أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 479

جلسة 7 من مايو سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمي راغب.

(89)
الطعن رقم 268 لسنة 48 القضائية

(1، 2) قتل خطأ. خطأ. "رابطة السببية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة في الطعن". دعوى مدنية. "انقضاؤها بمضي المدة". مسئولية مدنية. مسئولية جنائية.
(1) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.
اشتراك المجني عليه في الخطأ. لا ينال من مسئولية المتهم عن القتل الخطأ. متى توافرت عناصره في حقه. تحقق رابطة السببية متى ثبت أنه لولا الخطأ ما وقع الضرر.
استخلاص سيطرة المتهم على البناء وإشرافه عليه. وتقدير مسئوليته عنه. موضوعي.
عدم غلق المالك فتحة باب بئر المصعد في عقار يملك أغلبه ويتولى إدارته. وعدم إضاءة سلمه. سقوط المجني عليه وهو في سبيله لزيارة أحد السكان ليلاً من تلك الفتحة ووفاته. مساءلة المالك عن القتل الخطأ. سائغة.
(2) قبول الطاعن رهن يتحقق المصلحة فيه. مثال؟
تصدى محكمة الإعادة للدعوى المدنية التي سبق لها القضاء بإحالتها للمحكمة المدنية. رغم اقتصار النقض على الدعوى الجنائية وحدها. لا يضر بمصلحة المسئول المدني. أساس ذلك؟
انقضاء الدعوى المدنية. بمضي المدة المقررة في القانون المدني. عدم سقوط دعوى تعويض عن جريمة لم تنقض الدعوى الجنائية فيها. المادتان 172 مدني، 259/ 1 إجراءات. مثال؟
1 - متى كانت الطاعنة قد قدمت أسباباً تكميلية لاحقة لتلك التي بني عليها الطعن - لا تحمل تاريخاً وغير مؤشر عليها بما يفيد إيداعها، ولم تقيد في السجل المعد لذلك في الميعاد المحدد قانوناً، فإنها تكون قد فقدت شرط قبولها ويتعين لذلك والالتفات عنها.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليه صعد ليلة الحادث إلى الدور الثامن من البناء مكان الحادث - المملوك غالبيته للطاعنة والخاضع لإشرافها - قاصداً مسكن صديق له في هذا الدور، ولعدم وجود إضاءة بالسلم وعدم وضع حواجز عند فتحات أبواب المصعد الخارجية، فقد ضل المجني عليه طريقة لباب مسكن صديقه ودلف إلى فتحة باب المصعد الخارجي وسقط منها في بئر المصعد مما أدى إلى إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة أدلة مستقاة من أقوال الشهود ومن بينهم ساكني البناء ومن أقوال الطاعنة وزوجها، ومما أسفرت عنه المعاينة والتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، انتهى إلى تقرير مسئولية الطاعنة في قوله "......... والبين مما تقدم أن خطأ المتهمة وهي المالكة لثلاثة أرباع العمارة محل الحادث كما أقرت بذلك في تحقيق النيابة ولها السيطرة الفعلية عليها وقت الحادث ومن قبله يتمثل في أنها حررت عقود الإيجار للسكان وسلمتهم مفاتيح الشقق ومكنتهم من الانتفاع كلاً بالعين المؤجرة له ومن إدخال منقولاته فيها والسكني هم وأسرهم وأطفالهم قبل تركيب المصعد أو غلق أبوابه أو تركيب حواجز لفتحاته أو تركيب إضاءة لسلم العمارة ومدخلها وبقاء هذا الوضع رغم شغل السكان لجميع الشقق وتركيبهم عدادات إنارة بشققهم بل وتركيبها هي عداد إنارة بالشقة التي احتفظت لنفسها بها بالدور الأرضي باسمها وعداد إنارة بالبدروم باسمها فإن ذلك كان خطأ منها وإهمالاً وتقصيراً يوجب مساءلتها عن الضرر الذي يصيب الغير من المترددين على العقار". وإذ كان استخلاص سيطرة الطاعنة وإشرافها على البناء محل الحادث وتقدير مسئوليتها عنه مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكان هذا الذي أورده الحكم استدلالاً على ثبوت سيطرة الطاعنة على هذا العقار سائغ يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن بقالة الفساد في الاستدلال لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر رابطة السببية بين خطأ الطاعنة ووفاة المجني عليه في قوله....... "(ثالثاً) علاقة السببية - ثبت لدى المحكمة أنه لو لا ترك المتهمة لفتحات المصعد بجميع أدوار العمارة محل الحادث دون تركيب المصعد أو غلق أبواب فتحاته أو تركيب حواجز لها كالتي تم بناؤها في اليوم التالي لوقوع الحادث ولم تتكلف أكثر من ثمانية جنيهات ودون إضاءة لسلم العمارة ومدخلها وبقاء هذا الوضع رغم سماحها لساكني شقق العمارة يتردد عليها زائرون وجامعي قمامة وباعة متجولون وغيرهم لو لا ذلك لما وقع الحادث الذي أودى بحياة المجني عليه بالصورة التي ثبتت لدى المحكمة وبذلك يكون قد ترتب الضرر على خطأ المتهمة مباشرة وربطت بينهما علاقة السببية، ومن ثم تكون التهمة قد تكاملت أركانها القانونية". وإذ كان الحكم في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول - وقد استخلص من ظروف الواقعة وعناصرها - ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعنة واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ، وكان هذا الذي استخلصه الحكم مستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق، وليس محل جدل من الطاعنة، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لو لا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنة وتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي ووفاة المجني عليه، فإن ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديد وأما ما تثيره الطاعنة من أن خطأ المجني عليه كان السبب في وقوع الحادث، فإنه لا جدوى لها منه لأنه - بفرض قيامه - لا ينفي مسئوليتها الجنائية عن جريمة القتل الخطأ التي أثبت الحكم قيامها في حقها، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلى المتهم من المسئولية وما دام الحكم في صورة الدعوى الماثلة - قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعنة بها من ثبوت نسبة الخطأ إليها ومن نتيجة مادية وهي وقوع الضرر بوفاة المجني عليه من رابطة سببية بين الخطأ المرتكب والضرر الواقع، وكان ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت، فإن النعي على الحكم في خصوص ما سلف يضحى ولا محل له.
3 - لما كانت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على انقضاء الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني كما نصت المادة 172/ 2 من القانون المدني على أن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية فإن ما ذهبت إليه الطاعنة من أن خطأ الحكم بالتصدي مرة ثانية بالفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني يضر بمصلحتها في احتساب مدة سقوط الدعوى المدنية بالتقادم، مردود بأن الدعوى الجنائية لم تسقط ولا يكون سقوط الدعوى المدنية إلا بسقوطها ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة في النعي على الحكم بالخطأ لتصديه بالفصل مرة ثانية في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية مع أنه غير مطروح على محكمة الإعادة ولا يقبل منها ما يثيره في هذا الصدد لأن المصلحة هي مناط قبول وجه الطعن وحيث تنتفي لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها تسببت خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالها وعدم احترازها وعدم مراعاتها القوانين واللوائح بأن أقامت بناء للسكن وقدمت المفاتيح للسكان وسمحت لهم بالإقامة في مساكنهم ولم تتخذ الاحتياطات الكافية بأن تركت أماكن أبواب المصاعد دون وضع الأبواب عليها أو حواجز تمنع السقوط المترددين على المسكن كما لم تدخل الإضاءة للعقار رغم أن المقيمين بالعقار قد قاموا بتركيب عدادات الإضاءة في شققهم مما نجم عنه سقوط المجني عليه حيث كان متردداً على أحد السكان وأثناء سيره في ممرات العمارة دخل منفذ باب المصعد فسقط من الدور السابع وحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. وطلبت معاقبتها بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات وادعى........ مدنياً قبلها بمبلغ 20 ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح العجوزة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهمة خمسين جنيهاً وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فاستأنفت كل من المتهمة والمدعي بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض. وقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون وإحالة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى، والمحكمة المذكورة - مشكلة من هيئة استئنافية أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.


المحكمة

حيث إنه لما كانت الطاعنة قد قدمت أسباباً تكميلية لاحقة لتلك التي بني عليها الطعن - لا تحمل تاريخاً وغير مؤشر بما يفيد إيداعها، ولم تقيد في السجل المعد لذلك في الميعاد المحدد قانوناً، فإنها تكون قد فقدت شرط قبولها ويتعين لذلك والالتفات عنها.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة القتل الخطأ قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استدل على مسئولية الطاعنة عن البناء مكان الحادث وسيطرتها الفعلية عليه من امتلاكها لثلاثة أرباعه وتحريرها عقود الإيجار للسكان مع أن ذلك لا يؤدي باللزوم إلى النتيجة التي خلص إليها بعد أن تمسكت الطاعنة بأن زوجها هو المشرف على البناء وصاحب السيطرة الفعلية عليه، كما دفعت بانقطاع رابطة السببية بين الخطأ المنسوب إليها والضرر تأسيساً على أن الحادث يرجع إلى خطأ المجني عليه وحده إذ أنه صعد في وقت متأخر من الليل إلى الأدوار العليا من البناء الذي لم يتم إعداده للسكنى لزيارة صديق له شغل مسكن فيه بغير موافقة الطاعنة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يعرض له - إيراداً له ورداً عليه - وعول بين ما عول - في إدانة الطاعنة على أقوال ساكني العقار دون أن يذكر أسماء هؤلاء السكان ويورد مؤدى شهادتهم. وأخيراً فقد أخطأ الحكم إذ تصدى للفصل مرة ثانية في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني مع أنه غير مطروح على محكمة الإعادة، مما يضر بمصلحة الطاعنة في احتساب مدة سقوط الدعوى المدنية، ذلك كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليه صعد ليلة الحادث إلى الدور الثامن من البناء مكان الحادث - المملوك غالبيته للطاعنة والخاضع لإشرافها - قاصداً مسكن صديق له في هذا الدور، ولعدم وجود إضاءة بالسلم وعدم وضع حواجز عند فتحات أبواب المصعد الخارجية، فقد ضل المجني عليه طريقة لباب مسكن صديقه ودلف إلى فتحة باب المصعد الخارجي وسقط منها في بئر المصعد مما أدى إلى إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة أدلة مستقاة من أقوال الشهود ومن بينهم ساكني البناء ومن أقوال الطاعنة وزوجها، وما أسفرت عنه المعاينة والتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، انتهى إلى تقرير مسئولية الطاعنة في قوله "...... والبين مما تقدم أن خطأ المتهمة وهي المالكة لثلاثة أرباع العمارة محل الحادث كما أقرت بذلك في تحقيق النيابة ولها السيطرة الفعلية عليها وقت الحادث ومن قبله يتمثل في أنها حررت عقود الإيجار للسكان وسلمتهم مفاتيح الشقق ومكنتهم من الانتفاع كلاًً بالعين المؤجرة له ومن إدخال منقولاته فيها والسكنى هي وأسرهم وأطفالهم قبل تركيب المصعد أو غلق أبوابه أو تركيب حواجز لفتحاته أو تركيب إضاءة لسلم العمارة ومدخلها وبقاء هذا الوضع رغم شغل السكان لجميع الشقق وتركيبهم عدادات إنارة بشققهم بل وتركيبها هي عداد إنارة بالشقة التي احتفظت لنفسها بها بالدور الأرضي باسمها وعداد إنارة بالبدروم باسمها فإن ذلك كان خطأ منها وإهمالاً وتقصيراً يوجب مساءلتها عن الضرر الذي يصيب الغير من المترددين على العقار. وإذ كان استخلاص سيطرة الطاعنة وإشرافها على البناء محل الحادث وتقدير مسئوليتها عنه مما يتعلق بموضوع الدعوى، وكان هذا الذي أورده الحكم استدلالاً على ثبوت سيطرة الطاعنة على هذا العقار سائغ يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن بقالة الفساد في الاستدلال لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر رابطة السببية بين خطأ الطاعنة ووفاة المجني عليه في قوله "......... ثالثاً - علاقة السببية - ثبت لدى المحكمة أنه لو لا ترك المتهمة لفتحات المصعد بجميع أدوار العمارة محل الحادث دون تركيب المصعد أو غلق أبواب فتحاته أو تركيب حواجز لها كالتي تم بناؤها في اليوم التالي لوقوع الحادث ولم تتكلف أكثر من ثمانية جنيهات ودون إضاءة لسلم العمارة ومدخلها وبقاء هذا الوضع رغم سماحها لساكني شقق العمارة كما يتردد عليها زائرون وجامعي قمامة وباعة متجولين وغيرهم لو لا ذلك لما وقع الحادث الذي أودى بحياة المجني عليه بالصورة التي ثبتت لدى المحكمة وبذلك يكون قد ترتب الضرر على خطأ المتهمة مباشرة وربطت بينهما علاقة السببية، ومن ثم تكون التهمة قد تكاملت أركانها القانونية". وإذ كان الحكم في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول - وقد استخلص من ظروف الواقعة وعناصرها - ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعنة واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ، وكان هذا الذي استخلصه الحكم مستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وليس محل جدل من الطاعنة، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لو لا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنة وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليه، فإن ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديد وأما ما تثيره الطاعنة من أن خطأ المجني عليه كان السبب في وقوع الحادث، فإنه لا جدوى لها منه لأنه - بفرض قيامه - لا ينفي مسئوليتها الجنائية عن جريمة القتل الخطأ التي أثبت الحكم قيامها في حقها، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلي المتهم من المسئولية وما دام الحكم في صورة الدعوى الماثلة - قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعنة بها من ثبوت نسبة الخطأ إليها ومن نتيجة مادية وهي وقوع الضرر بوفاة المجني عليه ومن رابطة سببية بين الخطأ المرتكب والضرر الواقع، وكان ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت، فإن النعي على الحكم في خصوص ما سلف يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان أسماء ساكني العقار ومؤدى أقوالهم، وكان القانون لم رسم شكلا معيناً تصوغ فيه المحكمة هذا البيان، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكانت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على انقضاء الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني كما نصت المادة 172/ 2 من القانون المدني على أن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية فإن ما ذهبت إليه الطاعنة من أن خطأ الحكم بالتصدي مرة ثانية للفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني يضر بمصلحتها في احتساب مدة سقوط الدعوى المدنية بالتقادم، مردود بأن الدعوى الجنائية لم تسقط ولا يكون سقوط الدعوى المدنية إلا بسقوطها ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة في النعي على الحكم بالخطأ لتصديه بالفصل مرة ثانية في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية مع أنه غير مطروح على محكمة الإعادة ولا يقبل منها ما يثيره في هذا الصدد لأن المصلحة هي مناط قبول وجه الطعن وحيث تنتفي لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.