانياً: إثبات حالة العقار موضوع النزاع والتلفيات التي أحدثها المدعى عليه الأول وتقدير التعويض الذي يستحقه لإعادة العقار إلى أصله وما فاته من كسب وما لحقه من خسارة وحفظ سائر حقوقه مع إلزام المدعى عليه الأول المصاريف وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وجاء في بيان الدعوى أن المدعى عليه الأول عين حارساً قضائياً على قطعة الأرض التي يحوزها المدعي بشارع بور سعيد بالشاطبي المبينة بصحيفة الدعوى وقد صدر حكم الحراسة بتاريخ 19/ 12/ 1950، في الدعوى رقم 1581 لسنة 1950 مدني مستعجل محدداً مأمورية الحارس باستغلال الأرض وإدارتها وتحصيل ريعها وإيداع صافيه خزانة محكمة الإسكندرية الكلية وتقديم تقرير مؤيد بالمستندات إلى قلم كتاب محكمة الأمور المستعجلة في نهاية كل ستة شهور عن أعمال الحراسة إلى أن ينقضي النزاع حول الملكية رضاء أو قضاء وقد صدر هذا الحكم في مواجهة مالك الأرض - المدعى عليه الثاني - الذي صدر لصالحه أيضاً حكم مستعجل في الدعوى رقم 343 لسنة 1951 بتاريخ 25/ 4/ 1951 بقبول طلب شهر عريضة دعواه رقم 7775 لسنة 1950 الخاصة بإثبات عقد البيع المؤرخ في 11/ 12/ 1909 وثبوت ملكيته لقطعة الأرض المذكورة، وكان المدعي يحوز الجزء الجنوبي الغربي من هذه الأرض بعد شرائها من المدعى عليه الثاني ويتخذها جراجاً لسيارته ومكتباً لإدارة أعماله ورغم وضع يده على الأرض بشكل هادئ مستقر منذ تاريخ شرائها في 1/ 1/ 1975 فقد أصدر المدعى عليه الأول القرار رقم 70 لسنة 1979 في 14/ 4/ 1979 بإزالة الجراج والمكاتب الخاصة بالمدعي وتم سلب حيازته وهدم المكاتب وإحداث تلفيات جسيمة بالعقار بمقولة إن الأرض من أملاك الدولة وأنها خصصت لنقابة المهندسين لإقامة مقر لها عليها ونظراً إلى أن المدعى عليه الأول بوصفه حارساً قضائياً على أرض النزاع لا يملك إصدار مثل هذا القرار فمن أجل ذلك أقيمت هذه الدعوى للحكم بالطلبات المقدمة.
وبجلسة 28/ 5/ 1980 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، ونفاذاً لذلك قيدت الدعوى أمام المحكمة برقم 1281 لسنة 34 القضائية وفي مرحلة تحضيرها أمام هيئة مفوضي الدولة قرر السيد مفوض الدولة بتاريخ 2/ 10/ 1980 ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 770 لسنة 33 القضائية المرفوعة من الطاعن بطلب إلغاء القرار المقام في شأنه الدعوى المحالة. كما قدم الحاضر عن الطاعن أمام المحكمة عند نظر الدعوى المحالة بجلسة 10/ 12/ 1981 مذكرة بدفاعه ضمنها الإشارة إلى دعوى الإلغاء رقم 770 لسنة 33 القضائية منوهاً بقرار ضمها إلى الدعوى المنظورة. وبجلسة 21/ 1/ 1982 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها استناداً إلى نص المادة 49 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة الذي يستوجب لقبول طلب وقف التنفيذ اقترانه بطلب الإلغاء ولأن المدعي لم يبادر إلى تعديل طلباته أمام المحكمة على النحو الذي يتحقق به هذا الاقتران طبقاً لقانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة حاصل الأول منها أن الطاعن أقام الدعوى رقم 770 لسنة 33 القضائية بطلب إلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مراعياً المواعيد والإجراءات المقررة لذلك في قانون مجلس الدولة، وقد ضمت هذه الدعوى إلى الدعوى المحالة رقم 1281 لسنة 34 القضائية كما أبدى المدعي في مذكراته أمام هيئة مفوضي الدولة وأمام المحكمة المطعون في حكمها دفاعه المتعلق بالدعويين المضمومتين، وما دامت كلاهما قد أقيمت في المواعيد المقررة قانوناً فإن طلب وقف التنفيذ الذي تضمنته الدعوى المحالة يكون قد اقترن بطلب الإلغاء على الوجه المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة ويضحى الحكم المطعون فيه بناء على ذلك مخالفاً للواقع والقانون، ومبنى السبب الثاني للطعن أن الحكم المطعون فيه قد خلا من أية إشارة إلى موضوع الدعوى رقم 770 لسنة 33 القضائية المنضمة إلى الدعوى المحالة على ما سبق البيان الأمر الذي يعد تجاهلاً للدعوى الأولى بغير بيان الأسباب وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب. ووجه الطعن الثالث أن المحكمة المطعون في حكمها قامت بفصل القضية رقم 770 لسنة 33 القضائية عن القضية المحالة المضمومة إليها، دون اتباع الإجراءات المنظمة لهذه الحالات مما ترتب عليه صدور الحكم المطعون فيه، مخالفاً للواقع وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 ومتضمناً إخلالاً بحق الطاعن في إبداء دفاعه.
