مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 450

(70)
جلسة 14 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور حسين توفيق رضا ومحمد عبد الرازق خليل وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 960 لسنة 26 القضائية

أملاك الدولة العامة والخاصة - (إثبات) (تراخيص) (ري وصرف) (ملكية).
مفاد الفقرة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1971 بشأن الري والصرف أن مجرى النيل وجسوره وجميع الأراضي الواقعة بين الجسور تعتبر بحكم القانون من الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف - الفقرة الثانية من المادة الأولى استثنت كل أرض أو منشآت تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو مملوكة لغيرها - هذا الاستثناء وارد على خلاف القرينة القانونية الواردة بالفقرة الأولى - يتعين على من يدعي أنه يملك ملكية خاصة لأرض أو منشأة داخل حدود الأملاك العامة أن يثبت بدليل قانوني قاطع وجود ملكية خاصة داخل هذه الأملاك العامة - المادتان 7، 20 من القانون المذكور قد أجازتا لوزارة الري الترخيص بإجراء عمل خاص داخل الأملاك العامة طبقاً للشروط والقيود الواردة بالمواد من 20 إلى 29 من القانون - إدعاء استئجار أرض أقيم عليها مصنع دون دليل أو إثبات وعدم سبق الحصول على ترخيص من وزارة الري بإقامة المصنع - قرار الجهة الإدارية بإزالة المصنع وإعادة الشيء إلى أصله قرار صحيح يتفق وحكم القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 8 من مايو 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الري ومدير الإدارة العامة لري الجيزة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 960 لسنة 26 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات)، بجلسة 11 من مارس 1980 في الدعوى رقم 1059 لسنة 30 قضائية والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصروفات، وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده في مواجهة النيابة العامة في 2 من يوليو 1980.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه، لما ارتأته من أسباب، إلى أنها ترى الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب والحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة أول فبراير 1982 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 20 من مارس 1982 وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت في المحاضر، وبجلسة 22 من يناير 1983 حضر مفتش الري المختص وقرر أن المصنع موضوع المنازعة مقام على مسطحات النيل ويدخل في أملاك الدولة كما قرر بجلسة المحكمة المنعقدة في 12 من نوفمبر 1983 أنه لم يصدر ترخيص للمطعون ضده بإنشاء مصنع الطوب كما أن هذا المصنع قد تم هدمه بمعرفة المطعون ضده وتم بيع جزء من الأرض التي كان يشغلها المصنع إلى مشروع الذهب، وبجلسة 12 من نوفمبر سنة 1983 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، على ما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 1059 لسنة 30 قضائية ضد كل من وزير الري ومدير الإدارة العامة لري الجيزة بأن أودع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في 11 من إبريل 1976 طالباً فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من الإدارة العامة لري الجيزة فيما تضمنه من اعتبار إقامة المدعي لمصنع الطوب الذي يستأجره مخالفاً لحكم المادة 5/ 1 من قانون الري والصرف وما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما ترتب عليه من آثار مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي بياناً لدعواه إنه أخطر في 31 من مارس 1976 بموجب خطاب من الإدارة العامة لري الجيزة بأنه أقام مصنع طوب لوكس بدون ترخيص من الري على مسطاح النيل وتشوين طوب على هذا المسطاح مخالفاً بذلك أحكام قانون الري والصرف رقم 74 لسنة 1971، وأنه تطبيقاً للمادة 80 من هذا القانون فإنها تنبه عليه بإعادة الشيء إلى أصله خلال ثلاثة أسابيع وإلا قامت إدارة النيل بالجيزة بذلك على نفقته وتحصيل التكاليف منه بالطريق الإداري، وأخذ المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون على قول منه بأن مصنعه يبعد عن جسر النيل بمسافة تزيد على ستين متراً أي خارج جسور النيل بمسافة ثلاثين متراً، وأنه لا يقوم بتشوين الطوب بمسطاح النيل، وأنه بافتراض وقوع المصنع داخل مسطاح النيل فإن ذلك لا يعرض سلامة جسور النيل للخطر بعد إنشاء السد العالي حيث لم يعد هناك خطر من الفيضانات، هذا إلى أن المصنع قد أقيم منذ مدة طويلة ولم تعترض عليه وزارة الري، كما أن هذه الوزارة لم تدع قيام حالة تستوجب استعمال الأرض التي أقيم عليها المصنع وحاجتها إلى أتربة منها لتقوية جسور النيل، وهي الحالة التي يجوز لها طبقاً للقانون، أن تتدخل فيها، وانتهى المدعي في صحيفة دعواه إلى التماس الحكم بطلباته سالفة الذكر.
وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء فيها أنه ثبت من المعاينة التي أجرتها وزارة الري على جسور النيل بناحية الجيزة أن المدعي أقام مصنعاً للطوب داخل جسور النيل وأنه قام بتشوين الطوب بمسطاح النيل بجوار المصنع المذكور مخالفاً بذلك ما يقضي به القانون من حظر القيام بأي عمل بالأراضي المتاخمة لجسور النيل بغير ترخيص من وزارة الري، وقد تم تحرير محضر للمدعي والتنبيه عليه بإزالة المصنع خلال ثلاثة أسابيع إعمالاً لأحكام المادتين 5، 80 من قانون الري والصرف رقم 74 لسنة 1971، وأضافت الجهة الإدارية أنه متى كان الثابت أن المدعي خالف القانون بأن أقام مصنعه بغير ترخيص من وزارة الري، على ما يقضي به القانون، فمن ثم فإن مطالبته بإزالة هذا المصنع تكون على سند صحيح من القانون وتضحي بالتالي دعواه مفتقرة إلى أساس سليم من أحكام القانون ويتعين لذلك رفضها.
وبجلسة 11 من مارس 1980 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى ويقضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من أحكام المادتين الأولى والخامسة من قانون الري والصرف رقم 74 لسنة 1971 أن المشرع حظر إجراء أي عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف، وهي المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون، إلا بترخيص من وزارة الري، وذلك أياً كان نوع هذا العمل أو طبيعته، كما أنه حمل الأراضي المحصورة بين الجسور والواقعة خارجها لمسافة ثلاثين متراً بالنسبة إلى النيل وعشرين متراً بالنسبة إلى الترع العامة، حتى ولو كانت مملوكة للأفراد، بعدة قيود لخدمة الأغراض العامة للري والصرف من بينها عدم جواز إجراء أي عمل بتلك الأراضي أو إحداث حفر بها إلا بترخيص من الوزارة متى كان من شأن ذلك تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بالجسور، هذا وقد أورد المدعي في دعواه أنه يستأجر الأرض المقام عليها المصنع من مالكها ولم تنف الإدارة هذا الادعاء، غاية الأمر أنها تشير إلى خضوع الأرض لحكم المادة 5/ أ من قانون الري والصرف وهي المادة التي تجد مجال إعمالها في التطبيق بالنسبة إلى الأراضي المملوكة للأفراد ملكية خاصة، فمن ثم تخرج تلك الأرض، أياً كان موقعها، عن نطاق الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف بمقتضى الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة
( أ ) والمادة الأولى من القانون المذكور والتي تستثني من تلك الأملاك كل أرض أو منشأة تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو مملوكة لغيرها، وبناء على ذلك لا تخضع للحكم الوارد في المادة 20 من القانون التي تستوجب لإجراء أي عمل داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف الحصول على ترخيص من وزارة الري لتخضع لحكم المادة الخامسة من القانون التي تجعل مناط الترخيص بإقامة تلك الأعمال أو إزالتها مدى تعريضها سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضي أو منشآت أخرى، وأنه متى كان ذلك وكان الثابت أن السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه هو إقامة المصنع على مسطاح النيل دون ترخيص من الري بالمخالفة لقانون الري والصرف دون أية إشارة إلى أن مجرد إقامة المصنع يشكل خطراً على سلامة جسور النيل أو بأراضي أو بمنشآت أخرى، فمن ثم فإن إقامة المصنع دون ترخيص من وزارة الري لا يشكل بذاته مخالفة لأحكام قانون الري والصرف وبالتالي يغدو القرار المطعون فيه فاقداً لأساسه القانوني ويتعين لذلك الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أساس أن إقامة مصنع المطعون ضده بمسطاح النيل لا يتطلب ترخيصاً من وزارة الري لأنها لا تضر بذاتها بجسور النيل أو بغيرها فقد أخطأ في تطبيق حكم القانون، ذلك أن المادة الخامسة من قانون