مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 214

(32)
جلسة 6 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين ومحمد كمال سليمان أيوب وطارق عبد الفتاح البشري والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 346 لسنة 19 القضائية

إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات - ثبوت التاريخ.
القانون رقم 53 لسنة 1966 بإصدار قانون الزراعة يعتبر النموذج (د) أموال مقررة ورقة رسمية ثابتة التاريخ - أساس ذلك: البيانات الواردة بالنموذج دونتها إحدى المصالح الحكومية ووقعها الموظفون المختصون بإجراء هذه البيانات - ورود مضمون العقد العرفي وروداً كافياً في النموذج - الأثر المترتب على ذلك اعتبار العقد العرفي ثابت التاريخ منذ ثبوت تحرير النموذج - أساس ذلك: المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - متى ثبت تاريخ العقد العرفي المؤرخ إبريل سنة 1967 لوروده بالاستمارة (د) قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 والمعمول به في 23/ 7/ 1969 فإنه يعتد به في مجال استبعاد المساحة من الاستيلاء - تطبيق [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق لهذه المحكمة بجلسة 25 من إبريل سنة 1978 - بعد أن فصلت وقائع الطعن بما لا حاجة معه لإعادة سردها، أن قضت بقبول الطعن شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لندب أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبينة في هذا الحكم.
ومن حيث إنه في 31 يوليو سنة 1983 قدم مكتب الخبراء تقريراً انتهى فيه إلى ما يأتي:
أولاً: أن الأرض موضوع النزاع يبلغ مسطحها - س، 22 ط، 7 ف مشاعاً في 3 س 18 ط 31 ف ص 1 بحوض القضابة نمـ 4 قسم أول بزمام ناحية قرية أبو مسعود مركز الدلنجات محافظة البحيرة موضحة الحدود والمعالم ص 9 بهذا التقرير.
ثانياً: أن طرفي النزاع لم يقدما ما يفيد ما إذا كانت الأرض المذكورة مملوكة للسيدة/ حكمت محمد إبراهيم نصر المطعون ضدها الثالثة مع ملاحظة أن كشوف بحث ملكية أطيان السيدة المذكورة طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 والمعتمدة من تفتيش مساحة البحيرة بتاريخ 20/ 6/ 1978 جاء بها أن هذه الأرض من تكليف وقف أهلي إبراهيم إبراهيم نصره، ومحمد إبراهيم نصره، وخليل إبراهيم نصره، وأن هذه الأرض آلت ملكيتها للخاضعة السيدة المذكورة بموجب عقد قسمة لم يحدد تاريخه.
ثالثاً: أنه يتعذر الجزم بأن الأرض موضوع النزاع بذاتها المشار إليها في النموذج (و) المودع بملف إقرار المطعون ضدها الثالثة وذلك لخلو هذا الأنموذج من اسم الحوض ورقمه ورقم القطعة وحدود هذه الأرض - كما تعذر العثور على أصل هذا الأنموذج بمأمورية الضرائب العقارية بمركز الدلنجات بالإضافة إلى عدم وجود أية سجلات ورد بها أية بيانات تتعلق بالتصرف المؤرخ أول إبريل سنة 1967 الخاص بالأرض موضوع النزاع الحالي.
رابعاً: ثبت من الاطلاع على السجلات بالجمعية التعاونية الزراعية بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات البحيرة - عدم وجود أية حيازة متعلقة باسم الطاعن عن السنوات 1967، 1968 الزراعية إلا أنه يوجد عقد إيجار مؤرخ أول أكتوبر سنة 1967 مسجل بالجمعية المذكورة برقم/ 429 صادر من الطاعن المذكور إلى شوقي عبد الهادي الصعيدي عن مسطح 10 ط و3 ف بحوض القضابة نمـ 4 ولم يوضح بهذا العقد اسم صاحب التكليف أو سند ملكية المؤجر المذكور، كما أنه بالاطلاع لدى تفتيش زراعة الدلنجات لم نجد أية بيانات خاصة بحيازة قرية مسعود بالدلنجات.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم جميعه أن النزاع يدور حول مدى ثبوت تاريخ العقد المؤرخ أول أكتوبر سنة 1967 الصادر من السيدة/ حكمت محمد إبراهيم نصره إلى الطاعن قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969. للقول بالاعتداد به في تطبيق أحكامه واستبعاد المساحة موضوعه من الاستيلاء.
ومن حيث إن نص المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 يجري على أنه لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فداناً كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تملكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة - وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره. وتنص المادة السادسة على أن تستولي الحكومة - خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون - على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المقرر وفقاً لأحكام المواد السابقة وفي جميع الأحوال يعتبر الاستيلاء قائماً قانوناً من تاريخ العمل بهذا القانون مهما كان تاريخ الاستيلاء الفعلي وتعتبر الدولة مالكة لتلك الأراضي ابتداء من ذلك التاريخ. ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به.
