مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 709

(115)
جلسة 25 من فبراير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضه رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وعادل بطرس فرج وحسن حسنين علي - المستشارين.

الطعن رقم 1225 لسنة 25 القضائية

( أ ) حكم في الشق المستعجل - الطعن فيه - تعلق الطعن بشروط قبول الدعوى - صدور حكم في الشق الموضوعي قبل الفصل في الطعن - عدم الطعن على هذا الحكم - اعتبار الطعن في الحكم الأول مثيراً لما قضى في الموضوع مما يتعين معه التعقيب على ما قضت به محكمة القضاء الإداري في ناحيتي النزاع المستعجلة والموضوعية على السواء - بيان ذلك وأساسه:
(ب) قرار إداري - قرار شطب اسم المتعهد من سجل الموردين المحليين - أثره - تعديل المركز القانوني للطاعن تعديلاً مستمراً - ميعاد الطعن فيه بالإلغاء - قابلية القرار للطعن بالإلغاء في أي وقت ما ظل القرار قائماً منتجاً لآثاره - أساس ذلك: المادة 85 من لائحة المناقصات والمزايدات أجازت لصاحب الشأن أن يسعى لدى الإدارة لإعادة قيد اسمه في سجل المتعهدين إذا انتفى السبب الذي ترتب عليه شطب الاسم ولو كان ذلك بعد فوات ميعاد السحب أو الطعن القضائي بالإلغاء في قرار الشطب [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 8/ 1979 أودع الوكيل عن السيد/ عبد السلام عبد العزيز ريحان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد في جدول المحكمة برقم 1225 لسنة 25 ق ضد: رئيس جامعة الأزهر، ومراقب عام الإدارة العامة لمشتريات الحكومة. ووزير المالية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 6/ 1979 في الدعوى رقم 634 لسنة 33 ق (الشق المستعجل) والقاضي بعدم قبول الطلب المستعجل شكلاً وإلزام رافعه المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم للطاعن بقبول الدعوى رقم 634 لسنة 33 ق شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار رقم 9 لسنة 1978 الصادر من مدير جامعة الأزهر بوقف التعامل مع الطاعن بوصفه متعهداً لتوريد أصناف التغذية لطلاب الجامعة اعتباراً من العام المالي 1978 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبعد إعلان الطعن إلى إدارة قضايا الحكومة قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه باعتبار الخصومة منتهية وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن جلسة 7/ 6/ 1982 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 18/ 4/ 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 28/ 5/ 1983، وتداول الطعن بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت بجلسة 14/ 1/ 1984. إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 634 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري في 3/ 1/ 1979 ضد كل من: -
1 - رئيس جامعة الأزهر.
2 - مراقب عام الإدارة العامة لمشتريات الحكومة بوزارة المالية.
3 - وزير المالية. وطلب فيها الحكم:
أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 9 لسنة 1978 الصادر من جامعة الأزهر بتاريخ 14/ 2/ 1978 بوقف التعامل معه.
ثانياً: بإلغاء القرار الإداري المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: بإلزام المدعى عليهم بصفتهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسين ألف جنيه والمصاريف.
وبجلسة 10/ 6/ 1979 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الطلب المستعجل شكلاً وإلزام رافعه المصروفات، وأقامت قضاءها على أن المدعي لم يقم دعواه في الميعاد المقرر لقبولها شكلاً، لأن القرار المطعون فيه صدر في 14/ 2/ 1978 وأخطر به المدعي في 23/ 2/ 1978. فتظلم منه في 22/ 3/ 1978، ومن ثم يعتبر فوات ستين يوماً من التاريخ الأخير دون إجابة الجهة الإدارية على التظلم بمثابة رفض له، وبالتالي كان على المدعي إقامة دعواه في ميعاد أقصاه 30/ 7/ 1978 وإذ أقامها في 30/ 1/ 1979 فإنها تعتبر غير مقبولة شكلاً.
وبجلسة 15/ 3/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الشق الموضوعي في ذات الدعوى (رقم 634 لسنة 33 ق) ويقضي:
أولاً: بعدم قبول طلب إلغاء قرار جامعة الأزهر رقم 9 لسنة 1978 المطعون فيه.
ثانياً: برفض طلب التعويض عن هذا القرار وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى طلب الإلغاء على أنها سبق أن قضت بعدم قبول الطلب المستعجل الخاص بطلب وقف تنفيذ القرار شكلاً لرفعه بعد الميعاد وأن هذا القضاء يقيدها عند نظر الطلب الموضوعي الخاص بالإلغاء. وأقامت قضاءها بالنسبة لطلب التعويض على أن المدعي قد ارتكب غشاً يخول جهة الإدارة منعه من التعامل معها ومن ثم لا تكون قد ارتكبت خطأ يستوجب التعويض.
