مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 224

(34)
جلسة 6 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين ومحمد كمال سليمان أيوب وطارق عبد الفتاح البشري والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 3420 لسنة 27 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
القانون رقم 15 لسنة 1970 معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1979 الاعتداد بتصرفات الملاك الخاضعين لأي من أحكام قوانين الإصلاح الزراعي ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به - شروط تطبيقه - ضرورة وجود العقد الصادر من المالك الخاضع لأحكام أي من قوانين الإصلاح الزراعي وأن يكون صادراً في تاريخ سابق على العمل بالقانون الذي تم الاستيلاء بمقتضاه حتى يمكن بحث مدى انطباق شروط تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1979 - متى ثبت أن الطاعن لم يقدم العقد المثبت للتصرف المدعى به فإنه يتعين الالتفات عن هذا الدليل - تطبيق.
(ب) - تقادم - التقادم المكسب للملكية.
المادة 968 من القانون المدني - شروط اكتساب ملكية العقار بوضع اليد المدة الطويلة - استمرار الحيازة دون انقطاع لمدة خمسة عشر سنة - يشترط في الحيازة الهدوء والاستمرار ونية التملك - متى ثبت ملكية العقار بوضع اليد تخرج بالأرض عن نطاق الاستيلاء لدى المالك السابق الخاضع لقانون الإصلاح الزراعي - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 10 من سبتمبر سنة 1981 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ حمدان مكي سلطان - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم/ 3420 لسنة 27 ق عليا - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 9 من فبراير سنة 1981 في الاعتراض رقم/ 327 لسنة 1974 الذي قضى برفض الاعتراض. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً - وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء عن المساحة موضوع الاعتراض وأحقية الطاعن لها مع ما يترتب على ذلك من آثار - مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم نظر الطعن بدائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 18 من مايو سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7 من يونيو سنة 1983. وفي هذه الجلسة وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن القرار المطعون فيه صدر في 9 من فبراير سنة 1981 وأن الطاعن تقدم في 11 من إبريل سنة 1981 بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية العليا برقم/ 148/ 27 معافاة لإعفائه من رسوم الطعن وبجلسة 8 من يوليو سنة 1981 قررت اللجنة المذكورة رفض الطلب - وبذلك ينتهي ميعاد الستين يوماً المقررة للطعن بنهاية يوم 6 من سبتمبر سنة 1981 - ولما كان الطاعن يقيم بناحية المطاعنة مركز اسنا محافظة قنا حسب الواضح من تقرير الطعن - وكانت المسافة بين محل إقامته ومقر المحكمة الإدارية العليا تزيد على مائتي كيلو متراً فإنه يمنح ميعاد مسافة بحده الأقصى الواردة في المادة/ 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أي أربعة أيام تنتهي بنهاية يوم 10 من سبتمبر سنة 1981 وهو اليوم الذي تقدم فيه بتقرير الطعن - وبذلك تكون كافة إجراءات الطعن قد تمت في المواعيد المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن الطاعن يدعي ملكيته لمساحة 4 س و8 ط من الأراضي الزراعية الكائنة بمركز اسنا محافظة قنا وذلك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وسلفه - وأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد استولت على هذه المساحة لدى السيد/ جلال باشا فهيم باعتبارها من أملاكه الخاضعة لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي الأمر الذي اضطره إلى رفع الاعتراض رقم/ 327 لسنة 1974 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي طالباً أحقيته للمساحة موضوع الاعتراض. واستند في ذلك إلى وضع يده بعد سلفه المدة الطويلة المكسبة للملكية - وفي مذكرة قدمها للجنة طلب أصلياً أحقيته للمساحة موضوع الاعتراض ورفع الاستيلاء عنها واحتياطياً ندب خبير لتحقيق وضع اليد. وقدم دليلاً على ذلك:
1 - صورة رسمية من عريضة الدعوى 90 لسنة 1962 المقامة من عبد الراضي أبو زيد عبد الدايم وآخرين ضد المعترض بإلزامه بدفع مبلغ 250 جنيهاً بدعوى أنها ريع أرض زراعية مساحتها 4 س و8 ط يملكها المدعون.
