مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 19

(4)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد عبد الرازق خليل وحسن حسنين علي - المستشارين.

الطعن رقم 1391 لسنة 29 القضائية

1 - ملاهي - ترخيص في الاستغلال.
مفاد نص م 2/ 1 من قانون رقم 372 لسنة 1956 أن الأصل هو عدم جواز إقامة أو إدارة ملاه إلا في الجهات أو الأحياء أو الشوارع التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشئون البلدية والقروية بناء على اقتراح المجالس البلدية - الفقرتان الثانية والثالثة من المادة السابقة أردفتا استثناءين على هذا الأصل - المستفاد من نص الفقرة الثالثة من ذات المادة أن الاستثناء المنصوص عليه منها منوط بأن يكون الملهى ملحقاً بالعقار الذي تشغله الهيئة أو الجمعية أو المدرسة وألا يستغل الملهى في أغراض تجارية - نطاق الاستثناء المنصوص عليه في م 43 من القانون السابق والذي تتمتع به الملاهي المرخص بها عند العمل بهذا القانون مقصور على الاستثناء من أحكام الفقرة الأولى من المادة الثانية - ولكنها تخضع فيما عدا ذلك لسائر أحكام القانون والقرارات المنفذة له - تطبيق.
2 - مسارح - ترخيص في الاستغلال - اختصاص.
المجلس الشعبي للحي لا يملك إصدار قرار نهائي في هذا الشأن (الترخيص في استغلال المسرح) - الجهة المختصة قانوناً بالترخيص في إدارة المسرح وتشغيله هي المجلس التنفيذي للحي برئاسة رئيس الحي - أساس نص م 2 من قانون 43 لسنة 79 وم 7 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979.
3 - مسارح - ترخيص في الاستغلال.
مفاد نص م 5، 6 من قانون 372 لسنة 1956 أن الميعاد المنصوص عليه في م 6 والذي بفواته يعتبر الطلب (طلب الترخيص) في حكم الموافقة عليه لا يبدأ إلا من تاريخ أداء رسم المعاينة - هذا الرسم لا يؤدى إلا بعد أن يقدم طلب الترخيص مشتملاً على الأوراق والخرائط والرسومات المتطلبة قانوناً وقبول الإدارة المختصة للطلب بصفة مبدئية - حكم م 6 (الخاص بالميعاد السابق) مقيد بعدم الإخلال بأحكام المادة الثانية من ذات القانون.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق السادس من إبريل سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن الطاعنين - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 24 من مارس سنة 1983 في الدعويين رقمي 1345، 1435 لسنة 37 قضائية والقاضي: -
أولاً: بقبول تدخل نقابة المهن السينمائية ونقابة المهن التمثيلية واتحاد النقابات الفنية خصوماً منضمين إلى المدعي.
ثانياً: بعدم قبول تدخل أحمد أحمد علي الجاروفي والمجلس الأعلى للثقافة وإلزامهما بمصروفات تدخلهما في الدعوى.
ثالثاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبجلسة 2/ 5/ 1983 نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة أول أكتوبر سنة 1983، وقد نظرت المحكمة الطعن في هذه الجلسة وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن السيد/ فيصل علي محمد ندا كان قد أقام الدعوى رقم 1345 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 29/ 12/ 1982 اختصم فيها كل من محافظ القاهرة ووزير الدولة للشئون الاجتماعية طالباً الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس حي جنوب القاهرة رقم 85 لسنة 1982 الصادر في 14/ 12/ 1982 بغلق مسرح هدى شعراوي الذي قدم طلب للترخيص له في استغلاله بتاريخ 20/ 5/ 1982. وثانياً: في الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام الإدارة بالمصروفات كما أقام المدعي بتاريخ 2/ 1/ 1983 الدعوى رقم 1435 لسنة 37 ق بذات الطلبات مختصماً فيها وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة ومحافظ القاهرة. ثم اختصم بعد ذلك رئيس حي جنوب القاهرة الذي أصدر القرار المطعون فيه وبجلسة 20/ 1/ 1983 نظرت محكمة القضاء الإداري الشق المستعجل في الدعوى، وقررت ضم الدعويين المشار إليهما ليصدر فيهما حكم واحد لوحدة الموضوع والخصوم.
وفي هذه الجلسة طلب السيد/ أحمد أحمد علي الجاروفي قبول تدخله خصماً منضماً للحكومة في طلب رفض الدعوى تأسيساً على أنه يستغل مسرحاً مؤجراً له من وزارة الثقافة باسم المسرح المصري وهو ذات الاسم الذي أطلقه المدعي على المسرح موضوع الدعوى ومن ثم يكون قد اعتدى على حقه الثابت في الاسم التجاري للمسرح.
كما طلب المجلس الأعلى للثقافة اعتباره خصماً منضماً للحكومة باعتباره مالكاً للمسرح المؤجر للسيد/ أحمد أحمد علي الجاروفي كذلك طلبت كل من نقابة المهن السينمائية ونقابة المهن التمثيلية واتحاد النقابات الفنية قبول تدخلها انضمامياً للمدعي في طلباته.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن جمعية هدى شعراوي للهيئة النسائية اتجهت إلى تأجير مسرح الجمعية، وبجلسة 4/ 1/ 1982 وافق مجلس إدارة الجمعية على مبدأ التأجير على أن يتضمن عقد الإيجار الشروط التي طلبتها مديرية الشئون الاجتماعية بجنوب القاهرة ومنها أن تجرى البروفات والعروض المسرحية بعد انتهاء اليوم الدراسي لمدرسة هدى شعراوي التي يقع المسرح في مبناها وأن تكون المسرحيات اجتماعية هادفة.
وشكل المجلس لجنة قامت باختيار حجرات غير تلك الملحقة بالمسرح لتستخدم في الدراسة بالمدرسة، وبعد مناقشة الإدارة العامة للجمعيات مع الجمعية اشتراطات عقد الإيجار وإدخال بعض التعديلات عليه.
قامت الجمعية بنشر إعلان في 26، 27 فبراير سنة 1982 بالجرائد عن تأجير المسرح فتقدم المدعي بعطائه، وبجلسة 15/ 3/ 1982 وافق مجلس إدارة الجمعية على قبول عطاء المدعي لأنه أصلح العطاءات.
وبتاريخ 17/ 5/ 1982 حررت الجمعية عقد إيجار المسرح للمدعي. وبتاريخ 19/ 2/ 82 انعقدت الجمعية العمومية لجمعية هدى شعراوي وانتخبت مجلس إدارة جديد. وتقدم المدعي إلى الإدارة المختصة بحي جنوب القاهرة للترخيص له في استغلال المسرح وإدارته وذلك بتاريخ 20/ 5/ 1982، وكان مجلس إدارة الجمعية الجديد قد وافق على عقد الإيجار بجلسة 24/ 5/ 1982، كما وافق المجلس الشعبي المحلي لحي جنوب القاهرة على منح المدعي الترخيص بجلسة 8/ 8/ 1982، وكذلك وافقت مديرية الأمن على استخراج الترخيص بكتابها المؤرخ 6/ 10/ 1982 إلا أنه في هذه الأثناء أصدر نائب محافظ القاهرة القرار رقم 21 في 2/ 10/ 1982 بحل مجلس إدارة الجمعية وبتشكيل مجلس مؤقت لها، وأرسلت وزارة الشئون الاجتماعية إلى المجلس الشعبي المحلي للحي كتاباً في 15/ 2/ 1982 للعدول عن توصيته باستخراج الترخيص للمدعي.
واستطرد المدعي أنه نظراً لمضي المدة التي اعتبر القانون فواتها قرينة على موافقة الإدارة على موقع المسرح، فقد استمر المدعي في الإنفاق على المسرح وتجهيزه بل وأعلن عن افتتاحه في 15/ 2/ 1981، إلا أنه فوجئ بقوة من الشرطة تقتحم المسرح وتغلقه تنفيذاً للقرارين المطعون فيهما على أساس أنه أدير بدون ترخيص بالنسبة لقرار مجلس الحي وعلى أساس استخدام الإدارة لسلطتها في وقف تنفيذ قرارات الجمعية بالنسبة لوزارة الشئون الاجتماعية وذلك على الرغم من مضي المدة المحددة للاعتراض على موقع المسرح وموافقة المجلس الشعبي المحلي في 8/ 8/ 1982 وموافقة مديرية أمن القاهرة في 4/ 10/ 1982، وموافقة الحي على إقامة كشك لتغذية المسرح بالكهرباء، وموافقة إدارة الإسكان بالحي على الترخيص وفقاً لما جاء بكتاب رئيس الحي المرسل لنائب المحافظ في 7/ 12/ 1982، وموافقة وزارة الشئون الاجتماعية التي يدل عليها اعتمادها لمحاضر مجلس إدارة الجمعية، وعلى الرغم أيضاً من أن مواعيد العمل بالمسرح تبدأ بعد انتهاء الدراسة بمدرسة هدى شعراوي وغيرها من دور العلم المجاورة وأن تأجير الجمعية للمسرح لا يعد عملاً تجارياً لأنها لا تمارس نشاطاً بذاتها، ومع أن المسرح يعد جزءاً من مبنى الجمعية وليس جزءاً من مبنى المدرسة، وأن رواد المسرح لن يشاركوا طلاب المدرسة في دورة المياه لاختلاف المواعيد ولأن المدعي ملتزم بإنشاء دورات مياه خاصة بالمسرح. كذلك فإنه لا يجوز التمسك بشرط المسافة فيما بين المسرح ودور الثقافة المجاورة لاختلاف مواعيد العمل.
وبجلسة 24/ 3/ 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بقبول تدخل نقابة المهن السينمائية ونقابة المهن التمثيلية واتحاد النقابات الفنية انضمامياً للمدعي في طلباته على أساس أن القانون رقم 135 لسنة 1978 بإنشاء نقابات المهن التمثيلية السينمائية والموسيقية قد خول تلك النقابات النهوض بالمهنة ورعاية مصالح أعضائها وخول الاتحاد الاشتراك في بحث المسائل التي تهم تلك النقابات ولما كانت المسائل المثارة في الدعوى والوقائع الملابسة لها تصل بها إلى حد من العموم والشمول يمس مصالح الجماعات المنتمية إلى هاتين النقابتين والاتحاد بحيث يهمهما ألا يصدر فيها حكم قد يكون سابقة تضر بمصلحتهم جميعاً فإن ذلك لما يبرر تمثيل النقابتين والاتحاد في الدعوى لرعاية هذه المصلحة الجماعية. أما بالنسبة إلى رفض طلب تدخل السيد/ أحمد أحمد علي الجاروفي انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية وكذلك طلب تدخل المجلس الأعلى للثقافة فقد بنت المحكمة قضاءها برفض الطلبين على أساس أنه في حقيقة الأمر لا يعدو أن يكون طلباً بإلغاء تسمية المسرح الخاص بالمدعي بالمسرح المصري. وهو طلب مستقل يخرج تماماً عن موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة التي تتعلق بترخيص استغلال المسرح ومن ثم لا يعتبر طلب التدخل مرتبطاً بالدعوى ولا متصلاً بها.
