مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 660

(106)
جلسة 14 من فبراير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 741 لسنة 24 القضائية

( أ ) اختصاص - اختصاص محاكم مجلس الدولة.
صدور قرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري - إذا صدر في مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص يخرجه من عداد القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدرج السلم الإداري - لا يجوز اعتباره من القرارات الإدارية الصادرة في شأن أحد من الأفراد التي يختص القضاء الإداري وحده بنظر المنازعات الخاصة بها مثال: صدور قرار بنقل عامل بشركة من شركات القطاع العام وتعيينه رئيساً لمجلس إدارة شركة أخرى ثم إنهاء خدمته بالشركة الأخيرة - هذه المسائل من مسائل القانون الخاص تحكمها العلاقة العقدية التي تربط شركات القطاع العام بالعاملين فيها وهي من أشخاص معنوية خاصة - نتيجة ذلك: طلب التعويض عن هذه القرارات لا يعتبر من المنازعات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بنظرها.
(ب) عامل بالقطاع العام - تأديب - نقل.
قرارات النقل والتعيين ليسا من الجزاءات التأديبية المقررة صراحة بلائحة نظام العاملين بالقطاع العام - طلب التعويض عن هذه القرارات يخرج عن اختصاص المحاكم التأديبية - اختصاص القضاء العادي - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة للمحكمة الابتدائية العمالية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الثاني عشر من شهر أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي بوصفه وكيلاً عن السيد/ حسن عيسى محجوب بموجب التوكيل الرسمي الخاص رقم 67 أ لسنة 1974 توثيق مصر الجديدة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 741 لسنة 24 القضائية - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 15/ 6/ 1978 في الدعوى رقم 592 لسنة 29 القضائية المقامة من الطاعن ضد رئيس الجمهورية ووزير النقل البحري ورئيس مؤسسة النقل البحري ورئيس مجلس إدارة الشركة العربية للملاحة البحرية والذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بطلباته في الدعوى وهي إلزام المطعون ضدهم بدفع تعويض قدره خمسة وعشرون ألف جنيه عن إنهاء خدمته كرئيس لمجلس إدارة شركة بواخر البوستة الحديدية فرع لندن وكذلك المصروفات. وتم إعلان تقرير الطعن إلى إدارة قضايا الحكومة في 13/ 9/ 1978. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة طبقاً للمادة 110 مرافعات واحتياطياً برفض الطعن.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالهيئة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 25 من مايو سنة 1983 إحالة الطعن إلى الهيئة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة الثالث من ديسمبر سنة 1983 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الهيئة الثالثة بالمحكمة لنظره بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1983 وفيها قررت هذه المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما تبين من الأوراق، تخلص في أن السيد/ حسن عيسى محجوب كان قد أقام الدعوى رقم 592 لسنة 29 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) في 30 من يناير سنة 1975 يطلب فيها إلزام المطعون ضدهم بأداء تعويض قدره خمسة وعشرون ألف جنيه عن الأضرار التي لحقته بسبب إنهاء خدمته كرئيس لشركة بواخر البوستة الخديوية (توكيل لندن)، وبجلسة 15 من يونيه سنة 1978 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات، وأسست المحكمة قضاءها على أن القرارين اللذين ينعى عليهما المدعي وهما قرار إنهاء خدمته في شركة بواخر البوستة الخديوية وقرار تعيينه في الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية، يعتبر كل منهما قراراً إدارياً وذلك وفقاً للتعريف السالف إيضاحه وهو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة وفقاً للقوانين واللوائح في الشكل المقرر قانوناً بقصد إحداث مركز قانوني معين أو تعديله أو إلغائه متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، ولذا فإن القضاء الإداري يختص وحده بنظر طلب المدعي الحكم له بتعويض عن هذين القرارين طبقاً لنص الفقرتين خامساً وعاشراً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، وأسست المحكمة قضاءها في موضوع الدعوى أنه لا وجه لقول المدعي أن قرار تعيينه رئيساً لمجلس إدارة الشركة العربية للملاحة البحرية تضمن تأديباً مقنعاً، لأن هذا القرار بتعيينه نقلاً من شركة بواخر البوستة الخديوية التي كان يعمل بها، هو من الأمور التي تترخص فيها الإدارة وفقاً للصالح العام وليس في الأوراق ما يفيد أن الإدارة أساءت استعمال سلطتها، بل الصحيح أن الإدارة نقلته من رئيس فرع شركة إلى رئيس مجلس إدارة شركة أخرى، أما عن قرار إنهاء خدمته من الشركة التي نقل إليها لانقطاعه عن العمل فالثابت أن المدعي انقطع عن العمل في وظيفته الجديدة رغم إخطاره في 20/ 6/ 1968 بضرورة استلام عمله فيها ورغم الإخطارات والإنذارات الموجهة إليه وآخرها 30/ 7/ 1968 بدون عذر مقبول يبرر انقطاعه ولذلك يكون قرار إنهاء خدمته صحيحاً طبقاً للمادة 75 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام، ومن ثم فلا يكون هناك خطأ وتنتفي مسئولية الإدارة عن التعويض عنهما تبعاً لذلك ويتعين لذلك رفض دعواه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن نقل الطاعن من وظيفة بشركة بواخر البوستة الخديوية إلى وظيفة رئيس مجلس إدارة شركة التوكيلات الملاحية يعتبر جزاء تأديبياً مقنعاً إذ ترتب عليه خفض مرتبه من خمسة آلاف جنيه إسترليني إلى ألفي جنيه مصري، أما إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل فإنه لم ينقطع بغير عذر بل أنه طلب مهلة لتنفيذ النقل وقد علم الطاعن من مصدر رسمي موثوق به أن المقصود من وراء عودته إلى القاهرة هو اعتقاله.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن صدور قرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري، فإذا صدر في مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص فذلك يخرجه من عداد القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري، ولا يجوز اعتباره من القرارات الصادرة في شأن أحد من الأفراد التي يختص القضاء الإداري وحده بنظر المنازعات الخاصة بها، وفي ضوء هذا القضاء فإن القرارين اللذين يطلب الطاعن تعويضه عنهما والصادرين بنقله من وظيفته بشركة بواخر البوستة الخديوية إلى شركة التوكيلات الملاحية ثم بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بالشركة الأخيرة، يتعلقان بمسألة من مسائل القانون الخاص وهي العلاقة العقدية التي تربط شركات القطاع العام بالعاملين فيها وهي شركات جرى قضاء هذه المحكمة على أنها أشخاص معنوية خاصة، ويعتبران صادرين من جهة الإدارة بصفتها رب عمل ناط به نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بعض الاختصاصات المتعلقة بشئون العاملين بشركات القطاع العام ومن ثم فإن طلب التعويض عنهما لا يعتبر من المنازعات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بنظرهما.
ومن حيث إن قرار نقل الطاعن من شركة بواخر البوستة الخديوية إلى الشركة العربية للملاحة البحرية اتخذ شكل قرار بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة الشركة الأخيرة، ولما كان النقل أو التعيين ليسا من الجزاءات التأديبية المقررة صراحة في المادة 54 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بشركات القطاع العام، وكان اختصاص المحاكم التأديبية مقصوراً على نظر الدعاوى التأديبية التي تحال إليها من النيابة الإدارية ونظر الطعون في الجزاءات التأديبية الموقعة على العاملين في القطاع العام وما يتفرع عنها من طلبات قبل طلب التعويض، طبقاً للمادة 15 والمادة 10 البندين تاسعاً وثالث عشر من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وقضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن، فإن طلب التعويض عن القرار المشار إليه يخرج عن اختصاص القضاء التأديبي.
ومن حيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى عدم اختصاص كل من القضاء الإداري والقضاء التأديبي بالفصل في طلب التعويض عن قراري نقل الطاعن وإنهاء خدمته، وكان هذا الطلب مما يدخل في اختصاص القضاء العادي، فإن الحكم المطعون فيه، وقد قضى صراحة برفض الدعوى وقضى ضمناً باختصاص المحكمة بنظر الدعوى، يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المختصة وهي محكمة جنوب القاهرة الابتدائية العمالية طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة العمالية) لنظرها بإحدى جلسات شهر إبريل سنة 1984.
وعلى قلم كتاب تلك المحكمة إخطار أطراف الدعوى بالجلسة التي تحدد لنظرها.