مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 407

(62)
جلسة 7 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وحسن حسنين علي ويحيى السيد الغطريفي - المستشارين.

الطعن رقم 462 لسنة 26 القضائية

دعوى - عوارض سير الدعوى - انقطاع سير الخصومة في الدعوى.
الغرض المقصود من انقطاع الخصومة طبقاً لحكم المادة 130 من قانون المرافعات المدنية والتجارية هو حماية ورثة المتوفى أو فاقد الأهلية أو الخصم الأصيل في حالة زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه حتى لا تجري إجراءات الخصومة بغير علمهم - انطلاقاً من الحكمة التي قام عليها النص فإنه إذا تعدد الخصوم في أحد طرفي القضية وقام سبب أحدث انقطاع الخصومة بالنسبة لأحد الخصوم فإنها تستمر صحيحة بالنسبة لغيره متى كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة - لا معنى في هذه الحالة أن ينقطع سير الخصومة في الدعوى كلها بل تبقى إجراءات الدعوى صحيحة بالنسبة للخصم الذي لم تطرأ في شأنه حالة من حالات انقطاع الخصومة وتنقطع الخصومة بالنسبة للخصم الآخر الذي قامت في شأنه إحدى تلك الحالات حماية له من سير إجراءات الخصومة بغير علمه - تطبيق: إقامة الدعوى ضد وزارة التموين - اختصام المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية لمجرد صدور الحكم في مواجهتها - زوال صفة المؤسسة المذكورة لا يستتبع انقطاع سير الخصومة بالنسبة لوزارة التموين بحسبانها الخصم الأصيل في الدعوى والطلبات فيها موجهة أساساً إليها - القول بأنه كان يتعين على الحكم أن يقضي بانقطاع سير الخصومة في الدعوى بعد زوال صفة المؤسسة سالفة الذكر على غير أساس سليم من القانون - مثال.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 14 من فبراير سنة 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير التموين ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 462 لسنة 26 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 1176 لسنة 27 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار الامتناع عن الإفراج عن البضائع المملوكة للشركة السابق ضبطها والتحفظ عليها، وبتعويض الشركة المدعية عن هذا القرار تعويضاً مؤقتاً بمقدار قرش واحد وإلزام الحكومة بالمصاريف، وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بانقطاع سير الخصومة، واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده في مواجهة مأمور قسم الشرطة الكائن في دائرته محل إقامة المطعون ضده في 5 من مارس سنة 1980 بسبب غياب المطعون ضده وامتناع وكيله عن استلام صورة تقرير الطعن وأخطر المطعون ضده بذلك بكتاب مسجل في 6 من مارس سنة 1980.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه، لما ارتأته من أسباب إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7 من ديسمبر سنة 1981 التي قررت بجلسة 5 من إبريل سنة 1982 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 22 من مايو سنة 1982 وتم تداول الطعن على النحو الثابت في المحاضر إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، على ما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 1176 لسنة 27 قضائية ضد كل من وزير التموين ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية بأن أودع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 30 من أغسطس سنة 1973 طالباً فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار الاستمرار في ضبط السلع المملوكة لشركة ثابت التجارية والصناعية التي يمثلها المدعي والمودعة لدى المؤسسة المدعى عليها الثانية واحتياطياً بوقف تنفيذ قرار الامتناع عن الإفراج عن السلع المشار إليها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بالاستمرار في ضبط السلع المملوكة والمودعة لدى المؤسسة والحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي بصفته تعويضاً مؤقتاً قدره قرش واحد عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت الشركة بسبب القرار المطعون فيه مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي بياناً لدعواه إنه في 26 من فبراير سنة 1972 صدر قرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 في شأن تنظيم الاتجار في السلع الكمالية ونص في مادته الأولى على أنه "يحظر على أصحاب المحلات من القطاع الخاص والمسئولين عن إدارتها والباعة الجائلين ومن في حكمهم أن يعرضوا للبيع أو يحوزوا بقصد الاتجار في أي سلعة من السلع الكمالية الواردة بالجدول المرافق لهذا القرار" ونصت المادة الثالثة من القرار على أن "تمنح المتاجر الخاصة التي لديها كميات من السلع الاستهلاكية الكمالية المبينة بالكشف المشار إليه في المادة الأولى مهلة قدرها ثلاثة شهور من تاريخ نشر هذا القرار للتصرف في تلك السلع". وأضاف المدعي أنه قبل أن تنتهي المدة المذكورة قامت الشركة التي يمثلها بتقديم مذكرة مؤرخة 27 من إبريل سنة 1972 إلى وكيل وزارة التموين وأوضحت فيها أن قرار وزير التموين سالف الذكر لا ينطبق عليها إذ أنها تتجر في الأدوات الكهربائية التي تستوردها بموجب إذن استيراد، وأفاد وكيل وزارة التموين