مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 463

(72)
جلسة 14 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل بطرس فرج وفاروق عبد الرحيم غنيم ويحيى السيد الغطريفي وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 1871 لسنة 27 القضائية

قرار إداري تكييفه - تقسيم أراضي - دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى - النشر في الوقائع المصرية - علم ذوي الشأن بالقرار - مدى توافره - القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء - قرار اعتماد التقسيم بما يفرضه من أوضاع وتعدد على المقسم وعلى المتعاملين في قطع التقسيم ليس في طبيعته قراراً تنظيمياً عاماً بحيث يكفي نشره في الوقائع المصرية لتوفر القرينة القانونية على العلم به، وإنما هو أقرب إلى القرارات الفردية لأنه يمس المركز القانوني الذاتي لكل مشتري أو مستأجر أو منتفع بالحكر من أي قطعة من قطع التقسيم - الأثر المترتب على ذلك: علم ذوي الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق بمجرد نشره في الوقائع المصرية - خلو الأوراق مما يفيد إعلان المدعي بالقرار المطعون فيه أو علمه به وبمحتوياته علماً يقينياً - قبول الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 15 من يونيه 1981 أودع الأستاذ صادق حسن المحامي نائباً عن الأستاذ مصطفى كمال رفعت المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ السيد عبد العزيز محمد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1871 لسنة 27 القضائية ضد:
1 - السيد محافظ الشرقية.
2 - السيد/ عبد الحميد عدلي أباظة.
3 - السيد/ سليمان طلعت أباظة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 26/ 4/ 1981 ثم الدعوى رقم 202 لسنة 1 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار الإداري رقم 522 لسنة 1976 الصادر من محافظ الشرقية وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الموضح بالأوراق وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول نوفمبر 1982 ثم قررت الدائرة بجلسة 18 من إبريل سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 4 من يونيه 1983 حيث نظرته هذه المحكمة في تلك الجلسة وما تلاها على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 5 من ديسمبر 1983 إصدار الحكم بجلسة 24 من ديسمبر 1983 حيث أعيد الطعن للمرافعة لنظره بجلسة 31 من ديسمبر 1983 التي تقرر فيها إصدار الحكم بجلسة اليوم وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 20/ 3/ 1977 أقام السيد عبد العزيز محمد الدعوى رقم 856 لسنة 31 القضائية ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد محافظ الشرقية طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 522 لسنة 1976 الصادر من محافظ الشرقية بتاريخ 12/ 8/ 1976 مع إلزامه بصفته بالمصروفات والأتعاب، واستند في ذلك إلى أنه وآخرين يستأجرون أطياناً زراعية قدرها تسعة أفدنة بموجب عقود مسجلة بالجمعية التعاونية الزراعية بناحية كفر الزند بندر الزقازيق، إلا أن المحافظة أصدرت قرارها رقم 522 لسنة 1976 بتاريخ 12 من أغسطس 1976 المنشور في الوقائع المصرية في العدد رقم 230 في 21 سبتمبر 1976 باعتماد تقسيم تلك الأطيان لتكون أرضاً معدة للبناء وبالتالي يمكن طرد هؤلاء الزراع منها مما يهددهم في مصدر رزقهم الوحيد، وقد تظلموا من هذا القرار إلى رئيس الجمهورية ولكن دون جدوى الأمر الذي من أجله أقيمت هذه الدعوى وهي تقوم على أن للمدعي مصلحة حالية وقائمة وظاهرة في الطعن على القرار المطعون فيه بما يجعلها مقبولة شكلاً أما عن الموضوع فإن الأطيان موضوع القرار قد تعلق بها حقوق للغير والمصلحة العامة تقتضي عدم تحويلها إلى مساكن لأنها ليست داخل كردون المدينة ومن أجود الأراضي الزراعية وينبغي تغليب الصالح العام على الصالح الخاص الذي يسعى إلى الاعتداء على الأراضي الزراعية لتحويلها إلى مباني جرياً وراء الربح السريع الوفير فضلاً عن أن المستأجرين جميعاً لهذه الأطيان من صغار الزراع الذين يمتهنون الزراعة بصفة أصلية.
وعلى ذلك فقد صدر القرار المطعون فيه مجافياً لروح التشريع الذي صدر به قانون الإصلاح الزراعي وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص وقيدت لديها برقم 202 لسنة 1 القضائية حيث اختصم المدعي بصحيفة معلنة في 3/ 5/ 1980 المدعى عليهما الثاني والثالث، وعقبت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بالدفع أصلياً بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً طلبت رفضها. وبجلسة 26 من إبريل 1981 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن القرار رقم 522 لسنة 1976 الصادر من محافظة الشرقية بتاريخ 12/ 8/ 1976 نشر في الوقائع المصرية بالعدد رقم 220 في 21/ 9/ 1976 ولم يثبت من الأوراق أن المدعي قد تظلم منه على نحو ما ورد في صحيفة الدعوى كما لم يقدم دليلاً على تقديمه هذا التظلم وإذ أقام الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 20/ 3/ 1977 فإنه يكون قد تجاوز ميعاد رفع الدعوى طبقاً للمادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب في قضائه لأن الطاعن لم يعلن بالقرار المطعون فيه وإنما علم به مصادفة بعد نشره وقد تظلم منه في الميعاد إلى رئيس الجمهورية وهو الممثل الأعلى للجهاز الإداري للدولة.
