أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 67

جلسة 15 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان وصلاح عطية نائبي رئيس المحكمة ورضوان عبد العليم وأنور جبري.

(12)
الطعن رقم 54 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها".
الجلب هو استيراد المخدر بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس. متى تجاوز بفعلة الخط الجمركي.
(3) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حيازة.
استيراد المواد المخدرة. هو حيازتها المصحوبة بالنقل إلى داخل أراضي الجمهورية.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حيازة.
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزاً لها ولو أحرزها مادياً شخصاً غيره.
(5) جلب. مواد مخدرة. فاعل أصلي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى يعد المتهم فاعلاً أصلياً في جريمة جلب مواد مخدرة؟
الجدل الموضعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(6) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". جمارك "إقليم جمركي" "خط جمركي".
جريمة جلب الجواهر المخدرة، مناط تحققها؟
الإقليم الجمركي والخط الجمركي. ماهية كل منهما في مفهوم المواد الثلاث الأولى من القانون رقم 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(7) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صياغة الأحكام. لم يرسم إليها القانون شكلاً خاصاً.
(8) إثبات"اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. عنصر من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات موضوعي.
حق محكمة الموضوع في تقدير عدم صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها. ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
حقها في الأخذ باعتراف المتهم بتحقيقات النيابة. ولو عدل عنه. ما دامت قد اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع.
مثال لتسبيب سائغ في طرح دفع ببطلان الاعتراف للإكراه.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق".
اختيار مكان التحقيق. متروك لتقدير المحقق.
(10) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "اعتراف". إكراه.
حضور ضابط المخابرات التحقيق. لا يعيب إجراءاته. علة ذلك: سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانات. لا يعد إكراهاً. ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه.
(11) إثبات "اعتراف". إجراءات "إجراءات التحقيق".
استطالة زمن التحقيق. غير مؤثر على إرادة المتهم أو اعترافه.
(12) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه". وجوب صدور إذن النيابة في تفتيش الأماكن. اقتصاره على تفتيش المساكن وملحقاتها. علة ذلك؟
انتشال المواد المخدرة من مياه البحر. دون إذن من النيابة لا عيب.
التفات الحكم عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه. (13) استدلالات. مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". رجال السلطة العامة.
تولى رجل الضبط القضائي بنفسه إجراء التحريات. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين. ما دام قد اقتنع بصحة ما نقلوه إليه.
(14) استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام النقض.
(15) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره ولو لم يكن معززاً بدليل آخر. متى اطمأنت إليه.
(16) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض رواية المتهم أو تضاربها في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقص فيه.
(17) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(18) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(19) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الأصل بناء الأحكام الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة وتسمع فيه الشهود. ما دام ذلك ممكناً.
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع الشهود. بقبول المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً. أساس ذلك؟
(20) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الطاعن أو المدافع عنه. لا يصح أن يبنى عليه الطعن. ما دام لا يدعي أن المحكمة منعته من إبداء دفاعه.
(21) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع تقدير الأدلة لكل متهم. لها الأخذ بما تطمئن إليه منها في حق متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم آخر.
لمحكمة الموضوع أن تعول على التحريات باعتبارها معززة للأدلة الأخرى. ولها أن تأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(22) أسباب الإباحة وموانع العقاب "حالة الضرورة". مسئولية جنائية. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية. ماهيتها؟
التفات الحكم عن دفاع ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال لدفاع لا يتوافر به حالة الضرورة.
(23) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إشارة الحكم إلى النصوص التي أخذ الطاعنين بها. كفايته بياناً لنص القانون الذي حكم بموجبه مثال.
(24) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
(25) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الالتزام بدعوة محامي المتهم بجناية أو جنحة لحضور الاستجواب أو المواجهة. شرطه: إعلان المتهم اسم محاميه بالطريق القانوني. المادة 24 إجراءات.
النعي ببطلان الاستجواب لعدم دعوة محامي المتهم. غير مقبول. ما دام المتهم لم يعلن اسم محاميه بالطريق القانوني.