وأقامت المحكمة قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، على أساس أنه ولئن كان القانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي قد حظر في مادته الثانية إقامة أو إدارة ملاهي إلا في الجهات والأحياء المصرح فيها بإقامتها وإدارتها ومنع في مادته الثالثة إقامة أو إدارة ملهى إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك - إلا أنه بعد ذلك سلك بالنسبة لكل من إقامة الملهى واستغلاله مسلكاً مختلفاً فخص إقامة الملهى بأحكام مغايرة لتلك التي يخضع لها استغلاله، وبقى على أحكام إقامة الملهى في المواد من 4 إلى 13 التي تضمنت شرط الموقع وتقديم الرسومات والموافقة عليها والاشتراطات العامة والخاصة به وكيفية التقدم بطلب الترخيص والمدد التي ثبت الإدارة خلالها في الطلب والرسوم المستحقة عليه. أما أحكام استغلال الملهى فقد نصت عليها المادة 14 من القانون فقضت بأنه لا يجوز لأي شخص أن يستغل ملهى أو أن يعمل به مديراً أو مشرفاً على أعمال فنية إلا بعد حصوله على ترخيص خاص في ذلك بعد أداء الرسوم... ويسري حكم المادة السابقة على الترخيص الخاص المنصوص عليه في هذه المادة ومنعت المادة 13 من القانون منح الترخيص للمحكوم عليهم بعقوبة جنائية للمحكوم عليهم في جريمة مخلة بالأمانة أو الشرف والمحكوم عليهم في جريمة حكم بسبب وقوعها بإغلاق الملهى مدة ثلاث شهور ولم تمض ثلاث سنوات على صدور الحكم بالعقوبة. كما سلك قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 425 لسنة 1957 بتنفيذ بعض أحكام هذا القانون ذات المسلك ففرق في الحكم بين إقامة الملهى واستغلاله وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه لا يجوز الخلط بين الترخيص بإقامة الملهى والترخيص في استغلاله بما يؤدي إلى تطبيق أحكام أي منهما على الآخر واستطردت المحكمة أن المستفاد من ظاهر الأوراق أن المسرح الذي صدر القرار المطعون فيه بإغلاقه مقام ومدار لتقديم العروض المسرحية منذ سنة 1932 ومن ثم فإن طلب المدعي المقدم للإدارة للحصول على ترخيص في شأنه - بعد أن استأجره لا يمكن النظر إليه إلا على أنه طلب للترخيص له في استغلال المسرح. ولما كان هذا النوع من التراخيص يعد قيداً على حرية العمل التي لا يجوز تقييدها إلا على سبيل الاستثناء، وإذ حدد المشرع أسباب رفض مثل هذا الطلب بتوافر حالة من الحالات التي نصت عليها المادة 13 من القانون رقم 372 لسنة 1956 المشار إليها، لذا فإن موافقة إدارة الإسكان بالحي المستفادة من كتاب رئيس الحي المقدم ضمن مستندات الإدارة ذاتها والمرسل إلى نائب المحافظ في 7/ 12/ 1982 على منح الترخيص المطلوب يكون قد صادف بحسب الظاهر صحيح حكم القانون، وبالتالي ما كان يجوز للإدارة أن تسحبه باعتباره قراراً مشروعاً أو تلتفت عنه أو تصدر قراراً مناقضاً له كالقرار المطعون فيه والذي تضمن إغلاق الملهى على أساس أنه مدار بدون ترخيص في حين أنه ليس كذلك ولا وجه للحجاج بأن شارع القصر العيني الذي يقع به الملهى غير مصرح فيه بإقامة وإدارة ملاهي للعروض المسرحية وأن مواعيد العمل بالمسرح تتداخل مع مواعيد العمل بدور العلم المجاورة، أو أنه لا يبعد المسافة القانونية عنها، أو أن المدعي لم يرفق بطلبه المستندات والبيانات والرسومات الخاصة بإقامة الملهى وإعداده للعروض المسرحية. ذلك أن تلك الأسباب بفرض قيامها لا تصلح سنداً لرفض طلب الترخيص في استغلال المسرح وإن كانت تقوم سنداً لرفض طلب الترخيص في إقامته. ولما كان الثابت أن المسرح مقام ومعد لتقديم العروض المسرحية قبل العمل بالقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي، وكان هذا القانون قد استثنى في المادة 43 منه الملاهي المرخص بها عند العمل بأحكامه من تطبيق حكم عدم جواز إدارة الملهى إلا في الأماكن المصرح فيها بذلك.
ونص على بقاء رخصتها سارية المفعول. يضاف إلى ذلك أن المدعي التزم في عقد الإيجار بإنشاء دورات مياه خاصة بالمسرح وألا يبدأ العمل به إلا بعد انتهاء مواعيد العمل بدور العلم المجاورة , فقد أضحى قرار الإدارة المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر على أسباب تبرره.
