مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 577

(91)
جلسة 31 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وطارق عبد الفتاح البشري وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار - المستشارين.

الطعن رقم 1056 لسنة 25 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة.
المادة 110 مرافعات - متى أصبح الحكم القاضي بالإحالة نهائياً بعدم الطعن عليه فإن المحكمة المحالة إليها الدعوى تلتزم بالفصل فيها سواء كان عدم الاختصاص ولائياً أو نوعياً أو محلياً - يمتنع على المحكمة المحال إليها الدعوى أن تعاود البحث في الاختصاص من جديد أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى سلامة الحكم بعدم الاختصاص أو الأسباب التي قام عليها - أساس ذلك [(1)]، [(2)].


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من شهر يوليه سنة 1979 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1056 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 19/ 5/ 1979 في الدعوى رقم 46 لسنة 21 القضائية المقامة من السيد/ شعبان إبراهيم فرغلي ضد شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار بحيرة والذي قضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى. وطلبت هيئة مفوضي الدولة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بالإسكندرية بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها مجدداً، وأعلن تقرير الطعن إلى الشركة المشار إليها في 19/ 9/ 1982. وقدم مفوض الدولة لدى المحكمة تقريراً برأيه في الطعن انتهى فيه إلى قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 2/ 11/ 1983 وفيها حضر السيد/ شعبان إبراهيم فرغلي وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 6/ 12/ 1983 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن السيد/ شعبان إبراهيم فرغلي كان قد أقام الدعوى رقم 1724 لسنة 1977 عمال كلي دمنهور بصحيفة مودعة لديها في 10/ 7/ 1977 طلب فيها الحكم بإلزام شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار بأن تؤدي إليه مبلغ 265 جنيهاً قيمة أجره عن مدة فصله عن العمل بعد إلغاء قرار الفصل بموجب حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية الصادر في 12/ 3/ 1977 والفوائد بمقدار 4% وذلك كتعويض عن الضرر الذي لحقه من الفصل، وبجلسة 4/ 11/ 1978 قضت محكمة دمنهور الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات، وبناء على هذه الإحالة قيدت الدعوى بجدول المحكمة التأديبية بالإسكندرية برقم 46 لسنة 21 القضائية ونظرتها المحكمة وقضت فيها بجلسة 19/ 5/ 1979 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن، وأقامت قضاءها على أن اختصاص المحاكم التأديبية تحدد في المادتين 10 و15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وهو لا يشمل التعويض عن قرارات الجزاء التي تختص المحكمة بنظر الطعن فيها، وأن حكم المحكمة الدستورية العليا في قضية التنازع رقم 9 لسنة 2 قضائية لا سند له في نصوص قانون مجلس الدولة ولذا فهو اجتهاد غير مقبول إذ لا يجوز تعديل الاختصاص المحدد بقانون إلا بقانون مثله، وأن المادة 110 مرافعات لا تحول دون بحث المحكمة لاختصاصها الولائي والفصل فيه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لأن المادة 110 مرافعات تلزم المحكمة المحالة إليها الدعوى لعدم الاختصاص بالفصل فيها دون إعادة النظر في مسألة الاختصاص حتى لو كان متعلقاً بالوظيفة وذلك حرصاً من المشرع على تلافي حيرة رافع الدعوى في تحديد المحكمة المختصة، وكذلك لأن قضاء المحكمة الدستورية العليا وقضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الجزاءات التأديبية وكل ما يتفرع عنها من طلبات مثل طلب التعويض.
ومن حيث إن المادة 110 مرافعات تنص على أن (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوزها عشرة جنيهات وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة في تفسير حكم المادة 110 مرافعات المشار إليها جرى على أنه أياً كان الرأي في صواب الحكم القاضي بالإحالة فإنه متى أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه أو بعد فوات ميعاد هذا الطعن، تلتزم المحكمة المحالة إليها الدعوى بالفصل فيها، سواء كان عدم الاختصاص ولائياً أو نوعياً أو محلياً، ويمتنع عليها أن تعاود البحث في الاختصاص من جديد أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى سلامة الحكم بعدم الاختصاص أو الأسباب التي قام عليها وذلك لأن المشرع استهدف بنص المادة المشار إليها حسم المنازعات ووضع حد لها فلا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى فضلاً عما في ذلك من مضيعة لوقت القضاء ومجلبة لتناقض أحكامه، وكان باعثه في ذلك تقديره أن الاعتبارات التي اقتضت الأخذ بحكم المادة المذكورة تسمو على ما يتطلبه التنظيم القضائي عادة من عدم تسليط قضاء محكمة على قضاء محكمة أخرى.
ومن حيث إنه وقد خالف الحكم المطعون فيه ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تفسير المادة 110 مرافعات، فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها من جديد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها.


[(1)] يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1585 لسنة 26 القضائية المحكوم فيه بجلسة 19/ 2/ 1983 حيث انتهت المحكمة إلى بسط رقابة المحكمة المحال إليها الدعوى على أسباب حكم الإحالة.
[(2)] يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطعن رقم 1845 لسنة 27 عليا الصادر بجلسة 27/ 4/ 1986.