مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 556

(88)
جلسة 24 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي ومحمد كمال سليمان أيوب ومحمد محمود البيار - المستشارين.

الطعن رقم 731 لسنة 28 القضائية

إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - يجوز للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتصرف بنقل ملكية لم يستولى عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان - شروط تطبيق النص - المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار هي التي تراقب توافر الشروط المنصوص عليها وتصدق على التصرف إذا ما ألحق بالتصديق تسجيل العقد المثبت للتصرف في المواعيد يتعين الاعتداد به واستبعاد المساحة الواردة به من الاستيلاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق السادس من إبريل سنة 1982 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين محمد إبراهيم والسيد إبراهيم قاسم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 731 لسنة 28 القضائية في القرار الصادر بجلسة 6/ 2/ 1982 من اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 102 لسنة 1974 والقاضي بقبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والاعتداد بالتصرف موضوع الاعتراض وبإلغاء الاستيلاء على المساحة محل النزاع مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 20 من يوليه سنة 1983 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1983 وفي هذه الجلسة والجلسات التالية سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من أقوال الطرفين وقررت إرجاء النطق لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد حاز أوضاعه الشكلية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن النزاع يتحصل حسبما هو مستخلص من الأوراق في أن السيدين محمد إبراهيم قاسم والسيد إبراهيم قاسم أقاما الاعتراض رقم 102 لسنة 1974 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قائلين إنهما إعمالاً لأحكام المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 اشتريا بموجب عقد نهائي مشهر تحت رقم 6810 في 25/ 12/ 1955 مساحة - س و12 ط و3 ف بزمام ناحية جهينة حوض رفاعة بك/ 10 ص 2 موضحة الحدود والمعالم بالعقد من السيد فتحي محمد بدوي رفاعه واستوفى هذا البيع جميع الشروط القانونية التي تتطلبها المادة الرابعة من تصديق القاضي الجزئي وخلافه كما تم إشهار العقد المذكور غير أن الإصلاح الزراعي استولى على هذه المساحة خطأ وبدون وجه حق قبل السيد البائع وانتهيا إلى طلب الحكم بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بأحقيتهما للمساحة موضوع الاعتراض ورفع الاستيلاء عنها.
وبجلسة 16 من إبريل سنة 1977 قرر الحاضر عن المعترضين أن هذه الأطيان كانت ملكاً للسيدة نفيسة علي رفاعة وأن فتحي محمد بدوي رفاعة وأخوته وقعوا على العقد النهائي باعتبارهم مصادقين على البيع الصادر من والدتهم حال حياتها وأن المساحة المبيعة مناصفة بين المشتريين وأن الاستيلاء تم قبل فتحي محمد بدوي رفاعة في حين أن مالكة الأطيان هي والدته نفيسة علي رفاعة.
وبجلسة العاشر من يونيه سنة 1978 قررت اللجنة قبل الفصل في موضوع الاعتراض ندب مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج للاطلاع على ملف الاعتراض وما به من مستندات والانتقال إلى الأرض المبينة الحدود والمعالم بعريضة الاعتراض وبيان مساحتها وحدودها ومعالمها ومطابقتها على وارد العقد المشهر مكتب الشهر العقاري بسوهاج رقم 6810 في 25/ 12/ 1955 للتحقق مما إذا كان قد استولى عليها واسم الخاضع المستولي على الأطيان قبله والقانون المطبق وما إذا كان الاستيلاء قد أصبح نهائياً أو لازال ابتدائياً والانتقال إلى محكمة طهطا الجزئية للاطلاع على ما بها من سجلات أو مستندات بالتصديق على التصرفات عملاً بنص المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وتعديلاته وصرحت للخبير في سبيل أداء مأموريته سماع ملاحظات الطرفين ومن يرى لزوماً لسماع شهادته ممن يشهدون دون حلف يمين والانتقال إلى أي جهة حكومية أو غير حكومية يرى لزوم الاطلاع على ما بها من سجلات أو مستندات لإظهار الحقيقة.
وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى ما يلي:
1 - الأطيان موضوع الاعتراض الماثل هي ذات الأطيان مشترى المعترضين محمد والسيد إبراهيم قاسم بالمسجل رقم 6810 سوهاج في 25/ 12/ 1955 من نفيسة علي رفاعة.
2 - بتاريخ 12/ 10/ 1966 تم الاستيلاء المؤقت على أطيان النزاع قبل نفيسة علي رفاعة بمقولة مخالفة تصرفها بالبيع المسجل 6810/ 1955 للمادة الرابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 لكون التصرف أقل من فدانين لكل من المشترين.
وأضاف الخبير قوله أنه يلاحظ أن التصرف المشار إليه 6810/ 1955 هو تصرف واحد بمسطح - س و12 ط و3 ف أي أكثر من فدانين إلى المعترضين دون ذكر نصيب كل منهما.
3 - وثائق التصديق على عقد البيع المشار إليه أعدمت من محكمة طهطا بمرور أكثر من خمسة عشر سنة ومدون بعقد البيع المسجل سالف الذكر ما يفيد مرور التعاقد بهذا التصديق من محكمة طهطا بتاريخ 25/ 10/ 1953.
ومن حيث إنه جاء بمحضر المعاينة التي أجراها الخبير أن أطيان الاعتراض هي أطيان المسجل 6810/ 25/ 12/ 1955 وأنه من مراجعة هذا المسجل يتضح أنه يتضمن مشترى محمد والسيد ولدي إبراهيم قاسم والمعترضان للأطيان موضوعه من السيدة/ نفيسة علي رفاعة وأن المصادقين على البيع أولادها وأنه قد سبق التصديق على البيع من محكمة طهطا الجزئية في 25/ 10/ 1953 وأن المشترين لا يملكان أكثر من عشرة أفدنة وأن البيانات المساحية قدمت للشهر العقاري بطهطا بالطلب 1178/ 1955 لم تصدق عليها بوفاتها في 20/ 9/ 1955 وأن الاستيلاء تم قبل السيدة المذكورة باعتبار أن تصرفها جاء مخالفاً لشروط المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي مما يعتبر معه باطلاً ويتعين الاستيلاء على المساحة محله كما أشارت بذلك إدارة الفتوى والتشريع وأنه تم الاستيلاء على هذه المساحة بمحضر الاستيلاء الابتدائي المؤرخ في 12/ 3/ 1966.
وبجلسة السادس من فبراير سنة 1982 قررت اللجنة القضائية قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً تأسيساً على أن مساحة الأرض المتصرف فيها من الخاضعة إلى المعترضين تقل عن فدانين بالنسبة لكل واحد منهما على حدة وأنها ليست جملة القطعة أو المتبقي من القطعة الأمر الذي يثبت منه أن العقد المسجل موضوع النزاع قد وقع باطلاً لمخالفة أحكام المادة الرابعة من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 ويكون استيلاء الهيئة على المساحة موضوعه قد صادف صحيح القانون.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى أن التصرف قد جاوز الفدانين وهو بمساحة - س و2 ط و3 ف هي كل ما تبقى من الاستيلاء ويحق للخاضع التصرف فيها طبقاً للمادة الرابعة كما وأن المتصرف إليهما قد توافرت فيهما جميع الشروط وتصدق على العقد وأشهر وأصبح العقد المسجل حجة على الكافة وينطبق على التصرف التقادم الخمسي إذ أن الاستيلاء وفقاً للقانون 178 لسنة 1952 هذا فضلاً عن انطباق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 على التصرف وقدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة شارحة ردد فيها ما جاء في عريضة الطعن.
وقدم الحاضر عن الهيئة مذكرة طلب فيها رفض الطعن وإلزام رافعيه بالمصروفات تأسيساً على أن المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 قد أجازت التصرف بشروط معينة فلا يجوز الخروج على ما ورد بالنص وأن التمسك بالتقادم الخمسي غير جائز ما دام التصرف المشهر غير معتد به وغير جائز بحكم القانون كما أن مجال تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1979 هو التصرفات الصادرة قبل العمل بالقانون الواجب التطبيق.
ومن حيث إن المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي تنص على أن "يجوز للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستولى عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان على الوجه الأتي:
( أ ).........
