أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 236

جلسة 5 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية وحسن عشيش نائبي رئيس المحكمة ورضوان عبد العليم وأنور جبري.

(33)
الطعن رقم 45756 لسنة 59 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. ما دام استخلاصها سائغاً وأن تطرح ما يخالفها.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة.
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بما تطمئن إليه في أقوال الشهود وإطراح ما عداه. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض. (4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواقعة أنثى.
حق المحكمة في الأخذ بأقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي دون بيان العلة أو الإشارة إليها. علة ذلك؟
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
النعي على المحكمة سكوتها عن طلب لم يبده الدفاع. غير جائز.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة" "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
قعود الطاعن عن إثارة التعارض بين الدليلين القولي والفني أمام محكمة الموضوع. لا يسوغ له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواقعة أنثى.
تعييب الحكم استناده إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي وشهادته بجلسة المحاكمة. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(8) حكم "ما لا يعيب في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة".
حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. مناطه؟
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام".
استناد الحكم إلى ما يعتبر من العلم العام. لا يعيبه.
(11) مواقعة أنثى بغير رضاها. جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون الفعل قد ارتكب بغير رضاء المجني عليها لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة. استخلاص حصول الإكراه. موضوعي.
(12) ظروف مشددة. مواقعة أنثى بغير رضاها.
متى يعتبر المتهم من المتولين تربية المجني عليها في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها؟
(13) مواقعة أنثى بغير رضاها. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر أو عدم توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها. موضوعي.
(14) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". مسئولية مدنية. ضرر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الطاعن عن مواقعة أنثى بغير رضاها الذي حكم بالتعويض من أجلها. كفايته لبيان وجه الضرر المستوجب للتعويض. عدم بيان الحكم من بعد الضرر بنوعيه وعناصره. لا يعيبه. علة ذلك؟
(15) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". تعويض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القضاء بتعويض مؤقت للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها برغم أنها ادعت بمبلغ التعويض عن نفسها فقط. قضاء بما لم يطلب من المحكمة. يوجب التصحيح.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ولمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة.
3 - من المقرر أن للمحكمة ألا تورد بالأسباب إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تأخذ من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليه قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن موضوعها وبما يكفي بياناً لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به دون بيان العلة أو الإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها - فإن الحكم المطعون فيه وقد عرض لأقوال شاهدتي النفي وأطرحها بأسباب سائغة ومن ثم فقد بات ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد.
5 - لما كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع أقوال المجني عليها أو مواجهة طبيب مستشفى...... بالطبيب الشرعي فيما اختلفوا فيه أو استدعاء كبير الأطباء الشرعيين، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده ومن ثم فإن النعي على المحكمة في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي وما جاء بأقواله من أن إصابة المجني عليها كانت من جراء دخول قضيب ذكر بالغ منتصب بدفع شديد مما ترتب عليه حدوث تمزق شامل بالجزء الخلفي لغشاء البكارة وممتد إلى الشوكة الخلفية لفتحة مدخل المهبل إلى الجزء الأمامي لمنطقة العجان وأنه لا يمكن حدوث إصابة المجني عليها من مثل اصطدامها بدراجة أو إدخال أصبع بفرجها، وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتطابق معه - فإن ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما لا يكون له محل. وفضلاً عن ذلك فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثر هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي لا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستند في قضائها إلى التقرير الطبي الابتدائي ولا إلى أقوال الطبيب الذي حرره ولكن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية - اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الذي أكده في شهادته بجلسة المحاكمة وعلى النحو سالف بيانه، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي يكون واقعاً في الدليل الذي تأخذ به المحكمة فيجعله متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها.
9 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدت لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
10 - لما كان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه من عدم تمييز المجني عليها - لصغر سنها - بين القضيب والأصبع وانعدام خبرتها العملية - ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة وإطراح دفاع الطاعن على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها، هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في هذا الشأن هو من العلم العام فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
11 - من المقرر أن ركن القوة في جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء المجني عليها باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك ما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليها التي اطمئن إليها أن الطاعن واقعها كرهاً عنها وبغير رضاها، فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
12 - لا يشترط في القانون لتشديد العقاب في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها التي يكون فيها الفاعل من المتولين تربية المجني عليها أن تكون التربية بإعطاء دروس عامة للمجني عليها مع غيرها أو أن تكون في مدرسة أو معهد تعليم بل يكفي أن يكون عن طريق إلقاء دروس خاصة على المجني عليها ولو كانت في مكان خاص، كما لا يشترط كذلك أن يكون الجاني محترفاً مهنة التدريس ما دام قد ثبت أنه قد عهد إليه من أبوي المجني عليها إعطاؤها دروساً خاصة والإشراف عليها في هذا الصدد.
