أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 217

جلسة 31 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قوره وحسن عميره نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن ومحمد طلعت الرفاعي.

(30)
الطعن رقم 1620 لسنة 59 القضائية

(1) تدخل في وظيفة عمومية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها. إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها. تحقق ذلك بالاحتيال والمظاهر الخارجية التي يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها. ولو لم يقم بعمل من أعمالها.
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة تداخل في وظيفة عمومية.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". تحقيق "التحقيق بمعرفة المحكمة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
المحاكمة الجنائية تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً. لها تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماعه أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. تمسك المتهم أمام درجتي التقاضي بسماع شاهد الإثبات. عدم سماعه. يعيب إجراءات المحاكمة.
المحكمة الاستئنافية لا تجري تحقيقاً في الجلسة إنما تبني قضاءها على مقتضى الأوراق. شرط ذلك: مراعاة مقتضيات حق الدفاع. عليها سماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة واستيفاء كل نقص في إجراءات التحقيق. المادة 413 إجراءات.
إغفال طلب سماع شاهد الإثبات الذي لم تستجب محكمة أول درجة إلى طلب سماعه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - من المقرر أن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التي يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها. وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل في وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة ضابط مباحث دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التي صدرت من الطاعن والتي تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفته وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة.
2 - الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً وإنما يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً - وهو ما لم يحصل في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن سير المحاكمة على النحو الذي جرت عليه ومصادرة الدفاع فيما تمسك به من سماع شاهد الإثبات لا يتحقق به المعنى الذي قصد إليه الشارع في المادة سالفة الذكر، ولا يعترض على ذلك بأن المحكمة الاستئنافية لا تجري تحقيقاً في الجلسة وإنما تبنى قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق المعروضة عليها إذ أو حقها في هذا النطاق مقيد بوجوب مراعاة مقتضيات حق الدفاع بل أن القانون أوجب عليها طبقاً للمادة 413 من قانون الإجراءات الجنائية أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاة - تندبه لذلك - الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفى كل نقص في إجراءات التحقيق ولما كانت المحكمة الاستئنافية قد أغفلت طلب الطاعن سماع شاهد الإثبات الذي لم تستجب محكمة أول درجة إلى طلب سماعه فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه تداخل في وظيفة عمومية (عسكرية) دون أن يكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك على النحو الوارد بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 155 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بولاق الدكرور قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحسب المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً. استأنف. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التداخل في وظيفة عمومية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دانه رغم عدم توافر الركن المادي للجريمة فضلاً عن أن الطاعن تمسك أمام درجتي التقاضي بضرورة سماع شاهد الإثبات إلا أن محكمة أول درجة قضت بإدانته دون أن تجيبه إلى طلبه أو ترد عليه وحذت المحكمة الاستئنافية حذوها ولم تحفل بما تمسك به من طلب سماعه مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فيما يجمل أن المدعو....... المفتش بسنترال الأهرام قد أبلغ وقرر بمحضر الضبط أن المتهم يحضر للسنترال وينتحل صفة ضابط مباحث أمن الدولة ويتخذ من هذه الصفة وسيلة لقضاء مصالح بعض الأشخاص وأنه تم ضبط بطاقة عسكرية لمقدم شرطة يدعي....... وضع عليها المتهم صورة وقد خلص الحكم إلى ثبوت التهمة أخذاً بما قرره المبلغ وضبط البطاقة العسكرية سالفة الذكر مع الطاعن. لما كان ذلك وكان من المقرر أن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذ اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التي يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها. وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل في وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة ضابط مباحث دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التي صدرت من الطاعن والتي تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد في صفته وكونه صاحب الوظيفة التي انتحلها فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه بالإدانة - من بين ما عول - على أقوال المبلغ/ ........ بمحضر الاستدلالات وتبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام درجتي التقاضي أن الطاعن تمسك بضرورة سماع شهادة المبلغ إلا أن كلاً من محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية لم تعرض في مدونات حكمها لهذا الطلب أو ترد عليه بما ينفي لزومه - رغم أن محكمة أول درجة قد أجلت الدعوى أكثر من مرة لهذا السبب - لما كان ذلك وكان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً وإنما يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً - وهو ما لم يحصل في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن سير المحاكمة على النحو الذي جرت عليه ومصادرة الدفاع فيما تمسك به من سماع شاهد الإثبات لا يتحقق به المعنى الذي قصد إليه الشارع في المادة سالفة الذكر، ولا يعترض على ذلك بأن المحكمة الاستئنافية لا تجرى تحقيقاً في الجلسة وإنما تبنى قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق المعروضة عليها إذ أن حقها في هذا النطاق مقيد بوجوب مراعاة مقتضيات حق الدفاع بل أن القانون أوجب عليها طبقاً للمادة 413 من قانون الإجراءات الجنائية أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاة - تندبه لذلك - الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفى كل نقص في إجراءات التحقيق ولما كانت المحكمة الاستئنافية قد أغفلت طلب الطاعن سماع شاهد الإثبات الذي لم تستجب محكمة أول درجة إلى طلب سماعه فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. لما كان ما تقدم فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.