ثم أقام الدعوى المطعون في حكمها بتاريخ 20/ 3/ 1977 في الميعاد القانوني بما يجعلها مقبولة شكلاً أما عن الموضوع فإن أطيان النزاع ليست مما ينبغي صدور قرار بشأن تقسيمها وما زالت أرضاً زراعية وتعتبر ضمن الرقعة الزراعية التي لا يجوز المساس بها طبقاً لما تضمنه الكتاب الدوري الصادر من الأمانة العامة للحكم المحلي برقم 67 لسنة 1977 في شأن قرار رئيس الجمهورية بهذا الخصوص ولا يتأتى الإبقاء على القرار المطعون فيه إلا بعد بحث حالة تلك الأطيان ومدى انطباق قرار رئيس الجمهورية المشار إليه عليها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 12 من أغسطس 1976 صدر قرار محافظة الشرقية رقم 522 لسنة 1976 - المطعون فيه - ونص في مادته الأولى على أن "يعتمد تقسيم الأرض ملك ورثة سليمان أحمد أباظة بمنشأة أباظة بالزقازيق طبقاً لمشروع التقسيم المحدد بالحروف ( أ، ب، ج، د) بالرسم المرافق مع إلزام المقسم تنفيذ أحكام المادة 12 من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتزويدها بالمرافق العامة طبقاً لبرنامج تنفيذها وكشف توزيعها على قطع أرض التقسيم وقائمة الشروط الملحقة بالقرار" ونص في مادته الثانية على أن "تزود أرض التقسيم المشار إليها بالمرافق العامة وكافة أعمال التهيئة على حساب المقسم طبقاً للقواعد والاشتراطات المنصوص عليها في برنامج تنفيذ أعمال المرافق العامة المرافقة" ونص في مادته الثالثة على أن "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من تاريخ نشره". وقد ألحق بهذا القرار مشروع تقسيم أرض وقف المرحوم سليمان أحمد أباظة متضمناً برنامج تزويد أرض التقسيم بالمرافق العامة وقائمة بالشروط العامة المفروضة على المشترين أو المستأجرين أو المنتفعين بالحكم والتي نص فيها على إلحاقها بنصوص كل تعاقد على أية قطعة من الأرض المقسمة ويلزم بها الطرفان. وقد تم نشر هذا القرار ومشروع التقسيم الملحق به في الوقائع المصرية بعددها رقم 220 الصادر في 21 من سبتمبر 1976.
ومن حيث ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء هو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به إلا أنه يقوم مقام الإعلان والنشر علمه بالقرار وبمحتوياته علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً.
ومن حيث إن قرار اعتماد التقسيم المطعون فيه بما يفرضه من أوضاع وقيود على المقسم وعلى المتعاملين في قطع التقسيم ليس في طبيعته قرار تنظيماً عاماً بحيث يكفي نشره في الوقائع المصرية لتوفر القرينة القانونية على العلم به، وإنما هو أقرب إلى القرارات الفردية لأنه يمس المركز القانوني الذاتي لكل مشتري أو مستأجر أو منتفع بالحكر عن أي قطعة من قطع التقسيم وبهذه المثابة فإن علم ذوي الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق بمجرد نشره في الوقائع المصرية.
ومن حيث إن هذا النظر هو ما تؤدي إليه نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء والذي صدر على أساسه القرار المطعون فيه فهو ولئن استلزم نشر القرار الصادر بالموافقة على التقسيم في الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية) إلا أنه أوجب في المادة (11) منه أن يذكر في عقد البيع أو الإيجار والتحكير القرار الصادر بالموافقة على التقسيم وقائمة الشروط المشار إليها في المادة السابقة وأن ينص في العقد على سريان قائمة الشروط المذكورة على المشترين والمستأجرين والمنتفعين بالحكر فإن لم يذكر كان العقد باطلاً إذا طلب ذلك المشترون والمستأجرون والمنتفعون بالحكر الأمر الذي يستفاد منه بوضوح أن مجرد نشر قرار اعتماد التقسيم في الوقائع المصرية لا يكفي بذاته في نظر المشرع لوصوله إلى علم ذوي الشأن المذكورين ولذا أوجب القانون أن يذكر هذا القرار وقائمة الشروط الملحقة به في كل تعاقد يتم على الأرض المقسمة وأن ينص في العقد على سريان قائمة الشروط المذكورة على طرفيه وذلك لكي يتحقق بيقين عن هذا الطريق علم هؤلاء بحالة الأرض المقسمة وبالتالي التزامهم بقيود واشتراطات التقسيم وإلا جاز لهم في حالة خلو عقودهم من هذا البيان الذي أوجبه القانون التمسك ببطلانها رغم نشر قرار اعتماد التقسيم في الوقائع المصرية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك هو سبيل المشرع لإحاطة ذوي الشأن علماً بقرار اعتماد التقسيم فإن المدعي الذي يستأجر مساحة من الأرض الصادر باعتماد تقسيمها القرار المطعون فيه يكون معذوراً فيما لو لم يعلم به رغم نشره في الوقائع المصرية طالما استبان أن النشر في حد ذاته ليس كافياً لتحقق هذا العلم ولم تدع جهة الإدارة أن عقد إيجاره منصوص فيه على قرار اعتماد التقسيم المطعون فيه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد إعلان المدعي بالقرار المطعون فيه أو علمه به وبمحتوياته علماً يقينياً قبل الستين يوماً المقررة لرفع دعوى الإلغاء، فإن دعواه المقامة بتاريخ 20/ 3/ 1977 تكون مقامة في الميعاد القانوني ويغدو الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد في غير محله حرياً بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بنظر مغاير لما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون ومن ثم تعين القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.