(ب) إلى صغار الزراع بالشروط الآتية:
1 - أن تكون حرفتهم الزراعة.
2 - أن يكونوا مستأجرين أو مزارعين في الأرض المتصرف فيها أو من أهل القرية الواقع في دائرتها العقار.
3 - ألا يزيد ما يملكه كل منهم من الأرض الزراعية على عشرة أفدنة.
4 - ألا تزيد الأرض المتصرف فيها لكل منهم على خمسة أفدنة.
5 - ألا تقل الأرض المتصرف فيها لكل منهم على فدانين إلا إذا كانت جملة القطعة المتصرف فيها تقل عن ذلك أو كان التصرف في الأرض المجاورة للبلدة أو القرية لبناء مساكن عليها على أن يتعهد المتصرف إليه بإقامة المسكن عليها خلال سنة من التصرف.
ولا يعمل بهذا البند إلا لغاية أكتوبر سنة 1953 ولا يعتد بالتصرفات التي تحصل بالتطبيق له إلا إذا تم التصديق عليها من المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار قبل أول نوفمبر سنة 1953....".
ومن حيث إن مفاد ذلك أن المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار هي التي تراقب توافر الشروط المنصوص عليها وأنه قد صدقت على التصرف الصادر فإنه يعتد به في تطبيق أحكام القانون وتستبعد المساحة الواردة به من الاستيلاء لدى البائع.
ومن حيث إن المادة 29 من قانون الإصلاح الزراعي قضت بعدم استحقاق الضريبة الإضافية على الأطيان المتصرف فيها وفقاً للمادة (4) من القانون متى كان التصرف فيها قد صدر قبل حلول القسط الأخير من الضريبة الأصلية وأوجبت تسجيل هذه التصرفات وأحكام صحة التعاقد الخاصة بها قبل أول يوليه سنة 1959 إذا كان تصديق المحكمة الجزئية أو إثبات التاريخ سابقاً على يوم أول إبريل سنة 1955 وأنه يترتب على مخالفة هذا الحكم الاستيلاء وفقاً للمادة (3) وكذلك استحقاق الضريبة الإضافية كاملة اعتباراً من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ الاستيلاء.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أنه يتعين تسجيل هذه التصرفات في مواعيد معينة وفي حالة عدم تسجيلها يستولى عليها وتفرض عليها الضريبة الإضافية.
ومن حيث إنه يستخلص مما تقدم أن المحكمة الجزئية بتصديقها على التصرفات الصادرة إلى صغار الزراع تراقب توافر كافة الشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة للمساحة محل التصرف والمتصرف إليه وفقاً للبند (3) من التفسير التشريعي الخاص بالمادة الرابعة وأنه لا يعتد بهذه التصرفات ما لم يتم التصديق عليها قبل أول نوفمبر سنة 1953 فإذا ما ألحق بالتصديق تسجيل العقد المثبت للتصرف في المواعيد يتعين الاعتداد به.
ومن حيث إن التصرف محل النزاع تم التصديق عليه من محكمة طهطا الجزئية بتاريخ 25/ 10/ 1953 وتم تسجيله برقم 6810 في 25/ 12/ 1955 شهر عقاري طهطا ومن ثم فإن هذا التصرف يعتد به في تطبيق أحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 وتستبعد المساحة الواردة به من الاستيلاء لدى السيدة نفيسة علي رفاعة.
وإذ ذهب القرار المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى برفض الاعتراض فإنه يكون قد جاء على خلاف القانون متعيناً الحكم بإلغائه وبالاعتداد بالتصرف محل الاعتراض.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبالاعتداد بالتصرف الصادر من السيدة/ نفيسة علي رفاعة ببيع مساحة - س 12 ط 3 ف (ثلاثة أفدنة واثنا عشر قيراطاً) بحوض رفاعة بك/ 10 ص 2 زمام ناحية جهينة مركز طهطا محافظة سوهاج إلى الطاعنين واستبعاد المساحة المبيعة من الاستيلاء لدى البائعة في تطبيق أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.


هذا المبدأ تأكيداً لما سبق أن انتهى إليه قضاء هذه المحكمة في الطعن رقم 59 - 19 ق (2/ 5/ 1978) 23/ 126.