أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 337

جلسة 2 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

(63)
الطعن رقم 1653 لسنة 47 القضائية

قتل عمد. إثبات. "شهادة". "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم اطمئنان المحكمة إلى رواية الشاهد للتناقض. التفاتها من بعد عن طلبه مناقشة الطبيب الشرعي لتأييد أقواله. لا عيب. أساس ذلك؟
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل بالتفصيل طلب المدافع عن الطاعن استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، رد عليه بقوله: "وحيث إن الشاهد الطاعن - تناقض في أقواله بين ما أدلى به بالتحقيقات وما قرره بالجلسة فبينما قرر بالتحقيقات أن المتهمين - المطعون ضدهم - جميعاً كانوا في مستوى أعلى بحوالي متر أو أقل قليلاً وأن والده سقط قتيلاً على أثر العبارات التي أطلقت فلاذ عندئذ بالفرار ومن خلفه المتهمون الثلاثة، يقرر بجلسة اليوم أن اثنين من المتهمين فقط كانا يقفان في المستوى الأعلى أما الثالث فكان في مستوى منخفض قليلاً وأن اثنين منهم فقط جريا خلفه أمام الثالث فظل بمكان الحادث كما يقرر أنه سمع أعيرة نارية تطلق في محل الحادث أثناء تواجده بالمنزل عقب هربه إليه في حين لم يذكر أي شيء عن هذه الواقعة بالتحقيقات التي كانت معاصرة للحاد - مباشرة الأمر الذي يستشف منه أنه قصد بأقواله الجديدة بالجلسة أن تكون مطابقة لتقرير الصفة التشريحية مما ترى معه المحكمة عدم الاطمئنان إلى أقوال هذا الشاهد كلية وطرحها جانباً. وحيث إنه بالنسبة لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فإنه يضحي غير منتج بعد أن انتهت المحكمة إلى عدم الاطمئنان إلى رواية الشاهد وبعد أن وضحت الرؤية كاملة أمامها ومن ثم تلتفت عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه - بالتالي - ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب وأن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب لمناقشته بل لها أن ترفض هذا الطلب إذا هي رأت أنها في غنى عن رأيه بما استخلصته من الوقائع التي ثبتت لديها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض ببراءة المطعون ضدهم من التهمة المسندة إليهم ورفض دعوى الطاعن المدنية المقامة قبلهم - تبعاً لذلك - إلا بعد أن ألمت بكافة ظروف الدعوى وأوضحت على النحو المتقدم بيانه، أوجه التناقض في أقوال "الطاعن" - شاهد الإثبات الوحيد فيها - والتي من أجلها لم تطمئن المحكمة إلى شهادته بل رأت عدم التعويل عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في صحة ما نقله الحكم من مختلف رواياته، فإنه لا تثريب على المحكمة - من بعد أن وضحت الواقعة لديها إذ هي انتهت، للأسباب السائغة التي ضمنتها حكمها، إلى أن طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي - لمحاولة إثبات إمكان وقوع الحادث وفقاً للصورة الواردة بأقواله - هو طلب غير منتج، ذلك بأنه بفرض ثبوت هذا الذي يتغياه الطاعن من طلبه فإنه لن يغير من واقع تناقضه تناقضاً أدى إلى تشكك محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - في أقواله برمتها، ومن ثم فإن تعييب حكمها بالإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على طلب مناقشة الطبيب الشرعي لا يعدو في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم (أولاً) قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن انتوا قتله وبيتوا النية على ذلك وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة (بنادق) وتربصوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره منه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية من السلاح السالف الذكر بغية قتله فأحدثوا به عمداً الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن انتوا قتله وبينوا النية على إزهاق روحه وأعدوا لذلك الأسلحة النارية سالفة البيان وتربصوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره منه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قلته وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم إحكام الرماية والتصويب (ثانيا) ( أ ) أحرز كل منهم ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً لهم في حيازته أو إحرازه (ب) أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك. وادعي...... (الطاعن) مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً ببراءة المتهمين عما أسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بمصروفاتها وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن....... الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة قتل عمد اقترنت به جناية شروع في قتل الطاعن ورفض دعواه المدنية المقامة قبلهم - تبعاً لذلك - قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في مدى إمكان حدوث الإصابات المشاهدة بجثة القتيل وفقاً للصورة الواردة بأقوال نجله الطاعن - شاهد الإثبات في الدعوى - بيد أن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب وردت عليه بما لا يصلح رداً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل بالتفصيل طلب المدافع عن الطاعن استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، رد عليه بقوله: "وحيث إن الشاهد الطاعن - تناقض في أقواله بين ما أدلى به بالتحقيقات وما قرره بالجلسة فبينما قرر بالتحقيقات أن المتهمين - المطعون ضدهم - جميعاً كانوا في مستوى أعلى بحوالي متر أو أقل قليلاً وأن والده سقط قتيلاً على أثر العبارات التي أطلقت فلاذ عندئذ بالفرار ومن خلفه المتهمون الثلاثة، يقرر بجلسة اليوم أن اثنين من المتهمين فقط كانا يقفان في المستوى الأعلى أما الثالث فكان في مستوى منخفض قليلا وأن اثنين منهم فقط جريا خلفه أمام الثالث فظل بمكان الحادث كما يقرر أنه سمع أعيرة نارية تطلق في محل الحادث أثناء تواجده بالمنزل عقب هربه إليه في حين لم يذكر أي شيء عن هذه الواقعة بالتحقيقات التي كانت معاصرة للحادث مباشرة الأمر الذي يستشف منه أنه قصد بأقواله الجديدة بالجلسة أن تكون مطابقة لتقرير الصفة التشريحية مما ترى معه المحكمة عدم الاطمئنان إلى أقوال هذا الشاهد كلية وطرحها جانباً. وحيث إنه بالنسبة لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فإنه يضحى غير منتج بعد أن انتهت المحكمة إلى عدم الاطمئنان إلى رواية الشاهد وبعد أن وضحت الرؤية كاملة أمامها ومن ثم تلتفت عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه - بالتالي - ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب وأن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب لمناقشته بل لها أن ترفض هذا الطلب إذا هي رأت أنها في غنى عن رأيه بما استخلصته من الوقائع التي ثبتت لديها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض ببراءة المطعون ضدهم من التهمة المسندة إليهم ورفض دعوى الطاعن المدنية المقامة قبلهم - تبعاً لذلك - إلا بعد أن ألمت بكافة ظروف الدعوى وأوضحت، على النحو المتقدم بيانه، أوجه التناقض في أقوال الطاعن - شاهد الإثبات الوحيد فيها - والتي من أجلها لم تطمئن المحكمة إلى شهادته بل رأت عدم التعويل عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في صحة ما نقله الحكم من مختلف رواياته، فإنه لا تثريب على المحكمة - من بعد أن وضحت الواقعة لديها إذ هي انتهت، للأسباب السائغة التي ضمنتها حكمها، إلى أن طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي - لمحاولة إثبات إمكان وقوع الحادث وفقاً للصورة الواردة بأقواله - هو طلب غير منتج، ذلك بأنه بفرض ثبوت هذا الذي تغياه الطاعن من طلبه فإنه لن يغير من واقع تناقضه تناقضاً أدى إلى تشكك محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - في أقواله برمتها، ومن ثم فإن تعييب حكمها بالإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على طلب مناقشة الطبيب الشرعي لا يعدو في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.