وتنص المادة/ 15 من القانون رقم/ 25 لسنة 1968 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على أنه لا يكون المحرر العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت ويكون للمحرر تاريخ ثابت أ - ب - من يوم أن يثبت مضمونه في ورقة أخرى ثابتة التاريخ - جـ - من يوم أن يؤشر عليه موظف عام مختص د - هـ - من يوم وقوع أي حادث آخر يكون قاطعاً في أن الورقة قد صدرت قبل وقوعه.
ومن حيث إنه إذا كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد قدم العقد المثبت للتصرف الصادر إليه من السيدة/ حكمت محمد إبراهيم نصره - وموضوعه 22 ط و7 ف من الأراضي الزراعية بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات بحيرة - على مساحتين الأولى 4 ط و2 ف يحدها من الجهة البحرية فاطمة الشهيرة بسنية والشرقي مشاية فاصل بين الإصلاح والقبلي الست فردوس محمد السوسي نصره - والغربي مصرف وترعة رشا - والثانية مقدارها 12 ط و5 ف حدها البحري ترعة القلعة، والشرقي ملك الحاج إبراهيم السوسي نصره والقبلي مشاية بين الإصلاح والغربي ملك الست فردوس محمد السوسي نصره وحليمة محمد السوسي نصره وأصل ملكية هذه المساحة بالميراث عن والدها المرحوم محمد السوسي نصره - وبعقد القسمة المبرم بينها وبين أخوتها في 19/ 11/ 1961 - ونص في البند الرابع منه على أن المشتري استلم الأطيان موضوعه وكذا عقود الإيجار الخاصة بهذه الأطيان بعد تنازل البائعة عنها له وأصبح له الحق في تحصيل الإيجار الخاص بهذه الأطيان والتصرف فيها لمن يشاء كما قدم الأنموذج (و)، أموال مقررة وهو صادر باسمه كمالك بموجب عقد مؤرخ في 1/ 4/ 1967 وفي خانة الملك أثبت مساحة 16 ط و7 ف من تكليف وقف أهلي خليل نصره/ 31 - استنزل منها 4 ط و2 ف باعتبارها قد بيعت بعقد مؤرخ في 4/ 12/ 1967 إلى شوقي عبد الهادي الصعيدي - وهذا الإخطار عن سنة 1968 - وثابت كذلك من الاطلاع على إقرار البائعة ص 6 في خانة بيان الأراضي الزائدة على حد الاحتفاظ القانوني أنها قد أثبتت المساحة موضوع هذا العقد وذكرت أنها في تكليف المرحومين إبراهيم نصره وخليل إبراهيم نصره - وهم والدها وعماها وفي خانة البيانات الخاصة بالأراضي المدعي التصرف فيها للغير بتصرفات غير مسجلة قبل 23/ 7/ 1969 والسابق إدراجها ضمن الجدول رقم/ 2 - ذكرت هذه المساحة على أنه تم التصرف فيها إلى عبد السلام حمدي محمد محمود زويل (الطاعن) بعقد عرفي مؤرخ 1/ 4/ 1967 وأشارت في خانة الملاحظات إلى أن المشتري المذكور تصرف ببيع جزء من هذه المساحة إلى من يدعى شوقي عبد الهادي الصعيدي وأنه قد أدرج هذا العقد في حيازة المشتري بوصفه مالكاً له من ضمن الأطيان المملوكة أصلاً لها وواضح أن الخبير قد استظهر في تقريره جميع ما تقدم وأضاف أن المساحة محل النزاع تقع مشاعاً في 3 س و18 ط و31 ف ص 1 بحوض القضابة نمـ 4 قسم أول بزمام ناحية أبو مسعود مركز الدلنجات محافظة البحيرة - وأن بحث الملكية المعتمد من مفتش مساحة البحيرة في 20/ 6/ 1978 جاء بها أن هذه المساحة من تكليف وقف أهلي إبراهيم إبراهيم نصره ومحمد إبراهيم نصره وخليل إبراهيم نصره وأنها آلت إلى البائعة بموجب عقد قسمة - وأنه وإن أشار إلى عدم وجود حيازة باسم الطاعن عن هذه المساحة إلا أنه وجد بالاطلاع على سجلات الجمعية التعاونية الزراعية بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات عن سنتي 67، 1968 الزراعيتين أنه وجد بالصفحة 76 تحت رقم/ 313 اسم العضو شوقي عبد الهادي الصعيدي أن من ضمن حيازته بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات مسطح 4 ط و2 ف مكلفة باسم وقف أهلي خليل نصره بطريق الشراء من حمدي زويل بموجب عقد عرفي سنة 1967 - وأنه وجد عقد إيجار مؤرخ أول أكتوبر سنة 1967 سجل بالجمعية المذكورة تحت رقم/ 429 صادر من عبد السلام حمدي زويل إلى شوقي عبد الهادي الصعيدي مسطح 10 ط و3 ف بحوض الدسوقي نمـ 4. كما وجد عقد إيجار مؤرخ أول نوفمبر سنة 1969 صادر من عبد السلام حمدي زويل بصفته مؤجراً إلى عبد السلام عبد الهادي الصعيدي بصفته مستأجر لمسطح 10 ط و3 ف بحوض الدسوقية بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات - وبذلك يكون ما استظهره الخبير في تقريره متفقاً وما ادعاه الطاعن في عريضة دعواه وما ذكره أمامه عند مباشرته لمهمته من أنه لا حيازة له وإنما الحيازة باسم آخرين - وهي حيازة بالنسبة إلى من يدعى شوقي عبد الهادي الصعيدي - وحيازة إيجار بالنسبة للآخرين - ومتفقاً كذلك وما أثبتته المالكة البائعة في إقرارها المقدم إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام القانون رقم/ 50 لسنة 1969 الذي خضعت له.
ومن حيث إنه قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأنموذج (و) أموال مقررة يعتبر ورقة ثابتة التاريخ بحسبان أن البيانات الواردة بها قد دونتها إحدى المصالح الحكومية ووقعها الموظفون المختصون بإجراء هذه البيانات - إذ وضعتها مصلحة الأموال المقررة وغيرها من الاستمارات بهدف تحديد الأنصبة الفعلية لكل مالك والحيازات التي تحت يده من الأطيان الزراعية حتى يتسنى تقدير وتحصيل الأموال الأميرية طبقاً للمساحات الموجودة على الطبيعة كنظام أريد به أن يكون بديلاً لنظام ورد المال الذي كان يعول عليه في تحصيل تلك الأموال.
ومن حيث إن ما ورد بها من بيانات بشأن العقد وموضوع النزاع باعتبارها مضموناً كافياً له - حيث أشير إلى تاريخه والمساحة موضوعه وإلى الطاعن باعتباره المالك لهذه المساحة وإلى صاحب التكليف (وقف أهلي خليل نصره/ 31) - لا ينال من كفاية هذا المضمون في إثبات تاريخ هذا العقد سوى ما أثاره الخبير في تقريره من أن المساحة موضوعه قد وردت دون بيان لحدودها ومعالمها - وما أشارت إليه هذه المحكمة في حكمها التمهيدي عدم وجود تاريخ للاستمارة المقدمة من الطاعن يفيد صدورها قبل العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 في 23 من يوليو سنة 1969 - إلا أن الخبير في تقريره قد استظهر أن هذه المساحة هي التي تم الاستيلاء عليها وأنها تقع بالمشاع في مساحة 3 س و18 ط و31 ف فأماط اللثام بذلك عن هذا الغموض الذي لحق هذا البيان - ومن جهة أخرى فإن الاستمارة (و) قد تضمنت الإشارة إلى صدور تصرف من الطاعن في 4 ط و2 ف من المساحة موضوع العقد إلى شوقي عبد الهادي الصعيدي بعقد مؤرخ في 4/ 12/ 1967 وقد بان للخبير (ص 12) من التقرير من الاطلاع بتفتيش زراعة الدلنجات وكذا بالاطلاع على السجلات بالجمعية التعاونية الزراعية بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات عن سنتي 1967، 1968 الزراعيتين بالصفحة 76 من سجل استمارة ائتمان بشأن حيازة أعضاء الجمعية. وتحت رقم/ 313 اسم شوقي عبد الهادي الصعيدي وأن من ضمن حيازته بناحية أبو مسعود مركز الدلنجات مسطح 4 ط و2 ف مكلفة باسم وقف أهلي خليل نصره بطريق الشراء من حمدي زويل بموجب عقد عرفي في سنة 1967 - وإذ كانت سجلات الجمعية التي تدون بها الحيازة وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من الأوراق الرسمية بحكم القانون رقم 53 لسنة 1966 بإصدار قانون الزراعة - الأمر الذي يقطع بصدور هذا العقد قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 ويؤكد ما ورد بالاستمارة (و) من إشارة إلى هذا التصرف بحيث يتعين القول بتحرير هذه الاستمارة قبل العمل بهذا القانون - ومن ثم يتأكد ثبوت تاريخ العقد المؤرخ 1/ 4/ 1967 موضوع المنازعة قبل العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 في 23/ 7/ 1969 وبالتالي يتعين الحكم بالاعتداد به في تطبيق أحكام المادة السادسة من هذا القانون واستبعاد المساحة موضوعه من الاستيلاء. وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد بني على غير أساس سليم من القانون متعيناً الحكم بإلغائه - وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة في موضوع الطعن بإلغاء القرار المطعون فيه وبالاعتداد بالعقد العرفي المؤرخ في أول إبريل سنة 1967 الصادر من السيدة حكمت محمد إبراهيم نصره ببيع مساحة 16 ط و7 ف (سبعة أفدنة وستة عشر قيراطاً) بحوض القضابة نمـ 4 قسم أول ناحية أبو مسعود مركز الدلنجات محافظة البحيرة مبينة الحدود والمعالم بالعقد وتقرير مكتب الخبراء واستبعاد المساحة المبيعة من الاستيلاء لدى البائعة في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.


[(1)] هذا المبدأ تأييداً لما سبق أن انتهت إليه ذات المحكمة في الطعون:
445 - 18 (14/ 1/ 1975) 20/ 39/ 112.
793 - 19 (28/ 12/ 1976) 22/ 13.