مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 385

(58)
جلسة 3 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 4 لسنة 26 القضائية

إصلاح زراعي - ما يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
المادة 13 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - المشرع قد أناط بالمحكمة الإدارية العليا الفصل في الطعون على القرارات الصادرة من اللجان القضائية في المنازعات المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي الزراعية فقط - يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون المتعلقة بتوزيع الأراضي الزراعية - اختصاص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بنظر الطعون في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي المتعلقة بتوزيع الأراضي الزراعية باعتبارها لجان إدارية ذات اختصاص قضائي - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3 من أكتوبر سنة 1979 قدم الأستاذ جاد العبد جاد بصفته وكيلاً عن السيدين: الدسوقي إبراهيم منصور وفا، وعطية الدسوقي إبراهيم - إلى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم/ 4 لسنة 26 ق عليا - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة الثاني من إبريل سنة 1971 في الاعتراض رقم 99 لسنة 1971 - الذي قضى بعدم اختصاص اللجنة ولائياً بنظر الاعتراض وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة ولائياً بنظر الاعتراض واختصاصها بنظره مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة التي قدمت تقرير بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وبإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه مع بقاء الفصل في المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم نظر الطعن بدائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1983 - وفي هذه الجلسة وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن القرار المطعون فيه صدر في الثاني من إبريل سنة 1979 فتقدم الطاعن بالطلب رقم 185/ 25 إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية العليا لإعفائه من رسوم الطعن. في 27 من مايو سنة 1979 وبجلسة 4 من أغسطس سنة 1979 قررت اللجنة رفض الطلب - ومن ثم تقدم الطاعن بتقرير الطعن في الثالث من أكتوبر سنة 1979 وبذلك تكون كافة إجراءات الطعن قد تمت في المواعيد المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن الطاعن الأول كان من بين المرشحين للتوزيع في أراضي وقف عيسى حمدي - المسلمة من هيئة الأوقاف للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام القانون رقم/ 44 لسنة 1962 وباعتباره مستأجراً لفدانين منها - ولأنه كان يعمل خفيراً عند إجراء توزيع هذه الأرض على الفلاحين فقد أرجئ تسليم الأرض إليه حتى تنتهي خدمته وفقاً للقواعد والتعليمات الخاصة بالتوزيع في هذا الشأن - أما الطاعن الثاني فهو ابن الطاعن الأول وقد تم بحثه للتوزيع ضمن أسرة والده باعتباره قاصراً - وإذ قامت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بإلغاء التوزيع على الأول بدعوى أن مرتبه كخفير وقت التوزيع بلغ سبعة جنيهات بينما حقيقته بما فيه علاوة الغلاء هي 3.350 جنيه كما أنه وابنه يمتهنان الزراعة حرفة أصلية لهما - كما أن الابن (الطاعن الثاني) بلغ سن الرشد فقد اضطرا إلى رفع الاعتراض رقم/ 99 سنة 1971 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي طالبين أحقية أي منهما في التوزيع، وقدما حافظة بالمستندات ضمنت إقرارين صادرين من مجلس محلي شبراهور يفيدان بأن كلاً منهما فلاح وغير حائز لأرض زراعية - وقد رد الإصلاح الزراعي على ذلك بمذكرة ذكر فيها أن التوزيع يتم بعد قيام جهات معينة بعمل بحث اجتماعي لكل أسرة - والعبرة في ذلك بوقت التوزيع - وأنه عند توزيع الأرض موضوع الاعتراض لم تكن تتوفر في المعترضين شروط التوزيع عملاً بالمادة التاسعة من القانون رقم/ 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي إذ تبين للهيئة أن دخل المعترض الأول من وظيفته كخفير بلغ سبعة جنيهات بما يمتنع معه القول أن الزراعة هي مصدر رزقه الأساسي.
وبجلسة الثاني من إبريل سنة 1979 قررت اللجنة القضائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الاعتراض - وبنت قرارها على أن الفقرة الرابعة من المادة/ 13 مكرراً من القانون رقم 178 سنة 1952 بالإصلاح الزراعي تجعل للجان القضائية ولاية الفصل في منازعات توزيع الأطيان المستولى عليها طبقاً لأحكام هذا القانون والقوانين المعدلة له، وليس منها القانون رقم 44/ 1962 وأنه لما كان هذا الاختصاص استثنائياً فإنه لا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه فلا يمتد إلى منازعات التوزيع في الأراضي المسلمة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً للقانون رقم 44 لسنة 1962.
ومن حيث إنه لذلك فقد أقام المعترضان الطعن الماثل بطلب الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المذكور ورفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة ولائياً بنظر الاعتراض واختصاصها بنظره واستندا في ذلك إلى مخالفة القرار المطعون فيه للقانون إلى ثلاثة أسباب الأول أن الإصلاح الزراعي هو الذي يقوم بتوزيع الأرض على المنتفعين وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعي وبذلك تختص اللجنة القضائية بنظر هذا النزاع وفقاً لأحكام المادة 13 مكرراً من القانون رقم/ 178 لسنة 1952 - ثانياً: أن الطاعن الثاني وهو ابن الطاعن الأول يعمل بالزراعة ويعول أسرة مكونة من خمسة أفراد ومن ثم يتضح أن الإصلاح الزراعي قد أجحف بحقه - الثالث أن شروط المادة التاسعة من القانون رقم/ 178 لسنة 1952 تنطبق على حالة الطاعنين ذلك أنهما من أهالي الناحية وحرفتهما الأساسية الزراعة - ولا تمنع حرفة الخفير من امتهان الزراعة.