(26) تهريب جمركي. تعويض. دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". عقوبة "توقيعها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
التعويض الجمركي المنصوص عليه في المادة 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وجوب الحكم به على الفاعلين والشركاء متضامنين في جريمة التهريب الجمركي.
جواز الحكم بمثلي هذا التعويض في حالة العود.
التعويض الجمركي محدد تحديداً تحكمياً مزج فيه بين العقوبة التكميلية والتعويض المدني الجابر للضرر. أثر ذلك؟
إدانة الحكم الطاعنين بجريمتي جلب مواد مخدرة ومعاقبتهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب عملاً بالمادة 32/ 1 عقوبات دون عقوبة التعويض الجمركي. ثم إلزامهم بعد ذلك بأدائه لمصلحة الجمارك باعتباره تعويض مدني بحت. خطأ في القانون.
(27) نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم. من تلقاء نفسها. إذا ثبت لها أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون.
1 - لما كان المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي.
3 - إن استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها.
4 - لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً آخر غيره.
5 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد... قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين الخمسة قد اتفقت إرادتهم على جلب المواد المخدرة وأن كلاً منهم أسهم - تحقيقاً لذلك - بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى، وكان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعنين كانوا يعلمون بأن إطارات الكاوتشوك تحوي مخدراً وكان الطاعنون لا ينازعون في أن ما عول عليه الحكم من أدلة الثبوت له مأخذه الصحيح من الأوراق وقد انصبت مجادلتهم على ما استخلصه الحكم من هذه الأدلة ورتب عليه أن كلاً منهم قد ارتكب جريمة جلب المخدر، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً. بل إنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة ولو في نطاق ذلك المجال - على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بَّينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فضلاًً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأول من قانون الجمارك الصادر به قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 أنه "يقصد بالإقليم الجمركي، الأراضي، والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادة الدولة".
وأن الخط الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر العربية والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية ومع ذلك تعتبر خطاً جمركياً ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة" وأن يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في المحيطات المحيطة به. أما النطاق البحري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه "ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه، يعد جلباً محظوراً.
7 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم في بيان أقوال الطاعن الثاني والمتهم... كافياً في تفهم أقوالهما كان ذلك محققاً لحكم القانون ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
8 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهمون من أن اعترافاتهم نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعنين عن اعترافاتهم وإنكارهم بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليهم إذ أن المقرر أنه لا على الحكم إن أخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك.
9 - من المقرر أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة انجازه.
10 - من المقرر أن مجرد حضور ضابط المخابرات التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
11 - من المقرر أن مجرد استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم ولا يعيب اعترافه وهو ما لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان الاعتراف في السياق المتقدم بما يسوغ رفضه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
12 - لما كانت المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، ومن ثم فإن إيجاب إذن النيابة العامة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فحسب، فانتشال المواد المخدرة من مياه البحر وبدون إذن لا غبار عليه، ولا يعيب الحكم - من بعد - التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعنون ببطلان ضبط المواد المخدرة إذ هو دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد.
13 - لما كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب، بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم في معلومات.
14 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم.
15 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، ولو لم يكن معززاً بدليل آخر.
16 - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته تناقض رواية المتهم أو تضاربها في بعض تفاصيلها مادام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد هذه التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته وهو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
17 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
18 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
19 - من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع فيها الشهود متى كان سماعهم ممكناً. إلا أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقرار بقانون رقم 13 لسنة 1957 - تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أن المدافع عنه بما يدل عليه، وهي إن وردت في الباب الثاني من الكتاب الثاني من ذلك القانون الخاص بمحاكم المخالفات والجنح إلا أن حكمها واجب الاتباع أمام محاكم الجنايات عملاً بالفقرة الأولى من المادة 381 من القانون ذاته.
20 - إن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.
