مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 642

(103)
جلسة 11 من فبراير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وعادل بطرس فرج وحسن حسنين علي - المستشارين.

الطعن رقم 511 لسنة 26 القضائية

تأميم - قرارات لجان تقييم رؤوس أموال المنشآت المؤممة.
عدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم محالج القطن فيما تضمنه من النص على أن تكون قرارات لجان التقييم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن - أساس ذلك: نص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 إذ حصن تلك القرارات من رقابة القضاء يكون قد انطوى على مصادرة حق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين - قضاء المحكمة الدستورية العليا - أحكام المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 23 من فبراير سنة 1980 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ هانم شوقي منصور - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 511 لسنة 26 قضائيا عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 1638 لسنة 26 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها برفض إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعية بالمصروفات وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار التقييم رقم 833 لسنة 1972 الذي حدد رأس مال محلج ورثة المرحومة أنيسة حنا ويصا في 4/ 4/ 1963 بمبلغ 9951 ج، ورأس مال محلج شركة يوسف مشرقي وشركاه بصفر، وتعيين خبراء فنيين لإعادة تقييم المحلج مع إلزام وزير الاقتصاد بصفته بالمصاريف والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإيقاف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية تحصين قرارات لجان التقييم ضد الطعن أمام القضاء المنصوص عليه في المادة 25 من القانون برقم 38 لسنة 1963 مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 1/ 2/ 1982، وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 21/ 3/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 7/ 5/ 1983، ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وحجز للحكم بجلسة 5/ 11/ 1983، ثم أعيد الطعن للمرافعة بجلسة 17/ 12/ 1983 وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما تخلص من الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 1638 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 17/ 2/ 1972 اختصمت فيها وزير الخزانة وطلبت في ختامها الحكم بإلغاء قرار التقييم رقم 833 لسنة 1972 الذي حدد صافي رأس مال محلج ورثة المرحومة/ أنيسة حنا ويصا في 4/ 4/ 1963 بمبلغ 9951 وصافي رأس مال محلج شركة يوسف مشرقي وشركاه بصفر لزيادة التزاماته على أصوله بمبلغ 9287.251 جنيهاً، وتعيين خبراء فنيين لإعادة تقييم المحلج مع إلزام وزير الخزانة بالمصروفات والأتعاب ثم قامت المدعية بعد ذلك باختصام كل من ورثة المرحومة/ أنيسة حنا ويصا والمؤسسة المصرية العامة للقطن ووزير الاقتصاد للحكم في مواجهتهم بذات الطلبات.
ويبين من الأوراق أنه بتاريخ 4/ 4/ 1963 صدر القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم محالج القطن ومنها محلج السيدة/ أنيسة حنا ويصا بالفيوم الذي كان يستغله ويديره مورث المدعية المرحوم يوسف مشرقي وشكل لجنة لتقييم رأس مال المحلج، انتهت إلى تقييمه بصفر كذمة مالية واحدة (ذمة المالكة والمشغل) وألحق المحلج بشركة الوادي لحلج الأقطان، إحدى شركات المؤسسة المصرية العامة للقطن. وقد تقدم ورثة المرحومة أنيسة حنا ويصا والمرحوم يوسف مشرقي بتظلم إلى وزير الاقتصاد لإعادة النظر في قرار التقييم تأسيساً على أن حسابات الشركة المشتغلة للمحلج قد تداخلت مع أصول محلج المرحومة أنيسة حنا ويصا - وصدر القرار الوزاري رقم 511 لسنة 1971 بتشكيل لجنة لإعادة تقييم محالج الفيوم ومنها محلج المرحومة أنيسة حنا ويصا وأصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه بتاريخ 22/ 12/ 1971.
ونعت المدعية في صحيفة دعواها على قرار التقييم أن تقدير الأصول والخصوم وصافي رأس المال الوارد بالقرار لا يتمشى مع الدفاتر المقدمة من أصحاب الشأن، وأنه استبعد القيم الدفترية للأصول الثابتة بالدفاتر دون مسوغ كما أن تقييم العدد والآلات الميكانيكية والموجودات والأثاث مبني على أسس خاطئة، وأن المباني التي أنشأها محلج شركة يوسف مشرقي لم يعتمدها قرار التقييم، وأن الضرائب المستحقة على المحلج لا تتمشى مع الحقيقة وقد خصمت مبالغها دون وجه حق.
وبجلسة 25/ 12/ 1979 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أساس ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم محالج القطن من أن قرارات لجان التقييم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن. وأردفت المحكمة أن قضاءها استقر على أنه إذا ما باشرت لجنة التقييم عملها في حدود الاختصاصات التي خولها لها القانون كان قرارها نهائياً أما إذا جاوزت اللجنة هذه الاختصاصات كأن تقيم منشأة لم يؤممها المشرع أو تستبعد بعض عناصر المنشأة التي خضعت للقانون، ففي مثل هذه الحالة لا يكسب قرار التقييم أية حصانة ويخضع للرقابة الإدارية والقضائية. وخلصت المحكمة إلى أن ما أوضحت عنه المدعية من أسباب للنعي على قرار لجنة إعادة التقييم تدخل في حدود اختصاصات هذه اللجنة مما يجعل قرارها في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن ما عناه المشرع بنهائية قرارات لجان التقييم وعدم قابليتها للطعن، إنما تنصرف إلى تقدير قيمة أصول المنشأة المؤممة وخصومها ولكن الطعن على قرار لجنة التقييم المشار إليها مقصود به بيان وتحديد حقوق المنشأة والتزاماتها، ويتعين على لجنة التقييم أن تتقيد بأصول المنشأة وخصومها في حقيقتها وواقعها، وليس لها أن تزيد عليها أو تنقص منها فالطاعنة لا تطعن على تقدير قيمة الأصول والخصوم وإنما على تحديد حقوق المنشأة والتزاماتها وأضافت الطاعنة أن نهائية قرارات لجان التقييم يكون في حدود ضيقة حتى لا يعتبر مخالفاً للنظام العام.
كذلك فإنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات دائرة فحص الطعون أن الحاضر عن الطاعنة قد أثار بجلسة 15/ 11/ 1982 عدم دستورية نهائية قرار لجنة التقييم المنصوص عليها في القانون رقم 38 لسنة 1963 المشار إليه.
ومن حيث إن البادي من الاطلاع على أسباب الحكم المطعون فيه أنه استند أساساً في قضائه برفض إلغاء القرار المطعون فيه. إلى ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم محالج القطن من أن قرارات لجان تقييم رؤوس أموال المنشآت المؤسسة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 المشار إليه كانت تنص على أنه "يتولى تقييم رؤوس أموال المنشآت المشار إليها في المادة السابقة لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها قرار من وزير الاقتصاد على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف يختاره وزير العدل. وتصدر كل لجنة قراراتها في مدة لا تجاوز شهر من تاريخ صدور قرار تشكيلها. وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها الصادر بجلسة 30 من إبريل سنة 1983 في القضية رقم 7 لسنة 3 قضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقييم "نهائية" وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن وأقامت قضاءها على أساس أن هذا النص إذ حصن تلك القرارات من رقابة القضاء يكون قد انطوى على مصادرة لحق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين في هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور.
ومن حيث إن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة".
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ينهار الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه برفض الدعوى - ومن ثم يتعين إلغاء هذا الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة المذكورة، للفصل في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 7 لسنة 3 قضائية (دستورية) الصادر بجلسة 30/ 4/ 1983.