مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 266

(41)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 668 لسنة 28 القضائية

إصلاح زراعي - المقصود بالأراضي الزراعية وأراضي البناء - القانون رقم 50 لسنة 1969 لم يحدد تعريفاً لأراضي البناء - التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 - الحالات الواردة به على سبيل المثال لا الحصر.
وجوب بحث كل حالة على حدة وفقاً لظروفها وملابساتها مع الاستهداء بروح التفسير التشريعي - تطبيق لما يعتبر من أراضي البناء.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 23 من مارس سنة 1982 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن نيابة عن السيدة/ درية محمد الدري بموجب التوكيل الخاص رقم 393 ب/ 1982 توثيق الجيزة ضد السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته، في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 23/ 1/ 1982 في الاعتراض رقم 508 لسنة 1979 المقام من الطاعنة ضد المطعون ضده بصفته فيما قضي به من رفض الاعتراض. وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بصحيفة الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء الاستيلاء الذي تم على المساحة موضوع النزاع وأحقية الطاعنة لها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات والأتعاب. وأعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها في 29/ 4/ 1982.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 20/ 7/ 1983 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 25/ 10/ 1983. وفيها استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين ثم قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب ملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن القرار المطعون فيه صدر بجلسة 23/ 1/ 1982 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة بتاريخ 23/ 3/ 1982 خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليها بالمادة (13) من القانون رقم 50 لسنة 1969، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل في أن الطاعنة أقامت الاعتراض رقم 508 لسنة 1979 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته وذكرت في صحيفة الاعتراض أنها تقدمت بإقرار عن ملكيتها طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 واحتفظت فيه بمساحة 18 ط/ 19 ف بحوض بين الجسرين/ 17 بزمام ناحية بني مزار محافظة المنيا تقع بأكملها في كردون مدينة بني مزار ومحدودة من قبلي طريق القيس والشرقي مباني ملك محسن محمد عبد الرازق الصادر لصالحه حكم في الاعتراض رقم 572 لسنة 1970 وكان مقتضى ما تقدم من اعتبار قطعة الأرض المذكورة أرض بناء عدم خضوعها لقوانين الإصلاح الزراعي، بيد أن الهيئة المطعون ضدها لم تعترف بذلك واستولت على الأطيان الزائدة لديها عن حد النصاب المقرر بالقانون رقم 50 لسنة 1959. وبجلسة 21/ 12/ 1980 أصدرت اللجنة قراراً تمهيدياً بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا القرار من بينها الانتقال إلى الأرض موضوع الاعتراض ومعاينتها على الطبيعة وبيان مساحتها وحدودها ومعالمها وتحقيق ما إذا كانت تعتبر من أراضي البناء في تاريخ نفاذ قانون الإصلاح الزراعي المطبق بالتطبيق للضوابط الواردة في التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 وما إذا كانت مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية أم بضريبة المباني من ذلك التاريخ. وبجلسة 13/ 1/ 1982 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه برفض الاعتراض في ضوء ما انتهى إليه تقرير الخبير الذي خلص إلى أن أرض النزاع لا ينطبق عليها أحكام التفسير التشريعي رقم (1) لسنة 1963 وأنها مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية ولا تعتبر أرض بناء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره. ذلك أن أرض النزاع تقع داخل كردون مدينة بني مزار وأن ربطها بضريبة الأطيان لا يعدو أن يكون ربطاً مؤقتاً، وأن إهمال الطاعنة أو الإدارة في رفع ضريبة الأطيان عنها لا يحول دون اعتبارها أرض بناء، فضلاً على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن الحالات التي وردت في التفسير التشريعي رقم (1) لسنة 1963 جاءت على سبيل المثال لا الحصر، وأنه يجب بحث كل حالة على حدة وفقاً للظروف والملابسات المحيطة بها مع الاستهداء بروح التفسير التشريعي، وإعمالاً لذلك تعتبر أرض النزاع أرض بناء لوقوعها على طريق القيس المرصوف ويجاورها شونة بنك مصر وشونة بنك التسليف. هذا بجانب أن القانون رقم 52/ 1940 المعدل بالقانون رقم 2/ 1952 الخاص بتقسيم الأراضي المعدة للبناء اعتبر جميع الأراضي الواقعة على خط تنظيم أراضي البناء مهما كانت مساحتها ولم يشترط التقسيم إلا القطع التي لا تقع على خط تنظيم، وأن الحكمة من خط التنظيم هو ضمان وصول المرافق العامة للقطع الداخلية، كما أن المالك غير ملزم بالتقسيم إلى طبقات لظروف العرض والطلب وبما يتفق ومصلحته، ومن جهة أخرى فإن الأحكام القضائية سواء الصادرة من المحاكم العادية أو المحكمة الإدارية العليا تعتبر الأراضي مثل الأرض محل النزاع من أراضي البناء.