شفاهة أن القرار المذكور لا يسري على الشركة وأنه يمكن لها الاستمرار في هذا النشاط، واستناداً إلى ذلك استمرت الشركة في إدارة أعمالها إلى أن فوجئت بعد انتهاء المدة المقررة في قرار وزير التموين المشار إليه بمباحث التموين تهاجم مكاتبها ورغم اطلاعها على صورة المذكرة التي سبق أن قدمتها الشركة والمستندات التي تثبت أن البضائع الموجودة قد تم بيعها إلى العملاء في تاريخ سابق على انتهاء المدة التي حددها وزير التموين في قراره إلا أنها قامت بإغلاق مكاتب الشركة ومخزنها واستمر الغلق لمدة 21 يوماً، وأعقب ذلك تشكيل لجنة من المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية لحصر السلع التي رؤى أن الحظر يسري عليها وقامت اللجنة بتقييم تلك السلع بمبلغ 12500 جنيهاً مع أن قيمتها تبلغ 45223 جنيهاً، وإثر ذلك تقدمت الشركة بتظلم إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة أعقبته بتظلم آخر في 22 من سبتمبر سنة 1972 أوضحت فيه أن المصادرة شملت بضائع لا تخضع للاستيلاء مثل أطباق الزينة إلا أن المؤسسة لم ترد على هذين التظلمين بل إنها أغفلت قرار وزير التموين رقم 102 لسنة 1972 الذي يقضي بأنه إذا رفض التاجر السعر المقرر فتعرض بضاعته كأمانة لدى محال القطاع العام بالسعر الذي يحدده مع صرف 25% من قيمتها والباقي عند البيع بعد خصم 10% من ثمن البيع كمصاريف إدارية وانتهى المدعي إلى التماس الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء فيها أنه في 23 من يناير سنة 1972 صدر قرار رئيس الوزراء رقم 128 لسنة 1972 بحظر استيراد السلع المبينة في الكشف المرفق له بغرض الاتجار ومنح المتاجر الخاصة مهلة قدرها ثلاثة أشهر للتصرف فيما لديها من تلك السلع، وفي 29 من فبراير سنة 1982 صدر قرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 بحظر عرض وحيازة السلع المشار إليها في قرار رئيس الوزراء المشار إليه بقصد البيع اعتباراً من أول مايو سنة 1972 وإلا تم مصادرتها، وقد قامت مباحث التموين، تنفيذاً لهذا الإقرار الأخير بالتحفظ لدى الشركة التي يمثلها المدعي على بعض البضائع وقامت الجهة المختصة بتقييمها.
وبجلسة 5 من فبراير سنة 1974 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار الصادر بالتحفظ والامتناع عن الإفراج عن السلع المملوكة للشركة وما يترتب على ذلك من آثار، وطعن في هذا الحكم بالطعن رقم 388 لسنة 20 قضائية عليا، وفي جلسة 3 من إبريل سنة 1978 قضت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات.
وعند نظر الدعوى موضوعاً أمام محكمة القضاء الإداري قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وطلبت من باب الاحتياط الحكم برفض الدعوى لورودها على غير محل تأسيساً على أن قرار الضبط والتحفظ انقضى بالإفراج عن البضائع للشركة التي قامت بتسليمها للمؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية التي أرسلت شيكاً للشركة بمبلغ ثمانية آلاف جنيه كثمن للبضاعة لحين البت في التظلم من السعر.
وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه ويقضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار الامتناع عن الإفراج عن البضائع المملوكة للشركة السابق ضبطها والتحفظ عليها وبتعويض الشركة عن هذا القرار تعويضاً مؤقتاً بمقدار قرش واحد وإلزام الحكومة بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن قيام مباحث التموين بضبط البضائع المملوكة للشركة والتحفظ عليها تم تنفيذاً لقرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 بحظر عرض أو بيع السلع الكمالية المستوردة بمحلات القطاع الخاص، وإذ طعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 1330 لسنة 26 قضائية وقضت المحكمة بجلسة 27 من فبراير سنة 1973 بإلغاء هذا القرار فإنه بصدور هذا الحكم نهائياً يكون من المتعين على جهة الإدارة إلغاء ما استندت إليه من قرارات بالضبط والتحفظ ومن بينها القرار السابق صدوره بضبط البضائع المملوكة للشركة، وهي إذ لم تفعل فقد غدا امتناعها عن سحب قرار الضبط أو الإفراج عن البضائع المضبوطة غير قائم على سبب صحيح من القانون جديراً بالإلغاء، وإذا انتهت المحكمة إلى إلغاء هذا القرار فإن ركن الخطأ في المسئولية عنه يكون قائماً كما أن ركن الضرر متوافر أيضاً إذ يتمثل في حجز بضائع الشركة عن التداول وتجميد قيمتها، وإذ توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر فإنه يتعين الحكم للشركة التي يمثلها المدعي بالتعويض المطلوب ولا يغير مما تقدم القول بأنه ثمة عقداً توافرت له أركان الرضا أو أن الشركة حصلت على تعويض نقدي من المؤسسة ذلك أنه ليس هناك شبهة إرادة من الشركة في قبول بيع البضائع المضبوطة وإذ كانت الشركة قد يئست من وقف الاعتداء على بضائعها فاضطرت إلى حصر منازعتها في قيمة البضائع المذكورة، إلا أنها لما استشعرت سقوط قرار وزير التموين في مجال التطبيق بصدور حكم قضائي بإلغائه زال عنها الاضطرار وأفصحت عن إرادتها في إنكار تصرف المؤسسة بالدعوى الماثلة هذا وقيام المؤسسة بإرسال شيك بمبلغ ثمانية آلاف جنيه للشركة لا يعد هذا بذاته دليلاً على قبول الشركة بيع بضائعها للمؤسسة بعد أن تعهدت برده.