ومن حيث إن الطاعن قدم أثناء نظر الطعن مذكرة عقب فيها على تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن مضيفاً إلى أسباب طعنه أن الحكم المطعون فيه لم يتناول بقضائه طلباته الأخرى في الدعوى المحالة، كما قدم شهادة رسمية مستخرجة من جدول محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ثابت فيها أن الدعوى رقم 770 لسنة 33 القضائية مرفوعة من الطاعن ضد محافظ الإسكندرية بتاريخ 9/ 6/ 1979 بطلب إلغاء القرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 14/ 4/ 1979 واعتباره كأن لم يكن مع التعويض المناسب.
ومن حيث إن المادة 49 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها" ومن ثم كان من شروط قبول طلب وقف تنفيذ القرار الإداري اقترانه بطلب إلغائه وإلا غدا غير مقبول شكلاً، وهذا الشرط يتحقق على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - في كل حالة يتضمن فيها طلب وقف التنفيذ معنى إعدام القرار وتجريده من كل أثر قانوني أياً كانت الألفاظ المستعملة للدلالة على هذا المعنى لأنه هو بذاته جوهر الإلغاء وفحواه طبقاً لأحكام قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك فإن الدعوى المحالة الصادر فيها الحكم المطعون فيه وقد استهدفت قرار محافظ الإسكندرية رقم 70 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 14/ 4/ 1979 بإزالة تعدي المدعي إدارياً على أرض النزاع، وانطوت على طلب برد حيازته لهذا العقار ومنع التعرض له - هذه الدعوى - ومنذ تاريخ إقامتها أمام القضاء المستعجل في 23/ 5/ 1979 تكون قد طويت على طلبي وقف التنفيذ والإلغاء في آن واحد بالمعنى المقصود في المادة 49 من قانون مجلس الدولة، وذلك أن مقتضى إلغاء القرار المطعون فيه إجابة المدعي إلى طلبه وبهذه المثابة تستوي دعوى المدعي أمام المحكمة المطعون في حكمها مستوفية الشرط الذي استلزمه القانون في شأن اقتران طلب وقف تنفيذ القرار الإداري بطلب إلغائه، فإذا أضيف إلى ما تقدم أن هذه الدعوى قد أقيمت في الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء وصادفت إحالتها من القضاء المستعجل إلى المحكمة المطعون في حكمها دعوى قائمة قانوناً بطلب إلغاء قرار محافظ الإسكندرية رقم 70 لسنة 1979 موضوع النزاع، فإن طلب وقف التنفيذ الذي تضمنته الدعوى المحالة يضحى مقبولاً شكلاً ويتعين الحكم بذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير ما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون تأويلاً وتطبيقاً، كما أنه بإغفاله التصدي لطلبات المدعي الأخرى في شأن إثبات حالة عقار النزاع يكون قد شابه خطأ آخر يصمه بالقصور في التسبيب مما يستوجب القضاء بإلغاء هذا الحكم وبقبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه شكلاً وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه شكلاً وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات حتى يفصل في الدعوى.