مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 545

(86)
جلسة 24 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 1592 لسنة 26 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - حجية الأحكام - (إثبات) اللجان القضائية للإصلاح الزراعي.
المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - حجية الأمر المقضى به - الشروط التي يجب توافرها لقبول الدفع بحجية الأمر المقضى به قسمين: القسم الأول يتعلق بالحكم بأن يكون حكماً قضائياً وأن يكون قطعياً وأن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا في أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب القسم الثاني يتعلق بالحق المدعى به فيشترط أن يكون هناك اتحاد في الخصوم والمحل والسبب - فيما يتعلق بالقسم الأول: إذا اختص المشرع جهة إدارية باختصاص قضائي كاللجان القضائية للإصلاح الزراعي فإن ما تصدره هذه اللجان من قرارات في المنازعات التي تختص بنظرها يكون لها حجية الأمر المقضي وذلك بأن يكون قراراً قطعياً أي قد فصل في موضوع النزاع سواء في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسماً لا رجوع فيه من جانب اللجنة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 6/ 8/ 1980 أودع الأستاذ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن عزت أمين علي إمام تقرير طعن في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض 613 لسنة 1974 التي قضت بجلسة 10/ 6/ 1980 بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 234 لسنة 1964 وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 613 لسنة 1974 والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن للأطيان موضوع النموذج رقم (3) ملكية المعلن بديوان عمودية ناحية العطارة مركز شبين القناطر في 21/ 7/ 1974 وما يترتب على ذلك من آثار ومنها إلغاء قرار الاستيلاء مع إلزام جهة الإدارة المطعون ضدها بالمصاريف وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وبإحالة الأوراق إلى مكتب الخبراء المختص لأداء المأمورية المشار إليها بأسباب هذا التقرير مع إبقاء الفصل في المصروفات وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية أحيل الطعن إلى دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 2/ 11/ 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 22/ 11/ 1983 وفيها وفي الجلسات التالية استمعت المحكمة إلى أقوال الطرفين وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند الحكم به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل في أن الطاعن أقام الاعتراض رقم 613 لسنة 1974 في 3/ 8/ 1974 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وقسطنطين جزو جورج ريدسو وأنطون جورج ريدسو الأجنبيان قرر فيه أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 6 يونيه سنة 1962 وثابت التاريخ قبل صدور القانون رقم 15 لسنة 1963 اشترى من الأجنبيان مساحة 22 س 12 ط و4 ف أطيان زراعية بزمام ناحية العطارة مركز شبين القناطر بأحواض العزيزي رقم (1) وأبو وافي رقم (2) مبينة الحدود والمعالم نظير ثمن قدره 365 جنيه للفدان الواحد وتسلم الأطيان تنفيذاً للعقد لأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي استولت على هذه الأرض بدعوى سريان القانون رقم 15 لسنة 1963 عليها، ولما كان قرار الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مجحفاً بحقوقه فهو يعترض للأسباب التالية:
1 - أنه اشترى هذه الأطيان من المدعى عليهما الثاني والثالث بموجب عقد بيع ثابت التاريخ قبل صدور القانون رقم 15 لسنة 1963 وأنه كان يضع يده على هذه الأطيان بصفته مالكاً من قبل يوم 23/ 12/ 1961 واستمر وضع يده أكثر من خمس عشرة سنة سابقة على هذا التاريخ الأخير واكتسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة من قبل 23/ 12/ 1961 ونظراً للنفوذ الأجنبي الذي كان طاغياً حينذاك أجبر على الشراء بالعقد المذكور ولم يجد الطالب بداً من أن يحرر عقد الشراء الحاصل في 6/ 6/ 1962 تأكيداً واستمرار لملكية العين المذكورة وأنه يرتكن في إثبات ذلك إلى شهادة رجال الإدارة بالناحية وكافة المسئولين في إثبات وضع يده بطريق الملك لمدة تزيد على خمس عشرة سنة سابقة على يوم 23/ 12/ 1961.
2 - إنه وقد قام بجميع الإجراءات القانونية التي ينص عليها القانون 15 لسنة 1963 وتقديم شكاوى عديدة إلى كبار المسئولين تبين منها مدى الظلم الذي أحاط به.