الري والصرف تحظر القيام بأي عمل مهما كان نوعه بالأراضي المبينة بصدر هذه المادة إلا بترخيص من وزارة الري، وقد ورد هذا الحكم مطلقاً دون قيد أو شرط فذلك ما تعنيه العبارة الأولى من الفقرة ( أ ) من المادة الخامسة التي تنص على أنه "لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الري إجراء أي عمل بالأراضي المذكورة"، أما العبارة اللاحقة التي تعقب بلفظ (أو) فلها حكم مختلف إذ أوجبت أن يكون الحفر الذي يجرى في هذه الأراضي يعرض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار على نحو يضر بهذه الجسور أو بأراضي أو منشآت أخرى كي تخضع لقيد الترخيص به من جانب الإدارة، ويعني ذلك أن الحفر البسيط الذي يجريه الفلاحون باستمرار لحاجتهم إلى الأتربة لا يتطلب هذا الترخيص، ومن ثم فإن أية أعمال أخرى، أياً كانت، باستثناء الحفر الذي يخضع لهذا القيد المشار إليه، يتعين وجوب الترخيص بها مقدماً من وزارة الري حتى تكون على بينة منها ومن النتائج المترتبة عليها، ووجه الخطأ في الحكم المطعون فيه أنه قيد حكم العبارة الأولى من الفقرة ( أ ) من المادة الخامسة من القانون المشار إليه، بالقيد الوارد في شأن عملية الحفر، في حين أن لكل من عبارتي هذه الفقرة حكم مختلف وقاعدة مغايرة، ولما كان الثابت أن المصنع، موضوع هذه المنازعة، أقيم بمسطاح النيل دون ترخيص من وزارة الري، في الوقت الذي يتطلب فيه القانون ضرورة الترخيص دون اشتراط وجود الضرر بجسور النيل، فإن القرار المطعون فيه إذ صدر بإزالة هذا المصنع يكون صحيحاً ومتفقاً وحكم القانون.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1971 بشأن الري والصرف تنص على أن الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف هي:
( أ ) مجرى النيل وجسوره وتدخل في مجرى النيل جميع الأراضي الواقعة بين الجسور. ويستثنى من ذلك كل أرض أو منشأة تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو مملوكة لغيرها.
(ب) الترع العامة والمصارف العامة وجسورها وكذلك الأراضي والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور، وذلك ما لم تكن مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها.... وتنص المادة 4 من القانون المذكور على أنه "تشرف وزارة الري على الأملاك العامة المنصوص عليها في المادة (1) ومع ذلك يجوز للوزارة أن تعهد بالإشراف على أي جزء من هذه الأملاك إلى إحدى جهات الإدارة المركزية أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة، ولا يجوز لهذه الجهات أن تقيم منشآت أو تغرس أشجاراً في هذه الأملاك أو أن ترخص في ذلك إلا بعد موافقة وزارة الري" وتنص المادة 5 من ذات القانون على أن "تعتبر الأراضي المملوكة للأفراد وللأشخاص الاعتبارية الخاصة أو الداخلة في الملكية الخاصة للحكومة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والمحصورة بين جسور النيل أو جسور الترع والمصارف العامة والأراضي الواقعة خارج تلك الجسور لمسافة ثلاثين متراً بالنسبة إلى جسور النيل وعشرين متراً خارج منافع الترع والمصارف محملة بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة للري والصرف حتى ولو سلمت تلك الجسور إلى إحدى الجهات المبينة في المادة 4:
( أ ) لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الري إجراء أي عمل بالأراضي المذكورة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراض أو بمنشآت أخرى..." وتنص المادة 7 من القانون على أنه "لا يجوز زراعة الأراضي المملوكة للدولة والواقعة داخل جسور الترع العامة والمصارف العامة أو استعمالها لأي غرض إلا بترخيص من وزارة الري طبقاً للشروط التي تحددها". وتنص المادة 20 من القانون على أنه "لا يجوز إجراء أي عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف أو إحداث تعديل فيها إلا بترخيص من وزارة الري وطبقاً للشروط التي تحددها، ويمنح الترخيص لمدة لا تزيد على عشر سنوات قابلة للتجديد...." ومفاد ما تقدم أنه طبقاً لحكم المادة الأولى من القانون المذكور فإن مجرى النيل وجسوره وجميع الأراضي الواقعة بين الجسور تعتبر بحكم القانون من الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف، وإذ كانت الفقرة الثانية من هذه المادة قد استثنت من ذلك كل أرض أو منشآت تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو مملوكة لغيرها، إلا أن الاستثناء، وهو وارد على خلاف قرينة قانونية باعتبار مجرى النيل وجسوره وجميع الأراضي الواقعة بين الجسور من الأملاك العامة، منوط بإثبات الملكية الخاصة للدولة أو لغيرها للأراضي أو المنشآت الواقعة في حدود تلك الأملاك العامة، أي أن عبء الإثبات والحالة هذه، ملقى على عاتق من يدعي أنه يملك ملكية خاصة لأرض أو منشأة داخل حدود الأملاك العامة المشار إليها، فإن لم يثبت بدليل قانوني قاطع وجود ملكية خاصة داخل هذه الأملاك العامة فالأصل هو ما قرره القانون من اعتبار مجرى النيل وجسوره وجميع الأراضي الواقعة بين الجسور من الأملاك العامة، وبديهي أن وزارة الري أو غيرها من جهات الإدارة لا تملك أن تقر لأحد بملكية أو بحق عيني خاص له على هذه الأملاك وعلى خلاف حكم القانون، ذلك أنه لا يجوز التصرف في الأموال العامة طبقاً لحكم المادة 87 من القانون المدني، ولأن يد الوزارة على هذه الأملاك طبقاً لصريح نص المادة 4 من قانون الري والصرف المشار إليه هي يد إشراف، غاية الأمر أن كلاً من المادتين 7، 20 من هذا القانون قد أجازتا لوزارة الري الترخيص بإجراء عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة المشار إليها طبقاً للشروط وللمدد المنصوص عليها في المواد من 20 إلى 29 من القانون.
ومن حيث إنه ولئن قرر المطعون ضده في دعواه أن يستأجر الأرض التي أقيم عليها المصنع موضوع هذه المنازعة، من مالكها إلا أنه لم يقدم أي دليل أو إثبات على صحة هذا الزعم، بل أن مهندس الري المختص قرر أمام هذه المحكمة أن تلك الأرض تقع في أملاك الدولة العامة وقدم رسماً كروكياً يبين منه أن المصنع قد أقيم على مسطاح النيل أي على الأرض التي تقع بين مجرى النيل وجسره الغربي والتي تعتبر من الأملاك العامة للدولة طبقاً لحكم المادة الأولى من قانون الري والصرف طالما لم يقم الدليل بسند قاطع على عكس ذلك.
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن المصنع، موضوع المنازعة، قد أقيم على مسطاح النيل الذي يعتبر بحكم القانون أرضاً تدخل في الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف، فمن ثم فإنه لا وجه، والحال على ما تقدم، لإقحام حكم المادة الخامسة من القانون رقم 74 لسنة 1971 المشار إليه التي تتناول الأراضي المملوكة للأفراد وللأشخاص الاعتبارية الخاصة أو الداخلة في الملكية الخاصة للحكومة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والمحصورة بين جسور النيل والأراضي الواقعة خارج تلك الجسور لمسافة ثلاثين متراً وذلك خلافاً لما ذهب إليه كل من الحكم المطعون وكذلك الطعن الماثل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يحصل على ترخيص من وزارة الري بإقامة المصنع، موضوع المنازعة، على الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف حسبما تقضي به المادة 20 من القانون فمن ثم فإن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام المطعون ضده بإزالة المصنع وإعادة الشيء إلى أصله، يكون قد قام على سبب صحيح يتفق وحكم القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن المطعون ضده خسر هذا الطعن فقد حق إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.