أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 140

جلسة 21 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ.

(16)
الطعن رقم 60643 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "نطاقه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أن الإذن بالتفتيش صدر لضبط جريمة وقعت فعلاً وليس لضبط جريمة محتملة. موضوعي.
مثال:
(2) اختصاص. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
الاختصاص بمكان إذن التفتيش يتحدد بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة المتهم أو بالمكان الذي يضبط فيه. المادة 217 إجراءات.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش".
إذن التفتيش. بياناته؟ النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره غير واجب.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق الدليل".
إحالة الحكم في بيانه لأقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا ينال من سلامته ما دام ما حصله منها تتلاقى عندها أقوال كل منهما في جوهرها.
(6) مواد مخدرة. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
عدم جدوى منازعة الطاعن في نسبة المخدر الذي كان طي اللفافة ما دام أنه لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن الشهود من ضبط قطعة مخدر أخرى في جيب جلبابه.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي في رقم السيارة التي كان يستعملها الطاعن في نقل المخدر. لا يؤثر في سلامة التحريات. علة ذلك؟
1 - لما كان يبين من مطالعة المفردات المضمومة - بأمر المحكمة - أنه قد أثبت بمحضر - التحريات - الذي رفع إلى نيابة مركز سمنود للحصول على إذن بضبط الطاعن وتفتيشه وتفتيش السيارة وسيلة انتقاله وقائدها - أن التحريات السرية دلت على أن الطاعن المقيم في بلدة ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا يمارس تجارة المخدرات ويتخذ من دائرة سمنود محلاً لبيع المخدرات التي يحوزها ويحرزها وذلك باستعمال سيارة يقودها مالكها.....، وقد ذيل المحضر بأمر وكيل نيابة سمنود بتفتيش الطاعن والسيارة وقائدها المذكور على أن يحرر محضراً بالإجراءات يعرض عليه، من ثم لا يكون هناك مجالاً للشك في أن أمر التفتيش قد صدر عن جريمة وقعت فعلاً وصحت نسبتها إلى مقارفها.
2 - لما كان الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه، وذلك وفقاًَ لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - من المقرر أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره، وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصماً مكانياً بإصداره وأن يكن مدوناً بخطه وموقعاًَ عليه بإمضائه، وإذ ما كان الثابت مما سلف إيراده بأن وكيل نيابة مركز سمنود لم يتجاوز ولايته في إصدار الإذن ولم ينازع الطاعن في أن الإذن صدر محدداً الأشخاص والسيارة المراد تفتيشها، فإن ما يثيره الطاعن من خلو الإذن من قيد تنفيذه بدائرة مركز سمنود فهو لا يعيب الإذن بما يرميه به الطاعن في وجه طعنه.
4 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
5 - لا ينال من سلامة الحكم أن يكون قد أحال في إيراده أقوال الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول، ما دام الأمر الذي قصد الحكم إثباته إنما هو نسبة هذه اللفافة إلى الطاعن، وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل من الشاهدين في جوهرها على حد سواء.