وأردفت المحكمة أنه لا يجدي الإدارة أن تحتج بتعارض تأجير المسرح مع أهداف الجمعية أو بأنه مخصص لنشاط الجمعية والنشاط المدرسي، أو أن العقد تم بإرادة رئيس مجلس الإدارة وأن وزارة التربية والتعليم وإدارة الشئون الاجتماعية بالحي ووزارة الشئون الاجتماعية لم توافق على التأجير - ذلك أنه ولئن كان من شأن ذلك التأثير على حق المدعي في استغلال المسرح - إلا أن هذه الحجج لا تقوم بحسب الظاهر على أساس من الواقع ذلك أن الجمعية لم تباشر النشاط بالمسرح بذاتها ليقال أنها استعملت المسرح فيما يتعارض مع أهدافها وإنما قامت بتأجيره والإيجار تصرف من تصرفات الإدارة التي يجوز للجمعية أداءها كما أن العقد أبرم بعد موافقة سابقة من مجلس الإدارة وموافقة لاحقة كذلك فقد وافقت وزارة التربية والتعليم على التأجير باشتراك مندوبين عنها في اختيار الحجرات اللازمة للمدرسة بدلاً من تلك الملحقة بالمسرح كما وأن إدارة الشئون الاجتماعية بالحي وكذلك الوزارة لم تعترضا على مبدأ التأجير في أي وقت وإنما أيدتاه.
وإذا كان المدعي قد تقدم في 7/ 6/ 1982 بطلب للإدارة يلتمس فيه إضافة شارع القصر العيني إلى الجهات المصرح فيها بإقامة ملاهي فإن ذلك لا يدل على أن الإدارة لم توافق على منحه الترخيص أو على أنه كان ينوي استغلال المسرح وافتتاحه قبل الحصول على الترخيص طالما أن الإدارة المختصة بالحي قد وافقت بالفعل على منحه الترخيص المطلوب. وانتهت المحكمة إلى أن طلب المدعي وقف تنفيذ القرار المطعون منه يتوافر له ركن الجدية بالإضافة إلى ركن الاستعجال المتمثل فيما يلحق المدعي من جراء الاستمرار في تنفيذ القرار من أضرار مادية وإرباك لالتزاماته المالية فضلاً عن توقف عدد غير قليل ممن تعاقدوا معه عن العمل وانقطاع مورد رزقهم، الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه - حسبما يبين من تقرير الطعن والمذكرات اللاحقة - يقوم على ما يأتي: -
أولاً: أن الحكم المطعون فيه لم يستخلص الوقائع الصحيحة في الدعوى من واقع المستندات المقدمة للمحكمة، فقد ورد بالحكم أن الإدارة الاجتماعية بحي جنوب القاهرة وافقت على تأجير المسرح للمطعون ضده الأول وأن وزارة الشئون الاجتماعية لم تعترض على مبدأ التأجير وأن إدارة الإسكان بحي جنوب القاهرة وافقت على إصدار الترخيص بإدارة المسرح وأن المجلس الشعبي المحلي بحي جنوب القاهرة قد وافق بتاريخ 8/ 8/ 1982 على منح الترخيص للمطعون ضده الأول، ولكن الثابت من المستندات والأوراق المطروحة في الدعوى أنه منذ عام 1975 والإدارة الاجتماعية لحي جنوب القاهرة ووزارة الشئون الاجتماعية معترضة على تأجير مسرح جمعية هدى شعراوي لأية فرقة أهلية لتعارض ذلك مع أهداف الجمعية ونشاطاتها وتأثيره على أوضاع الجمعية وعلى المدرسة الملحقة بمبنى الجمعية والتابعة لوزارة التربية والتعليم والثابت أن الإدارة الاجتماعية لجنوب القاهرة أرسلت إلى الجمعية الخطاب رقم 4398 في 24/ 5/ 1982 تخطرها فيه أنه نما إلى علمها أن رئيسة مجلس الإدارة قامت بتأجير المسرح إلى المطعون ضده بتاريخ 17/ 5/ 1982 وأبدت عدم موافقتها على ذلك وأردفت هذا الخطاب بإنذار للجمعية مؤرخ 30/ 5/ 1982. وإزاء إصرار مجلس إدارة الجمعية على تأجير المسرح أصدر نائب محافظ القاهرة قراره رقم 21 لسنة 1982 بتاريخ 2/ 10/ 1982 بحل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مجلس إدارة مؤقت لها. كذلك فإن منطقة الإسكان بالحي قد أبدت عدم موافقتها على الترخيص بكتابها المؤرخ 22/ 9/ 1982 والموجه إلى مدير التخطيط بالحي، وكذا بمذكرتها المؤرخة 14/ 12/ 1982 المرفوعة إلى رئيس الحي، أما فيما يتعلق بموافقة المجلس الشعبي المحلي بحي جنوب القاهرة على منح الترخيص للمطعون ضده، فإنه بالرغم من أن هذا المجلس لم يصدر إلا مجرد توصية في الموضوع بجلسته المنعقدة بتاريخ 8/ 8/ 1982، ورفعت التوصية للمجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة لاعتمادها إلا أن المجلس الشعبي للحي عاد فأرسل خطابه رقم 815 المؤرخ 21/ 10/ 1982 للمجلس الشعبي المحلي للمحافظة يفيد بأنه عندما أوصى بالموافقة على الترخيص للمطعون ضده في إدارة المسرح المذكور لم يكن معروضاً على المجلس أن المسرح تابع للشئون الاجتماعية وأن هذه الوزارة تعترض على تأجيره ولذلك فإن اللجنة الدائمة للمجلس قد أوصت بجلسة 17/ 10/ 1982 بإخطار المحافظة باعتراض وزارة الشئون الاجتماعية لتكون محل دراسة مجلس المحافظة عند النظر في الموضوع. كما أنه عند عرض توصية المجلس المحلي للحي على المجلس التنفيذي بجلسة 26/ 10/ 1982 قرر المجلس رفض الترخيص.
