أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 533

جلسة 28 من مايو سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ.

(100)
الطعن رقم 708 لسنة 48 القضائية

(1 - 2) تبغ. نقض."أثر الطعن"."نظره والحكم فيه". دعوى مدنية."نظرها والحكم فيها". معارضة. "نظرها والحكم فيها". استئناف. "نظره والحكم فيه".
(1) طعن المتهم لثاني مرة في الحكم الصادر بقبول معارضته الاستئنافية شكلاً ورفضها موضوعاً. تحديد محكمة النقض جلسة لنظر موضوع طعنه. تخلفه عن حضور هذه الجلسة. عدم جواز الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن ما دام قد سبق له الحضور بجلسة المعارضة. أساس ذلك.
نقض الحكم. أثره: معاودة الدعوى سيرتها من النقطة التي وقفت عندها قبل الحكم المنقوض.
(2) عدم تقيد المحكمة الاستئنافية عند نظرها الاستئناف المقام من المدعي بالحق المدني بالحكم الصادر في الشق الجنائي ولو كان حائزاً لقوة الأمر المقضي. أساس ذلك.
1 - لما كانت المعارضة قد استوفت أوضاعها القانونية وسبق أن قضى بقبولها شكلاً بالحكم المنقوض بناء على الطعن المقدم فيه للمرة الثانية من مصلحة الجمارك بوصفها مدعية بالحقوق المدنية. فإن تخلف المعارض عن الحضور بالجلسة التي حددت لنظر معارضته أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - التي حلت محل محكمة ثاني درجة في نظر المعارضة الاستئنافية - رغم إعلانه قانوناً في محل إقامته، لا يجوز معه الحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن باعتباره جزاء على عدم حضوره أمامها، ما دام أنه من المقرر أن الدعوى - المنقوض حكمها - تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها، والثابت من الأوراق أن المعارض سبق له الحضور في الجلسة الأولى المحددة لنظر معارضته أمام المحكمة الاستئنافية وفي بعض الجلسات التي تأجلت لها المعارضة قبل نقض الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يمتنع معه الحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن الذي هو جزاء على عدم حضور المعارض في الجلسة الأولى، لانتفاء موجبه بعد سابقة حضوره واستئناف الدعوى لسيرها من النقطة التي وقفت عندها قبل نقض الحكم المطعون فيه.
2 - للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعية بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقها المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. كما أنه من المقرر كذلك أن الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة ويجوز الحكم به حتى في حالة القضاء بالبراءة عند توافر شروط ذلك كما هي الحال في الدعوى الماثلة. لما كان ذلك، وكانت واقعة زراعة المعارض للدخان في مساحة ستة عشر قيراطاً قد ثبتت في حقه مما أثبته مفتش الإنتاج في محضر ضبط الواقعة ومن اعترافه على التفصيل المار ذكره. ولا يدرأ عنه المسئولية ما تذرع به من أنه كان يجهل حكم القانون الذي يؤثم زراعة التبغ لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون ليس بعذر، وحيث إنه وقد ثبت لهذه المحكمة قيام المعارض بزراعة شجيرات الدخان في مساحة ستة عشر قيراطاً، فإن الدعوى المدنية المقامة ضده من مصلحة الجمارك بمطالبته بتعويض قدره 2400 ج وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ تكون على أساس سليم من الواقع والقانون، إذ يقضى حكمها بإلزام الفاعلين والشركاء متضامنين بأداء تعويض لمصلحة الجمارك بواقع مائة وخمسين جنيهاً عن كل قيراط أو جزء منه مزروع أو مستنبت فيه التبغ. وحيث إنه لما تقدم من أسباب وللأسباب الأخرى التي بني عليها الحكم المعارض فيه والتي تأخذ بها هذه المحكمة، يكون ذلك الحكم في محله ويتعين لذلك تأييده مع إلزام المعارض المصروفات المدنية عملاً بالمادة 310/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده أنه زرع الدخان المبين بالمحضر بدون تصريح من الجهة الإدارية. وطلبت معاقبته بالمادتين 1 و2/ 1 من القانون رقم 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهم بتعويض جمركي. ومحكمة جنح صدفا الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم والمصادرة فاستأنفت المدعية بالحقوق المدنية ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المتهم بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 2400 ج وتأييده فيما عدا ذلك. عارض المحكوم عليه، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وبإلغاء الحكم المعارض فيه ورفض الدعوى المدنية. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة أسيوط الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المشار إليها - مشكلة من هيئة استئنافية أخرى - قضت بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ورفض الدعوى المدنية. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية وتحديد جلسة لنظر الموضوع.


