مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 306

(47)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 420 لسنة 24 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الدعوى التأديبية - سقوطها.
المادة 59 من القانون رقم 61 لسنة 1971 والمادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام - إرجاء الشركة توقيع الجزاء لحين البت في المسئولية الجنائية - صدور حكم محكمة أمن الدولة بالبراءة لعدم ثبوت الجناية والتصديق عليه في 23/ 10/ 1976 - متى تم توقيع الجزاء من الشركة خلال سنة من تاريخ التصديق على الحكم كان بمنأى عن سقوط الدعوى التأديبية - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - تأديب - المحكمة التأديبية - ولايتها:
إذا كان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة قد برأ العامل من تهمة الاختلاس عن عجز العهدة لعدم ثبوت الجناية فإن هذا الحكم لا ينفي عن المطعون ضده مخالفة الإهمال الذي أدى إلى عجز العهدة - قرار الجزاء بتحميله نصف قيمة العجز صحيح - أساس ذلك: اعتباره تعويضاً مدنياً عن المخالفة وقد تحققت عناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية - ولاية المحكمة التأديبية تمتد إلى طالب التعويض عن الضرر الناتج عن المخالفات التأديبية التي تختص بتوقيع الجزاء عنها أو بالطعن في الجزاءات الموقعة باعتبارها فرعاً من اختصاصها الأصلي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 17 من مايو سنة 1978 أودعت الأستاذة عصمت محمد حمدي المحامية بصفتها وكيلة عن رئيس مجلس إدارة شركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية بموجب التوكيل رقم 341 لسنة 1973 عام قصر النيل، تقرير طعن قيد بجدول المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 420 لسنة 24 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للتموين بجلسة 21 من مارس سنة 1978 في الطعن رقم 97 لسنة 11 القضائية القاضي بإلغاء القرار رقم 218 لسنة 1977 بمجازاة المطعون ضده بخصم شهرين من راتبه مع حرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه وتحميله نصف قيمة العجز وقدرها 325.257 جنيه وما يترتب على هذا القرار من آثار وإلزام الشركة بمقابل أتعاب المحاماة، وطلبت الشركة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الطعن رقم 97 لسنة 11 القضائية المقام أمام المحكمة التأديبية للتموين وإلزام المطعون ضده بمقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في العشرين من سبتمبر سنة 1982، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الطعن المقام أمام المحكمة التأديبية للتموين برقم 97 لسنة 11 ق.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة الرابع عشر من إبريل سنة 1982 وتدوول نظره أمام الدائرة المذكورة بالجلسات على النحو المبين في المحاضر وبجلسة الثاني والعشرين من يونيه سنة 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة التاسع والعشرين من أكتوبر سنة 1983 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة لنظره بجلسة الخامس عشر من نوفمبر 1983، وفي هذه الجلسة قررت هذه المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه في السابع من فبراير سنة 1974 أبلغ أحد العاملين بفرع الشركة بشارع 26 يوليو مدير الفرع أنه في الأول من فبراير سنة 1974 باع المطعون ضده بالاشتراك مع آخرين 21 ثوباً من قماش الدمور دفعة واحدة لأحد تجار السوق السوداء الذي تسلم الكمية دون استخراج قسائم البيع إلا لعدد عشرة أثواب فقط حالة كون الفرع مخصص لبيع التجزئة وذلك مقابل رشوة قبضها المطعون ضده من التاجر، بناء على هذا البلاغ قامت الشركة بجرد عهدة المطعون ضده وآخر عن صنفي الدمور والدبلان عن الفترة من 1/ 1/ 1974 لغاية 8/ 2/ 1974 فتبين وجود عجز بها قيمته 325.257 جنيه وبناء على ذلك أصدرت الشركة القرار رقم 203 لسنة 1974 بفصل المطعون ضده، وطعن المطعون ضده في هذا القرار أمام المحكمة التأديبية للتموين التي قضت بجلسة 30 من نوفمبر سنة 1974 بإلغاء قرار الفصل لعدم تناسبه مع ما ثبت في حق المطعون ضده من علمه بواقعة البيع وتستره عليها مقابل جنيه من زميله وأضافت المحكمة أن مجرد العجز ليس دليلاً على الاختلاس وإنما ينسب إلى المطعون ضده الإهمال في الحفاظ على عهدته مما أدى إلى ظهور العجز، وقد رأت الشركة إرجاء النظر في مجازاة المطعون ضده بجزاء آخر غير الفصل انتظاراً لما تسفر عنه محاكمته جنائياً في الجناية رقم 7237 لسنة 1974 الأزبكية التي أحيل إليها مع آخر بتهمة اختلاس بضائع قيمتها 1589.132 جنيه، وبجلسة 24 من إبريل سنة 1975 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة حكمها في الجناية المشار إليها ببراءة المطعون ضده للشك في نسبة الاتهام إليه وصدق على هذا الحكم في 23 من أكتوبر سنة 1976، وبعد ذلك أصدرت الشركة قرارها رقم 218 في 28 من مايو سنة 1977 بمجازاة المطعون ضده في الاتهام موضوع الطعن التأديبي بخصم شهرين من راتبه وحرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه وتحميله نصف مبلغ 325.257 جنيه قيمة العجز في العهدة، ولم يرتض المطعون ضده هذا الجزاء فطعن فيه أمام المحكمة التأديبية بالطعن رقم 97 لسنة 11 القضائية فقضت بجلسة 21 من مارس سنة 1978 بإلغاء القرار تأسيساً على أن المحكمة سبق لها إصدار حكم في الطعن رقم 191 لسنة 8 القضائية حددت فيه المخالفات الإدارية المنسوبة للمطعون ضده وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المقضى فيه وكان على الشركة أن توقع على المطعون ضده الجزاء خلال سنة من تاريخ الحكم أي في أجل ينتهي في 29/ 11/ 1975 وإذ تراخت في ذلك حتى 28/ 5/ 1977 فإن الدعوى التأديبية قد سقطت طبقاً للمادة 59 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام ويكون قرار الجزاء عارياً من السند القانوني.
