مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 701

(113)
جلسة 21 من فبراير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وطارق عبد الفتاح البشري والدكتور وليم سليمان قلاده وعبد اللطيف أحمد أبو الخير - المستشارين.

الطعن رقم 662 لسنة 25 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الدعوى التأديبية - تكييفها.
لئن كان تحديد الخصوم لطلباتهم في الدعوى من توجيههم إلا أن للمحكمة الهيمنة الكاملة على تكييف هذه الطلبات وتحديد ما يهدف إليه الخصوم في ضوء ما يبدونه في صحيفة الدعوى وما يرد في سائر أوراقها - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - تأديب - القرار التأديبي.
تحديد طبيعة القرار التأديبي - تكون بوقت صدوره إذا ثبت أن قرار الفصل صدر إبان عمل المطعون بالشركة فإن مخاصمة هذا القرار تكون في مواجهة الشركة - لا يغير من ذلك حلول هيئة عامة محل الشركة بعد صدور القرار - أساس ذلك: الشركة هي الملتزمة بتنفيذ الحكم في الفترة السابقة على حلول الهيئة - اختصام الهيئة ليكون الحكم في مواجهتها وحتى لا تحتج عليه عند التنفيذ لديها بأنه لم يكن من العاملين بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الخامس من شهر مايو سنة 1979 قام الأستاذ بشير حسين بشير المحامي نائباً عن الأستاذ أحمد عبد الوهاب المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الزراعية العامة بمقتضى التوكيل الرسمي العام رقم 928 أ لسنة 1976 توثيق قصر النيل، بإيداع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 662 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 6/ 3/ 1979 في الدعوى رقم 48 لسنة 5 القضائية الذي قضى بإلغاء القرار الصادر في 11/ 3/ 1976 بإنهاء خدمة الطاعن من 24/ 2/ 1976 وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلبت الشركة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في 22/ 7/ 1979 وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة جلسة 2/ 11/ 1983 وفيها تقرر تأجيل نظر الطعن لجلسة 16/ 11/ 1983 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 20/ 12/ 1983 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم فيه في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما تبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 27 لسنة 10 القضائية في 10/ 5/ 1976 أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة بطلب إلغاء القرار رقم 61 الصادر في 11/ 3/ 1976 بإنهاء خدمته اعتباراً من 24/ 2/ 1976 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف مرتبه بالكامل عن مدة وقفه، وأسس دعواه على أنه أبلغ الشركة بمرضه وملازمته الفراش، وبجلسة 29/ 3/ 1977 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للاختصاص. وتنفيذاً لهذا القضاء قيدت الدعوى بجدول المحكمة التأديبية بالمنصورة برقم 48 لسنة 5 قضائية وأمامها اختصم المطعون ضده الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي حلت محل الشركة المدعى عليها.
وبجلسة 6/ 3/ 1979 قضت المحكمة المذكورة بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض ما عداه من طلبات، وأسست قضاءها على أن قرار إنهاء الخدمة بني حسبما يبين من ديباجته ومن حقيقة مقصده على عدم استجابة المدعي لقرار نقله واعتبر ذلك انقطاعاً عن العمل في حين أنه استمر في عمله في المكان المنقول منه الأمر الذي يعتبر امتناعاً عن العمل المنقول إليه وليس انقطاعاً عنه والامتناع عن العمل يشكل مخالفة تأديبية الأمر الذي يعتبر معه قرار إنهاء الخدمة قراراً تأديبياً بالفصل سواء في ظاهره وفق عبارته أو في باطنه حسب مضمونه، ويتعين النظر إليه على هدي ذلك التكييف، وإذ أقيمت الدعوى بطلب إلغائه خلال ستين يوماً وكان التظلم من القرار ليس وجوبياً فإنها تكون مقبولة شكلاً، وعن الموضوع قالت المحكمة إن القرار بالفصل وقع على عامل من الفئة التاسعة بالمستوى الثالث ولم يصدر من مجلس الإدارة طبقاً للمادة 49 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون 58 لسنة 1971 القائم وقتئذ مما يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص كما لم يسبقه تحقيق وعرض على اللجنة الثلاثية مما يجعله مشوباً بعيب في الشكل، والعيبان لم يدركهما تصحيح في القانون اللاحق رقم 47 لسنة 1978 ومن ثم يتعين إلغاء القرار دون أن يغل ذلك يد الجهة المعنية في إجراء التحقيق واستيفاء الشكل والتصرف في الموضوع على ضوء نتيجة ذلك.
ورفضت المحكمة طلب المرتب عن مدة الوقف لأنه لم يثبت وقفه عن العمل.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على الأسباب الآتية:
1 - كان يجب على المحكمة التأديبية بالمنصورة التصدي لبحث اختصاصها الولائي بنظر الدعوى لتعلق ذلك بالنظام العام لأن القضاء الضمني بالاختصاص الولائي للمحكمة التأديبية لوزارة الزراعة لا يقيدها.
2 - أخطأ الحكم في تكييف قرار إنهاء الخدمة بأنه قرار فصل خاصة وأن المادة 64 من القانون رقم 61 لسنة 1971 ميزت بين الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي وبين الانقطاع عن العمل، كما أخطأ الحكم في تطبيق المادة 49 من القانون رقم 58 لسنة 1971 لأن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 61 لسنة 1971 وعلى مقتضاه كان على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها.
3 - إن المطعون ضده صحح شكل الدعوى باختصام الهيئة التي حلت محل الشركة سنة 1977 ووجه إليها طلباته ولكن المحكمة قضت بهذه الطلبات ضد الشركة ولم تتقيد بطلب المدعي مما يستحيل معه تنفيذ الحكم.
ومن حيث إن السبب الأول للطعن مردود بأن قضاء هذه المحكمة جرى على تفسير المادة 110 مرافعات بأنه متى قضت محكمة بعدم اختصاصها وأحالت الدعوى لهذا السبب إلى المحكمة المختصة، تعين على هذه المحكمة الأخيرة، متى صار الحكم بعدم الاختصاص والإحالة نهائياً وحاز حجية الشيء المقضي، أن تنزل على مقتضاه، بأن تنظر الدعوى وتفصل فيها دون أن تعاود البحث في الاختصاص من جديد، أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى سلامة الحكم بعدم الاختصاص أو الأسباب التي بني عليها، وذلك حتى لا تتقاذف الدعوى أحكام عدم الاختصاص فضلاً عما في ذلك من ضياع للوقت والجهد وتعرض لتناقض الأحكام إذ قدر المشرع أن الاعتبارات التي يقوم عليها حكم المادة المشار إليها تسمو على ما يتطلبه التنظيم القضائي من عدم تسليط قضاء محكمة على قضاء محكمة أخرى، ولما كانت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة قضت بجلسة 29/ 3/ 1977 في الدعوى المقامة من المطعون ضده بعدم اختصاصها محلياً وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة فقضت في موضوعها بعد أن أوضحت في أسباب حكمها التزامها بالفصل في الدعوى عملاً بالمادة 110 من قانون المرافعات، فإن قضاءها يكون مطابقاً لحكم القانون ولما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تفسير المادة المذكورة.
ومن حيث إن السبب الثاني للطعن مردود كذلك بأنه ولئن كان تحديد الخصوم لطلباتهم في الدعوى من توجيههم إلا أن للمحكمة الهيمنة الكاملة على تكييف هذه الطلبات وتحديد ما يهدف إليه الخصوم من وراء إبدائها في ضوء ما يبدونه في صحيفة الدعوى وما يرد في سائر أوراقها، وإذ كيفت المحكمة التأديبية طلب المطعون ضده إلغاء قرار إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل بأنه طلب بإلغاء قرار فصله من الخدمة لأنه لم ينقطع عن العمل بالشركة وإنما امتنع عن العمل في المكان الذي نقل إليه مما يشكل مخالفة تأديبية، وانتهت إلى قبول الدعوى شكلاً لأن التظلم من قرار الفصل ليس وجوبياً وإلى إلغاء القرار لأنه مشوب بعيبي الشكل وعدم الاختصاص لعدم العرض على اللجنة الثلاثية وعدم صدور القرار من رئيس مجلس الإدارة، فإن حكمها يكون قد صادف وجه الحق في قضائه، ولا حجة في استناد الحكم إلى القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين المدنيين في الدولة لأنه مجرد خطأ مادي، لأن القرار صدر من الشركة وهي تخضع للقانون رقم 61 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، وهو ما قصد الحكم الاستناد إليه بدليل إشارته إلى المادة 49 منه التي حددت السلطة المختصة بتوقيع جزاء الفصل في حين أن المادة 49 من القانون رقم 58 لسنة 1971 المشار إليه تنظم الحالات التي يجوز فيها منح العامل بالحكومة إجازة خاصة بأجر كامل.
ومن حيث إن السبب الثالث للطعن مردود بأن العبرة في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه تكون بوقت صدوره، وما دام الثابت أن قرار الفصل صدر من الشركة إبان عمل المطعون ضده فيها فإن مخاصمة هذا القرار تكون في مواجهة الشركة ولا يغير من ذلك حلول هيئة عامة محل الشركة بعد صدور القرار فتبقى الشركة هي الخصم الملزم بتنفيذ الحكم في الفترة السابقة على حلول الهيئة، أما الفترة اللاحقة على هذا الحلول فقد اختصم المطعون ضده هذه الهيئة (الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية) ليكون الحكم في مواجهتها وحتى لا تحتج عليه عند التنفيذ لديها بأنه لم يكن من العاملين بها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن غير قائم على أساس صحيح من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.