ومن حيث إن المادة/ 13 مكرراً من القانون رقم/ 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم/ 69 لسنة 1971 تنص في فقرتها الثانية على أنه تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرئاسة ومن عضو بمجلس الدولة يختار رئيس المجلس وثلاثة أعضاء يمثلون كلاً من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق ومصلحة المساحة. وتختص هذه اللجنة دون غيرها - عند المنازعة - بما يأتي:
1 - تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأرض المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليها منها.
2 - الفصل في المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها على المنتفعين، وفي جميع الأحوال لا تقبل المنازعة بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ النشر في الوقائع المصرية عن الأراضي المستولى عليها ابتدائياً أو الأراضي التي يتم توزيعها على المنتفعين توزيعاً ابتدائياً - كما لا تقبل المنازعة في القرارات الصادرة بالتوزيع الابتدائي قبل أول أكتوبر سنة 1956 وذلك فيما عدا المنازعات التي رفعت قبل هذا التاريخ - وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات التقاضي أمام اللجان القضائية ويتبع فيما لم يرد بشأنه فيها نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، كما تبين اللائحة البيانات التي تنشر في الوقائع المصرية عن الأراضي المستولى عليها أو الموزعة ابتدائياً - واستثناء من أحكام قانون السلطة القضائية يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات التي تختص بها اللجان القضائية المشار إليها في الفقرة الثانية من هذه المادة وتحال فوراً جميع القضايا المنظورة أمام جهات القضاء ما دام باب المرافعة لم يقفل فيها إلى تلك اللجان ويجوز لذوي الشأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة في القرارات الصادرة من اللجان القضائية في المنازعات المنصوص عليها في البند (1) من الفقرة الثالثة ويرفع الطعن بتقرير يقدم خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار وفقاً للأوضاع وبالشروط المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ القرار إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بذلك.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أولاً أن المشرع قد ناط باللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الفصل في المنازعات المتعلقة بالاستيلاء على الأرض الخاضعة لقانون الإصلاح الزراعي، وكذا تلك المتعلقة بتوزيع الأراضي المستولى عليها بمقتضى هذا القانون ومنع غيرها من ذلك - وهو استثناء من الأصل العام لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه - ومن ثم لا يجوز لغير اللجنة القضائية الفصل في هذه المنازعات دون نص في القانون يجيز لها ذلك.
ثانياً: أن المشرع قد ناط بالمحكمة الإدارية العليا الفصل في الطعون التي تقدم عن القرارات الصادرة من اللجان القضائية في المنازعات التي نصت عليها الفقرة الأولى من المادة/ 13 مكرر وهي المنازعات المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي فقط دون منازعات التوزيع - وبذلك ينعقد الاختصاص في نظرها لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة باعتبارها قرارات نهائية صادرة من لجان إدارية ذات اختصاص قضائي وفقاً لما تقضي الفقرة/ 10 من المادة/ 8 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن الخلاف بين الطرفين يتبلور في أمرين الأول مدى اختصاص اللجنة القضائية في نظر النزاع فالهيئة المطعون ضدها ترى عدم اختصاص اللجنة بذلك على اعتبار أن الأراضي محل النزاع ليست من الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي حتى تكون اللجنة القضائية بالضرورة هي جهة الاختصاص في المنازعات المتعلقة بتوزيعها ذلك أنها من أراضي الأوقاف التي سلمت إلى الهيئة العامة للإصلاح لتوزيعها تنفيذاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 والثاني: مدى اختصاص المحكمة الإدارية العليا (هذه المحكمة) - في نظر الطعن الماثل باعتباره متعلقاً بنزاع حول توزيع أرض زراعية.
ومن حيث إنه يلزم بادئ ذي بدء النظر في اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن الماثل بحسبان أن الدفع بعدم الاختصاص لانتفاء الولاية أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها وفقاً لأحكام المادة/ 109 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. وهذا الدفع يعتبر مطروحاً على هذه المحكمة ولو لم يتمسك به أحد الخصوم لتعلقه بالنظام العام - الأمر الذي يتعين معه التصدي بداءة لاستظهار مدى اختصاصها أو عدم اختصاصها بنظر هذا الطعن قبل التعرض له شكلاً وموضوعاً وإذا كان اختصاص هذه المحكمة بالفصل في الطعون في القرارات الصادرة من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي على ما سبق تفصيله قاصراً على تلك المتعلقة بالمنازعات حول الأراضي المستولى عليها وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي أو الخاضعة للاستيلاء ولا اختصاص لها بالمنازعات المتعلقة بتوزيع هذه الأراضي - فإنه وقد تعلق الطعن الماثل بقرار صادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بشأن نزاع حول توزيع أرض زراعية فلا اختصاص لهذه المحكمة بشأنه ويتعين لذلك الحكم بعدم اختصاصها بنظر هذا الطعن - وإحالة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه - وأبقت الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وبإحالة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري (الدائرة الخاصة بمنازعات الأفراد) لاختصاصها وحددت لنظر الدعوى جلسة 31 من يناير سنة 1984 وأبقت الفصل في المصروفات.

[(1)] هذا المبدأ تأكيداً لما سبق أن انتهى إليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 831 - 23 (18/ 3/ 1980).