21 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر. كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ بها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
22 - الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن الخامس أنه كان في عرض البحر بصحبة مسلحين وكان هذا القول - بفرض صحته - لا يوفر حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادة الطاعن دخل في حلوله وهو ما لم يزعمه الطاعن، فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
23 - لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه يبين من ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذهم بها بقوله "الأمر الذي يتعين معه وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبتهم طبقاً للمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 1982 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966، 62 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 15، 121/ 1، 122/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980" وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات وفي ذلك ما يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
24 - لما كان ما يثيره الطاعنون من تعييب إجراءات التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهد.
25 - لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان". وكان مفاد هذا النص أن المشرع استن سنة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. وإذ كان الطاعن لم يزعم أنه أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم.
26 - لما كان الشارع بما نص عليه في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 من إيجاب الحكم على الفاعلين والشركاء - في جريمة التهريب الجمركي - متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة، ومثلي قيمة البضائع أو مثلى الضرائب المستحقة أيهما أكثر إذا كانت البضائع من الأصناف الممنوعة، ومن إجازة الحكم بمثلي التعويض في حالة العود، إذ حدد هذا التعويض تحديداً تحكمياً راعى فيه المزج بين العقوبة التكميلية من ناحية وبين التعويض المدني الجابر للضرر من ناحية أخرى، قد حصر التعويض الناشئ عن جريمة التهريب الجمركي في النطاق الذي رسمه في النص سالف الإشارة وخرج به عن مدلول التعويض المدني البحت كما هو معرف به في القانون، وألزم المحكمة الجنائية القضاء به في جميع الأحوال بلا توقف على الادعاء به من قبل الخزانة. ومن ثم فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لئن كان للخزانة أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم به وأن تطعن فيما يصدر في شأنه من أحكام، إلا أن القضاء به لا يتوقف على هذا التدخل بل تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أن الحكم به لا يكون إلا من المحكمة الجنائية فلا يجوز اللجوء إلى المحاكم المدنية للمطالبة به، ولا تطبق في شأنه أحكام اعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً دعواه، وتسري عليه سائر الأحكام الخاصة بانقضاء الدعوى الجنائية، ولا يقضي به إلا على مرتكب الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً فلا يمتد إلى ورثته ولا إلى المسئول عن الحقوق المدنية، وأنه لا يحكم به إذا كانت جريمة التهرب الجمركي قد نشأت عن فعل واحد كون في الوقت ذاته جريمة أخرى ذات عقوبة أشد - كما هو الشأن في واقعة هذه الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم مما خلص إليه - بحق - من إعمال الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والاقتصار، من ثم، على توقيع العقوبة المقررة لجريمة جلب المواد المخدرة باعتبارها ذات العقوبة الأشد، دون عقوبة التعويض الجمركي، قد عاد - من بعد - وألزم المحكوم عليهم بأدائه لمصلحة الجمارك على اعتباره من قبيل التعويض المدني البحت، مخالفاً بذلك النظر المتقدم، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون.
27 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: جلبوا إلى أراضي جمهورية مصر العربية جواهر مخدرة "حشيش" بأن أدخلوها دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة، ثانياً: هربوا كمية المخدرات سالفة الذكر إلى جمهورية مصر العربية من غير المنافذ الرسمية ودون أداء الرسوم الجمركية المستحقة، وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهمين بمبلغ التعويض المناسب. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً (للطاعنين) عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 5، 121/ 1، 122/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والمركبين المضبوطين وبإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إلى مصلحة الجمارك مبلغ 2.496.000 "مليونان وأربعمائة وستة وتسعون ألفاً من الجنيهات".
