أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 224

جلسة 5 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، وأحمد موسى، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

(41)
الطعن رقم 1322 لسنة 47 القضائية

(1، 2) تزوير "استعمال أوراق مزورة". دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي" المدة. تقادم. جريمة. "الجريمة المستمرة". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
1 - انقطاع مدة التقادم. بأي إجراء صحيح من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة. ولو اتخذ في غيبة المتهم أو وجه إلى غيره. أساس ذلك؟
2 - جريمة استعمال ورقة مزورة. جريمة مستمرة. تبدأ بتقديمها والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقي ذلك التمسك. سقوط الدعوى الجنائية عنها. بدؤه من تاريخ الكف عن التمسك بها. أو التنازل عنها أو الحكم بتزويرها.
1 - من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء صحيح يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء كان من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة حتى إذا اتخذت تلك الإجراءات في غيبة المتهم أو وجهت إلى غير المتهم الحقيقي ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بني على افتراض نسيانها بمرور الزمن بدون اتخاذ الإجراءات فيها فمتى تم اتخاذ أي إجراء صحيح في الدعوى بما يجعلها ما تزال في الأذهان ولم تندرج في حيز النسيان انتفت علة الانقضاء.
2 - جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقي مستمرة ما بقي مقدمها متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها أو من تاريخ الحكم بتزويرها. لما كان ذلك، وكان الثابت أنه لم تمض ثلاث سنين من تاريخ صدور الحكم النهائي ببطلان تزوير السند موضوع الجريمة في 27/ 5/ 1970 لحين رفع الدعوى الجنائية خطأ على المجني عليها حيث ناقشتها المحكمة بجلستي 10/ 10/ 1972، 6/ 5/ 1973 في التهمة المسندة إليها ثم قضت ببراءتها بالجلسة الأخيرة، وكانت إجراءات محاكمة المتهم الحقيقي - المطعون ضده - التي بدأت بالإعلان في 13/ 8/ 1973 جاءت متلاحقة وقبل أن تتكامل مدة السقوط بين أحدها والآخر حتى صدور الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم إذ قضي بما يخالف ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه استعمل المحرر المزور المبين بالمحضر مع علمه بتزويره وطلبت عقابه بالمادة 315 من قانون العقوبات. ومحكمة بندر ثان أسيوط الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ. عارض وقضي بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قد شابه الخطأ في القانون ذلك بأنه بنى قضاءه على أنه منذ صدور حكم المحكمة المدنية في 27 مايو سنة 1970 برد بطلان السند الإذني الذي استعمله المطعون ضده - وحتى 13 أغسطس سنة 1973 تاريخ إعلانه بالحضور لجلسة 25 نوفمبر سنة 1973. قد انقضى أكثر من ثلاث سنين دون اتخاذ أي إجراء قاطع للمدة. في حين أن الثابت من الأوراق أن تلك المدة قد انقطعت بإجراءات المحاكمة التي اتخذت خطأ قبل المجني عليها وانتهت بصدور الحكم حضورياً ببراءتها بجلسة 6 مايو سنة 1973 ثم بما لحقها من إجراءات محاكمة المطعون ضده والتي لم يمض بين أي إجراء منها والإجراء الذي سبقه أو تلاه المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح.
وحيث إن البين من مطالعة المفردات أنه بتاريخ 27 مايو سنة 1970 صدر حكم المحكمة المدنية الاستئنافية برد وبطلان السند الإذني - المثبت لمديونية السيدة/ ........ الذي قدمه المطعون ضده في طلب أمر الأداء رقم 239 سنة 1967 مدني مركز أسيوط - فقامت النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية على المجني عليها - بتهمة استعمال السند الإذني المزور مع علمها بتزويره أمام محكمة قسم ثان أسيوط حيث قضى فيها بجلسة 6 مايو سنة 1973 ببراءة المتهمة مما أسند إليها بعد أن حققت المحكمة الواقعة بجلستي 15/ 10/ 1972، 6/ 5/ 1973 وثبت لها من مناقشة المجني عليها أنها قد قدمت خطأ إلى المحكمة فأعادت النيابة رفع الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده وتم إعلانه في 13/ 8/ 1973 للحضور بجلسة 3/ 9/ 1973 لنظر الدعوى - وحكم بإدانته غيابياً في 25 نوفمبر سنة 1973 - فعارض وقضي في 16 مارس سنة 1975 بقبول معارضته شكلاً وبتأييد الحكم المعارض فيه فقرر بالاستئناف وقضي في 16 مارس سنة 1976 بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى بمضي المدة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانقضاء الدعوى بمضي المدة على قوله: "وحيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن حكم المحكمة المدنية برد وبطلان السند الإذني قبل الجريمة بتاريخ 27/ 5/ 1970 ولم يعلن المتهم بعد ذلك التاريخ ولم يتخذ في مواجهته إجراء قاطع لمدة انقضاء الدعوى واتخذت الدعوى سيرها خطأ في مواجهة...... وهي المجني عليها التي قدمت للمحاكمة ثم تداركت النيابة الأمر بإسناد الاتهام إلى المتهم الحالي واتخاذ اللازم قانوناً ولم يعلن المتهم بالدعوى إلا في 13/ 8/ 1973 وهو إجراء قاطع لمدة انقضاء الدعوى ومن ثم فإن دفع الحاضر مع المتهم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون مبنياً على نص المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية قائماً على أساس سليم من الواقع والقانون ويتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء صحيح يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء كان من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة حتى إذا اتخذت تلك الإجراءات في غيبة المتهم أو وجهت إلى غير المتهم الحقيقي ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بنى على افتراض نسيانها بمرور الزمن بدون اتخاذ الإجراءات فيها فمتى تم اتخاذ أي إجراء صحيح في الدعوى بما يجعلها ما تزال في الأذهان ولم تندرج في حيز النسيان انتفت علة الانقضاء. لما كان ذلك وكانت جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقي متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها أو من تاريخ الحكم بتزويرها وكان الثابت أنه لم يمض ثلاث سنين من تاريخ صدور الحكم النهائي ببطلان تزوير السند موضوع الجريمة في 27/ 5/ 1970 لحين رفع الدعوى الجنائية خطأ على المجني عليها حيث ناقشتها المحكمة بجلستي 15/ 10/ 1972، 6/ 5/ 1973 في التهمة المسندة إليها. ثم قضت ببراءتها بالجلسة الأخيرة - وكانت إجراءات محاكمة المتهم الحقيقي - المطعون ضده - التي بدأت بإعلانه في 13/ 8/ 1973 جاءت متلاحقة وقبل أن تتكامل مدة السقوط بين أحدها والآخر حتى صدور الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم إذ قضى بما يخالف ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.