ومن حيث إن الطعن الراهن يقوم على أن المحكمة التأديبية لم تنظر فيما صاحب صدور حكمها السابق بإلغاء قرار الفصل من قبض على المطعون ضده وحبسه احتياطياً في الجناية رقم 7237 لسنة 1974 الأزبكية ومن تداخل في الوقائع محل المساءلة التأديبية والجنائية مما دفع الشركة إلى إرجاء توقيع جزاء آخر غير الفصل إلى ما بعد الحكم في الجناية المشار إليها وإذ تم التصديق على الحكم الجنائي في 23/ 10/ 1976 فإن هذا التاريخ هو الذي يجري منه ميعاد سقوط الدعوى التأديبية وإذ صدر قرار الجزاء في 28/ 5/ 1977 فإنه يكون قراراً صحيحاً قانوناً، ومن جهة أخرى فقد تضمن قرار الجزاء الذي ألغته المحكمة تحميل المطعون ضده بنصف قيمة العجز الثابت في عهدته، وهو ليس بجزاء تأديبي ويخرج من اختصاصها قانوناً.
ومن حيث إن المادة 59 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام والمطابقة لحكم المادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 الذي حل محله تنص على أن (تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وتسقط الدعوى التأديبية في كل حالة بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة، وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء...... ومع ذلك فإذا كون بالفعل جريمة جنائية لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية).
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على حكم محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة الصادر في قضية النيابة العامة رقم 7237 لسنة 1974 الأزبكية (القضية رقم 321 لسنة 74 كلي) ضد كل من 1 - إبراهيم محمد حسن و2 - نصيف سندق بسطا، وأن النيابة العامة اتهمتهما بأنها خلال المدة من 1/ 1/ 1974 حتى 8/ 2/ 1974 بصفتهما في حكم الموظفين العموميين اختلسا البضائع الموضحة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 1589.132 جنيه المسلمة إليهما بسبب وظيفتهما كما هو ثابت من الجرد، ومن هذه البضائع العجز في العهدة الذي سبق جرده عن صنفي الدمور والدبلان والبالغ قيمته 325.257 مليمجـ ومن ثم فإن هذا الجزاء من العجز في العهدة والذي جوزي المطعون ضده بسببه بالفصل وألغت المحكمة التأديبية هذا الجزاء لعدم تناسبه مع المخالفة، هذا الجزاء شكل في ذات الوقت جريمة جنائية تمت محاكمته عنها جنائياً وقضي نهائياً ببراءته لعدم ثبوت الجناية وصدق على الحكم في 23/ 10/ 1976، وإذ سبق للشركة إرجاء توقيع جزاء عنها لحين البت في مسئولية المطعون ضده الجنائية، وتم توقيع الجزاء في 28/ 5/ 1977 خلال سنة من تاريخ التصديق على الحكم الجنائي أي من تاريخ آخر إجراء من إجراءات المحكمة فإنه يكون بمنأى عن سقوط الدعوى التأديبية وفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 59 المشار إليها، ولذلك يكون الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر مخالفاً للقانون وجديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية في الطعن رقم 191 لسنة 8 القضائية الذي قضى بإلغاء جزاء الفصل الموقع على المطعون ضده، قد حدد المخالفتين الثابتتين في حقه، وهما تستره على واقعة بيع أقمشة بالجملة مقابل حصوله على جنيه من زميل له وإهماله في الحفاظ على عهدته مما أدى إلى ظهور عجز بها، فإن مجازاة المطعون ضده بالقرار رقم 218 الصادر في 28/ 5/ 1977 بخصم شهرين من راتبه مع حرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه أثناء فترة الحبس والإيقاف يكون مناسباً لما ثبت في حقه ولا تشوبه أية شائبة، أما عن تحميله بنصف قيمة العجز في العهدة البالغة 325.257 جنيه فإنه ولئن كان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا قد برأه من تهمة الاختلاس عن عجز في العهدة يشمل القيمة المشار إليها، فإن هذا الحكم لا ينفي عن المطعون ضده مخالفة الإهمال الذي أدى إلى وجود العجز ولذا يكون قرار الجزاء وقد حمله بنصف قيمة العجز المشار إليه موافقاً لصحيح القانون بوصفه تعويضاً مدنياً عن المخالفة وقد تحققت في المطعون ضده عناصر هذه المسئولية من خطأ وضرر وسببية، وغني عن البيان أن ولاية المحكمة التأديبية تمتد إلى طلب التعويض عن الضرر الناتج عن المخالفات التأديبية التي تختص بتوقيع الجزاء عنها أو بالطعن في الجزاءات الموقعة عنها باعتبارها فرعاً من اختصاصها الأصلي وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لذلك يكون من المتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الطعن المقام من المطعون ضده أمام المحكمة التأديبية للتموين برقم 97 لسنة 11 القضائية.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن رقم 97 لسنة 11 القضائية المقام من المطعون ضده أمام المحكمة التأديبية للتموين.