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة جلب جواهر مخدرة وتهريبها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان بأن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى لا تتوافر به الأركان القانونية لجريمة جلب المخدر ولم يستظهر ما إذا كان الطاعنون قد تجاوزوا الخط الجمركي من عدمه ولم يورد مضمون أقوال كل من الطاعن الثاني والمتهم..... بطريقة كافية وقد دفع الطاعنون ببطلان الاعتراف المعزو إليهم لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي من رجال الشرطة وعدم زوال أثره أمام وكيل النيابة الذي ما كان له أن يباشر التحقيق في دار المخابرات الحربية وفي حضور ضباطها لفترة استطالت إلى أكثر من عشرين ساعة بيد أن الحكم عول في إدانتهم على هذا الاعتراف وأطرح هذا الدفع بما لا يصلح لإطراحه. والتفت عما أثاروه من بطلان ضبط المخدر لعدم استصدار إذن من النيابة العامة بضبطه وهذا إلى أن تحريات الشرطة غير جدية واستقاها الضابط من المتهم العاشر...... كما أن ما أورده الحكم من أن المواد المخدرة كانت خارج المياه الإقليمية وتم نقلها إلى داخلها بقصد إدخالها البلاد ولا سند له من الأوراق. وعول الحكم على اعتراف الطاعن الثاني رغم تناقض أقواله وأخذ بالتصوير الذي قال به الضابط رغم مجافاته لطبيعة الأمور إذ التعبير لا يكون بالطريقة التي قال بها الضابط واكتفت المحكمة بتلاوة أقوال الضابط بعد تنازل النيابة العامة والدفاع عن سماع أقواله دون أن تبدي رأيها في هذا الشأن ودون أن تمكن الدفاع والنيابة العامة من مناقشة طبيب السجن وأغفل الحكم الرد على الدفع بعدم العلم بكنه المادة المضبوطة واستند في إدانة الطاعنين وحدهم إلى تحريات الشرطة دون المتهمين الآخرين الذين قضى ببراءتهم مع أنها شملتهم كفاعلين في الجريمة وأعرض عما تمسك به الطاعن الخامس من توافر حالة الضرورة في حقه. ولم يشر إلى نص القانون الذي دان الطاعنين بمقتضاه. كما أن النيابة العامة لم تناظر المتهمين ولم تجر مواجهة بينهم فيما اختلفوا فيه ولم تعرض عليهم المواد المخدرة قبل وبعد تحريزها ولم تحطهم علماً بنتيجة التحليل ولم تستوف التحقيق بسؤال أفراد قارب حرس الحدود الذي قام بنقل المواد المخدرة وأخيراً فإن استجواب المتهم الخامس أمام النيابة العامة وقع باطلاً لعدم حضور محام معه كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: أنها تتحصل في أن التحريات السرية للرائد...... قائد مكتب مخابرات أمن حرس حدود العريش قد دلت على أن أفراد طاقم مركبي الصيد...... و..... قد جلبوا كمية من المواد المخدرة داخل تسعة وعشرين إطاراً من الكاوتشوك سلمت إليهم من مركب أجنبي التقوا بها خارج المياه الإقليمية ثم قاموا بحملها على مركبي الصيد سالفي الذكر حيث تم تصييرها في مياه البحر على بعد خمس كيلو مترات داخل المياه الإقليمية أمام ساحل المساعيد بالعريش على عمق يخفيها عن الأعين تمهيداً لانتشالها بواسطة قوارب صغيرة تحملها إلى البر وأنه قد تمكن بالفعل من حفظ هذه الإطارات حيث كانت معلقة في عرض البحر بخيوط تتصل بقرص من الفلين عائم على سطح المياه بذات المنطقة التي تم تصييرها فيها وأن تحرياته قد أسفرت عن أن الجناة هم المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس.... و.... و.... و..... كما دلت على أن المتهم السابع..... قد ساهم بطريق الاتفاق مع المتهم.... لجلب المواد المخدرة المضبوطة وإذ أذنت النيابة بضبط وإحضار هؤلاء المتهمين اعتراف المتهم الثاني...... أنه منذ ثلاثة أيام سابقة على يوم...... قاد مركب الصيد الذي يمتلكه باسم...... مصطحباً معه المتهمين الثالث والرابع.... و..... على ذات المركب وقد رافقهم المتهم الخامس.... يقود مركب صيد آخر يمتلكه باسم..... مصطحباً معه عليها كلاً من المتهمين السادس والعاشر..... و...... حيث توجهوا معاً لملاقاة مركب أجنبي تركي قادمة بعرض البحر خارج المياه الإقليمية واستلموا كمية المواد المخدرة المضبوطة محفوظة داخل تسعة وعشرون إطاراً من الكاوتشوك قاموا بنقلها على مركبي الصيد سالفي الذكر حيث تم تصييرها معلقة في عمق مياه البحر داخل المياه الإقليمية بالمنطقة المواجهة لساحل المساعيد بالعريش على مسافة خمسة كيلو مترات تمهيداً لانتشالها في وقت لاحق وحملها إلى البر بواسطة زوارق صغيرة يستخدمونها لهذا الغرض وأوضح بأن كل ما قام به كان تنفيذاً لما اتفق عليه مع المتهم السابع.... بهذا الخصوص ولقد اعترف كل من.... و.... و.... و..... و.... بما ارتكبوه من أفعال مرددين ذات التصوير على النحو السالف سرده وبيانه باعتراف المتهم الثاني..... كما اعترف المتهم السابع...... بتحقيقات النيابة العامة بما حاصله أنه أجرى اتفاقاً مع المتهم الثاني..... في لقاء تم يوم...... يقوم الأخير بمقتضاه باستلام كمية كبيرة من المواد المخدرة تقدر بنحو 2 طن من مركب أجنبي قامت بجلبها من الخارج وأن - يقوم بنقلها من عرض البحر إلى البر على ظهر لنش بحري". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم تتوافر به جريمة جلب جوهر مخدر في حق كل من الطاعنين، ذلك بأن الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وإذا كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً آخر غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قَصد قَصْد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين الخمسة قد اتفقت إرادتهم على جلب المواد المخدرة وأن كلاً منهم أسهم - تحقيقاً لذلك - بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى، وكان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعنين كانوا يعلمون بأن إطارات الكاوتشوك تحوي مخدراً وكان الطاعنون لا ينازعون في أن ما عول عليه الحكم من أدلة الثبوت له مأخذه الصحيح من الأوراق وقد انصبت مجادلتهم على ما استخلصه الحكم من هذه الأدلة ورتب عليه أن كلاً منهم قد ارتكب جريمة جلب المخدر، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل إنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة ولو في نطاق ذلك المجال - على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد 3 إلى 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فضلاًً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأول من قانون الجمارك الصادر به قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 أنه "يقصد بالإقليم الجمركي، الأراضي، والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادة الدولة". وأن الخط الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر العربية والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية ومع ذلك تعتبر خطاً جمركياً ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة" وأن يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في المحيطات المحيطة به. أما النطاق البحري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه". ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه، يعد جلباً محظوراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قد اجتازوا بالمخدرات الخط الجمركي وذلك بنقلها من خارج المياه الإقليمية إلى داخلها فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم في بيان أقوال الطاعن الثاني والمتهم..... كافياً في تفهم أقوالهما كان ذلك محققاً لحكم القانون ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعنين لأنه وليد إكراه وأطرحه في قوله "هذا الدفع مردود ولا تجد له المحكمة سنداً تطمئن إليه يقنعها براءة ذلك أنه لا محل للنعي على إجراء التحقيق مع المتهمين بمقر إدارة مخابرات الحدود التي تولت ضبط الواقعة إذ فضلاً عن أنه مقر حكومي له صفة الرسمية فإن انتقال المحقق إليه كان له ما يبرره على نحو ما أثبته المحقق بصدر محضره لضخامة شحنة المخدر المضبوط ولتعذر نقلها إلى سراي النيابة الأمر الذي لا يعيب إجراءات التحقيق ولا ينال من سلامتها وأما عن القول بتعرض المتهمين لإكراه مادي ومعنوي أثر على إرادتهم بما يبطل الاعترافات التي صدرت منهم فهو دفاع مردود للأسباب الآتية:
(1) أن الوقت الذي استطال إليه التحقيق منذ ساعة وتاريخ فتح محضر التحقيق الساعة 9 صباح يوم 25/ 7/ 1987 إلى تمام ساعة وتاريخ الانتهاء منه 6.30 صباح يوم 26/ 7/ 1987 وهي مدة 22 ساعة فإن استجواب المتهمين لم يستغرق كل هذا الوقت بل تضمن مناقشة الضابط مع مراعاة طول الوقت الذي استغرقه تفريغ الإطارات المضبوطة وهي تسعة وعشرين إطاراً وإجراءات عد المضبوطات التي بلغت 4386 طربة ثم وزنها وتحريزها في مجموعات داخل اثنين وعشرين صندوقاً واجتزاء العينة التي أرسلت إلى معامل التحليل وتدوين البيانات الخاصة بكل صندوق وما يحتويه به عداً ووزناً انتهاء بما اتخذته النيابة من قرارات الأمر الذي لا يستقيم معه القول بأن التحقيق مع المتهمين استغرق وقتًا طويلاً أثر على سلامة إرادتهم.
(2) أن هناك عدداً من المتهمين قد التزموا جانب الإنكار رغم تواجدهم بذات الظروف والملابسات وهو المتهمون الأول والثامن والتاسع فلم ينسب لأحد منهم اعترافاً بما يتنافى مع القول بأن اعتراف المتهمين الآخرين كان وليد إكراه أو تحت ضغط.
(3) أن الاعترافات التي أدلى بها المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والعاشر لم تكن على وتيرة واحدة أو في قالب واحد بما ينبئ عن أن تلك الاعترافات لم تصدر منهم عن تلقين من الغير ويرفع عنها شبهة الإكراه أو الضغط أو التهديد.
(4) أن الآثار التي بدت بجسم المتهم الخامس...... عند نظر الغرفة تجديد حبسه بتاريخ 26/ 8/ 1987 لم يساندها دليل يقيني تطمئن إليه المحكمة يقنعها بسداده ذلك أن ما ورد بتقرير طبيب السجن المؤرخ 5/ 9/ 1987 يفيد عدم وجود إصابات حديثة ظاهرة - وقد شهد ذلك الطبيب بأن آثار الخطوط الطولية التي شوهدت بجسم المتهم قديمة ولا يمكن الجزم بطبيعتها أو معرفة سبب حدوثها يضاف إلى ذلك أن الحديث عن إصابة هذا المتهم لم يرد له ذكر قبيل جلسة 26/ 8/ 1987 وجاء بعد مضي مدة تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ حبسه في 26/ 7/ 1987 ورغم سابقة عرضه على الهيئة القضائية التي نظرت تجديد حبسه بعد مضي الأيام الأربعة الأولى التي أمرت النيابة بحبسه على ذمتها منذ 26/ 7/ 1987 الأمر الذي ينأى بهذا الدفاع عن داعي الاطمئنان وتبعاً لذلك كله فإن المحكمة تطمئن إلى سلامة ما أدلى به المتهمون من اعترافات تفصيلية بتحقيقات النيابة وقد تجردت من أثر للإكراه وتأخذ منها بالقدر المشترك فيما أجمعوا عليه باعتبار أنه القدر المتيقن في حقهم من واقع تلك الاعترافات". وهذا الذي أورده الحكم سائغ وكاف للرد على هذا الدفع ذلك بأن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهمون من أن اعترافاتهم نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعنين عن اعترافاتهم وإنكارهم بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليهم إذ أنه المقرر أنه لا على الحكم إن أخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك ولا يؤثر في ذلك أن يكون الطاعن قد أدلى باعترافه في تحقيق النيابة العامة الذي باشرته في دار المخابرات وفي حضور ضباطها لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه كما أن مجرد حضور ضابط المخابرات التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، كما أن مجرد استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم ولا يعيب اعترافه وهو ما لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان الاعتراف في السياق المتقدم بما يسوغ رفضه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، ومن ثم فإن إيجاب إذن النيابة العامة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فحسب، فانتشال المواد المخدرة من مياه البحر وبدون إذن لا غبار عليه، ولا يعيب الحكم - من بعد - التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعنون ببطلان ضبط المواد المخدرة إذ هو دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحي النعي في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب، بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات. وكان من المقرر كذلك أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا يجادلون في صحة ما نقله الحكم عنهم وعن الضابط وكان ما أورده من أن المواد المخدرة تم نقلها إلى داخل المياه الإقليمية بقصد إدخالها البلاد له سند من أقوال الضابط واعتراف الطاعنين ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الشأن ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، ولو لم يكن معززاً بدليل آخر. وكان لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته تناقض رواية المتهم أو تضاربها في بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد هذه التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته وهو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع فيها الشهود متى كان سماعهم ممكناً. إلا أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقرار بقانون رقم 13 لسنة 1957 - تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أن المدافع عنه بما يدل عليه، وهي إن وردت في الباب الثاني من الكتاب الثاني من ذلك القانون الخاص بمحاكم المخالفات والجنح إلا أن حكمها واجب الاتباع أمام محاكم الجنايات عملاً بالفقرة الأولى من المادة 381 من القانون ذاته، وإذا كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين تنازلوا صراحة بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1989 عن سماع الضابط اكتفاءً بتلاوة أقواله فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى دون سماعه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان البين من محضر الجلسة ذاتها أن فريقاً من المدافعين عن المتهمين قد ناقش طبيب السجن ولم يدع أحد أن المحكمة منعت المدافعين الآخرين من مناقشته فلا محل للنعي عليها إن هم أمسكوا عن ذلك لما هو مقرر من أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر. كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ بها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أو حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن الخامس أنه كان في عرض البحر بصحبة مسلحين وكان هذا القول - بفرض صحته - لا يوفر حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادة الطاعن دخل في حلوله وهو ما لم يزعمه الطاعن، فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه يبين من ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذهم بها بقوله "الأمر الذي يتعين معه وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبتهم طبقاً للمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 1982 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966، 62 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 15، 12/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980" وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات وفي ذلك ما يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنون من تعييب إجراءات التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهد. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان". وكان مفاد هذا النص أن المشرع استن سنة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. وإذ كان الطاعن لم يزعم أنه أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك وكان الشارع بما نص عليه في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 من إيجاب الحكم على الفاعلين والشركاء - في جريمة التهريب الجمركي - متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة، ومثلي قيمة البضائع أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر إذا كانت البضائع من الأصناف الممنوعة، ومن إجازة الحكم بمثلي التعويض في حالة العود، إذ حدد هذا التعويض تحديداً تحكمياً راعى فيه المزج بين العقوبة التكميلية من ناحية وبين التعويض المدني الجابر للضرر من ناحية أخرى، قد حصر التعويض الناشئ عن جريمة التهريب الجمركي في النطاق الذي رسمه في النص سالف الإشارة وخرج به عن مدلول التعويض المدني البحت كما هو معرف به في القانون، وألزم المحكمة الجنائية القضاء به في جميع الأحوال بلا توقف على الادعاء به من قبل الخزانة، ومن ثم فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لئن كان للخزانة أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم به وأن تطعن فيما يصدر في شأنه من أحكام، إلا أن القضاء به لا يتوقف على هذا التدخل بل تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أن الحكم به لا يكون إلا من المحكمة الجنائية فلا يجوز اللجوء إلى المحاكم المدنية للمطالبة به، ولا تطبق في شأنه أحكام اعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً دعواه، وتسري عليه سائر الأحكام الخاصة بانقضاء الدعوى الجنائية، ولا يقضى به إلا على مرتكب الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً فلا يمتد إلى ورثته ولا إلى المسئول عن الحقوق المدنية، وأنه لا يحكم به إذا كانت جريمة التهريب الجمركي قد نشأت عن فعل واحد كون في الوقت ذاته جريمة أخرى ذات عقوبة أشد - كما هو الشأن في واقعة هذه الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم مما خلص إليه - بحق - من إعمال الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والاقتصار، من ثم، على توقيع العقوبة المقررة لجريمة جلب المواد المخدرة باعتبارها ذات العقوبة الأشد، دون عقوبة التعويض الجمركي، قد عاد - من بعد - وألزم المحكوم عليهم بأدائه لمصلحة الجمارك على اعتباره من قبيل التعويض المدني البحت، مخالفاً بذلك النظر المتقدم، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون، لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله. فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من عقوبة تكميلية وذلك بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليه الذي لم يقبل طعنه شكلاً.