مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 609

(96)
جلسة 7 من فبراير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وطارق عبد الفتاح البشري ومحمد محمود البيار - المستشارين.

الطعن رقم 189 لسنة 25 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - سلطة المحكمة التأديبية.
المادة 36 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - للمحكمة استجواب العامل المقدم للمحاكمة وسماع الشهود من العاملين وغيرهم - لا تثريب على تكليف المحكمة للنيابة الإدارية التي قامت بالتحقيق أصلاً باستكمال ما ترى المحكمة استكماله من سماع شهود أو استيفاء بعض جوانب التحقيق - ليس ثمة ما يوجب قصر إجراء التحقيق على المحكمة والحظر على تكليفها للنيابة العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 28 من يناير سنة 1979 أودع الأستاذ سعد عوض أبو رميله المحامي والوكيل عن شركة تنمية الصناعات الكيماوية "سيد"، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن المقيد بسجلات برقم 189 لسنة 25 القضائية ضد السيد/ ....... وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1978 في الدعوى التأديبية المقامة من النيابة الإدارية برقم 68 لسنة 19 القضائية، والذي قضى ببراءة المطعون ضده مما هو منسوب إليه.
وطلبت الشركة الطاعنة أن تحكم المحكمة بإلغاء الحكم المطعون عليه وبفصل المطعون ضده من خدمتها حيث فقدت فيه الثقة مما يجعله غير صالح للوظيفة.
وقدم مفوض الدولة تقريراً انتهى رأيه فيه إلى قبول الطعن شكلاً. وفي الموضوع برفضه وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وقررت بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1983 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1983. وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1983 حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة النزاع حسبما يبين من أوراق الدعوى. تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت في 3 من سبتمبر سنة 1977 قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان، تقرير الاتهام ضد السيد/ ...... رئيس ملاحظي قسم السيارات بشركة تنمية الصناعات الكيماوية "سيد" لأنه خلال شهر مايو سنة 1976 استولى لنفسه على بعض معدات وأجهزة السيارات "تاونس" المملوكة للشركة وقام بتركيبها في سيارته الخاصة المماثلة في النوع لتلك السيارات كما استخدم بعض عمالة الشركة من مرءوسيه في إصلاح السيارات بالجراج المملوك لزوجته وفي إصلاح سيارته الخاصة. وذكر تقرير الاتهام أن المخالف يكون بذلك قد ارتكب المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في الفقرات الأولى والثالثة والخامسة من المادة 44 والمادة 46 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971، وطلبت محاكمته بمواد ذلك القانون والقوانين أرقام 19 لسنة 1959، 117 لسنة 1958، 47 لسنة 1972.
وورد بمذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 13 لسنة 1976 ص، أن تقدم بعض عمال الشركة ببلاغ يفيد سرقة المتهم لبعض أجزاء السيارات المبيعة بالمزاد، وأنه يقوم بتشغيل مرءوسين له بالشركة في جراج ورشة خاصة له. وأن اكتشفت سرقة دينامو وحارس كردان من سيارتين بيعا من الشركة مما أنقص سعر السيارتين ثلاثين جنيهاً تعويضاً للراسي عليه المزاد وأنه وجد بالورشة قطع غيار للسيارات ماركة تاونس المبيعة والتي لم يعد لها وجود بالشركة بعد بيع السيارتين الأخيرتين وإن كان المفروض أن تباع هذه الأجزاء مع السيارتين لرفع سعرها إذ تودع مخزن المخالف بعيداً عن الورشة. وأن شهد شهود أمام النيابة الإدارية بأن المتهم كان يكلفهم بفك بعض أجزاء السيارات التاونس المبيعة ولا يعرف مصيرها، وشهد بعضهم أن بعض تلك القطع ركبوها في سيارة المتهم الخاصة وهي من نفس النوع. وأن المتهم أنكر ما نسب إليه فعلاً قول الشهود وضده برغبتهم النكاية به، كما يجعل وجود قطع الغيار في عهدته باستخدامه إياها في سيارات أخرى، وأنكر استخدام أحد من عمال الشركة في الجراج المملوك لزوجته.