2 - صورة رسمية من حكم محكمة اسنا الجزئية برفض هذا الطلب بناء على ما أجري من تحقيق أثبت عدم صحة إدعاء المدعين.
وبجلسة 25 من مايو سنة 1978 قررت اللجنة القضائية قبل الفصل في الشكل والموضوع ندب مكتب الخبراء الحكومي بقنا ليندب الخبير المختص لمطابقة ما ورد بالإقرار المقدم من السيد/ جلال باشا فهيم طبقاً لأحكام القانون رقم/ 178 لسنة 1952 من أطيان على ما ورد بالاعتراض ومطابقة ذلك بالطبيعة وبيان ما إذا كان قد استولى عليها وسبب الاستيلاء وتاريخه وكذا مدى انطباق ذلك على الأطيان الواردة بعريضة الدعوى رقم/ 90 لسنة 1962 والحكم الصادر بشأنها وتحقيق وضع يد المعترض وسلفه على الأطيان وسببه وما إذا كان قد اكتسب ملكيتها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
وبتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1979 قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى ما يأتي:
أولاً: أن أطيان النزاع كائنة بحوض أطفيش بزمام أصفون قطعة/ 10 بالحدود الواردة بمحاضر الأعمال وبالتقرير حيث يضع المعترض يده على مساحة 11 ط.
ثانياً: أن الأطيان مستولى عليها قبل ورثة محمد كامل جلال طبقاً للقانون رقم/ 178 لسنة 1952 وقد تم تحرير محضر استيلاء في الطبيعة مؤرخ 1/ 1/ 1958 - وقد تم ربط هذه الأطيان على المستأجرين اعتباراً من السنة الزراعية 56/ 1957 - وقد تم الاستيلاء كذلك بالقطعة/ 10 بحوض طفيس القبلي/ 3 بزمام أصفون قبل المذكورين على مساحة 14 س و3 ط و12 ف من جملة مساحة 4 س و3 ط و15 ف هي إجمالي مسطح القطعة المذكورة.
ثالثاً: أن أطيان العريضة المقدمة في الملف تطابق في حدودها ومعالمها ما ورد بالعريضة في الدعوى رقم/ 90 لسنة 1962 اسنا.
رابعاً: لا يمكن القول بانطباق أو عدم انطباق أطيان العريضة 90/ 1962 اسنا - وأطيان الاعتراض الحالي والأطيان بالطبيعة حيث أوردت العريضة حدود القطعة/ 10 البالغ مسطحها 14 س و3 ط و15 ف على أنه حدود مساحة 4 س و8 ط كما جاء الطلب في الاعتراض الحالي خلواً من الحدود.
خامساً: لم يثبت لنا أن والد المعترض أو هو قد تملك أطيان الاعتراض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
وبجلسة 9 من فبراير سنة 1981 قررت اللجنة قبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع برفض الاعتراض واستندت اللجنة في ذلك:
أولاً: على أن ملكية المعترض للمساحة محل النزاع بوضع اليد المدة الطويلة لم تثبت إذ لم تستكمل المدة اللازمة لذلك وهي خمسة عشرة سنة قبل العمل بالقانون رقم 178 لسنة 1952.
ثانياً: أنه لا ينطبق في شأنه القانون رقم/ 50 لسنة 1979 لعدم تقديمه للعقد المثبت لملكيته للمساحة المتنازع عليها.
ومن حيث إن المعترض لم يقبل بهذا القرار ومن ثم تقدم بالطعن الماثل مستنداً فيه إلى سببين:
أولهما: أن اللجنة أخطأت حين اعتمدت على ما جاء بتقرير الخبير من عدم تملكه أو سلفه لأرض النزاع موضع اليد المدة الطويلة لأن مسألة التقادم مسألة قانونية لا يستطيع الخبير البت فيها - فضلاً على ما ثبت من أقوال الشهود في الدعوى رقم 90 لسنة 1962 اسنا من أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع عن أسلافه لا يقل عن 15 سنة.
الثاني: أن المساحة موضوع الاعتراض ينطبق عليها القانون رقم 50/ 1979 - لأنها أقل من خمسة أفدنة إذ تبلغ 11 قيراطاً. كما أنها واردة بملف إقرار البائع وأقيم بصددها الاعتراض الراهن سنة 1974 أي قبل 31 من ديسمبر سنة 1977.
ومن حيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن الطاعن يبني طعنه على أمرين يكفي تحقق أحدها القول بأحقيته للمساحة محل النزاع الأول: وضع يده على الأرض المدة الطويلة المكسبة للملكية والثاني: انطباق أحكام القانون رقم/ 50 لسنة 1979.
ومن حيث إنه بادئ ذي بدء يتعين القول بأن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقدم العقد المثبت التصرف المدعى به - وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ضرورة وجود هذا العقد الصادر من المالك الخاضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي - وأن يكون صادر في تاريخ سابق على العمل بالقانون الذي تم الاستيلاء بمقتضاه حتى يمكن بحث مدى انطباق الشرائط التي تطلبها القانون رقم 50 لسنة 1979 بشأنه وإذ لم يقدم الطاعن العقد المذكور فإنه يلزم الالتفات عن هذا الدليل.
ومن حيث إنه عن وضع يد الطاعن على أرض النزاع فإن نص المادة 968/ من القانون المدني يتطلب لاكتساب ملكيته العقار بالتقادم الطويل أن تستمر حيازته لها دون انقطاع خمسة عشرة سنة بشرائطها المعروفة من هدوء واستمرار ونية التملك والثابت من الأوراق (عريضة الدعوى رقم 90 لسنة 1962 اسنا، والحكم الصادر فيها) - التي قدمها الطاعن إلى اللجنة القضائية في الاعتراض رقم/ 327 لسنة 1974 - أن المدعيين فيها ادعيا اغتصابه أطياناً يملكانها مساحتها 4 س و8 ط بزمام أصفون بحوض طفيس القبلي/ 3 ص 10 مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وظل واضعاً اليد عليها من سنة 56/ 57 إلى 61/ 1962 أي حوالي ست سنوات وطالبوه بمبلغ 25 جنيه ريع هذه المساحة عن هذه المدة - وقد حكم فيها بجلسة 12/ 11/ 1962 بالرفض - استناداً إلى أنه سبق للمحكمة بهيئة سابقة أن قضت في 29 من فبراير سنة 1962 قبل الفصل في الموضوع - بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعيان بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن المدعى عليه اغتصب المساحة المشار إليها، وأعلن المدعيان نفاذاً لحكم التحقيق شاهدين خذلاهما إذ شهدا بأن المدعى عليه يضع يده على الأطيان موضوع الدعوى منذ 25 سنة وأنه لم يغتصب شيئاً منهم.
ومن حيث إن مفاد ذلك أنه إذا كان الطاعن يضع يده على الأرض المذكورة 25 سنة قبل سنة 1962 أي حوالي 21 سنة قبل سنة 1958 (تاريخ الاستيلاء على الأرض) وتأكد ذلك أيضاً بشهادة أحد شاهدين استشهد بهما الطاعن أمام الخبير في الاعتراض رقم 327 لسنة 1974 المشار إليه إذ شهدا بوضع يد الطاعن وسلفه على الأرض من 30 إلى 35 سنة فإنه يكون متوافراً في حقه شرائط اكتساب ملكية المساحة موضوع النزاع بالتقادم الطويل المكسب للملكية وإذ ذهب القرار المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون متعيناً الحكم بإلغائه وبأحقية الطاعن لملكية المساحة المتنازع عليها، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وأحقية الطاعن لمساحة 11 قيراطاً (أحد عشر قيراطاً) بحوض طنفيس القبلي/ 3 قطعة/ 10 زمام أصفون مركز اسنا محافظة قنا مبينة الحدود والمعالم بتقرير مكتب الخبراء المودع ملف الاعتراض واستبعادها من الاستيلاء لدى السيد/ محمد كامل جلال في تطبيق أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.


[(1)] في شأن شروط تطبيق القانون رقم 15 لسنة 1970 معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1979 تراجع الطعون:
317/ 18 (4/ 12/ 79) 25/ 13.
902/ 20 (11/ 3/ 1980) 15/ 81.
349/ 19 (28/ 12/1982) 28 (إصلاح زراعي) مبدأ 3.