المحكمة

حيث إن المعارضة استوفت أوضاعها القانونية وسبق أن قضي بقبولها شكلاً وبالحكم المنقوض بناء على الطعن المقدم فيه للمرة الثانية من مصلحة الجمارك بوصفها مدعية بالحقوق المدنية. ومن ثم فإن تخلف المعارض عن الحضور بجلسة 4/ 12/ 1977 التي حددت لنظر معارضته أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - التي حلت محل محكمة ثاني درجة في نظر المعارضة الاستئنافية. رغم إعلانه قانوناً في محل إقامته، لا يجوز معه الحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن باعتباره جزاء على عدم حضوره أمامها، ما دام أنه من المقرر أن الدعوى المنقوض حكمها تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها، والثابت من الأوراق أن المعارض سبق له الحضور في الجلسة الأولى المحددة لنظر معارضته أمام المحكمة الاستئنافية وفي بعض الجلسات التي تأجلت لها المعارضة قبل نقض الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يمتنع معه الحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن الذي هو جزاء على عدم حضور المعارض في الجلسة الأولى، لانتفاء موجبه بعد سابقة حضوره واستئناف الدعوى لسيرها من النقطة التي وقعت عندها قبل نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، فإنه يتعين الفصل في موضوع المعارضة.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل فيما أثبته مفتش الإنتاج في محضره المؤرخ 8/ 3/ 1970 من أنه بناء على إذن مدير عام إنتاج الوجه القبلي باتخاذ الإجراءات نحو تنفيذ الإخبارية السرية المتضمنة أن المعارض يقوم بزراعة الدخان بناحية مركز الغنايم فقد انتقل صحبة رجال القوة إلى حقل المعارض بالناحية المذكورة فوجد شجيرات الدخان منزرعة به في مساحة ستة عشر قيراطاً وتبين من تحليل العينة أنها عبارة عن دخان أخضر، وسئل المتهم فاعترف بملكيته للدخان المضبوط وبأنه الزارع له - وتذرع في درء مسئوليته بأنه كان يجهل أن القانون يؤثم زراعة الدخان. وأذن مدير جمرك القاهرة والوجه القبلي بكتابه المؤرخ 24/ 6/ 1971 برفع الدعوى الجنائية ضد المتهم - المعارض - بناء على التفويض الصادر إليه من وزير الخزانة، وادعى محامي الحكومة مدنياً بمبلغ 2400 ج - ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية قبله على أساس عدم الاطمئنان إلى ما اثبت في محضر الضبط. واستأنفت مصلحة الجمارك هذا الحكم وقضت محكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المتهم بدفع مبلغ 2400 ج تعويضاً للجمارك وتأييده فيما عدا ذلك. فعارض المستأنف عليه في هذا الحكم وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على نظر قانوني خاطئ مؤداه أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة قد أضحى نهائياً وتحول حجيته دون مخالفته والحكم بالتعويض لمصلحة الجمارك المدعية بالحقوق المدنية - التي استأنفته وحدها ما دامت النيابة لم تستأنفه. وإذ طعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم قضت محكمة النقض بنقضه وإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة أسيوط الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. إلا أن محكمة الإحالة قضت برفض الدعوى المدنية واتجهت ذات المنحى في تسبيب قضائها وإذ طعنت مصلحة الجمارك بالنقض في هذا الحكم للمرة الثانية، قبلت محكمة النقض الطعن ونقضت الحكم وحددت جلسة 4/ 12/ 1977 لنظر الموضوع.
وحيث إنه بادئ ذي بدء ترى المحكمة أن تنوه أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعية بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقها المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. كما أنه من المقرر كذلك أن الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة ويجوز الحكم به حتى في حالة القضاء بالبراءة عند توافر شروط ذلك كما هي الحال في الدعوى الماثلة. لما كان ذلك، وكانت واقعة زراعة المعارض للدخان في مساحة ستة عشر قيراطاً قد ثبتت في حقه مما أثبته مفتش الإنتاج في محضر ضبط الواقعة ومن اعترافه على التفصيل المار ذكره. ولا يدرء عنه المسئولية ما تذرع به من أنه كان يجهل حكم القانون الذي يؤثم زراعة التبغ لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون ليس بعذر.
وحيث إنه وقد ثبت لهذه المحكمة قيام المعارض بزراعة شجيرات الدخان في مساحة ستة عشر قيراطاً، فإن الدعوى المدنية المقامة ضده من مصلحة الجمارك بمطالبته بتعويض قدره 2400 ج وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ تكون على أساس سليم من الواقع والقانون، إذ يقضى حكمها بإلزام الفاعلين والشركاء متضامنين بأداء تعويض لمصلحة الجمارك بواقع مائة وخمسين جنيهاً عن كل قيراط أو جزء منه مزروع أو مستنبت فيه التبغ.
وحيث إنه لما تقدم من أسباب وللأسباب الأخرى التي بني عليها الحكم المعارض فيه والتي تأخذ بها هذه المحكمة، يكون ذلك الحكم في محله ويتعين لذلك تأييده مع إلزام المعارض المصروفات المدنية عملاً بالمادة 320/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.