مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 271

(42)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي والدكتور وليم سليمان قلادة وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 1568 لسنة 28 القضائية

إصلاح زراعي - التصرف فيما يزيد على قدر الاحتفاظ - الملكية الطارئة.
المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 للمالك الحق في التصرف في الزيادة الطارئة على قدر الاحتفاظ خلال سنة من تاريخ تملكه لها - مناط إعمال الرخصة المقررة منوط بتوفر شرطين:
1 - أن تكون الزيادة الطارئة بعد العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969.
2 - أن تكون الزيادة الطارئة على ملكية الفرد أو الأسرة بغير طريق التعاقد كالميراث أو الوصية.
تلقي ملكية القدر الزائد عن طريق عقد بيع أبرم في سنة 1954 ولم تفصل اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في شأن النزاع على الملكية إلا بعد صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 - عدم جواز إعمال الرفض في مجال تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1969. أساس ذلك - قرار اللجنة هو قرار كاشف عن الحق في التملك وليس منشئاً له - سند الملكية ليس قرار اللجنة وإنما العقد ومن تاريخه يبدأ التملك - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق الرابع من أغسطس سنة 1982 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ فتحية راغب مصطفى درويش - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1568 لسنة 28 القضائية عليا - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 6 من يونيو سنة 1982 - في الاعتراض رقم 443 لسنة 1980. "القاضي بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بعدم اعتبار مساحة 20 فداناً الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض ملكية طارئة يحق للمعترض التصرف فيها قانوناً ومن ثم يكون استيلاء الإصلاح الزراعي على تلك المساحة متفقاً وصحيح حكم القانون" - وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير طعنها الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتبار مساحة 20 فداناً موضوع النزاع والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض ملكية طارئة يحق للطاعنة التصرف فيها قانوناً والإفراج عن هذه المساحة مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وتم تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة التي قدمت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 14 من سبتمبر سنة 1983 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة أول نوفمبر سنة 1983 - وفي هذه الجلسة وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المدون بمحاضر الجلسات وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما هو مستخلص من الأوراق في أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1954 اشترت الطاعنة وشقيقاها عبد الرحيم الشهير بكمال وجلال الشهير بجمال ومحمد مصطفى النحاس بحق الربع لكل منهم من السيد/ إبراهيم أحمد مصطفى عمرو - أرضاً زراعية مساحتها ثمانين فداناً بزمام قرية أم القصور مركز منفلوط على قطعتين الأولى 8 س و1 ط و27 ف بحوض الشهاوي/ 1 والثانية 16 س و22 ط 52 ف بحوض أو عشيمة/ 1 قدم عنه طلب شهر عقاري إلى مكتب الشهر العقاري بمنفلوط برقم 291 في 22 من مارس سنة 1958. وبصدور القانون رقم 127 لسنة 1961، وخضوع البائع له استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على المساحة جميعها لديه باعتبارها زائدة على النصاب الجائز له الاحتفاظ به قانوناً، إلا أنه تم بعد ذلك إلغاء الاستيلاء عليها بقرار صدر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 11 من مايو سنة 1971 في الاعتراض رقم 363 لسنة 1968 وإذ خضعت المشترية للقانون رقم 50 لسنة 1969، ولم يكن بعد قد تم رفع الاستيلاء عن هذه المساحة بقرار اللجنة القضائية الصادر في سنة 1971 - فقد تقدمت بإقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إعمالاً لأحكام هذا القانون - احتفظت فيه بمساحة 10 س و23 ط و49 ف وتركت للاستيلاء ثلاثة أفدنة قررت أنها تصرفت فيها للغير - إلا أن الإصلاح الزراعي استولى على مساحة الثمانين فداناً المشتراة من السيد/ إبراهيم أحمد مصطفى عمرو ومن ضمنها مساحة 20 فداناً نصيبها في هذه المساحة باعتبارها زائدة لديها عن القدر الجائز لها تملكه وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 - الأمر الذي اضطرها إلى رفع الاعتراض رقم 443 لسنة 1980 طالبة اعتبار هذه المساحة ملكية طارئة يجوز لها التصرف فيها خلال سنة من تاريخ استلامها - مستندة في ذلك إلى أن الاستيلاء على هذه المساحة وفقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 في مواجهة البائع لها قد ترتب عليه حرمانها من أهم عنصر من عناصر الملكية وهو حق التصرف - الأمر الذي لا يمكن معه اعتبارها مالكة لهذه المساحة بل هي ملكية طارئة يسري في شأنها أحكام الملكية الطارئة في قانون الإصلاح الزراعي - يجوز لها التصرف فيها خلال المدة المقررة فتقدم الإصلاح الزراعي بمذكرة رد فيها على ذلك طالباً رفض الاعتراض استناداً إلى عدم توافر شروط تطبيق الملكية الطارئة على النحو المبين في المادة السابقة من القانون رقم/ 50 لسنة 1969 - وأرفق بمذكرته صورة من فتوى صادرة من إدارة الفتوى لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي (ملف 20/ 14/ 11/ 252) - في 6 من مارس سنة 1980 في شأن هذا الموضوع انتهت فيه إدارة الفتوى إلى عدم اعتبار مساحة الـ 20 فداناً ملكية طارئة للمعترضة لأن قرار اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 363 لسنة 1968 قد كشف عن ملكيتها لهذه المساحة قبل صدور القانون رقم 50 لسنة 1969.
وبجلسة 6 من يونيو سنة 1982 قررت اللجنة القضائية "قبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بعدم اعتبار مساحة 20 فداناً الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض ملكية طارئة يحق للمعترض التصرف فيها قانوناً ومن ثم يكون استيلاء الإصلاح الزراعي على تلك المساحة متفقاً وصحيح حكم القانون" وبنت اللجنة قرارها على عدم توافر شروط الملكية الطارئة في المساحة المتنازع عليها واستشهدت في ذلك بما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 613/ 18 القضائية عليا و168 لسنة 25 القضائية عليا.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه لأسباب ثلاثة الأول: أن الزيادة التي تطرأ على ملكية الخاضع بطريق إرادي أو غير إرادي لم ترد بقوانين الإصلاح الزراعي على سبيل الحصر بل وردت على سبيل المثال - وما طرأ فيها بسبب إرادي كالعقد يبطل إذا تم بعد القانون وكان سبباً لزيادة الملكية عن الحد الأقصى والثاني: أن الملكية الطارئة هي ما يمتلكه الخاضع بعد سريان القانون بغير طريق التعاقد وكان في مكنته أن يتصرف فيه - فإذا لم يكن في مكنته التصرف لحصول استيلاء من الهيئة أو خلافه لا يحاسب المالك عليها إلا من تاريخ رفع الاستيلاء عنها وهو في الحالة المعروضة سنة 1971 وليس سنة 1954 باعتبار قرار اللجنة كاشفاً للحق على ما ذهبت إليه اللجنة القضائية في قرارها المطعون فيه - الثالث: أن استشهاد القرار المطعون فيه بأحكام المحكمة العليا في أن القسمة كاشفة للحق وغير منشئة له - لا ينطبق على الحالة الماثلة لأنه وإن كان هناك تعاقد سنة 1954 إلا أنه من صدور القرار في الاعتراض رقم 363 لسنة 1968 في 11 من مايو سنة 1971 - وهو التاريخ الذي يجب العمل به - تعتبر المساحة موضوع الاعتراض طارئة في ملكية الطاعنة منذ هذا التاريخ - ويطبق في شأنها المادة 7 من القانون رقم 50 لسنة 1969.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم جميعه أن الخلاف في المنازعة يقوم حول مدى اعتبار ملكية الطاعنة للعشرين فداناً (وهي الربع في مساحة 80 فداناً المشتراة من السيد/ إبراهيم أحمد مصطفى عمرو بالعقد المؤرخ 19 من نوفمبر سنة 1954) ملكية طارئة في تطبيق أحكام المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 يجوز لها التصرف فيها خلال المدة المقررة قانوناً بهذه المادة.
ومن حيث إن نص المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 يقضي بأنه لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فداناً - كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة - وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره.
وتنص المادة السادسة على أنه تستولي الحكومة خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المقرر وفقاً لأحكام المواد السابقة وفي جميع الأحوال يعتبر الاستيلاء قائماً قانوناً من تاريخ العمل بهذا القانون مهما كان تاريخ الاستيلاء الفعلي وتعتبر الدولة مالكة لتلك الأراضي ابتداء من ذلك التاريخ ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به.
وتنص المادة السابعة على أنه إذا زادت - بعد العمل بهذا القانون - ملكية الفرد على خمسين فداناً - بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد أو ملكية الأسرة على المائة فدان بسبب من تلك الأسباب أو بسبب الزواج أو الطلاق وجب تقديم إقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عن الملكية بعد حدوث الزيادة وذلك خلال المواعيد ووفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية - ويجوز للفرد أو الأسرة التصرف في القدر الزائد - بتصرفات ثابتة التاريخ خلال سنة من تاريخ حدوث الزيادة وإلا كان للحكومة أن تستولي نظير التعويض المنصوص عليه في المادة 9 على مقدار الزيادة اعتباراً من تاريخ انقضاء تلك السنة، ويكون لأفراد الأسرة أن يعيدوا توفيق أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها...
وتنص المادة الثالثة والعشرون على أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون، ويعمل به اعتباراً من يوم 23 يوليو سنة 1969.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه بمراعاة ما نصت عليه المادة 7 من القانون 50 لسنة 1969 بشأن توفيق الأوضاع بين أفراد الأسرة فإن الأراضي الزائدة على الحد الأقصى الجائز تملكه قانوناً للخاضعين لأحكام هذا القانون تعتبر في ملكية الدولة من تاريخ العمل به في 23 يوليو سنة 1969 وأن أي تصرف في هذه الأراضي بعد هذا التاريخ يعتبر باطلاً - إلا أن الشارع توقع أن تزيد الملكية على الحد الأقصى عن غير طريق التعاقد كالميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية فأجاز للمالك التصرف في الزيادة خلال سنة من تاريخ حدوثها وذلك بشرطين رئيسيين أولهما أن تقع هذه الزيادة بعد العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 أي بعد 23 من يوليه سنة 1969 وثانيهما أن تؤول هذه الزيادة إلى المالك عن غير طريق التعاقد أي طريق لا إرادة له فيه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ملكية الأطيان الزائدة على النصاب قد آلت إلى الطاعنة عن طريق شرائها بالعقد الابتدائي المؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1954 فإن مصدر ملكيتها لهذا القدر يكون عن طريق التعاقد وليس عن طريق غيره وفي وقت سابق على سريان القانون وليس لاحقاً له وبذلك تفتقد هذه الزيادة مقومات الملكية الطارئة في مفهوم القانون رقم 50 لسنة 1969 فلا يجوز للمالكة أن تتصرف فيها خلال السنة المنصوص عنها في المادة السابعة من القانون بل تعتبر ضمن ملكيتها الأصلية ويتعين على الإصلاح الزراعي معاملتها على هذا الأساس.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أن الأرض موضوع الزيادة كانت محل منازعة أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وأن قرار اللجنة لم يصدر في شأنها إلا بعد العمل بالقانون المشار إليه فهذا القول مردود بأن قرار اللجنة إنما هو قرار كاشف عن الحق وليس منشئاً له فهو إنما كشف بأثر رجعي عن أن هذه المساحة كانت ملكاً للطاعنة منذ أن آلت إليها بعقد البيع المذكور ولم يقرر لها قرار اللجنة هذا الحق ابتداء فسند الملكية ليس هذا القرار وإنما هو العقد ومن تاريخه يبدأ التملك.
ومن حيث إنه وقد ذهب القرار المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صدر متفقاً مع صحيح حكم القانون ويكون الطعن على غير أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً الحكم برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.


[(1)] هذا المبدأ تأييداً لما سبق وأن انتهت إليه هذه المحكمة في الطعن رقم 835 لسنة 18 ق المحكوم فيه بجلسة 28/ 12/ 1976.
منشور مجموعة المبادئ السنة 22 مبدأ رقم 14.