ومن حيث إن القانون رقم 50 لسنة 1969 بالإصلاح الزراعي إذ حظر على الفرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من خمسين فداناً، فقد جاء خلواً من تعريف لما يعتبر من أراضي البناء شأنه في ذلك شأن المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الذي أحال القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه إلى أحكامه بالنسبة لما لم يرد بشأنه نص فيه، إلا أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أصدرت التفسير التشريعي رقم (1) لسنة 1963 لتعريف أراضي البناء، ونصت المادة الثالثة منه على أنه "لا يعتبر أرضاً زراعية في تطبيق أحكام المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي (1) الأراضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء وذلك إذا كانت قد صدرت مراسيم بتقسيمها طبقاً لهذا القانون قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي (2) الأراضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 سالف الذكر ولم تصدر مراسيم بتقسيمها قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي بشرط مراعاة ما يأتي:
( أ ) أن تكون هذه الأراضي عبارة عن قطعة أرض جزئت إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتأجير أو للتحكير لإقامة مبان عليها.
(ب) أن تكون هذه التجزئة قد تمت بوجه رسمي أي ثابت التاريخ قبل العمل بقانون الإصلاح الزراعي.
(جـ) أن تكون إحدى القطع الداخلة في تلك التجزئة واقعة على طريق قائم داخل التنظيم، ومثل هذه القطعة وحدها هي التي تعتبر من أراضي البناء التي يجوز الاحتفاظ بها عن الحد الأقصى الجائز تملكه قانوناً. (3) أراضي البناء في القرى والبلاد التي لا تخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء وذلك إذا كان مقاماً عليها بناء غير تابع لأرض زراعية أو لازم لخدمتها تبعية تجعلها مرفقاً له وملحقاً به. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الحالات التي عددها هذا التفسير التشريعي لأراضي البناء لا تجمع كل الحالات التي يطلق عليها تعريف هذه الأراضي ذلك أن الحالات المتقدمة لم ترد في التفسير على سبيل الحصر وإنما وردت على سبيل المثال، ومن الصعب وضع معيار جامع مانع لما يعتبر أرض بناء، وإنما يجب بحث كل حالة على حدة وفقاً للظروف والملابسات المحيطة بها مع الاستهداء بروح التفسير التشريعي المشار إليه.
ومن حيث إنه بتطبيق المعايير التي أوردها التفسير التشريعي المتقدم على الأرض موضوع النزاع في ضوء المعاينة التي أجراها الخبير المنتدب في الاعتراض ومستندات الطعن يبين أنه ولئن كانت الأرض المذكورة داخلة في كردون مدينة بني مزار الذي يسري في شأنها المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1940 إلا أنه لم يصدر مرسوم بتقسيمها قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969، ولم تتم تجزئتها إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتأجير أو للتحكير لإقامة مبان عليها بل الثابت أنها لا زالت أرضاً زراعية مفروشة جميعها بالحدائق ومربوطة بضريبة الأطيان. ولا يجدي التذرع بالقول بأنه لا مجال للتقسيم إذا كان أحد حدود الأرض محل النزاع يقع جميعه على طريق قائم داخل في التنظيم، ذلك أن هذا الوضع وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة لا يغني عن تجزئتها بالمعنى المقصود في التفسير التشريعي وفي القانون رقم 52 لسنة 1940 فإذا أضيف إلى ما تقدم أن الأرض المذكورة وفقاً للمستندات المقدمة لا تقع في الكتلة السكنية للمدينة أو متداخلة في مبانيها، الأمر الذي لا يكسبها صفة أرض البناء ولا يغير من صفتها كأرض زراعية وقوعها على طريق قائم داخل في التنظيم ما دامت منزرعة فعلاً وتقع بعيدة عن الكتلة السكنية. وإذ كان القرار المطعون فيه قد انتهى إلى أن أرض النزاع لا تعتبر من أراضي البناء فإنه يكون متفقاً مع القانون، وبالتالي يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون حري بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.