وقد انتهى إلى طلب قبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع الاعتداد بملكية الأطيان محل الاعتراض المعلن عنها بديوان عمودية ناحية العطارة مركز شبين القناطر في 21/ 7/ 1974 وبجلسة 10/ 6/ 1980 أصدرت اللجنة قرارها في الاعتراض ويقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 234 لسنة 1964 مستندة في ذلك إلى أن الإصلاح الزراعي قدم مذكرة طلب فيها الحكم بعدم اختصاص اللجنة ولائياً لصدور قرار الاستيلاء النهائي واحتياطياً بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بحكم حاز قوة الشيء المقضى به ومن باب الاحتياط الكلي رفض الاعتراض موضوعاً لعدم ثبوت تاريخ التصرف محل الاعتراض ولعدم انطباق القانون رقم 50 لسنة 1979 على هذا التصرف وأنه قد ثبت للجنة أن المساحة موضوع الاعتراض الحالي دخلت ضمن المساحة السابق رفع الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 بشأنها الذي قضى فيه بجلسة 3/ 3/ 1965 الأمر الذي يستوجب بالضرورة الحكم بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه مع استبعاد تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1979 تبعاً لذلك.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى الأسباب التالية:
أولاً: أخطأت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي خطأ بيناً في فهم الواقع وفي تطبيق القانون وتأويله ذلك أن يشترط للقول بسابقة الفصل إعمالاً لقرينة الشيء المحكوم فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب فإذا ما اختلفت الدعوى الثانية عن الدعوى الأولى من ناحية الخصوم أو الموضوع أو السبب فإن الحكم الصادر في الدعوى الأولى لا يحوز الحجية بالنسبة للدعوى الثانية. ومن المسلم به أنه إذا صدر تشريع جديد على أساس مغاير للتشريع السابق وسريان أحكامه بأثر رجعي فإنه يجوز في هذه الحالة إقامة دعوى جديدة عن ذات الموضوع بين الخصوم أنفسهم دون الاعتراض على ذلك بسبق صدور حكم في ظل التشريع السابق نظراً لاختلاف سبب الدعويين وإذا ما طبقنا هذه المبادئ على واقع الدعوى فسوف نجد أن الاعتراض الحالي يختلف عن الاعتراض السابق من حيث الموضوع والخصوم والسبب فيها فبالنسبة لموضوع الاعتراض السابق رقم 234 لسنة 1964 فإنه تناول أرضاً مساحتها 4 س و13 ط و44 ف أما موضوع الاعتراض الحالي فإنه يتناول مسطح مختلف تماماً عن ذلك المسطح إذ يتناول مسطح 22 س و12 ط و4 ف مما يتضح معه اختلاف موضوع الاعتراض.
وبالنسبة للخصوم في الاعتراض السابق فإنه مقدم من المدعي يونس فوده بينما الاعتراض الحالي مقدم من عزت أمين علي مما يتضح من اختلاف الخصوم في كلا الاعتراضين وبالنسبة للسبب فإن الاعتراض السابق يستند إلى سبب هو الإدعاء بثبوت تاريخ التصرف قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 15 لسنة 63 في حين أن الاعتراض الحالي يستند إلى سبب آخر هو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بعد أن عدل الطاعن طلباته بجلسة 1/ 3/ 1980 مما يجعل العبرة بالطلبات الختامية لا بالطلبات السابقة عليها أي أن السبب في كلا الاعتراضين مغايراً للآخر كما وأن الاعتراض الحالي يستند إلى سبب جديد هو الاعتداد بملكية المعترض استناداً إلى ما جاء بالقانون 15 لسنة 1970 المعدل بالقانون 50 لسنة 1979 وهما سببان مغايران لسبب الاعتراض 234 لسنة 1964.
ثانياً: أن الطاعن يستفيد من القوانين التي جاءت للتخفيف من آثار تطبيق القانون 15 لسنة 1963 بتطبيق القانون 15 لسنة 1970 الذي قرر الاعتداد بالتصرف إذا كان المالك قد أثبته في إقراره تنفيذاً للمادة السابعة من القانون أو أن يكون المتصرف إليه قد أثبته في إقراره بشرط ألا تزيد مساحة التصرف عن خمسة أفدنة وألا يكون قد صدر قرار بالاستيلاء النهائي عليها مما ينطبق على حالة الطاعن أما عن صدور قرار الاستيلاء النهائي الصادر في 11/ 2/ 1973 أي بعد صدور القانون 15 لسنة 1970 فهو قرار معدوم لوقوعه على أرض مملوكة لمصري ومن ثم لا يعتد به مما يتعين معه الاعتداد بملكية الطاعن لهذه الأطيان.
