أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 428

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

(82)
الطعن رقم 1266 لسنة 47 القضائية

(1، 2) أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بياناته. بيانات التسبيب". قتل عمد.
(1) كفاية إيراد الحكم من الأدلة السائغة ما يتساند إليه قضاؤه بالإدانة.
مبادرة المتهمين المجني عليهم بالتعدي . دون وقوع اعتداء من الآخرين. عدم تحقق موجب للدفاع الشرعي.
(2) تقدير الوقائع التي تستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. حق الدفاع الشرعي. سن لرد العدوان ومنع استمراره.
(3) إثبات. "شهادة". "خبرة". قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكوناً غير متناقضين بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق. مثال.
وجود إصابة بظهر المجني عليه. رغم وقوف ضاربه أمامه. جائز. أساس ذلك: جسم الإنسان متحرك لا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استظهار نية القتل. موضوعي. مثال.
(5) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "معاينة".
إطراح المحكمة الدفاع غير المنتج. بما يسوغه. بعد وضوح الواقعة لديها. لا إخلال بحق الدفاع. مثال في طلب ضم تقارير طبية وتحليل فصائل دماء وضم دفتر السجن وسماع شهود نفي وإجراء معاينة.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب معاينة. لا يتجه لنفي الفعل أو إثبات استحالة حصوله.
(6) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "شهادة".
إعراض المحكمة عن سماع شهود. لم يطلبوا وفق المواد 185، 186، 187، إجراءات. لا تثريب عليها.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة القتل العمد التي دان بها الطاعنين الأولين وجريمة الشروع في القتل التي دان بها الطاعن الثالث وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الواقعة والمجني عليه الأخير والتقارير الطبية الشرعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه بقوله: "وكان يبين للمحكمة من أقوال كل من الخفيرين النظاميين..... و......... بجلسة المحاكمة وغيرهما من الشهود أن المتهمين هم البادئون بالعدوان وأن المجني عليهم لم يقع منهم أي اعتداء عليهم فلا يقبل منهم بعد ذلك القول بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن أنفسهم ذلك أن من المقرر أن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء وقد أجمع الشهود الذين اطمأنت إليهم المحكمة على أن اعتداء ما لم يقع من المجني عليهم وأن المهتمين هو الذين بادروهم بالاعتداء.
2 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة للفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية على النتيجة التي رتبت عليها وأن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعنين لم يكونوا في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كانوا معتدين قاصدين إلحاق الأذى بالمجني عليهم لا دفع اعتداء وقع عليهم وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعنين يرتد إلى ما شهد به الخفير النظامي......... أمام المحكمة وهو ما لم ينازع فيه الطاعنون فإن نعيهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى مع الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقلته المجني عليه عمداً استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم أن الطاعن الأول أحدث بالمجني عليه الأول عدة طعنات بمطواة في أسفل يمين العنق وأعلا الخاصرة اليسرى ومنتصف يمين الظهر وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجني عليه الأول ترجع إلى إصاباته سالفة الذكر فقط دون إصابة أسفل الساعد الأيسر فإنه لا يكون هناك تناقضاً بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن الأول بشأن التناقض بين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية غير سديد، أما ما يثيره الطاعنون من اعتناق الحكم لصورة الواقعة حسبما صورها شهود الإثبات مع أن أقوالهم بالتحقيقات تناقض ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية إذ قرروا بأن المجني عليه الأول والطاعن الأول كان كل منهما في مواجهة الآخر وقت الاعتداء بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وجود إصابة بظهر المجني عليه الأول فإنه لما كان جسم الإنسان متحركاً ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة بالظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وتقرير الصفة التشريحية ولا يكون هناك تناقض مع العقل فيما قرره الشهود من أن المجني عليه أصيب في ظهره والضارب له واقف أمامه ويكون منعى الطاعنون في هذا غير سليم.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وكان يبين من أقوال الشهود أن كلاً من المتهمين ضرب واحداً معيناً من المجني عليهم ولم يشترك اثنان منهم أو يشترك ثلاثتهم في ضرب شخص واحد من بين المجني عليهم وكانت ضرباتهم من الضراوة والبشاعة والعمق وتوجيها إلى مقتل المجني عليهم وتعددها في أكثر من مقتل بالنسبة للمجني عليهما الأولين واستعمالهم آلات صلبة ذات حافة حادة "مطواة" في مقارفة الحادث على نحو يقطع بتوافر نية إزهاق أرواح المجني عليهم في جانبهم" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم على النحو المقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد.
5 - لئن أوجب القانون سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه إذا كانت المحكمة قد أوضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض عنه ولا تثريب عليها إن هي أغفلت الرد عليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلبات المتهمين الخاصة بضم التقارير الطبية الموقعة عليهم وتحليل فصائل الدم الموجودة على المدعي المضبوطة وضم دفاتر السجن وسماع شهود نفي وإجراء معاينة وأطرحها للأسباب السائغة التي أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصوله بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