ومن حيث إن الطعن في الحكم الصادر في الشق المستعجل يقوم على أن القرار المطعون فيه المتضمن وقف التعامل مع الطاعن يعتبر قراراً سلبياً بالامتناع عن التعامل معه ذو أثر مستمر مما يجعل من حق الطاعن أن يطلب من الجهة الإدارية في أي وقت العدول عنه.
ومن حيث إن تقرير هيئة مفوضي الدولة انتهى إلى طلب الحكم في الطعن الماثل بقبوله شكلاً، وفي موضوعه باعتبار الخصومة منتهية مستنداً في ذلك إلى أن هذا الطعن ينصب على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى رقم 634 لسنة 33 ق الذي قضى بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار رقم 9 لسنة 1978 لرفعه بعد الميعاد المقرر قانوناً، وإذ صدر أثناء نظر الطعن حكم آخر في الشق الموضوعي بجلسة 15/ 3/ 1981 قضى بعدم قبول دعوى إلغاء القرار المطعون فيه لرفعها بعد الميعاد، وبرفض طلب التعويض عنه، ولم يطعن في هذا الحكم الأخير، فإنه يكون قد أصبح نهائياً ومن ثم فإن الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ يسقط بصدور الحكم في موضوع الدعوى وبالتالي يعتبر الاستمرار في نظر الطعن في هذا الحكم الوقتي غير ذي موضوع مما ترى معه هيئة مفوضي الدولة الحكم باعتبار الخصومة منتهية في شأنه.
ومن حيث إن مؤدى ما ذهبت إليه هيئة مفوضي الدولة أن ما قضي به في الشق الموضوعي للمنازعة لابد من احترامه والتقيد به لنهائيته، ويتعين من ثم على هذه المحكمة القضاء باعتبار الطعن في الحكم المطعون فيه الذي صدر في وقف التنفيذ - كأن لم يكن تسليماً منها بحجية الحكم الأول لكونه حكماً نهائياً لم يطعن فيه.
ومن حيث إنه على هدي قضاء سابق لهذه المحكمة، إذا كان الحكم لا يصح أن يتغاير في مسألة أساسية مشتركة بين وجهي الخصومة المستعجل والموضوعي لتعلق ذلك الحكم بأمر جوهري هو توافر شروط قبول الدعوى، فلا محل إذن للاستمساك بحجية الحكم النهائي عند نظر الطعن المرفوع عن الحكم الذي قضى في الشق الخاص بوقف التنفيذ، ذلك أن المحكمة العليا بما لها من سلطة التعقيب تملك أن تنزل حكم القانون بصورة موحدة في مسألة قبول الدعوى غير مقيدة بالحكم الصادر من محكمة أدنى في الموضوع. ولو كان سائغاً إلزام المحكمة العليا بمقتضى هذا الحكم نزولاً على نهائيته في هذه الصورة، أياً كانت الحقيقة القانونية فيه، لكان مؤدى ذلك أن تغل يد المحكمة العليا عن إعمال ولايتها في التعقيب على الحكم بحريتها، وهو بطبيعته غير قابل للاختلاف بالنسبة إلى شقي المنازعة، ولكانت النتيجة كذلك أن يعلو حكم محكمة القضاء الإداري على حكم المحكمة الإدارية العليا وهي خاتمة المطاف في نظام التدرج القضائي لمجرد أن الحكم الأول كان نهائياً لإمساك ذوي الشأن عن الطعن فيه اكتفاء بطعنهم في الحكم المتعلق بالجانب المستعجل وهي نتيجة لا يمكن تقبلها بحال. وإذا كان لا يتصور عقلاً اختلاف الحكم في الوجه المستعجل من المنازعة عنه في وجهها الموضوعي لتعلق الأمر بمسألة أساسية واحدة غير قابلة للانفصال وهي قبول الدعوى شكلاً، فإن حكم المحكمة العليا ينبغي أن يعلو على حكم المحكمة الأدنى حتى ولو لم يثر أمام المحكمة العليا صدور هذا الحكم وذلك كيلا يفترق الرأي ما بين المحكمتين العليا والدنيا في مسألة أساسية يتعين في شأنها التعويل على رأي المحكمة العليا. وما دامت هذه المحكمة قد اتصلت بشق المنازعة المستعجل عن طريق الطعن في الحكم الصادر فيه فلا منتدح عن تعديلها للحكم النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري والتعقيب عليه بما تراه هو الحق الذي لا مرية فيه لأنه يخشى إذا لم تجر على هذا النهج أن يصدر من المحكمة العليا حكم يتعارض مع حكم المحكمة الدنيا ولا شبهة أن الغاية المبتغاة من ذلك هو وضع حداً لتضارب الأحكام وانحسام المنازعة في الاختصاص بحكم تكون الكلمة العليا فيه لأعلى درجة من درجات التقاضي في النظام القضائي الإداري. وينبني على ما سلف إيضاحه لزوم اعتبار الطعن الحاضر مثيراً لما قضى به في الموضوع ويتعين من أجل ذلك التعقيب على ما قضت به محكمة القضاء الإداري في ناحيتي النزاع المستعجلة والموضوعية على السواء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى رقم 634 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من جامعة الأزهر بوقف التعامل معه كمتعهد لتوريد أصناف الأغذية اللازمة لطلاب الجامعة، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ ذلك القرار، وبإلزام المدعى عليهم بأداء مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض عما أصابه من أضرار.
