أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 353

جلسة 3 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، ومحمد صفوت القاضي.

(67)
الطعن رقم 223 لسنة 48 القضائية

(1) محكمة استئنافية. محضر الجلسة. حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". "بطلان الحكم". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الحكم لعدم التوقيع عليه في الميعاد القانوني. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
(2) محكمة استئنافية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بياناته. بيانات التسبيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن تحيل المحكمة الاستئنافية إلى أسباب الحكم المستأنف. إذا ما رأت تأييده.
(3) دعوى جنائية. "قيود تحريكها". نقد. تهريب جمركي. استيراد. نيابة عامة. إجراءات. "إجراءات التحقيق". ارتباط.
مباشرة إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى في جرائم النقد والتهريب والاستيراد. رهن بصدور طلب ممن يملكه قانوناً.
صدور طلب في جريمة يستوجب القانون فيها صدوره لتحريك الدعوى الجنائية. تخويله النيابة اتخاذ إجراءات التحقيق فيها بكافة أوصافها. وما ترتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة. متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق. أساس ذلك؟
1 - لما كان المبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يدفع ببطلان ذلك الحكم لعدم التوقيع عليه في الميعاد القانوني، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الطعن لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون في غير محله.
3 - متى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت، والقول بغير ذلك يؤدي زوال القيد وبقائه معاً مع وروده على كل واحد دائراً مع الأوصاف القانونية المختلفة للواقعة عينها، وهو ما لا مساغ له مع وحدة النظام القانوني الذي يجمع أشتات القوانين المالية بما تضمنته من توقف الدعوى الجنائية على الطلب، إذ أن الطلب في هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعاً أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالي فإن الطلب عن أي جريمة منها يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشف عرضاً أثناء التحقيق، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما يجرى تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما يكشف التحقيق عنها عرضاً فتخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً آخر، الأمر الذي تتأذى منه العدالة الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي واحد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم شرعوا في تهريب السبائك الذهبية المبينة بالأوراق وصفاً وقيمة حالة كون الذهب ممنوعاً تصديره إلى خارج الأراضي المصرية، وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبس بها. وطلبت عقابهم بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و45 و47 من قانون العقوبات ومواد القانون 98 لسنة 1957 والقانون 66 لسنة 1963 و80 لسنة 1947 المعدل. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ 11573 ج و200 م على سبيل التعويض، ومحكمة جنح الشئون المالية والتجارية الجزئية بالإسكندرية - بعد أن عدلت وصف التهمة المسندة إلى المتهم - الطاعن - يجعله شريكاً بالاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة الشروع في تهريب السبائك الذهبية المضبوطة - قضت غيابياً للخامس وحضورياً للباقين عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامهم متضامنين أن يدفعوا لمصلحة الجمارك تعويضاً قدره 11573 ج و100 م مثل قيمة السبائك الذهبية المضبوطة، والمصادرة بلا مصاريف جنائية، فاستأنف المتهم الأول (الطاعن) هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاشتراك في الشروع في تصدير سبائك ذهبية قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يوقع من القاضي الذي أصدره. ولم يورد الحكم المطعون فيه أسباباً مستقلة لقضائه اكتفاء بالإحالة على أسباب الحكم المستأنف مع أن ما أورده الحكم الأخير رداً على الدفع ببطلان إجراءات التحقيق لحصولها قبل صدور الإذن بذلك من إدارة النقد لا يتفق وصحيح القانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي أنه موقع عليه، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يدفع ببطلان ذلك الحكم لعدم التوقيع عليه في الميعاد القانوني، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الطعن لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عيها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و111 لسنة 1953 و231 لسنة 1959 والإجراء المنصوص عليه في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك والإجراء المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد كل منها في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى، وأن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون. وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر، رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد حق النيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت، والقول بغير ذلك يؤدي إلى زوال القيد وبقائه معاً مع وروده على كل واحد دائراً مع الأوصاف القانونية المختلفة للواقعة عينها، وهو ما لا مساغ له مع وحدة النظام القانوني الذي يجمع أشتات القوانين المالية بما تضمنته من توقف الدعوى الجنائية على الطلب، إذ أن الطلب في هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعاً أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالي فإن الطلب عن أي جريمة منها يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما يجرى تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما يكشف التحقيق عنها عرضاً فتخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً آخر، الأمر الذي تتأذى منه العدالة الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي واحد. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه إذ نمى إلى علم قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن الإسكندرية أن الطاعن اتفق مع باقي المحكوم عليهم على تهريب نقد أجنبي داخل أنابيب من البلاستيك، وإذ أذن مدير عام الجمارك بالسير في الإجراءات، ثم ضبط هؤلاء بداخل الدائرة الجمركية أثناء شروعهم في تهريب سبائك ذهبية إلى خارج البلاد وقرروا بأن الطاعن هو الذي سلمهم هذه السبائك لهذا الغرض، ثم صدر إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه وسيارته، ولحق تلك الإجراءات طلب من إدارة الجمارك ومن إدارة النقد برفع الدعوى الجنائية على الطاعن وباقي المحكوم عليهم، ومن ثم فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضي برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً.