أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 118

جلسة 20 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف ومحمود البنا نائبي رئيس المحكمة وسمير أنيس والبشرى الشوربجي.

(15)
الطعن رقم 73 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن، ميعاده".
التقرير بالطعن بعد الميعاد دون قيام عذر يبرر تجاوزه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". هتك عرض.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لانتفاء التناقض في جريمة هتك عرض.
(3) هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه "حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رضاء المجني عليها في هتك العرض. مسألة موضوعية. لا رقابة لمحكمة النقض فيها طالما أن الأدلة تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
مثال لتدليل سائغ على توافر ركن القوة في جريمة هتك عرض.
(4) هتك عرض. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
ثبوت أن سن المجني عليها وقت وقوع هتك العرض أقل من ست عشر سنة كاملة عدم جدوى قول الطاعنين بجهلهم حقيقة سن المجني عليها. أساس ذلك؟
(5) هتك عرض. خطف. وقاع أنثى بغير رضاها. وصف التهمة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الحكم للطاعن. بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها دون جريمتي الخطف والمواقعة بالإكراه الواردين بوصف النيابة وعدم مسايرته سلطة الاتهام في شأن توافر ظرف السلطة الفعلية له على المجني عليها. النعي على الحكم بالقصور لعدم رده على دفاع الطاعن بشأن جريمتي الخطف والمواقعة وظرف السلطة الفعلية. غير مقبول. أساس ذلك؟
(6) هتك عرض. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كشف الجاني جزءاً من جسم المجني عليها مما يعد من العورات. كفايته لتوافر جريمة هتك العرض ولو لم يقترن بفعل مادي آخر من أفعال الفحش. أساس ذلك؟
(7) هتك عرض. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن الركنين المادي والمعنوي في جريمة هتك العرض. غير لازم. طالما فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الجدل في تقدير الأدلة. استقلال محكمة الموضوع به طالما كان استخلاصها سائغاً.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال:
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
تجريح أدلة الدعوى تأدياً إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت بالدليل الصحيح في وجدان المحكمة. غير جائز أمام النقض.
(12) خطف. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". إكراه. فاعل أصلي.
جريمة خطف الأنثى بالتحيل أو الإكراه، المنصوص عليها في المادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟ الفاعل الأصلي في جريمة الخطف طبقاً للمادة 39 عقوبات؟
(13) خطف. سلاح. ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتعلق بجريمة إحراز سلاح أبيض. ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالإكراه وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 عقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
(14) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته من أي دليل له مأخذه في الأوراق.
حق قاضي الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها. ما دام قد اطمأن إليها.
(15) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه. حقها في الأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون بيان العلة في ذلك. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
1 - من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 11/ 10/ 1989 وقدمت أسباب الطعن بالنسبة للطاعن الثاني في 18/ 11/ 1989، بيد أن التقرير بالطعن - منه - لم يحصل إلا في 22/ 11/ 1989 - أي في اليوم الثاني والأربعين - بعد الميعاد المحدد بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ومن ثم يكون هذا الطعن غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد - في تحصيله واقعة الدعوى - أن الطاعن الأول قام بمواقعة المجني عليها حتى أمنى بها إلا أنه عاد فخلص إلى انتفاء أركان مواقعة أنثى بغير رضاها بما انتهى إلى أن الواقعة لا تعدو أن تكون جناية هتك عرض أنثى دون السادسة عشرة بالقوة والتهديد، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة التناقض التي رماه بها الطاعنان.
3 - لما كانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك عرضها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاًَ نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه مضموناً لأقوال المجني عليها والتي لم يجادل الطاعنان في صحة معينها من الأوراق أن الطاعن الثالث أراد أن يولج قضيبه في فرجها إلا أنها لم تمكنه من ذلك فأتاها من الخلف حتى أمنى عليها، وساق الحكم واقعة الدعوى بما يتوافر به ركن القوة في جريمة هتك العرض، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - غير مجد قول الطاعنين أنهما كانا يجهلان سن المجني عليها الحقيقية، ذلك بأن كل من يقوم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإن هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة.
