أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 271

جلسة 13 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وأحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ؛ ومحمد صفوت القاضي.

(51)
الطعن رقم 985 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الجنايات. "نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم. "بيانات التسبيب".
حق محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم أن تأخذ أسباب حكمها الغيابي الساقط أسباباً لحكمها. متى كانت تكفي لحمله.
(2) محكمة الموضوع . "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تجريح أدلة الدعوى. تأدياً إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت بالدليل الصحيح في وجدان المحكمة. غير جائز أمام النقض.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز النعي على المحكمة التفاتها عن قالة شهود النفي.
تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات الموضوع.
(4) إجراءات. "إجراءات التحقيق". تحريز. استدلالات. نيابة عامة.
تقدير سلامة إجراءات الضبط والتحريز السابقة على التحقيق. واقع يستقل بتقديره قاضي الموضوع.
1 - لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
2 - لما كان الحكم قد أثبت في مدوناته إمكان فتح باب السيارة الأيمن التي كان المتهمان يركبانها ويضعان بها الأفيون وكان لما حصله الحكم صداه في المعاينة التي أجرتها النيابة فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
3 - متى كان ما ساقه الطاعنان في شأن إطراح المحكمة لأقوال شهود النفي لا يعدو مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم أن المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى أقوال شاهدي الإثبات وأطرحت ما أثاره الطاعنان من أن التهمة ملفقة عليهما وذلك على أساس أنه لم يقم دليل في الدعوى ينال من قناعتها بصحة أقوالهما وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فإن ما يثيره الطاعنان من تلفيق التهمة عليهما لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول أدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محضر تحقيق النيابة أنه تم تحريز المضبوطات وقدمت لها مع محضر ضبط الواقعة وأثبتت الاطلاع عليها وقامت بفضها بعد أن تأكدت من سلامة أختامها فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الوجه من الطعن في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. المتهم الأول: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها المواد 1/ 1 و2 و34/ 1 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وتغريم كل منهما مبلغ خمسة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات. فطعن الوكيل عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وبطلان في الإجراءات ذلك أن الحكم المطعون فيه نقل أسباب الحكم السابق صدوره في غيبة الطاعنين والذي سقط بإعادة الإجراءات ضدهما في حضورهما والتفت عن الرد على أوجه دفاع الطاعنين ولم يعرض لأقوال شهود النفي الذين استمعت المحكمة إلى شهادتهم مما يقطع بأن المحكمة حين قضت بالإدانة لم تكن قد ألمت بعناصر الدعوى وفطنت إليها ووازنت بينها كما أن الحكم قد نقل عن معاينة النيابة إمكان فتح الباب الأيمن للسيارة المضبوطة في حين أن الثابت من المعاينة لا يطابق ذلك كما لم يبين الحكم الحائز الفعلي للسيارة المضبوطة ولم يذكر الضابطان اللذان قاما بالضبط أسماء القوة التي كانت ترافقهما في حين لا يعقل توجهها لضبط تجار مخدرات دون مصاحبة قوة لهما مما يستفاد منه تلفيق الاتهام هذا فضلاً عن أن المخدر المقدم في القضية لم يثبت تحريزه وقت ضبط الواقعة بل تم تحريزه بمعرفة النيابة عند عرض القضية عليها بعد يومين من تاريخ تحرير محضر الضبط.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة إحراز جواهر مخدره بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال الضابطين اللذين قاما بضبط الواقعة وما ثبت من تقرير التحليل وما أسفرت عنه معاينة النيابة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت في مدوناته إمكان فتح باب السيارة الأيمن التي كان المتهمان يركبانها ويضعان بها الأفيون وكان لما حصله الحكم صداه في المعاينة التي أجرتها النيابة فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما ساقه الطاعنان في شأن إطراح المحكمة لأقوال شهود النفي لا يعدو مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض، لما كان ذلك وكان البين مما أورده الحكم أن المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى أقوال شاهدي الإثبات وأطرحت ما أثاره الطاعنان من أن التهمة ملفقة عليهما وذلك على أساس أنه لم يقم دليل في الدعوى ينال من قناعتها بصحة أقوالهما وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فإن ما يثيره الطاعنان من تلفيق التهمة عليهما لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول أدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر تحقيق النيابة أنه تم تحريز المضبوطات وقدمت لها مع محضر ضبط الواقعة وأثبت الاطلاع عليها وقامت بفضها بعد أن تأكدت من سلامة أختامها فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الوجه من الطعن في غير محله - لما كان ما تقدم جمعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً.