أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 422

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد يونس ثابت.

(81)
الطعن رقم 1265 لسنة 47 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". تفتيش. "التفتيش بغير إذن". تلبس. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد وتقديرها. إفصاح المحكمة عن سبب إطراحها أقوال الشاهد. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
إطراح المحكمة أقوال الضابط عن عرض المتهم المخدر للبيع بمحل عام. وانتقاله إليه متنكراً زاعماً له رغبته في شرائه. وضبطه إياه في حالة تلبس. بدعوى أنه لو صحت هذه الرواية لاستصدر إذناً بالتفتيش. غير سائغ.
تأخر الضابط في تحرير محضر ضبط الواقعة. لا يدل حتماً على عدم جديته.
عدم معرفة المرشد السري لكامل اسم المتهم أو محل إقامته. لا ينال من شهادة الضابط نقلاً عنه.
لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى حسبما أسندتها النيابة العامة إلى المطعون ضده بما محصله أنه أثناء تواجد النقيب........ رئيس وحدة مكافحة جرائم المال بمكتبه اتصل به أحد المرشدين السريين وأبلغه أن المتهم يحرز كمية من الجواهر المخدرة ويقوم بعرضها للبيع فأشار عليه بأن يبلغ المتهم أنه سيحضر إليه من يقوم بشرائها وتنكر في زي بلدي وتوجه بصحبة المرشد إلى مكان المتهم حيث كان جالساً بإحدى المقاهي وما أن شاهدهما حتى حضر إليهما فطلب الضابط منه رؤية ما معه من مخدر فقدم إليه لفافة من الورق قام بفضها فوجد بداخلها ثلاث طرب من الحشيش فأجرى ضبط المتهم والمخدرات التي ثبت من تقرير التحليل أنها لمادة الحشيش وتزن 415 جراماً واستند الحكم تبريراً لقضائه بالبراءة إلى ما نصه: "وحيث إن الدليل القولى في الدعوى قبل المتهم ينحصر في مجرد أقوال النقيب....... في التحقيقات وحيث إنه عن هذا الدليل فقد اعتوره ما يضعف من قيمته في الاقتناع بصحة التهمة المسندة إلى المتهم ذلك أنه جاء بأقوال شاهد الإثبات المذكور في التحقيقات أن أحد المرشدين السريين أبلغه أن أحد الأشخاص المعروفين بتجارة المخدرات (المتهم) يقوم بعرض كمية من المواد المخدرة للبيع مما كان يقتضيه المبادرة إلى استصدار إذن من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه ومن ثم يكون إغفال الشاهد اتخاذ هذا السبيل من شأنه الاسترابة في الإجراءات التي تم بها ضبط المتهم، ومما يؤيد هذا النظر أن ضبط الواقعة قد تم الساعة 2.30 مساء يوم 10/ 10/ 1970 حسبما شهد بذلك الشاهد في التحقيقات في حين أنه لم يبدأ في تحرير محضره إلا الساعة 7.30 مساء وبالإضافة إلى ما تقدم فإنه مما يتنافر مع مقتضى العقل والمنطق أن يتصل المتهم وهو أحد الأشخاص المعروفين بتجارة المخدرات بالمرشد السري بعرض صفقة بيع كمية من الحشيش دون أن يعرف الأخير من أمر الأول سوى أنه يدعي...... ولا يعرف باقي اسمه أو محل إقامته ذلك أن من شأن هذا الاتصال وجود الثقة والاطمئنان بين الطرفين ومعرفة كل منهما الآخر بما ينال من أقوال شاهد الإثبات في هذا الخصوص ويلقى ظلال الشك عليها مما يتعين معه إطراح الدليل المستمد من تلك الأقوال وعدم محاجة المتهم به وبالتالي تكون الدعوى قد أضحت مفتقرة إلى الدليل المقنع على ثبوتها قبل المتهم ويتعين لذلك الحكم ببراءة المتهم المذكور مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/ أ. ج ومصادرة المخدر المضبوط". وحيث إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. ولما كان ما أورده الحكم تبريراً لإطراحه لأقوال شاهد الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ذلك بأن عدم سعى الضابط مسبقاً إلى الحصول على إذن بضبط وتفتيش المتهم قبل قيامه بهذا الضبط وذلك التفتيش لا يدعو إلى الشك في تصرفه إذ أن روايته بانتقاله ومعه المرشد السري إلى المكان الذي عينه الأخير لشراء المخدر من المتهم نفاذاً للاتفاق المعقود بينه وبين المرشد وتقديم المتهم المخدر فعلاً له وإلقائه - عندئذ القبض عليه وهي مما تتفق مع مجريات السير العادي للأمور وإذ أوجد المتهم نفسه طواعية في أظهر حال من حالات التلبس فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن أمامه فسحة من الوقت لاتخاذ هذا الإجراء ولم يكن في حاجة إليه. لما كان ذلك، فإنه فضلاً عن أن إجراءات ضبط المتهم وتفتيشه والانتقال به من مكان الضبط إلى المكان الذي يجرى فيه التحقيق واتخاذ باقي الإجراءات كوزن المادة المخدرة المضبوطة والكشف عن سوابق المتهم وطلبها يستغرق وقتاً فإن مجرد التأخير في فتح محضر ضبط الواقعة لا يدل حتماً على عدم جديته، ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به من أدلة منتجة في الدعوى، وحيث إن عدم معرفة المرشد السري اسم المتهم بالكامل ومحل إقامته أمر لا ينال في حد ذاته من شهادة الضابط وإذ ربما حرص المتهم - والحرص في مثله مفترض - على عدم الكشف عن كامل اسمه ومحل إقامته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حاز جوهراً مخدراً "حشيشاً" وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 1/ 1 و2 و34/ أ و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار استناداً إلى التشكك في أقوال الضابط شاهد الإثبات قد انطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأن الأسباب التي ساقها لإطراح أقوال هذا الشاهد غير سائغة ولا تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها إذ أن عدم سعى الضابط لاستصدار إذن مسبق من النيابة العامة بضبط وتفتيش المتهم يرجع إلى أنه عندما توجه بصحبة المرشد السري، إلى حيث كان يتواجد المتهم كان بغرض الاستيثاق من صحة المعلومات التي وصلته منه وقد شاهد المتهم جالساً بإحدى المقاهي واضعاً بحجرة لفافة من الورق وما أن شاهدهما حتى حضر إليهما وعندما أفهمه المرشد السري أن الضابط هو الشخص الراغب في شراء المخدر عرض عليه اللفافة التي كانت معه بقصد فحص المخدر الذي تحتويه وبفضها تبين أنها تحوى ثلاث طرب من الحشيش وهو بذلك يكون قد وضع نفسه طواعية في موقف يبيح للضابط ضبطه وتفتيشه دون حاجة إلى إذن بذلك من النيابة العامة كما أن تأخر الضابط في فتح محضره يرجع إلى أن إجراءات الانتقال من مكان الضبط إلى الإدارة التي يتبعها الضبط والكشف عن سوابق المتهم وطلبها تستغرق بعض الوقت ولم يدع أنه قد اتخذ قبل المتهم خلاله إجراء غير قانوني وأخيراً فإن عدم معرفة المرشد السري لاسم المتهم بالكامل وكذلك محل إقامته قد يكون مرجعه حرص المتهم على إخفاء هذه البيانات عن المرشد والحرص فيه مفترض باعتباره صاحب نشاط سابق في تجارة المخدرات على ما تكشف عنه اتهاماته السابقة كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى حسبما أسندتها النيابة العامة إلى المطعون ضده بما حصله أنه أثناء تواجد النقيب....... رئيس وحدة مكافحة جرائم المال بمكتبه اتصل به أحد المرشدين السريين وأبلغه أن المتهم يحرز كمية من الجواهر المخدرة ويقوم بعرضها للبيع فأشار عليه بأن يبلغ المتهم أنه سيحضر إليه من يقوم بشرائها وتنكر في زي بلدي وتوجه بصحبة المرشد إلى مكان المتهم حيث كان جالساً بإحدى المقاهي وما أن شاهدهما حتى حضر إليهما فطلب الضابط منه رؤية ما معه من مخدر فقدم إليه لفافة من الورق قام بفضها فوجد بداخلها ثلاث طرب من الحشيش فأجرى ضبط المتهم والمخدرات التي ثبت من تقرير التحليل أنها لمادة الحشيش وتزن 415 جراماً واستند الحكم تبريراً لقضائه بالبراءة إلى ما نصه: "وحيث إن الدليل القولي في الدعوى قبل المتهم ينحصر في مجرد أقوال النقيب....... في التحقيقات وحيث إنه عن هذا الدليل فقد اعتوره ما يضعف من قيمته في الإفصاح بصحة التهمة المسندة إلى المتهم ذلك أنه جاء بأقوال شاهد الإثبات المذكور في التحقيقات أن أحد المرشدين السريين أبلغه من أن أحد الأشخاص المعروفين بتجارة المخدرات (المتهم) يقوم بعرض كمية من المواد المخدرة للبيع مما كان تقتضيه المبادرة إلى استصدار إذن من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه ومن ثم يكون إغفال الشاهد اتخاذ هذا السبيل من شأنه الاسترابة في الإجراءات التي تم بها ضبط المتهم، ومما يؤيد هذا النظر أن ضبط الواقعة قد تم الساعة الثانية والنصف مساء يوم 10/ 10/ 1970 حسبما شهد بذلك الشاهد في التحقيقات في حين أنه لم يبدأ في تحرير محضره إلا الساعة السابعة والنصف مساء وبالإضافة إلى ما تقدم فإنه مما يتنافر مع مقتضى العقل والمنطق أن يتصل المتهم وهو أحد الأشخاص المعروفين بتجارة المخدرات بالمرشد السري بعرض صفقة بيع كمية من الحشيش دون أن يعرف الأخير من أمر الأول سوى أنه يدعى سليمان ولا يعرف باقي اسمه أو محل إقامته ذلك أن من شأن هذا الاتصال وجود الثقة والاطمئنان بين الطرفين ومعرفة كل منهما الآخر بما ينال من أقوال شاهد الإثبات في هذا الخصوص ويلقى ظلال الشك عليها مما يتعين معه إطراح الدليل المستمد من تلك الأقوال وعدم محاجة المتهم به وبالتالي تكون الدعوى قد أضحت مفتقرة إلى الدليل المقنع على ثبوتها قبل المتهم ويتعين لذلك الحكم ببراءة المتهم المذكور مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات ومصادرة المخدر المضبوط" وحيث إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. ولما كان ما أورده الحكم تبريراً لإطراحه لأقوال شاهد الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ذلك بأن عدم سعي الضابط مسبقاً إلى الحصول على إذن بضبط وتفتيش المتهم قبل قيامه بهذا الضبط وذلك التفتيش لا يدعو إلى الشك في تصرفه إذ أن روايته بانتقاله ومعه المرشد السري إلى المكان الذي عينه الأخير لشراء المخدر من المتهم نفاذاً للاتفاق المعقود بينه وبين المرشد وتقديم المتهم المخدر فعلا له وإلقائه - عندئذ القبض عليه - هي مما تتفق مع مجريات السير العادي للأمور وإذ أوجد المتهم نفسه طواعية في إظهار حالة من حالات التلبس فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذا لم يكن أمامه فسحه من الوقت لاتخاذ هذا الإجراء ولم يكن في حاجة إليه، لما كان ذلك فإنه فضلاً عن أن إجراءات ضبط المتهم وتفتيشه والانتقال به من مكان الضبط إلى المكان الذي يجري فيه التحقيق واتخاذ باقي الإجراءات كوزن المادة المخدرة المضبوطة والكشف عن سوابق المتهم وطلبها يستغرق وقتاً فإن مجرد التأخير في فتح محضر ضبط الواقعة لا يدل حتماً على عدم جديته ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به من أدلة منتجة في الدعوى، وحيث إن عدم معرفة المرشد السري اسم المتهم بالكامل ومحل إقامته أمر لا ينال في حد ذاته من شهادة الضابط وإذ ربما حرص المتهم - والحرص في مثله مفترض - على عدم الكشف عن كامل اسمه ومحل إقامته، لما كان ما تقدم. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.