ثالثاً: جاء قرار الاستيلاء على أرض النزاع معدوماً لا تلحقه أي حصانة لأنه فاقد لركن من أركانه وهو تملك الأجنبي للأرض إذ الثابت تملك الطاعن لهذه الأطيان بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لأكثر من ثمانية عشر سنة سابقة على صدور القانون 15 لسنة 1963 لشرائه هذه الأطيان في عام 1944 ووضع يده عليها وضع يد هادئ ومستمر وبنية التملك وأن عقد الشراء الصادر في 6/ 6/ 1962 لم يكن منشأ لحقه في ملكية المسطح محل الطعن حيث إن الملكية قد استقرت له منذ هذا التاريخ ولما كان قرار الاستيلاء أساسه ملكية الأجنبي للأرض فإن هذا الأساس قد انعدم تماماً لثبوت ملكية مصري لها في ذلك التاريخ فإن قرار الاستيلاء يغدو معدوماً ويصبح من حق الطاعن الطعن عليه.
رابعاً: شاب القرار المطعون فيه قصور شديد كما أهدر دفاع الطاعن إذ يتضح من مراجعة مذكرة دفاع الطاعن المقدمة قبل جلسة 13/ 5/ 1980 أنه أبدى كافة الدفوع القانونية والموضوعية السابقة إلا أن اللجنة التفتت عنها بدعوى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالاعتراض رقم 243 لسنة 1964 ولم تتعرض اللجنة لمناقشة هذه الدفوع والرد عليها.
خامساً: من المقرر أن المحكمة هي صاحبة الحق الوحيد في تكييف طلبات الطاعن ودفوعه بحيث تنزل حكم القانون عليها وأنه من حقه إبداء دفوع جديدة أمام محكمة الطعن طالما كانت لا تغير من الطلبات أو تعدل فيها وواضح من دفوع الطاعن وطلباته أن ما قامت به الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لا يعدو أن يكون اعتداء مادياً على الملكية لا تملكه الهيئة حيث صدر قرار الاستيلاء معدوماً بحيث أصبح مجرد عمل مادي لا أثر له من الناحية القانونية.
وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 613 لسنة 1974 والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن بملكيته للأطيان موضوع النموذج رقم (3) المعلن بديوان عمودية ناحية العطارة مركز شبين القناطر بتاريخ 21/ 7/ 1974 للأسباب السابق توضيحها وكافة ما يترتب على ذلك من آثار ومنها إلغاء قرار الاستيلاء مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طلبت بمذكرتها الواردة في 19/ 12/ 1983 أصلياً:
أولاً: الحكم برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية.
ثانياً: رفض الاعتراض لانتقال ملكية الأطيان نهائياً إلى الدولة. احتياطياً:
إعادة الاعتراض إلى اللجنة القضائية للفصل في موضوعه.
ومن باب الاحتياط الكلي إعادة الطعن إلى المرافعة لتقديم صورة رسمية من سجل قرار الاستيلاء النهائي على الأطيان وصورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى رقم 34/ 3 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة.