5 - من حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها وليس بجريمتي الخطف والمواقعة بالإكراه اللتين أسندتهما النيابة العامة إليه، كما لم يساير الحكم سلطة الاتهام في شأن توافر ظرف السلطة الفعلية للطاعن على المجني عليها، فإن النعي على الحكم بدعوى القصور في الرد على دفوع الطاعن بانتفاء السلطة الفعلية له على المجني عليها وعدم توافر أركان جريمة الخطف التي لا يفيد إقراره بحضر الضبط علمه بها وانتفاء رابطة السببية بين هذه الجريمة الأخيرة وجريمة هتك العرض وببطلان الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة بأمر الإحالة لا يكون كله متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به.
6 - من المقرر أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليها يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحشاء لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه على المجني عليها.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة هتك عرض صبية لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان ما أورده الحكم كافٍ لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركنيها المادة والمعنوي ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها.
8 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي اطمأنت إليها وعولت عليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أو يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فلا تجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - لما كان يبين من مطالعة محضر جلسة 9/ 10/ 1989، أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة لعدم ترقبها نتيجة فحص الأحراز التي قرر الطبيب الشرعي أنه سوف يرسلها في حرز مستقل، بيد أن الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، ومن ثم فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه الجريمة التي دانه بها، ولا عبرة - من بعد - بكيفية علمه بوجود المجني عليها مع باقي المتهمين في شقة الطاعن الثالث ويستوي في هذا المقام أن يكون قد علم بذلك من المتهم السادس أو غيره ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
11 - لما كان ما أورده الحكم مضموناً لأقوال الشاهد الرائد..... له صداه في أوراق الدعوى، فإن الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
12 - لما كانت جريمة خطف الأنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بانتزاع هذه الأنثى وإبعادها عن المكان الذي خطفت منه، أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه استظهر ثبوت الفعل المادي للجريمة وتوافر ركن الإكراه، وكان ما أثبته في مدوناته كافياً للتدليل على مقارفة الطاعن للجريمة مع المتهمين الأول والثاني وإتيانه عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة.
13 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة إحراز سلاح أبيض ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالإكراه وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ومن ثم يكون نعيه في هذا الصدد في غير محله.
14 - الأصل أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، وأن من حقه أن يأخذ في هذا الشأن بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك ما دام قد اطمأن إليها.
15 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن اعترافه وأقوال الشاهد.... له أصل ثابت بالأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه باعتراف الطاعن على الرغم من عدوله عنه بجلسة المحاكمة، وتعويله على رواية للشاهد خالفت تلك التي أدلى بها بذات الجلسة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ........ "طاعن"، 2 - ...... "طاعن"، 3 - ......... "طاعن"، 4 - ........ "طاعن"، 5 - ...... "طاعن"، 6 - ......... بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً خطفوا بالإكراه أنثى هي...... بأن اعترض المتهمان الأول والثاني طريقها أثناء سيرها بالطريق العام مع قريب لها وهددها المتهم الخامس بسلاح أبيض "مطواة قرن غزال" واعتدى على رفيقها بالضرب لشل مقاومته وحملها المتهمان الأول والثاني عنوة على ركوب السيارة الأجرة قيادة المتهم السادس وانطلقوا بها إلى مقربة من مسكن المتهم الثالث حيث بارحوا السيارة واتجهوا عدا السادس إلى المسكن واحتجزوا المجني عليها فيه ثم لحق بهم المتهم الرابع وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أن المتهمين سالفي الذكر في ذات الزمان والمكان واقعوا المجني عليها بغير رضاها بأن طرحها المتهم الأول أرضاً وجردها من ثيابها وجثم فوقها وهي عارية وأولج قضيبه قسراً في فرجها حتى أمنى بها ثم تغشاها تباعاً كل من المتهمين الثاني والثالث وأتياها على غرار ما فعل بها المتهم الأول وقد وقعت الجناية الأخيرة بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس كنتيجة محتملة لمساهمتهما في جناية خطف المجني عليها - ثانياً: المتهمان الثالث والرابع هتكا عرض المجني عليها سالفة الذكر والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أتياها عنوة تباعاً من دبر حالة كونهما ممن لهم سلطة فعلية عليها - ثالثا: المتهم الخامس أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" - وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت...... بصفتها وصية على ابنتها القاصر (المجني عليها) قبل المتهمين بمبلغ خميس ألف جنيه على سبيل التعويض. وقررت المحكمة أولاً: إرسال القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية ثم حددت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً للمتهمين الخمسة الأول وغيابياً للأخير عملاً بالمواد 267، 268، 290، 43 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول الأول الملحق به مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة كل من..... و..... و..... بالإعدام شنقاً وذلك عما نسب إليهم - ثانياً: بمعاقبة كل من..... و..... و...... بالأشغال الشاقة المؤبدة - ثالثاً: بإلزامهم جميعاً متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة السلاح المضبوط فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض "قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة.... قضائية" ومحكمة النقض قضت أولاً: بقبول عرض النيابة العامة شكلاً ورفضه موضوعاً - ثانياً: بعدم قبول طعن المحكوم عليه..... شكلاً - ثالثاً: بقبول طعن باقي الطاعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الجنائية والمدنية بالنسبة لهم والمحكوم عليه..... وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة..... لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 2، 290/ 1، 43 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير بمعاقبة كل من المتهمين..... و..... بالأشغال الشاقة المؤبدة - ثانياً بمعاقبة..... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشرة عاما - ثالثاً: بعاقبة كل....... و...... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - رابعاً: بإلزامهم جميعاً متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحقوق المدنية بصفتها مبلغ خمسين ألف جنيه - خامساً: مصادرة السلاح المضبوط وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أن المتهمين الأول والثاني والخامس خطفوا المجني عليها بالإكراه بأن هددها المتهم الخامس بسلاح أبيض (مطواة قرن غزال) لشل مقاومتها هي وقريب لها وهتكوا عرض المجني عليها والتي لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد بأن عبث كل منهم بموطن عفتها على النحو المبين بالأوراق والتحقيقات.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 11/ 10/ 1989 وقدمت أسباب الطعن بالنسبة للطاعن الثاني في 18/ 11/ 1989، بيد أن التقرير بالطعن - منه - لم يحصل إلا في 22/ 11/ 1989 - أي في اليوم الثاني والأربعين - بعد الميعاد المحدد بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ومن ثم يكون هذا الطعن غير مقبول شكلاً.
أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثالث.
من حيث إن مبنى الطعن المقدم منهما هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة بغير رضاها، ودان أولهما أيضاً بجريمة خطف المجني عليها بالإكراه، قد شابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه بعد أن أورد - ضمن تحصيله واقعة الدعوى أن الطاعن الأول وآخر - المتهم الثاني - واقعا المجني عليها كرهاً عنها عاد فذكر أن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه من أن المتهمين الثلاثة الأول أوقعوا المجني عليها وانتهى إلى انتفاء أركان جناية الاغتصاب وخلت أدلة الثبوت التي عولت عليها في إدانة الطاعن الثالث مما يفيد توافر ركن الإكراه في حقه أو علمه بتوافره في الواقعة، كما أطرح الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بانتفاء علمهما بحقيقة سن المجني عليها بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - في بيانه واقعة الدعوى - أورد أنها: "تتحصل في إنه مساء يوم.... وأثناء سير المدعو..... صحبة ابنة خالته من تدعي..... والتي تبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة وشهرين بشارع...... استوقفه المتهم..... (الطاعن الخامس) مدعياً معرفته بالمدعوة...... وعلى علاقة سابقة بها ولما أراد...... مناقشته في عدم صحة ما يدعيه أشهر المتهم المذكور في وجهه سلاحاً أبيضاً "مطواة" قرن غزال وركله في بطنه ثم قدم..... و..... الطاعنان الأول والثاني اللذان أشارا إلى المتهم..... المحكوم عليه غيابياً وكان يقود سيارة أجرة في ذلك الوقت وقام كل من..... و..... بدفع المجني عليها.... إلى داخل السيارة وتحرك قائدها بعد أن تعلق المتهم.... بمؤخرتها وسار بهم دون أن يهتم بصياح...... وكان ذلك كله على مرأى من...... و..... اللذان كانا يقفان مع المتهمين قبل وقوع الحادث وبعد أن ابتعدوا بالمجني عليها من مكان الخطف وقفوا في أحد الشوارع الجانبية ثم أنزلوها من السيارة وكان المتهم..... شاهراً المطواة للمجني عليها واقتادوها إلى شقة يحوزها - الطاعن الثالث - والذي أحضره المتهم...... ثم تشاوروا فيما بينهم على من يبدأ بمواقعتها بعد أن تعاطوا بعض المواد المخدرة ثم بدأ بها المتهم..... بأن أدخلها حجرة في مواجهة صالة الشقة وجردها من ملابسها حتى قطع عقدها التي كانت تتحلى به في صدرها وعثر على إحدى حباته في المعاينة التي أجرتها النيابة العامة بعد ذلك وطرحها أرضاً ثم قام بمواقعتها حتى أمنى بها وأمرها بعد ذلك بدخول الحمام لتغتسل وتابعها ثم حاول المتهم....... أن يولج قضيبه بفرجها ألا أنه لم يتمكن من ذلك فأتاها من دبرها وأمنى عليها وبعد أن تركها قام...... بمواقعتها وأمنى بها، وبعد ذلك قام...... الطاعن الرابع - الذي كان قد حضر إلى الشقة بعد أن أخبرة المتهم..... سائق السيارة بخطف المجني عليها وتواجدها بشقة..... ولما أراد..... مواقعتها لم تمكنه من ذلك فأتاها من دبرها ولما انصرف الجميع انفرد بها..... الذي كان قد اتفق معهم على أنه سيمضي باقي ليلته معها ولكثرة تعاطيه المخدرات استغرق في النوم ثم نامت هي الأخرى من فرط التعب وإنهاك قواها واستيقظت في صباح اليوم التالي على صوت طرق باب الشقة وقد طلب منها أحد الأشخاص مغادرتها فنزلت صحبة...... الذي أوقف سيارة أجرة ووضع المطواة أمامه على مقدم السيارة من الداخل ثم نزل أمام محله (ورشته) وكلف قائد السيارة والذي يعرفه بتوصيل المجني عليها إلى ميدان...... وقد قام بذلك وتم ضبط المطواة بالسيارة وبضبط المتهمين جميعاً عدا...... اعترفوا تفصيلاً بارتكاب الواقعة، وبفحص المجني عليها طبياً أورى التقرير الطبي الشرعي أنها بكر وغشاء بكارتها من النوع اللحمي السميك نوعاً ذو الفتحة الواحدة الضيقة والتي لا تسمح بإيلاج كامل لذكر بالغ دون إحداث تمزقات ويشير الدم الموصوف بغشاء البكارة مع الجرح الدامي المشاهد عند الالتقاء الخلفي للشفرين الغليظين إلى حدوث محاولة إيلاج لم تتم حديثاً في تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة المشار إليها كما وجد ارتخاء واضح بالعضلة العاصرة المحيطة بفتحة الشرج وهي حالة من شأنها أن تسهل حصول اعتداء واعتداءات جنسية بإيلاج دون أن يتخلف عن ذلك أية إصابة بفتحة الشرج. واستطرد الحكم - بعد ذلك - بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه من مواقعة كل من المتهم الأول والثاني والثالث للمجني عليها بغير رضاها بأن أولج كل منهم قضيبه قسراً في فرجها وأمنى فيه" وبعد أن عرض لأركان جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها خلص إلى انتفاء هذه الجريمة - حسبما هي معرفة به في القانون - في واقعة الدعوى، بما انتهى منه إلى مساءلة المتهمين عن جريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ من العمر ستة عشرة كاملة بالقوة والتهديد المنصوص عليها بالمادة 268/ 1، 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد - في تحصيله واقعة الدعوى - أن الطاعن الأول قام بمواقعة المجني عليها حتى أمنى بها إلا أنه عاد فخلص إلى انتفاء أركان مواقعة أنثى بغير رضاها بما انتهى منه إلى أن الواقعة لا تعدو أن تكون جناية هتك عرض أنثى دون السادسة عشرة بالقوة والتهديد، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة التناقض التي رماه بها الطاعنان. لما كان ذلك، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك عرضها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاًَ نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه مضموناً لأقوال المجني عليها والتي لم يجادل الطاعنان في صحة معينها من الأوراق أن الطاعن الثالث أراد أن يولج قضيبه في فرجها إلا أنها لم تمكنه من ذلك فأتاها من الخلف حتى أمنى عليها، وساق الحكم واقعة الدعوى بما يتوافر به ركن القوى في