أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 437

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

(83)
الطعن رقم 26 لسنة 48 القضائية

(1) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(2) إثبات. "شهود". خبرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع الدليل الفني في كل جزئيه. ليس بلازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع مضمون الدليل الفني.
(3) ضرب أفضى إلى موت. إثبات. "شهود". خبرة. حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الحكم الطاعن بإحداث إصابة معينة. كفايته. متى كان سائغاً. عدم التزامه من بعد التحدث عن إصابات لم ترفع بها لدعوى.
1 - الأصل ألا تلتزم الأحكام بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ حصل الحكم مضمون أقوال الشاهد الأول على نحو ما سلف بيانه ثم استطرد إلى أنها تأيدت بما قررته الشاهدة الثانية وبين كيف أنها يؤيدها من حيث قيام الطاعن بطعن المجني عليه بيسار صدره فإن هذا حسبه لاستيفاء دليله ويكون النعي عليه بالقصور في غير محله.
2 - من المقرر أن تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني في كل جزئية فيه ليس بلازم، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ حصل الحكم أقوال شاهدي الإثبات فيما سلف بيانه، وكان من بين ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابة طعنية بصدره لما أحدثته من تمزق بعضلة القلب ونزيف داخلي، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهدين وما نقله عن تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من الأوراق، فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله عن الدليل الفني، بل يتلاءم معه، ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني.
3 - إن البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه أنه أسند إلى الطاعن على سبيل الانفراد أنه ضرب المجني عليه بمدية أحدثت إصابة صدره التي أودت بحياته دون أن يسند إليه إحداث أية إصابات أخرى لم يكن لها دخل في إحداث الوفاة واستظهر قالة شاهدي الإثبات بما يتفق وصحة هذا الإسناد وذلك التقرير ونقل عن التقرير الطبي أن الوفاة حدثت من تلك الإصابة وحدها وإنها تحدث من جسم صلب ذو حافة حادة كمطواة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدا لذلك آلات صلبة وراضة وعصا وآلة حادة "مطواة" وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً وطعناً قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقر ذلك بتاريخ 23 مارس سنة 1971 وأدعى........ قبل المتهمين متضامنين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومحكمة جنايات المنصورة قضت في الدعوى حضورياً (أولاً) بمعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بالسجن مدة ثلاث سنوات. (ثانياً) ببراءة المتهمين الأول والثالث مما أسند إليهما. (ثالثاً) بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فطعن الوكيل علن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن المحكوم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه لم يورد مضمون أقوال الشاهدة...... اكتفاء منه بالإشارة إلى أنها تؤيد أقوال الشاهد....... كما عول في قضائه على الدليلين القولي والفني معاً رغم ما بينهما من تعارض لم يعن الحكم برفعه، إذ أن مؤدى أقوال هذين الشاهدين أن الطاعن لم يطعن المجني عليه إلا طعنة واحدة بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه مصاب بخمسة جروح قطعية ورضية، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال الشاهد الأول....... فيما يجمل أن مشاحنة وقعت بين المجني عليه والمتهمين فسبه الطاعن ثم طعنه بمطواة كانت معه طعنة واحدة بيسار صدره فسقط المجني عليه مصاباً، ثم استطرد الحكم إلى أن الشاهدة الثانية...... قد شهدت بما يؤيد رواية الشاهد السابق من حيث قيام المتهم الثاني "الطاعن" بطعن المجني عليه طعنه واحدة بيسار صدره. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل ألا تلتزم الأحكام بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ حصل الحكم مضمون أقوال الشاهد الأول على نحو ما سلف بيانه ثم استطرد إلى أنها تأيدت بما قررته الشاهدة الثانية وبين كيف أنها يؤيدها من حيث قيام الطاعن بطعن المجني عليه بيسار صدره. فإن هذا حسبه لاستيفاء دليله ويكون النعي عليه بالقصور في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليه إصابة طعنية بالصدر أحدثت تمزقاً بعضلة القلب ونزيفاً بالتجويف الصدري، وأخرى قطعية بإيهام اليد اليسرى وتحدث من جسم طلب ذي حافة حادة كمطواة وتعزى الوفاة إلى ما أحدثته الإصابة الطعنية بالصدر من تمزق ونزيف، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه، بل يكفي أن جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ حصل الحكم أقوال شاهدي الإثبات فيما سلف بيانه، وكان من بين ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابة طعنية بصدره لما أحدثته من تمزق بعضلة القلب ونزيف داخلي، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهدين وما نقله عن تقرير الصفة التشريحية له معينة الصحيح من الأوراق، فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله عن الدليل الفني، بل يتلاءم معه، ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني. هذا إلى أن البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه أنه أسند إلى الطاعن على سبيل الانفراد أنه ضرب المجني عليه بمدية أحدثت إصابة صدره التي أودت بحياته دون أن يسند إليه إحداث أية إصابات أخرى لم يكن لها دخل في إحداث الوفاة واستظهر قالة شاهدي الإثبات بما يتفق وصحة هذا الإسناد وذلك التقرير ونقل عن التقرير الطبي أن الوفاة حدثت من تلك الإصابة وحدها وإنها تحدث من جسم صلب ذو حافة حادة كمطواة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها، ومن ثم يبرأ الحكم من قالتي القصور والفساد في الاستدلال ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.