واستندت الهيئة في طلباتها إلى أن السيد يونس فوده عوده أقام في 22/ 2/ 1964 الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي ضد الهيئة وقسطنطين وانطون جورج ريدسو الأجنبيين الخاضعين لأحكام القانون 15 لسنة 1963 بمقولة إنه اشترى هو والسيدين عبد المؤمن أمين علي وعزت أمين علي الطاعن من المعترض ضدهما الثاني والثالث بعقد بيع مؤرخ 6/ 6/ 1962 أطياناً زراعية مساحتها 4 س و13 ط و44 ف منها مساحة 16 س و1 ط و40 ف بناحية المنايل مركز الخانكة بحوض الوافي نمر 8 ومساحة 12 س و11 ط و4 ف بناحية العطارة مركز شبين القناطر بحوض العزيزي/ 6 وأنه اختص من جملة المساحة المباعة على الشيوع بمساحة 30 فداناً وخص عبد المؤمن أمين علي مساحة عشرة أفدنة وخص عزت أمين علي مساحة - 13 ط و4 ف أربعة أفدنة وثلاثة عشر قيراطاً وذكر المعترض أنه قدم إقراراً بالمساحة مشتراة إلى الإصلاح الزراعي تنفيذاً لنص المادة 8 من القانون رقم 15 لسنة 1963 وأنه سدد معظم الثمن وقدم طلباً للشهر العقاري في 24 يونيه سنة 1962 وذكر أن الأثر الرجعي للقانون مخالفاً للأصول الدستورية وطالب في صحيفة الاعتراض بالاعتداد بالعقد المؤرخ 6/ 6/ 1962 واستبعاد المساحة المستولى عليها والبالغ مقدارها ثلاثون فداناً وبجلسة 18/ 12/ 1964 حضر الأستاذ مروان عبد الله المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين عبد المؤمن عزت وعزت أمين عبد الله الطاعن وتدخل انضمامياً مع المعترض الأصلي وبجلسة 14/ 10/ 1964 تقدم المحامي المذكور بذات صفته بحافظة مستندات طويت على عقد البيع المؤرخ 6/ 6/ 1962 وإيصالات سداد تحمل تواريخ لاحقة وشهادة من الجمعية العقارية وصورة حافظة تتضمن طلب شهر عقاري رقم 908 لسنة 1962 وبجلسة 3/ 3/ 1965 قررت اللجنة قبول تدخل السيدين عبد المؤمن أمين عزت وعزت أمين علي وأن العقد موضوع الاعتراض غير ثابت التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 ومن ثم لا يعتد به وانتهت إلى رفض الاعتراض.
وإزاء صدور قرار اللجنة في الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 برفض الاعتراض وعدم الطعن فيه في المواعيد المقررة فقد أصبح نهائياً واتخذت الهيئة إجراءات النشر واللصق وصدر قرار الاستيلاء النهائي رقم 727 في 11/ 2/ 1973 على مساحة 13 س و19 ط و63 ف من الأطيان الخاضعة للاستيلاء قبل السيد انطون جورج ريدسو بمركز شبين القناطر منها مساحة 12 س و11 ط و22 ف بناحية العزيزي حالياً والعطارة سابقاً وتم تسجيل قرار الاستيلاء النهائي على تلك المساحة بالمسجل رقم 2462 بتاريخ 17/ 8/ 1974 وانتقلت بذلك الملكية نهائياً إلى الدولة وبذلك تصبح الدولة مالكة للأرض المذكورة ويصبح العقار خالياً من كافة الحقوق العينية وكل منازعة بين أولي الشأن ينتقل إلى التعويض وفقاً للمادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي وتأييداً لذلك فقد صدر حكم بجلسة 23/ 6/ 1969 في الدعوى المقامة من ورثة يونس فوده عوده (أحد المشتريين بالعقد المؤرخ 6/ 6/ 1962) ضد الأجنبيان انطون وجورج ريدسو قضى بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بأن يدفعا للمدعيين مبلغ 8650 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية، صحة إجراءات الحجز الموقع تحت يد الإصلاح الزراعي ضماناً للوفاء بالمبلغ المذكور.
كذلك فإن قرار اللجنة القضائية في الاعتراض 234 لسنة 1946 قد حاز قوة الأمر المقضي ولا يجوز للجنة النظر في النزاع من جديد بالاعتراض رقم 613 لسنة 1974 لاتحاد الخصوم والمحل والسبب في كلا الاعتراضين.
وقدم الطاعن مذكرة قرر فيها أن السبب في الاعتراض رقم 613 لسنة 1974 المطعون عليه غير السبب الوارد في الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 ذلك أن السبب في الاعتراض الأول هو اكتساب الملكية بوضع اليد المدة المكسبة للملكية قانوناً وليس بالاستناد إلى القانون رقم 15 لسنة 1963.
من حيث إن قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ينص في المادة 101 منه على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجة ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذلك الحق محلاً وسبباً وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
ومفاد هذا النص أن ثمة شروطاً يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي وهذه الشروط تنقسم قسمين، قسم يتعلق بالحكم وهو أن يكون حكماً قضائياً وأن يكون قطعياً وأن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا في أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب. وقسم يتعلق بالحق المدعى به فيشترط أن يكون هناك اتحاد في الخصوم واتحاد في المحل واتحاد في السبب.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالقسم الأول من الشروط الخاصة بالحكم فإنه وإن كان الأصل أن يصدر الحكم من جهة قضائية لها الولاية في الحكم الذي أصدرته بموجب سلطتها أو وظيفتها القضائية إلا أنه وقد اختص المشرع جهة إدارية باختصاص قضائي كاللجان القضائية للإصلاح الزراعي فإن ما تصدره هذه اللجان من قرارات في المنازعات التي تختص بنظرها يكون لها حجية الأمر المقضي وذلك بشرط توافر باقي شروط التمسك بهذا الدفع وأهمها في هذا الطعن أن يكون قراراً قطعياً أي قد فصل في موضوع النزاع سواء في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسماً لا رجوع فيه من جانب اللجنة التي أصدرته وشروط الحق المدعى به.
ومن حيث إن اللجنة في الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 وهو القرار الذي استند إليه القرار المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه يتضح أنها استندت لرفضه إلى عدم ثبوت تاريخ عقد 6/ 6/ 1962 قبل 23/ 12/ 1961، ولم تلتفت اللجنة إلى ما قرره المتدخلان عبد المؤمن أمين علي وعزت أمين علي المعترض في الاعتراض المطعون عليه من أنهما يضعان اليد على أرض النزاع من قبل سنة 1961.
ومن حيث إنه محل النزاع متحد في الاعتراض السابق والاعتراض المطعون فيه وهو الاعتداد بالمساحة التي تخص الطاعن في عقد البيع المؤرخ 6/ 6/ 1962 ومن حيث إن السبب في الاعتراض محل الطعن هو تملك الطاعن لأرض النزاع بالتقادم الطويل واستبعادها تطبيقاً لأحكام القانونين رقمي 15 لسنة1970، 50 لسنة 1979 ومن ثم يكون الاعتراض محل الطعن مغايراً في سببه عن الاعتراض رقم 234 لسنة 1964 وبالتالي لا يحوز القرار الصادر في الاعتراض 234 لسنة 1964 أية حجية بالنسبة للاعتراض المطعون فيه.
ومن حيث إن إجراءات اللصق عن أرض النزاع قد تمت في 12، 13، 16 من شهر سبتمبر سنة 1972 في حين أن النشر قد تم في 8/ 10/ 1972 بعدد الوقائع رقم 232 ومن ثم تكون هذه الإجراءات قد جاءت على خلاف ما نصت عليه المادة 26 من اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي الأمر الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة بأنه يجعل ميعاد الطعن في قرار الاستيلاء مفتوحاً.
ومن حيث إن مناط تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1979 هو أن يكون التصرف صادراً في وقت سابق على العمل بالقانون الخاضع له وهو القانون 15 لسنة 1963 محل التطبيق 23/ 12/ 1961 وإذ كان التصرف محل النزاع صادراً بعقد ابتدائي مؤرخ في 6/ 6/ 1962 فإنه لا يسري في شأنه أحكام القانون 15 لسنة 1970 السالف الذكر.
ومن حيث إن الطاعن يستند في طلب الحكم له استبعاد المساحة محل النزاع من أيلولتها إلى الدولة استناداً إلى أنه تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية مما ترى معه المحكمة إحالة الطعن إلى خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب وزارة العدل بينها ليندب أحد أعضائه المختصين لبيان المساحة التي تخص الطاعن في عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 6 من يونيه سنة 1962 الصادر من الأجنبيين قسطنطين وانطون جورج ريدسو وتسلسل ملكية هذه الأرض منذ سنة 1940 والانتقال إلى الأرض محل النزاع لمعاينتها وتحديد مساحتها وبيان حدودها ومعالمها وتحقيق وضع يد الطاعن عليها وبدايته ونهايته وما إذا كانت قد اكتملت مدة وضع اليد المكسبة للملكية مع توافر شروطه من هدوء وظهور واستمرار ونية التملك.
وللخبير في سبيل أداء مهمته الانتقال إلى أية جهة حكومية أو غير حكومية للاطلاع على ما يرى الاطلاع عليه من مستندات أو سجلات أو دفاتر وله سماع من يرى سماعه من شهود الطرفين وجيران الطاعن في أرض النزاع ورجال الإدارة وكبار السن دون حلف يمين.