ومن حيث إن الطعن يقوم طبقاً لما جاء في تقرير الطعن والمذكرتين المقدمتين من جهة الإدارة على أن الحكم المطعون فيه خالف القواعد الإجرائية الواجب اتباعها إذ أن المدعى عليها الثانية مصدرة القرار هي المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية وقد ألغيت تلك المؤسسة بصدور القانون رقم 111 لسنة 1975 بشأن إلغاء المؤسسات ومن ثم كان يتعين على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أن تقضي بانقطاع سير الخصومة في الدعوى بعد أن تقاعست الشركة المدعية عن اختصام الجهة الإدارية التي حلت محل المؤسسة الملغاة أو اختصام المصفي لتلك المؤسسة، وذلك إعمالاً لحكم 130 من قانون المرافعات، كذلك فقد خالف الحكم المطعون فيه أحكام القانون إذ قضى بوجود قرار سلبي بالامتناع عن الإفراج عن البضائع ذلك أن الثابت أن الشركة التي يمثلها المطعون ضده قد قامت باستلام البضائع من مباحث التموين ثم قامت الشركة بتسليم تلك البضائع للمؤسسة مقابل الثمن الذي تحدده لجان التثمين ومن ثم فلا مجال للقول بوجود قرار سلبي بالامتناع بل إن عنصر المنازعة يرتكن أساساً على تقدير ثمن هذه البضائع وأخيراً فإنه لا محل للقول بوجود مجال للتعويض إذ بانتفاء القرار الإداري لا يكون هناك ثمة خطأ أو ضرر يرتب المسئولية فضلاً عن أن دفع المسئولية بمبلغ 8000 جنيه يعتبر جزءاً من التعويض العيني إن كان هناك مبرراً للتعويض.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرتين بدفاعه جاء فيهما أنه بعد صدور الحكم بوقف التنفيذ قامت الشركة التي يمثلها المطعون ضده برد الشيك الصادر إليها بمبلغ 8000 جنيه إلى جهة الإدارة التي قامت باستلام الشيك وصرف قيمته على ما هو ثابت من المستند المقدم منه كما قامت الشركة باستلام البضائع موضوع هذه المنازعة وهذا ينفي مزاعم جهة الإدارة بأنه قد تم بيع تلك البضائع إلى جهة الإدارة المدعية واختياراً من الشركة وانتهى المطعون ضده إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
ومن حيث إن المادة 130 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصومة أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها، والغرض المقصود من انقطاع الخصومة طبقاً لحكم المادة السابقة هو حماية ورثة المتوفى أو فاقد الأهلية أو الخصم الأصيل في حالة زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين حتى لا تجري إجراءات الخصومة بغير علمهم، وانطلاقاً من الحكمة التي قام عليها النص فإنه إذا تعدد الخصوم في أحد طرفي القضية وقام سبب أحدث انقطاع الخصومة بالنسبة لأحد الخصوم فإنها تستمر صحيحة بالنسبة لغيره متى كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، لأنه لا معنى في هذه الحالة أن ينقطع سير الخصومة في الدعوى كلها بل تبقى إجراءات الدعوى صحيحة بالنسبة للخصم الذي لم تطرأ في شأنه حالة من حالات انقطاع الخصومة وتنقطع الخصومة بالنسبة للخصم الآخر التي قامت في شأنه إحدى تلك الحالات حماية له من سير إجراءات الخصومة بغير علمه، ومتى كان ذلك وكان الثابت من خصوصية هذه المنازعة أن المطعون ضده قد طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن الإفراج عن البضائع التي تم ضبطها بمعرفة مباحث التموين تنفيذاً لقرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 بشأن تنظيم الاتجار في السلع الكمالية المستوردة والتعويض المؤقت عن هذا القرار فمن ثم تكون وزارة التموين هي الخصم الأصيل في هذه المنازعة، فالقرار المطعون فيه منسوب إليها كما أن طلب التعويض موجه لها، وما قام المطعون ضده باختصام المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية إلا لمجرد صدور الحكم في مواجهتها باعتبار أن البضائع المضبوطة كانت