وقضت المحكمة التأديبية ببراءة المتهم مما نسب إليه، واستندت في ذلك إلى أن الدينامو والمارش المقول باستيلاء المتهم عليهما لم يضبطا لديه، وأن ما وجد لديه إما مهمات تالفة أو مما يحتفظ به عادة ملاحظ الورش لاستخدامه عند الحاجة وأن المهندس مدير الإدارة الهندسية بالشركة شهد بأن أياً ما نسب إلى المتهم الاستيلاء عليه وقام بتركيبه في سيارته الخاصة لم يتم ضبطه كما شهد ملاحظ قسم الركوب بالإدارة الهندسية في التحقيق التكميلي الذي أجرته النيابة الإدارية بتكليف من المحكمة أن الشكوى كيدية بسبب ما اعتقده العمال من أن المتهم كتب عنهم تقريراً غير مرض أدى إلى عدم تثبيتهم في عملهم. واستخلصت المحكمة من ذلك أن لا دليل على الاتهام بشقيه إلا أقوال مرؤوس المتهم، وقد شهد كل من ملاحظ قسم الركوب وأحد سائقي الشركة بالواقع الكيدي في ذلك.
وقد نعت الشركة الطاعنة في تقرير الطعن على الحكم المطعون عليه، مخالفته للقانون لأن النيابة الإدارية في التحقيق التكميلي سمعت شهادة سائقين بالشركة دون علم الشركة، واستند حكم البراءة إلى هاتين الشهادتين، وذلك بالمخالفة لنص المادة 34 من القانون رقم 55 لسنة 1955 بشأن مجلس الدولة وما يعادلها "من القانون الجديد". وأن مجرد احتفاظ المتهم بقطع الغيار لسيارات تم بيعها يعتبر ازعاماً منه على اختلاسها أو بالأقل مخالفة لما يجب من إيداعها مخازن الشركة، وأن امتلاك المتهم جراجاً خاصاً يخالف الحظر الوارد بقوانين العاملين. ولما تثبتت المحكمة من امتلاك زوجته له من دون وأن ثمة إجماع من الشهود على استيلاء المتهم على قطع الغيار. وأن النيابة العامة حققت المرجو بالقضية 558 إداري الأهرام (33 محضر تحقيق) وقررت حبس المتهم احتياطياً ثم أفرجت عنه بعد سداده 35 جنيهاً للشركة قيمة المارش والدينامو، وقررت بعد أدائه هذا المبلغ للشركة تجنبه إجراءات المحاكمة الجنائية اكتفاء بمجازاته إدارياً.
ومن حيث إن المادة 36 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972، نصت على أن للمحكمة استجواب العامل المقدم للمحاكمة وسماع الشهود من العاملين وغيرهم".
وكما أن للمحكمة سماع من ترى سماعهم من الشهود، فلا تثريب علها أن تكلف النيابة الإدارية التي قامت بالتحقيق الأصلي باستكمال ما ترى المحكمة استكماله من سماع للشهود أو تحقيق لبعض جوانب التحقيق ومن ثم فلا مقنع فيما أثارته الشركة الطاعنة في تقرير الطعن من مخالفة هذا الإجراء للقانون ولا مقنع في القول بأن حكم المادة 36 سالف الذكر يوجب قصر إجراء التحقيق على المحكمة ويحظر عليها تكليف النيابة الإدارية به.
ومن حيث إنه من جهة ثانية، فقد اشتمل تقرير الاتهام واقعتين نسبتا إلى المتهم وقدم بهما إلى المحاكمة وهي استيلاؤه على بعض معدات السيارات، واستخدامه بعض عمال الورشة من مرؤوسين في العمل بجراج زوجته، ولم يشمل التقرير المحال به المتهم واقعة امتلاكه جراجاً خاصاً كواقعة قائمة بذاتها يقدم عنها المتهم للمحاكمة. ومن ثم فلا مطعن على الحكم المطعون فيه إن اقتصر على الواقعتين الواردتين بتقرير الاتهام دون الاستطراد في تحقيق واقعة أخرى لم يحال من أجلها المتهم إلى المحاكمة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه التزم الجادة في تحقيق الواقعتين المنسوبتين إلى المتهم في تقرير الاتهام وألزم دلالة القرائن التي توحي بها ظروف الحال وأصاب في تطبيق القانون فيما انتهى إليه بمنطق سليم واستخلاص سائغ وإجراءات لا تثريب عليها قانوناً، من ثم يتعين رفض الطعن موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.