ثانياً: خالف الحكم المطعون فيه أحكام القانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي ذلك أنه خلافاً لما ذهب إليه هذا الحكم فإن شرط الموقع المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون لا يسري فقط على إقامة الملهى وإنما يسري أيضاً على إدارته بمعنى أنه حتى ولو كان هناك ملهى أقيم في مكان غير مصرح فيه بإقامة ملاهي فإنه لا يجوز التصريح بإدارة هذا الملهى لأن شرط الموقع لا يقتصر تطبيقه فقط عند إقامة الملهى وإنما أيضاً عند إدارته كذلك فإن المادة الثالثة من القانون تفيد أنه من غير الجائز إدارة ملهى قائم فعلاً إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك. كما وأن توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 372 لسنة 1956 في طالب إدارة الملهى أو استغلاله لا يكفي وحده لمنحه الترخيص وإنما يتعين فضلاً عن ذلك توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية. بمعنى أنه يتعين لإصدار الترخيص للمستغل أن يكون الملهى المطلوب إدارته في أحد المواقع المصرح فيها بإدارة الملاهي أو استغلالها. وأن تتوافر في طالب الترخيص الشروط المنصوص عليها في المادة 13 من القانون فإذا تخلف أي من هذين الشرطين لا يصرف الترخيص لطالبه.
ثالثاً: غير صحيح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إدارة الإسكان بالحي قد وافقت على منح الترخيص للمطعون ضده وبالتالي ما كان يجوز للإدارة سحب قرارها أو إصدار قرار مناقض له كالقرار المطعون فيه. وذلك أن الثابت من المستندات أن إدارة الإسكان بالحي لم توافق على الترخيص للمذكور، بل أبدت اعتراضها بكتابها المؤرخ 22/ 9/ 1982 الموجه إلى مدير التخطيط بالحي وأيضاً بمذكرتها المرفوعة إلى رئيس الحي في 14/ 12/ 1982.
رابعاً: أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن المشرع استثنى في المادة 43 من القانون الملاهي المرخص بها عند العمل بأحكامه من تطبيق حكم عدم جواز إدارة الملهى إلا في الأماكن المصرح فيها بذلك، ونص على بقاء رخصتها سارية المفعول. ذلك أن الاستثناء الوحيد الوارد في المادة 43 للملاهي المرخص بها عند العمل بأحكام القانون رقم 372 لسنة 1956 والذي يجب ألا يتوسع في تطبيق حكمه باعتباره استثناء من الأصل العام يتحصل في عدم إعمال حكم الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور على هذه الملاهي دون باقي فقرات هذه المادة وسائر أحكام القانون. وإذ كانت الفقرة الثالثة من المادة الثانية من هذا القانون تنص على أنه يجوز الترخيص في إقامة ملاه خاصة بالهيئات والمؤسسات والجمعيات والمعاهد والمدارس متى كانت ملحقة بالعقار الذي تشغله الهيئة أو المؤسسة أو الجمعية أو المعهد أو المدرسة بشرط عدم استغلالها في أغراض تجارية، فمن ثم يحظر على جمعية هدى شعراوي استغلال مسرحها في أغراض تجارية. ولما كانت الفرقة المسرحية للمطعون ضده الأول هي فرقة أهلية هدفها الأساسي هو الربح فإن قيامها بنشاطها على هذا المسرح يعد من قبيل الأعمال التجارية التي حظرتها الفقرة الثالثة من المادة الثانية المشار إليها. ولما كانت المادة 30 من القانون المذكور تنص على إغلاق الملهى إدارياً في حالة مخالفة أحكام المادة 3، أو إذا غير نوع الملهى أو الغرض المخصص له دون الحصول على ترخيص جديد، فضلاً عن أن المسرح لا تتوافر في شأنه شرط المسافة المنصوص عليه في قرار وزير الشئون البلدية والقروية إذ لا يبعد المسافة المقررة عن كلية الصيدلة أو مدرسة التجارة المجاورة له. لذا فإن القرار المطعون فيه يكون قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي تنص على أنه "لا يجوز إقامة أو إدارة ملاه إلا في الجهات أو الأحياء أو الشوارع التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشئون البلدية والقروية بناء على اقتراح المجالس البلدية المختصة بعد حصولها على موافقة المحافظ أو المدير، وكذلك تؤخذ موافقته في الجهات التي ليست بها مجالس بلدية، وتجب موافقة وزارة الداخلية إذا تضمن القرار جهات أو أحياء أو شوارع لا يجوز فيها فتح محال عامة من النوع الأول. ويجوز أن يحدد في القرار عدد الملاهي التي يجوز الترخيص بها وسعة كل منها.
على أن يجوز في غير الجهات أو الأحياء أو الشوارع المنصوص عليها في الفقرة السابقة الترخيص في إقامة ملاه ملحقة بمحال عامة إذا كانت مخصصة بصفة أصلية لرواد هذه المحال وكانت بذات المكان.
كما يجوز الترخيص في إقامة ملاه خاصة بالهيئات والمؤسسات والجمعيات والمعاهد والمدارس متى كانت ملحقة بالعقار الذي تشغله الهيئة أو المؤسسة أو الجمعية أو المعهد أو المدرسة بشرط عدم استغلالها في أغراض تجارية ولوزير الشئون البلدية أو القروية أن يعفي تلك الملاهي من بعض أحكام القانون أو القرارات المنفذة له".
ومفاد ذلك أن الأصل الذي قررته هذه المادة في فقرتها الأولى هو عدم جواز إقامة أو إدارة ملاه إلا في الجهات أو الأحياء أو الشوارع التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشئون البلدية والقروية بناء على اقتراح المجالس البلدية.
غير أن الفقرتين الثانية والثالثة من هذه المادة أردفتا باستثنائين على هذا الأصل، فأجازتا الترخيص في إقامة ملاه في غير الجهات أو الأحياء أو الشوارع المحددة بقرار وزير الشئون البلدية والقروية في حالتين:
1 - الترخيص في إقامة ملاه ملحقة بمحال عامة إذا كانت مخصصة بصفة أصلية لرواد هذه المحال وكانت بذات المكان.
2 - الترخيص في إقامة ملاه خاصة بالهيئات والجمعيات والمدارس والمعاهد متى كانت ملحقة بالعقار الذي تشغله الهيئة أو الجمعية أو المدرسة أو المعهد وبشرط عدم استغلالها في أغراض تجارية.
والبادي بجلاء من نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية السابقة الذكر أن الاستثناء المنصوص عليه فيها منوط بأن يكون الملهى ملحقاً بالعقار الذي تشغله الهيئة أو الجمعية أو المدرسة وألا يستغل الملهى في أغراض تجارية. فإن تخلف أحد هذين الشرطين انتفى وجه الاستثناء وخضع الملهى لحكم الفقرة الأولى التي حظرت إقامة ملهى أو إدارته في غير الأحياء أو الشوارع التي يحددها وزير الشئون البلدية أو القروية.
ومن حيث إنه متى كان المشرع قد اشترط لتمتع الملهى الخاص بالجمعية أو الهيئة أو المدرسة بالاستثناء المنوه عنه، ألا يستغل الملهى في أغراض تجارية. فإن هذا الشرط منظور إليه في ضوء الحظر الأصلي ودواعيه ومبررات الاستثناء منه - يتعين تفسيره وصرف معناه إلى وجوب عدم تشغيل أو استغلال الملهى في أغراض تجارية على أي وجه من الوجوه سواء أكان المستغل في هذه الأغراض هي الجمعية أو الهيئة ذاتها صاحبة الملهى وبطريقة مباشرة أم كان الاستغلال التجاري بواسطة آخر استأجر الملهى من الجمعية أو الهيئة أو خول له حق الانتفاع به. فالحظر في هذه الحالة حظر عيني يرد على الملهى ذاته. وبناء عليه فإنه كقاعدة عامة لا يجوز استغلال الملاهي الخاصة بالهيئات والجمعيات والمعاهد والمدارس والمقامة في شوارع أو أحياء غير تلك المحددة بقرار وزير الشئون البلدية والقروية، في أغراض تجارية، كما لا يجوز لجهة الإدارة المختصة الترخيص في إدارة هذه الملاهي للأغراض التجارية وإلا كان قرارها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 43 من القانون المشار إليه تنص على أنه "تستثنى الملاهي المرخص بها عند العمل بهذا القانون من أحكام الفقرة الأولى من المادة 2 وتظل الرخص الصادرة عنها سارية المفعول. وتطبق باقي أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له على تلك الملاهي خلال سنة من تاريخ العمل به...".
إلا أن البادي من صريح عبارة هذا النص أن نطاق الاستثناء الذي تتمتع به الملاهي المرخص بها عند العمل بهذا القانون (4 مارس سنة 1957) إنما يتحدد فقط في الاستثناء من أحكام الفقرة الأولى من المادة 2 السالفة الذكر، فتعفى هذه الملاهي من شرط الموقع في الأحياء أو الشوارع المحددة بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية، ولكنها تخضع فيما عدا ذلك لسائر أحكام القانون والقرارات المنفذة له. ومقتضى ذلك أنه إذا كان الملهى المرخص به في تاريخ العمل بهذا القانون مملوكاً لهيئة أو جمعية أو مدرسة أو معهد فإنه يخضع لحكم الفقرة الثالثة من المادة 2 المشار إليها فيتعين لاستمرار الترخيص به أن يظل مستوفياً لكل من الشرطين المنصوص عليهما في هذه الفقرة وهي أن يكون الملهى ملحقاً بالعقار الذي تشغله الهيئة أو الجمعية أو المدرسة وألا يستغل الملهى في أغراض تجارية.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل، يبين أن طرفي الخصومة لا يتنازعان في أن شارع القصر العيني الذي يقع به مبنى جمعية هدى شعراوي والمسرح الملحق به ليس من بين الشوارع المصرح بإقامة ملاه فيها، كما أنه لا نزاع في أن هذا المسرح مقام قبل صدور القانون رقم 372 لسنة 1956 المشار إليه.