تحت يدها وكانت هي التي قامت بتقييم هذه البضائع، الأمر الذي يستقيم معه القول بأن زوال صفة المؤسسة المصرية العامة للسلع الاستهلاكية لا يستتبع انقطاع سير الخصومة بالنسبة لوزارة التموين بحسبانها الخصم الأصيل في الدعوى والطلبات فيها موجهة أساساً إليها، ومتى بان ذلك فإن ما قال به الطاعن من أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بانقطاع سير الخصومة في الدعوى بعد زوال صفة المؤسسة سالفة الذكر يضحى على غير أساس سليم من القانون ويتعين من ثم الالتفات عنه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مباحث التموين قامت بضبط بعض البضائع لدى الشركة التي يمثلها المطعون ضده تنفيذاً لقرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 بشأن تنظيم الاتجار في السلع الكمالية المستوردة، وقد تظلمت الشركة من قرار الضبط على أساس أن البضائع المضبوطة لا تخضع لأحكام هذا القرار بيد أن جهة الإدارة لم تلتفت إلى تظلمها في هذا الشأن، الأمر الذي لم تجد منه الشركة مناصاً من أن تطلب من الجهات المعنية استلام تلك البضائع من مخازنها وسداد قيمتها، وقد قامت لجنة من المؤسسة المصرية العامة بتثمين تلك البضائع بيد أن الشركة اعترضت على هذا التثمين إلا أنه بعد أن صدر الحكم في الدعوى رقم 1330 لسنة 26 قضاء إداري بجلسة 27 من فبراير سنة 1973 بإلغاء قرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 سالف الذكر وصيرورة هذا نهائياً وبالتالي فقدان قراري ضبط البضائع والاستمرار في عدم الإفراج عنهما لركن المشروعية، فقد بادرت الشركة التي يمثلها المطعون ضدها إلى سلوك طريق الطعن القضائي في القرار السلبي بالامتناع عن الإفراج عن البضائع المضبوطة وطلب التعويض المؤقت عن هذا القرار، الأمر الذي يقطع بأنه ليس ثمة رضاء صحيح صدر من الشركة بقبول بيع تلك البضائع على نحو ما ذهبت إليه الجهة الطاعنة، ومتى كان ما تقدم وكان ضبط البضائع الخاصة بالشركة والقرار السلبي بالامتناع عن الإفراج عنها، وهو القرار المطعون فيه، يرتكزان أساساً على أحكام قرار وزير التموين رقم 66 لسنة 1972 المشار إليه، والذي قضى بإلغائه، فمن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد فقد مشروعيته ويضحى بالتالي صواباً ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه وقد بان أنه لا يقوم على سند صحيح من القانون فإنه يشكل خطأ في جانب الإدارة وإذ لحق الشركة التي يمثلها المطعون ضده ضرر يتمثل في حبس البضائع المضبوطة وتجميد قيمتها، على نحو ما استظهر الحكم المطعون فيه بحق وكان ذلك الخطأ سبباً لذات الضرر فمن ثم تكون قد تكاملت أركان المسئولية التقصيرية التي تشغل ذمة جهة الإدارة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه بخطئها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام جهة الإدارة بالتعويض المؤقت الذي طالبت به الشركة التي يمثلها المطعون ضده فمن ثم فإن هذا الحكم يكون قد أصابه الحق فيما قضى به ووافق حكم القانون فيما انتهى إليه، ولا يغير من ذلك ما تقول به جهة الإدارة من طعنها من أنها قامت بإعطاء الشركة شيكاً بمبلغ 8000 جنيه وهو يمثل جزءاً من التعويض، ذلك أن الثابت أن هذا الشيك إنما قدم إلى الشركة كجزء من ثمن البضائع المضبوطة، وفضلاً عن أن هذا الشيك قد أعيد بالتالي إلى جهة الإدارة فإن قيمة هذا الشيك كما سبق القول كانت جزءاً من ثمن البضاعة المضبوطة وليست تعويضاً عن خطأ الإدارة في إصدارها القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن هذا الطعن يغدو ولا سند له من القانون ويتعين من ثم رفضه.
ومن حيث إن جهة الإدارة خسرت هذا الطعن فقد حق إلزامها بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعن.