أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 204

جلسة 27 من فبراير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد يونس ثابت.

(37)
الطعن رقم 1317 لسنة 47 قضائية

(1) إثبات. "بوجه عام". تلبس. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توافر حالة التلبس أو انتفاؤها. أو قيام الدلائل الكافية على الاتهام. تقدير ذلك. موضوعي.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إسناد. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة. سنداً لحكم البراءة. ما دام قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
ترجيح دفاع المتهم على شهادة الشاهد. موضوعي.
1 - من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو قيام الدلائل الكافية على الاتهام أو عدم توافر أيهما هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. ولا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها، وما يطمئن إليه طالما أنه أقام قضاءه على أسباب تحمله.
2 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام.
3 - لما كانت المحكمة قد خلصت إلى ارتيابها في أقوال شاهد الإثبات وعدم الاطمئنان إليها ورجحت دفاع المتهم، على ما سلف بيانه - وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض - فإن الطعن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدل رقم 1 المرافق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضورياً ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأن ما أسس عليه قضاءه بالبراءة لانتفاء حالة التلبس، رغم توافر الدلائل الكافية على الاتهام التي تجيز لرجل الضبط القضائي طبقاً للمادتين 34/ 1/ 46 من قانون الإجراءات الجنائية القبض على المتهم وتفتيشه ويصح به الإجراء الذي قضي الحكم ببطلانه وبطلان الدليل الذي كشف عنه لا يتفق مع الصحيح في القانون - كما أن ما عول عليه الحكم في عدم اطمئنان المحكمة للدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات غير سائغ. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو قيام الدلائل الكافية على الاتهام أو عدم توافر أيهما هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. ولا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلي وجدان قاضيها، وما يطمئن إليه طالما أنه أقام قضاءه على أسباب تحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صرح "بأن الثابت من وقائع الدعوى أن الإذن الصادر من النيابة العامة قد اقتصر على ضبط وتفتيش.....، فإن طبيعة الأمور تقتضي أن يكون بصر الضابط مركزاً على المأذون بتفتيشه دون غيره - أما وأن يصور الشاهد أنه رأي المتهم الحالي وهو يلقي بالمخدر قبل أن يشاهد المأذون بتفتيشه. ما يحمل المحكمة على الشك حول إقحام المتهم في هذا الاتهام. ويكون المتهم على حق فيما قرره من أنه لم يكن يمسك شيئاً في يده، وأن الضابط قام بتفتيشه وهو يجلس وحده على المقهى، وأنه لم يكن في حاجه إلى إلقاء ما في يده من مخدر إذا كان كما يقول الشاهد بأنه يحرز في جيب بنطلونه أربع قطع أخرى من الحشيش، وكان الأيسر على المتهم ألا يلقى ما في يده حتى يضمن عدم تعرض الضابط له. مما يؤكد للمحكمة...... أن عملية القبض أو التفتيش تمت قبل أن تثبت حالة التلبس...... ويحمل المحكمة على الشك في أقوال الشاهدين وأنهما قصداً خلق حالة التلبس بالجريمة". وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام. وكانت المحكمة قد خلصت إلى ارتيابها في أقوال شاهد الإثبات وعدم الاطمئنان إليها ورجحت دفاع المتهم - على ما سلف بيانه وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض - فإن الطعن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.