13 - من المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
14 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي ولا عدم بيانه عناصر الضرر، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ويوجب الحكم عليه بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن لجريمة مواقعة المجني عليها بغير رضاها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على المحكمة من بعد إن لم تبين مدى الضرر ولا عناصره التي قدرت التعويض المحكوم به على أساسها، إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
15 - لما كانت المحكمة قد قضت للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها بمبلغ مائتي وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع ما هو ثابت بالأوراق من أنها قد ادعت بذلك المبلغ عن نفسها فقط، فإن المحكمة تكون قد قضت من تلقاء نفسها بما لم يطلب منها وتكون بذلك قد خالفت القانون وهذا يعيب حكمها بما يوجب تصحيحه بجعل مبلغ التعويض المقضى به للمدعية بالحق المدني عن نفسها فقط.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه واقع المجني عليها بغير رضاها بأن أطرحها أرضاً ورفع ثيابها ونحى عنها سروالها وكم فاها وجثم فوقها وأولج قضيبه بقبلها على النحو المبين بالتحقيقات حالة كونه ممن لهم سلطة عليها، وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت والدة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عمالاً بالمادة 267/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة عشر سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى لم تبلغ سنها ستة عشرة سنة كاملة بغير رضاها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه عول - من بين ما عول عليه - في إدانة الطاعن على أقوال المجني عليها ووالدتها رغم تعدد رواية كل منهما في مراحل التحقيق المختلفة وعلى الرغم من عدم سماع أقوال المجني عليها. كما أن الحكم لم يحصل أقوال المجني عليها وشاهدتي النفي بطريقة كافية. وأطرح أقوال شاهدتي النفي بأسباب غير سائغة. هذا إلى أن الحكم اعتنق تصوير المجني عليها للواقعة على الرغم من أن لا يتفق والعقل والمنطق إذ لا يتصور أن يباشر الطاعن الجنس مع المجني عليها في حضور مدرس آخر. يضاف إلى ذلك أن الحكم أسند إلى المجني عليها أنها قررت بأن الطاعن أطرحها أرضاً ونزع عنها سروالها وكم فاها وجثم فوقها وأدخل قضيبه في فرجها كما أسند إلى والدة المجني عليها أنها قررت بأن المجني عليها أبلغتها بأن الطاعن ارتكب الفحشاء معها وكل ذلك لا أصل له في الأوراق. كما أن الحكم عول على الدليلين القولي والفني رغم ما بينهما من تعارض لم يعن برفعه كما لم يرفع التعارض بين أقوال طبيبي مستشفى..... وأقوال الطبيب الشرعي في خصوص وصف إصابة المجني عليها ولم يواجههم بما اختلفوا فيه ولم يندب لذلك كبير الأطباء الشرعيين. هذا فضلاً عن أن التقرير الطبي الشرعي أثبت وجود تهتك بجزء من غشاء بكارة المجني عليها ثم انتهى إلى حدوث إيلاج كامل وهو ما يجعل الحكم متناقضاً إذ أن الإيلاج الكامل يستتبع بالضرورة تهتك عشاء البكارة بالكامل. هذا إلى أن التقرير الطبي الشرعي لم يقطع بارتكاب الطاعن للجريمة كما تناقض الحكم إذ أورد في موضع منه أن الطاعن أولج قضيبه في فرج المجني عليها ثم أورد في موضع آخر أن المجني عليها صغيرة لا تستطيع التمييز بين الأصبع والقضيب. وقصر الحكم في التدليل على توافر ركن القوة وعلى أن الطاعن من المتولين تربية المجني عليها. وأخيراً فإن المحكمة قضت في الدعوى المدنية بتعويض المدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها على الرغم من أنها لم تطلب الحكم بالتعويض بصفتها ولم تبين المحكمة وجه الضرر الذي أصاب المدعية بالحق المدني كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة مواقعة أنثى لم تبلغ سنها ستة عشر سنة كاملة بغير رضاها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ولمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وكما أن للمحكمة ألا تورد بالأسباب إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تأخذ من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليه قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وحصلت مؤداها بما لا يحيدها عن معناها ويحرفها عن موضوعها وبما يكفي بياناً لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به دون بيان العلة أو الإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها - فإن الحكم المطعون فيه وقد عرض لأقوال شاهدتي النفي وأطرحها بأسباب سائغة ومن ثم فقد بات ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع أقوال المجني عليها أو مواجهة طبيب مستشفى..... بالطبيب الشرعي فيما اختلفوا فيه أو استدعاء كبير الأطباء الشرعيين، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده ومن ثم فإن النعي على المحكمة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه له سنده من الأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة - مما ينتفي عنه دعوى مخالفة الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي وما جاء بأقواله من أن إصابة المجني عليها كانت من جراء دخول قضيب ذكر بالغ منتصب بدفع شديد مما ترتب عليه حدوث تمزق شامل بالجزء الخلفي لغشاء البكارة وممتد إلى الشوكة الخلفية لفتحة مدخل المهبل إلى الجزء الأمامي لمنطقة العجان وأنه لا يمكن حدوث إصابة المجني عليها من مثل اصطدامها بدراجة أو إدخال أصبع بفرجها، وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتطابق معه - فإن ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما لا يكون له محل. وفضلاً عن ذلك فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثر هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي لا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستند في قضائها إلى التقرير الطبي الابتدائي ولا إلى أقوال الطبيب الذي حرره ولكن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية - اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الذي أكده في شهادته بجلسة المحاكمة وعلى النحو السالف بيانه، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان التقرير الطبي الشرعي قد خلا من شبهة التناقض الذي يسقطه ومن ثم فإن استناد الحكم إليه كدليل في الدعوى يشهد على إدانة الطاعن لا يعيبه لما هو مقرر من أن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي يكون واقعاً في الدليل الذي تأخذ به المحكمة فيجعله متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها وهو ما خلا منه الحكم المطعون فيه ولا يؤثر في ذلك ما يثيره الطاعن من أن تقرير الطبيب الشرعي بني على الترجيح لا القطع فإنه - بفرض صحته - فهو مردود بأن - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدت لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه من عدم تمييز المجني عليها - لصغر سنها - بين القضيب والأصبع وانعدام خبرتها العملية – ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة وإطراح دفاع الطاعن على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها، هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في هذا الشأن هو من العلم العام فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القضاء قد استقر على أن ركن القوة في جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء المجني عليها باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك ما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليها التي اطمئن إليها أن الطاعن واقعها كرهاً عنها وبغير رضاها، فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك، وكان لا يشترط في القانون لتشديد العقاب في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها التي يكون فيها الفاعل من المتولين تربية المجني عليها أن تكون التربية بإعطاء دروس عامة للمجني عليها مع غيرها أو أن يكون في مدرسة أو معهد تعليم بل يكفي أن يكون عن طريق إلقاء دروس خاصة على المجني عليها ولو كانت في مكان خاص، كما لا يشترط كذلك أن يكون الجاني محترفاً مهنة التدريس ما دام قد ثبت أنه قد عهد إليه من أبوي المجني عليها إعطاؤها دروساً خاصة والإشراف عليها في هذا الصدد. وكان من المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم وإذ كانت الأدلة التي ساقتها بالحكم للتدليل على أن المتهم كانت له سلطة على المجني عليها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما أثبته من توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 267/ 2 من قانون العقوبات يكون صحيحاً في القانون - ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي ولا عدم بيانه عناصر الضرر، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ويوجب الحكم عليه بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن لجريمة مواقعة المجني عليها بغير رضاها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على المحكمة من بعد أن لم تبين مدى الضرر ولا عناصره التي قدرت التعويض المحكوم به على أساسها، إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد قضت للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها بمبلغ مائتي وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع ما هو ثابت بالأوراق من أنها قد ادعت بذلك المبلغ عن نفسها فقط، فإن المحكمة تكون قد قضت من تلقاء نفسها بما لم يطلب منها وتكون بذلك قد خالفت القانون وهذا يعيب حكمها بما يوجب تصحيحه بجعل مبلغ التعويض المقضى به للمدعية بالحق المدني عن نفسها فقط.