6 - متى كان المدافع عن الطاعنين لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المواد 185، 186، 187 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماعهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم (المتهم الأول) قتل........ عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعنه بآلة حادة "مطواة" عدة طعنات بأسفل يمين العنق وأعلا الخاصرة اليسرى ومنتصف يمين الظهر قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (المتهم الثاني) قتل....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعنه بآلة حادة "مطواة" بأسفل يسار مقدم الصدر وأعلا يسار مقدم البطن قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (المتهم الثالث) شرع في قتل..... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعنه بآلة حادة (مطواة) بيسار مقدم بطنه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه وإسعافه بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة فأمر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات. بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني مدة عشر سنوات ومعاقبة الثالث بالأشغال الشاقة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأولين منهم بجريمة القتل العمد وثالثهم بجريمة الشروع فيه قد شابه فساد في الاستدلال وتناقض في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق والقانون وإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم رد على دفاع الطاعنين بتوافر حالة الدفاع الشرعي بما لا سند له في الأوراق إذ قال أن إصاباتهم ترجع إلى المشاجرة الأولى التي حدثت بين الطاعنين والمجني عليه الأول مع أنهم لم يكونوا جميعاً طرفاً فيها كما أن الحكم لم يعن برفع التعارض القائم بين الدليلين القولي والفني إذ عول على أقوال الشهود بأن الطاعنين كانوا في مواجهة المجني عليهم في حين جاء بالتقرير الطبي الشرعي أن بجثة المجني عليه الأول إصابات بالظهر كما لم يشهد أحد من الشهود بوجود سنجة مع أي من الطاعنين ورغم ذلك جاء بالتقرير الطبي الشرعي سالف الذكر أنه يجوز حدوث إصابة أسفل الساعد الأيسر من ضربة سنجة حديد كما دلل الحكم مع توافر نية القتل لدى الطاعنين بضراوة الضربات وتوجيهها إلى مقاتل وتعددها دون أن يثبت تعمد الطاعنين تصويب الطعنات إلى مقاتل ودون أن يرد بالتقارير الطبية ما يؤيد ما ذهب إليه الحكم كما تمسك المدافع عن الطاعنين بطلب سماع شهود نفي رغم التقارير الطبية الموقعة عليهم وتحليل فصائل الدم الموجودة على المدى وضم دفاتر السجن وإجراء معاينة في وقت يتفق وساعة وقوع الحادث لإثبات كذب تصوير الشهود للواقع إلا أن المحكمة رفضت هذه الطلبات كل ذلك مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة القتل العمد التي دان بها الطاعنين الأولين وجريمة الشروع في القتل التي دان بها الطاعن الثالث وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الواقعة والمجني عليه الأخير والتقارير الطبية الشرعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه بقوله: "وكان يبين للمحكمة من أقوال كل من الخفيرين النظاميين........ و...... بجلسة المحاكمة وغيرهما من الشهود أن المتهمين هم البادئون بالعدوان وأن المجني عليهم لم يقع منهم أي اعتداء عليهم فلا يقبل منهم بعد ذلك القول بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن أنفسهم ذلك أن من المقرر أن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء وقد أجمع الشهود الذين اطمأنت إليهم المحكمة على أن اعتداء ما لم يقع من المجني عليهم وأن المهتمين هم الذين بادروهم بالاعتداء". كما علل إصابات الطاعنين بأنها حدثت من المشاجرة استناداً إلى ما شهد به الخفير النظامي........، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة للفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً على المدافع أو غيره وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم فيما تقدم أن الطاعنين لم يكونوا في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كانوا معتدين قاصدين إلحاق الأذى بالمجني عليهم لا دفع اعتداء وقع عليهم وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعنين يرتد إلى ما شهد به الخفير النظامي........ أمام المحكمة وهو ما لم ينازع فيه الطاعنون فإن نعيهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى مع الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقتله المجني عليه........ عمداً استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم أن الطاعن الأول أحدث بالمجني عليه الأول عدة طعنات بمطواة في أسفل يمين العنق وأعلا الخاصرة اليسرى ومنتصف يمين الظهر وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجني عليه الأول ترجع إلى إصاباته سالفة الذكر فقط دون إصابة أسفل الساعد الأيسر فإنه لا يكون هناك تناقضاً بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن الأول بشأن التناقض بين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية غير سديد، أما ما يثيره الطاعنون من اعتناق الحكم لصورة الواقعة حسبما صورها شهود الإثبات مع أن أقوالهم بالتحقيقات تناقض ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية إذ قررا بأن المجني عليه الأول والطاعن الأول كان كل منهما في مواجهة الآخر وقت الاعتداء بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وجود إصابة بظهر المجني عليه الأول فإنه لما كان جسم الإنسان متحركاً ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة بالظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة فنية خاصة فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وتقرير الصفة التشريحية ولا يكون هناك تناقض مع العقل فيما قرره الشهود من أن المجني عليه أصيب في ظهره والضارب في ظهره والضارب له واقف أمامه ويكون منعى الطاعنون في هذا غير سليم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وكان يبين من أقوال الشهود أن كلا من المتهمين ضرب واحداً معيناً من المجني عليهم ولم يشترك اثنان منهم أو يشترك ثلاثتهم في ضرب شخص واحد من بين المجني عليهم وكانت ضرباتهم من الضراوة والبشاعة والعمق وتوجيهها إلى مقاتل المجني عليهم وتعددها في أكثر من مقتل بالنسبة للمجني عليهما الأولين......... واستعمالهم آلات صلبة ذات حافة حادة "مطواة" في مقارفة الحادث على نحو يقطع بتوافر نية إزهاق أرواح المجني عليهم في جانبهم" لما كان ذلك وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم على النحو المقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان القانون وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه إذا كانت المحكمة قد أوضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض عنه ولا تثريب إن هي أغفلت الرد عليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلبات المتهمين الخاصة بضم التقارير الطبية الموقعة عليهم وتحليل فصائل الدم الموجودة على المدعي المضبوطة وضم دفاتر السجن وسماع شهود نفي وإجراء معاينة وإطراحها للأسباب السائغة التي أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصوله بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته كما أن المدافع عن الطاعنين لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المواد 185، 186، 187 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماعهم لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.