ومن ثم فإن الترخيص ابتداء بإدارة هذا المسرح أو استمرار الترخيص السابق على تاريخ العمل بالقانون منوط بتوافر الشرطين المنصوص عليهما في الفقرة الثالثة من المادة الثانية من هذا القانون، وهما أن يكون المسرح ملحقاً بمبنى الجمعية، وألا يستغل المسرح في أغراض تجارية بالمعنى السابق إيضاحه.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده الأول بعد أن استأجر المسرح من الجمعية بتاريخ 17/ 5/ 1982 لمدة خمس سنوات بدأ في إعداده وتجهيزه لاستغلاله تجارياً في عرض مسرحيات فرقته الأهلية وشكل لذلك شركة توصية بسيطة قيدت بالسجل التجاري في 28/ 11/ 1982 مما يعتبر في حكم استغلال المسرح في أغراض تجارية تستهدف أساساً الربح وهو الأمر الذي يخالف حكم الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون.
ومن حيث إنه متى استبان مما تقدم حكم القانون في شأن عدم جواز الترخيص للمطعون ضده الأول في إدارة المسرح المذكور واستغلاله استغلالاً تجارياً، فإن الظاهر من الأوراق وحوافظ المستندات المرافقة أنه لم تصدر للمطعون ضده - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - موافقة نهائية من الجهة المختصة قانوناً بالترخيص له في إدارة المسرح وتشغيله وهي المجلس التنفيذي للحي برئاسة رئيس الحي طبقاً لحكم المادة 2 من القانون رقم 43 لسنة 1979 والمادة 7 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي. بل إن البادي من هذه الأوراق أن منطقة إسكان حي جنوب القاهرة (رخص المحلات) أرسلت كتابها المؤرخ 22/ 9/ 1982 إلى مدير التخطيط والمتابعة بالحي يفيد اعتراضها على الترخيص للمطعون ضده باستغلال المسرح المذكور لأن شارع القصر العيني غير مصرح بفتح ملاه فيه فضلاً عن مجاورته لكلية الصيدلة ومدرسة التجارة على أبعاد تقل عن 100 متر ومن ثم لا تتوافر فيه شرط المسافة طبقاً للقرار رقم 698 لسنة 1957. كما أن ثمة خطاباً مؤرخ في 27/ 11/ 1982 موجه إلى نائب محافظ القاهرة من رئيس الحي يفيد رفض المجلس التنفيذي للحي الترخيص للمطعون ضده في استغلال المسرح، ويشير إلى سبق صدور قرار من إسكان حي جنوب القاهرة برفض الترخيص. وأخيراً فقد أخطره نائب المحافظ بتاريخ 5/ 12/ 1982 بأنه رداً على شكواه الموجهة إلى المحافظ من رفض الترخيص له في استغلاله المسرح. فقد تبين من بحث الموضوع أن استغلال المسرح في أغراض تجارية يخالف حكم المادة 2 من القانون رقم 372 لسنة 1956 فضلاً عن أن المسرح يقع بشارع القصر العيني وهو غير مصرح بفتح ملاه فيه بالإضافة إلى عدم توافر شرط المسافة المقررة قانوناً بينه وبين المؤسسات العلاجية ودور العبادة والتعليم وانتهى إخطار نائب المحافظ بالتنبيه على المطعون ضده بعدم مزاولة النشاط على المسرح وإلا طبق حكم القانون بالغلق بالطريق الإداري.
ومن حيث إنه لا يقدح فيما سبق ما يحتج به المطعون ضده - وسايره فيه الحكم المطعون فيه - من موافقة المجلس الشعبي المحلي لحي جنوب القاهرة على الترخيص له في استغلال المسرح بتاريخ 8/ 8/ 1982 - ذلك أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن المجلس الشعبي المحلي للحي قد أوصى فعلاً في هذا التاريخ بالتصريح لمسرح هدى شعراوي لمزاولة النشاط المسرحي لفرقة فيصل ندا - إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد توصية من المجلس الشعبي للحي، ذلك أن المادة 132 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي - معدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 - قد خولت رئيس الوحدة المحلية المختصة الاعتراض على أي قرار يصدر من المجلس الشعبي المحلي بالمخالفة للقوانين أو اللوائح، وفي حالة إصرار المجلس الشعبي المحلي على قراره يعرض الأمر على المجلس الشعبي المحلي للمحافظة لإصدار قرار فيه والثابت من الأوراق أن رئيس حي جنوب القاهرة قد قرر رفض التصريح للمطعون ضده في استغلال المسرح المذكور، كما أنه عند عرض توصية المجلس الشعبي المحلي للحي على المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة، عاد رئيس المجلس الشعبي للحي فأرسل خطابه رقم 815 المؤرخ 21/ 10/ 1982 إلى رئيس المجلس الشعبي المحلي للمحافظة يفيد بأن موضوع استغلال المسرح المذكور عرض على المجلس الشعبي للحي دون توضيح ظروف تبعية المسرح لجمعية خاضعة لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية واعتراض هذه الوزارة على تغيير نشاط المسرح وتأجيره. ولذا فإن اللجنة الدائمة للمجلس الشعبي المحلي للحي أوصت بجلسة 17/ 10/ 1982 بإخطار مجلس المحافظة بما ورد من الشئون الاجتماعية ليكون تحت الدراسة عند صدور قرار المحافظة بالموافقة من عدمه على التوصية السابقة.