جريمة هتك العرض، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعنين بجهلهما حقيقة سن المجني عليها بقوله إنه مردود "بما استقرت عليه أحكام القضاء من افتراض علم الجاني في هتك العرض بسن المجني عليها بحيث لا تتجشم سلطة الاتهام عناء إثبات علم المتهم بهذا الأمر كما إنه لا يقبل من المتهم الدفع بانتفاء القصد الجنائي لجهله بالسن ويتعين عليه لقبول هذا الدفع أن يثبت أن جهله كان يرجع لأسباب قهرية أو لظروف استثنائية ولم يكن في مقدوره بحال الوقوف على حقيقة سن المجني عليها وهو ما عجز الدفاع عن تقديم ما يؤازر دفعه في هذا الصدد" لما كان ذلك، وكان قد ثبت للمحكمة من الدليل الرسمي وهو كتاب مدرسة..... للبنات أن سن المجني عليها - وقت وقوع الجريمة - كانت أقل من ست عشرة سنة كاملة، فإنه غير مجد قول الطاعنين أنهما كانا يجهلان سن المجني عليها الحقيقية، ذلك بأن كل من يقوم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإن هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على إنه لم يكن في مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأطرح دفاع الطاعنين في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الرابع.
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الرابع هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب فضلاً عن الخطأ في الإسناد، ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء السلطة الفعلية له على المجني عليها وانتفاء القصد الجنائي لديه لاعتقاده برضائها، كما دفع بانتفاء الركن المادي للجريمة المنصوص عليها بالمادة 268 من قانون العقوبات فضلاً عن انتفاء أركان جريمة الخطف ورابطة السببية بينها وجريمة هتك العرض، وببطلان الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة بأمر الإحالة ذلك أن القدر المتيقن في حق الطاعن هو مقارفته الجريمة المنصوص عليها بالمادة 269 من قانون العقوبات بحسبان أنه هتك عرض صبية دون الثامنة عشر من عمرها بغير قوة أو تهديد، ودفع - كذلك - ببطلان الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط إذ لا يفيد علمه بواقعة الخطف، وببطلان تحقيقات النيابة لعدم ترقبها نتيجة فحص الأحراز التي أرسلها للطب الشرعي للتحليل، بيد أن الحكم المطعون فيه أغفل هذه الدفوع جميعها إيراداً ورداً، وحين عرض واقعة الدعوى أثبت أن المتهمين جميعاً واقعوا المجني عليها ثم عاد فنفى عنهم جريمة المواقعة، وأثبت علم الطاعن بجناية الخطف وعاد فقصر مساءلته على جريمة هتك العرض بالقوة وأورد أن المتهمين الثلاثة الأول والخامس اعترفوا تفصيلاً بارتكاب ما أسند إليهم وأن الطاعن أنكر بيد إنه عاد - من بعد - فأورد أن التهمة ثابتة من اعتراف المتهمين. وما أورده الحكم المطعون فيه من أن المتهم...... سائق السيارة المحكوم عليه غيابياً - أفضى إلى الطاعن بواقعة خطف المجني عليها وإنها موجودة بشقة المتهم....، وأن المتهمين جميعاً - عدا...... - اعترفوا بارتكاب الواقعة، وأن الشاهد الرائد....... شهد بأن المتهمين أقروا - بما فيهم الطاعن - بارتكاب الواقعة لا أصل له في الأوراق، وهذا كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه إنه دان الطاعن بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها وليس بجريمتي الخطف والمواقعة بالإكراه اللتين أسندتهما النيابة العامة إليه، كما لم يساير الحكم سلطة الاتهام في شأن توافر ظرف السلطة الفعلية للطاعن على المجني عليها، فإن النعي على الحكم بدعوى القصور في الرد على دفوع الطاعن بانتفاء السلطة الفعلية له على المجني عليها وعدم توافر أركان جريمة الخطف لا يفيد إقراره بمحضر الضبط علمه بها وانتفاء رابطة السببية بين هذه الجريمة الأخيرة وجريمة هتك العرض وببطلان الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة بأمر الإحالة لا يكون كله متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر إنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه على المجني عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة هتك عرض صبية لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان ما أورده الحكم كافٍ لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركنيها المادة والمعنوي ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من جدل بشأن تصوير الواقعة ومن أن القدر المتيقن في حقه هو مقارفته الجريمة المنصوص عليها بالمادة 269 من قانون العقوبات بحسبانه أنه هتك عرض صبية دون الثامنة عشر من عمرها بغير قوة أو تهديد مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي اطمأنت إليها وعولت عليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فلا تجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم بدعوى إغفال الرد على مثل هذا الدفاع في غير محله، لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة 9/ 10/ 1989، أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن من وجود قصور في تحقيقات النيابة لعدم ترقبها نتيجة فحص الأحراز التي قرر الطبيب الشرعي أنه سوف يرسلها في حرز مستقل، بيد أن الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، ومن ثم فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه لما كان ذلك، وكان ما يعيبه الطاعن على الحكم بدعوى التناقض في التسبيب استناداً إلى أنه بعد أن أورد في تحصيله واقعة الدعوى أن المتهمين جميعاً واقعوا المجني عليها عاد ونفى عنهم جريمة المواقعة، فقد سبق الرد على هذا النعي لدى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثالث، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، وهو الشأن كذلك فيما نعاه الطاعن على الحكم بقالة التناقض في التسبيب واستناداً إلى إنه بعد أن أورد أن المتهمين الثلاثة الأول والخامس اعترفوا بارتكاب الحادث وأنكر الطاعن وعاد فذكر أن التهمة ثابتة من اعتراف المتهمين، ذلك أن الحكم لم ينسب للطاعن اعترافاً ولم يشر إليه ضمن من عول على اعترافهم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه الجريمة التي دانه بها، ولا عبرة - من بعد - بكيفية علمه بوجود المجني عليها مع باقي المتهمين في شقة الطاعن الثالث ويستوي في هذا المقام أن يكون قد علم بذلك من المتهم السادس أو غيره ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة لما هو مقرر من إنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، هذا إلى إنه لما كان ما أورده الحكم مضموناً لأقوال الشاهد الرائد.... له صداه في أوراق الدعوى، فإن الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن - بدوره - يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الخامس:
من حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الخامس هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي خطف أنثى بالإكراه وهتك عرضها بغير رضاها حالة كونها لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة، قد أخطأ في القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه دانه بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها باعتبار أن هذه الجريمة نتيجة محتملة لجريمة الخطف بالرغم من عدم ثبوت اتفاق الطاعن مع مقترفي هذه الجريمة الأخيرة على ارتكابها مما لا محل لإعمال المادة 43 من قانون العقوبات في حقه. هذا إلى أن الحكم لم يستظهر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، وقد عدل الأخير - بالجلسة - عن اعترافه الوارد بالتحقيقات الأولية كما نفى الشاهد.... - بجلسة المحاكمة أيضاً - رؤيته لسلاح مع الطاعن وأن الأخير اعتدى على مرافق المجني عليها بيد أن الحكم أطرح هذه الأقوال ودان الطاعن بجريمة إحراز سلاح أبيض دون إيراد الأدلة على ثبوتها في حقه. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة خطف أنثى بالإكراه التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عيها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بانتزاع هذه الأنثى وإبعادها عن المكان الذي خطفت منه، أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للجريمة وتوافر ركن الإكراه، وكان ما أثبته في مدوناته كافياً للتدليل على مقارفة الطاعن للجريمة مع المتهمين الأول والثاني وإتيانه عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ودان الطاعن بجناية الخطف وليس بجناية المواقعة بالإكراه على خلاف ما ذهب إليه الطاعن في طعنه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة إحراز سلاح أبيض ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالإكراه وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ومن ثم يكون نعيه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، وأن من حقه أن يأخذ في هذا الشأن بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك ما دام قد اطمأن إليها كما أن من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن اعترافه وأقوال الشاهد.... له أصل ثابت بالأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه باعتراف الطاعن على الرغم من عدوله عنه بجلسة المحاكمة، وتعويله على رواية للشاهد خالفت تلك التي أدلى بها بذات الجلسة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.