6 - لا جدوى من منازعة الطاعن في نسبة المخدر الذي كان طي اللفافة إليه، ما دام أنه لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن الشهود من ضبط قطعة مخدر أخرى في جيب جلبابه الأيسر العلوي.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر إيراد رقم السيارة التي يستخدمها الطاعن في تنقلاته لبيع المواد المخدرة في محضر الضبط مغايراً لرقمها الصحيح من قبيل الخطأ المادي، فهو تبرير سائغ بدلالة أن اسم قائدها ذكر صحيحاً في محضر التحريات، وهو ما لم ينازع الطاعن فيه، ومن ثم يكن منعاه في هذا الخصوص عديم الجدوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألف جنيه وبمصادرة المضبوطات وذلك عما أسند إليه باعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش استناداً إلى صدوره عن جريمة مستقبلة، ومن وكيل نيابة غير مختص بإصداره. ولخروج إقامة الطاعن عن دائرة اختصاصه فضلاً عن عدم تحديد نطاق تنفيذه، إلا أن المحكمة ردت عليه بأسباب غير سائغة. كما أسند الحكم إلى الشاهد الثالث أنه شهد في التحقيقات بمضمون ما شهد به الشاهد الأول الذي قرر أن الطاعن عند ضبطه كان ممسكاً بلفافة المخدر ويضعها على فخذيه، في حين أن الشاهد الثالث ذلك أن اللفافة كانت على قدمي الطاعن، وهو قول لا يؤدي إلى نسبة المخدر بالذات إليه. فضلاً عن أن الطاعن عاب على التحريات خطئها في ذكر رقم السيارة التي ينتقل بها، إلا أن المحكمة بررت ذلك بما لا يسوغ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة استقاها من أقوال كل من الرائد..... والمقدم...... والملازم أول...... ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من نتيجة - لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة - بأمر المحكمة - أنه قد أثبت بمحضر - التحريات - الذي رفع إلى نيابة مركز سمنود للحصول على إذن بضبط الطاعن وتفتيشه وتفتيش السيارة وسيلة انتقاله وقائدها أن التحريات السرية دلت على أن الطاعن المقيم في بلدة ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا يمارس تجارة المخدرات ويتخذ من دائرة سمنود محلاً لبيع المخدرات التي يحوزها ويحرزها وذلك باستعمال سيارة يقودها مالكها.....، وقد ذيل المحضر بأمر وكيل نيابة سمنود بتفتيش الطاعن والسيارة وقائدها المذكور على أن يحرر محضراً بالإجراءات يعرض عليه، ومن ثم لا يكون هناك مجالاً للشك في أن أمر التفتيش قد صدر عن جريمة وقعت فعلاً وصحت نسبتها إلى مقارفها. ولما كان الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه، وذلك وفقاًَ لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان إذن التفتيش قد صدر من وكيل نيابة مركز سمنود الذي تم فيه ضبط الطاعن، فإن الإذن يكون قد صدر ممن يملك ولاية إصداره، هذا ولما كان من المقرر أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره، وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكن مدوناً بخطه وموقعاًَ عليه بإمضاءه، وإذ ما كان الثابت مما سلف إيراده بأن وكيل نيابة مركز سمنود لم يتجاوز ولايته في إصدار الإذن ولم ينازع الطاعن في أن الإذن صدر محدداً الأشخاص والسيارة المراد تفتيشها، فإن ما يثيره الطاعن من خلو الإذن من قيد تنفيذه بدائرة مركز سمنود فهو لا يعيب الإذن بما يرميه به الطاعن في وجه طعنه، ولما كان الحكم المطعون فيه اعتنق هذا النظر المتقدم في رفضه الدفع ببطلان إذن التفتيش يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين شهادة الشاهد الأول بأن الطاعن كان ممسكاً باللفافة التي تحوي المادة المخدرة ويضعها على فخذيه وبين ما قرره الشاهد الثالث من أن الطاعن كان يضعها على قدميه هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن هو صاحب اللفافة التي تحوي بداخلها المخدر، فإنه لا ينال من سلامة الحكم أن يكون قد أحال في إيراده أقوال الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول، ما دام الأمر الذي قصد الحكم إثباته إنما هو نسبة هذه اللفافة إلى الطاعن، وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل من الشاهدين في جوهرها على حد سواء، فضلاً عن إنه لا جدوى من منازعة الطاعن في نسبة المخدر الذي كان طي اللفافة إليه، ما دام إنه لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن الشهود من ضبط قطعة مخدر أخرى في جيب جلبابه الأيسر العلوي. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر إيراد رقم السيارة التي يستخدمها الطاعن في تنقلاته لبيع المواد المخدرة في محضر الضبط مغايراً لرقمها الصحيح من قبيل الخطأ المادي، فهو تبرير سائغ بدلالة أن اسم قائدها ذكر صحيحاً في محضر التحريات، وهو ما لم ينازع الطاعن فيه، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص عديم الجدوى - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.