ويستفاد من ذلك أن المجلس الشعبي المحلي للحي لا يملك إصدار قرار نهائي في هذا الخصوص فضلاً عن أنه قد تخلى عن توصيته السابقة بعد إعادة عرض الموضوع عليه في ضوء اعتراض وزارة الشئون الاجتماعية على تأجير المسرح للمطعون ضده واستغلاله تجارياً.
كذلك فلا يجدي في التمسك بما نصت عليه المادة السادسة من القانون من وجوب إعلان الطالب بالموافقة على موقع الملهى أو رفضه في ميعاد لا يجاوز خمسة وأربعين يوماً من تاريخ أداء رسم المعاينة وأنه يعتبر في حكم الموافقة على الموقع فوات هذه المدة دون تصدير إخطار للطالب بالرأي مع عدم الإخلال بحكم المادة الثانية من القانون. لا يجدي في ذلك لأن المادة الخامسة من القانون تنص على أن يقدم طلب الترخيص إلى الإدارة العامة للوائح والرخص...... مشتملاً على البيانات ومرافقاً له الأوراق والخرائط والرسومات المنصوص عليها في القرارات المنفذة لهذا القانون. وعلى الجهة المقدم إليها الطلب أن تبدي رأيها في مرفقاته في ميعاد لا يجاوز شهراً من تاريخ وصوله. وفي حالة قبول الطلب بصفة مبدئية يكلف الطالب بأداء رسم المعاينة الذي يصدر بتحديده قرار من وزير الشئون البلدية والقروية.
ومفاد ذلك أن الميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة والذي بفواته يعتبر الطلب في حكم الموافق عليه، لا يبدأ إلا من تاريخ أداء رسم المعاينة، وهذا الرسم لا يؤدى إلا بعد أن يقدم طلب الترخيص مشتملاً على الأوراق والخرائط والرسومات المتطلبة قانوناً وقبول الإدارة المختصة للطلب بصفة مبدئية والبادي من أوراق الطعن ومستنداته أن المطعون ضده ولئن كان قد تقدم بطلبه للجهة الإدارية في 22/ 6/ 1982 إلا أنه لم يخطر بقبول طلبه بصفة مبدئية أو بأداء رسم المعاينة، بل اتجهت إرادة الإدارة إلى رفض الطلب، ومن ثم فإن الميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون لا يبدأ سريانه في هذه الحالة، وفضلاً عن ذلك فإن المادة السادسة المشار إليها قد قيدت اعتبار الطلب في حكم الموافق عليه بفوات الميعاد المذكور - بعدم الإخلال بأحكام المادة 2 من القانون، والمتعلقة بحظر إقامة وإدارة ملاه إلا في الجهات والشوارع المحددة بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية، وحظر استغلال الملاهي الخاصة بالجمعيات والهيئات والمدارس في أغراض تجارية. ومن ثم فإن فوات ذلك الميعاد بفرض سريانه - لا يفيد المطعون ضده طالما كان الأمر يتعلق بملهى يقع في شارع غير مصرح بفتح ملاه فيه، وكان يخص جمعية لا يجوز أن يستغل في أغراض تجارية.
ومن حيث إنه بالبناء على كل ما تقدم، فإن الظاهر من الأوراق والوقائع - في حدود ما يتطلبه بحث طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - ودون إخلال بما قد يسفر عنه بحث الطلب الموضوعي في الدعوى بالإلغاء - أن قرار رفض الترخيص المطعون ضده في إدارة واستغلال مسرح جمعية هدى شعراوي قد قام على أسباب صحيحة موافقة لحكم القانون.
ومن حيث إن المادة 30 من القانون رقم 372 لسنة 1956 المشار إليه تنص على أن "يغلق الملهى إدارياً أو يضبط إذا تعذر إغلاقه في الأحوال الآتية: -
1 - في حالة مخالفة أحكام المادتين 3، 25 والفقرة الأولى من المادة 24.
2 - إذا غير نوع الملهى أو الغرض المخصص له دون الحصول على ترخيص جديد....
وإذا كانت المادة 3 من هذا القانون تنص على أنه لا يجوز إقامة أي ملهى أو إدارته إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك.....
ولما كان إعلان المطعون ضده عن تشغيل المسرح وافتتاحه يوم 15/ 12/ 1982 للاستغلال التجاري دون سبق الحصول على ترخيص بذلك، يندرج في عداد الحالتين المنصوص عليهما في البندين 1، 2 من المادة 30 من القانون المشار إليه، لذا فإن القرار الصادر من رئيس حي جنوب القاهرة رقم 85 لسنة 1982 بتاريخ 14/ 12/ 1982 بغلق مسرح هدى شعراوي حسبما يبين من ظاهر الأوراق والوقائع المطروحة وفي حدود ما يتطلبه بحث الشق العاجل من الطعن - يكون قد قام على سبب صحيح واتفق وحكم القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى خلاف ما تقدم فقضى بوقف تنفيذ القرار المشار إليه، يكون قد جانبه الصواب وأخطأ في تطبيق أحكام القانون لافتقاد طلب وقف تنفيذ هذا القرار ركن الجدية الواجب توافره لجواز الحكم بوقف التنفيذ.
ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء هذا الحكم فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ورفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار، مع إلزام المطعون ضده الأول بمصاريف هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار وألزمت المدعي بالمصروفات.