ومن حيث إنه عن طلب إلغاء وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن قرار الإدارة بشطب اسم المتعهد من سجل الموردين المحليين يترتب عليه تعديل مركزه القانوني تعديلاً مستمراً بحيث يمتنع عليه الدخول في المناقصات الحكومية في المستقبل ما دام قرار الشطب قائماً ومنتجاً لآثاره، ولذلك فقد أجازت المادة 85 من لائحة المناقصات والمزايدات لصاحب الشأن أن يسعى لدى الإدارة لإعادة قيد اسمه في سجل المتعهدين إذا انتفى السبب الذي ترتب عليه شطب الاسم ولو كان ذلك بعد فوات ميعاد السحب أو الطعن القضائي بالإلغاء في قرار الشطب. ولما كان المشرع قد أجاز بذلك أن يكون قرار الإدارة بشطب اسم المتعهد من سجل الموردين محلاً للسحب بعد فوات مواعيد الطعن فيه بالإلغاء، فإن مؤدى ذلك - وبالنظر إلى الآثار المستمرة لقرار شطب الاسم إلى ما بعد انقضاء ميعاد الطعن فيه بالإلغاء وبالمقابل لما قدره المشرع من جواز سحب قرار شطب اسم المتعهد في أي وقت، فإنه يجوز أن يكون ذلك القرار محلاً للطعن بالإلغاء في أي وقت ما ظل قائماً ومستمراً في إنتاج آثاره، لاسيما وأن الدعوى القضائية أقوى في معنى السعي لتعديل المركز القانوني المستمر الناتج عن قرار شطب اسم المتعهد من سجل الموردين، من مجرد تقديم الطلب إلى الإدارة لسحب ذلك القرار. على ذلك فإنه متى كان الثابت أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه في 22/ 3/ 1978. ورفع الدعوى بطلب الحكم بإلغائه في 30/ 1/ 1979 - فإن الدعوى في هذه الظروف والملابسات تكون مرفوعة في الميعاد المقرر لرفعها قانوناً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد، فإنه يكون في هذا الشق من قضائه قد خالف القانون بما يوجب القضاء بإلغائه والحكم بقبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه في الميعاد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 14/ 2/ 1978 أصدر مدير جامعة الأزهر القرار رقم 9 لسنة 1978 بوقف التعامل مع السيد/ عبد السلام عبد العزيز ريحان (المدعي) متعهد توريد أصناف التغذية اللازمة لطلاب الجامعة اعتباراً من العام المالي 1978، واستند هذا القرار للأسباب الآتية:
1 - أن مراقب عام الأغذية قدم مذكرة بتاريخ 4/ 1/ 1977 جاء بها أن المدعي يقوم بتوريد خبز بكميات أقل من المتعاقد عليها وفي أوقات غير منتظمة مع عدم مطابقتها للمواصفات، كما يقوم بتوريد الدواجن المذبوحة بزغبها مع انعدام مطابقتها للمواصفات لارتفاع نسبة الريش وعدم الاهتمام بنظافتها كترك الحويصلة والأحشاء الداخلية وتسلخها ووجود بعضها مريضاً، وبه كدمات من الدم أسفل الجلد، الأمر الذي أدى إلى استدعاء شرطة النجدة في 3/ 1/ 1977 لإثبات توريد الخبز والدواجن غير المطابقة للمواصفات وتحرير المحضر 28 أحوال بقسم شرطة مدينة نصر.
2 - أن مدير إدارة التفتيش والمتابعة قدم تقريراً في 3/ 1/ 1977 تضمن عدم التزام المدعي بتخزين كميات مناسبة من الجبن الرومي مع عدم مطابقة المواصفات، مع عدم جودة نوعية المربى الموردة منه.
3 - أن مشرف التغذية بالدراسة قدم مذكرة في 15/ 1/ 1977 تفيد أن المدعي ورد مربى غير مطابقة للمواصفات كما ورد زيتون آخر غير ناضج.
4 - أن مراقبة التغذية أفادت أن المدعي قام في 23/ 3/ 1977 بتوريد عدد مائة دجاجة مذبوحة غير صالحة وغير مطابقة للمواصفات من الكمية البالغ عددها 400 دجاجة، وتكرر منه ذلك في كل من إبريل ومايو سنة 1977 حيث قام بتوريد دواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمي ومن متخلفات المجزر الآلي.
5 - أنه ثبت من مذكرة التحقيق الإداري الذي أجرته الشئون القانونية بالجامعة، ومن مذكرة النيابة العامة المؤرخة في 23/ 3/ 1975 أن المدعي أخل بواجباته في عقد التوريد المبرم معه من مراعاة الأمانة وتوريد الكميات المحددة كاملة إذ أسفر التحقيق عن وجود تزوير في مستندات صرف الأغذية وصرف مبالغ بدون وجه حق من أموال الجامعة للمدعي وقد جاء في مذكرة النيابة العامة أن الاتهام ثابت قبل كل من المتهمين خيرية حافظ علي، وعمر علي العميري، وسعاد إبراهيم المنياوي الموظفين بالجامعة، وعبد السلام عبد العزيز ريحان (المدعي) وذلك باعتراف كل من المتهمة الأولى والمتهم الثاني بما قرره جميع من سئلوا بالتحقيقات ومن اعتراف المتهمة الثالثة في جريمتي التزوير والاستيلاء، وبما ثبت من التحقيقات من اشتراك المتهم الرابع (المدعي) في جريمة تسهيل الاستيلاء - إلا أنه من الملائم وقد تم سداد المبلغ الذي تسلمه المتهم الرابع (المدعي) بدون وجه حق 1091.167 جنيه وحرصاً على مستقبل المتهمين خاصة وأن كلاً من المتهمة الأولى والمتهم الثاني قد قاما بإبلاغ إدارة الجامعة بالواقعة، كما قامت المتهمة الثالثة بسداد المبلغ الذي تسلمه المتهم الرابع بدون وجه حق. من الملائم الاكتفاء بمجازاة الموظفين إدارياً عما نسب إليهم، وقد تمت مجازاتهم بالخصم من المرتب، أما بالنسبة إلى المتهم الرابع (المدعي) فإنه يكفيه ما عاناه من إجراءات التحقيق كما تم خصم مبلغ 927.062 جنيه من مستحقاته وهو باقي المبالغ التي استولى عليها (المدعي) من أموال الجامعة.
ومن حيث إن المادة 85 من لائحة المناقصات والمزايدات التي صدر القرار المطعون فيه في ظلها كانت توجب فسخ العقد الإداري ومصادرة التأمين النهائي إذ استعمل المتعهد الغش أو التلاعب في تعامله مع الإدارة، كما أوجبت في هذه الحالة شطب اسم المتعهد من سجل المتعهدين وتنشر وزارة الخزانة قرار شطب اسمه ولا يسمح له بالدخول في مناقصات حكومية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي الذي تعاقد مع جامعة الأزهر على توريد أصناف غذائية دأب على توريد هذه الأصناف بأقل من الكميات المطلوبة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وهو أمر يكشف بما لا يدع مجالاً للشك عن نية مبيتة للتلاعب والغش بهدف الحصول على الأموال العامة بدون وجه حق، وهو الأمر الذي تأكد من التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في الدعوى رقم 52 لسنة 1974 حصر تحقيق أموال عامة التي أسفرت عن تورط المدعي في ارتكاب جريمتي تزوير مستندات صرف الأغذية، والاستيلاء على أموال الجامعة بغير حق - وإذا كانت النيابة العامة قد انتهت إلى حفظ الدعوى الجنائية اكتفاء بالجزاء الإداري الذي وقع على شركاء المدعي من العاملين بالجامعة، وبرد المدعي لما استولى عليه من أموال الجامعة وبما عاناه من إجراءات التحقيق، فإنه ليس معنى ذلك أنه برئ مما أثبتت النيابة نسبته إليه وما أكدته أيضاً التحقيقات الإدارية التي أجريت معه ومع العاملين الذين شاركوه هذه الأفعال، ومن ثم حق لها أن توقف التعامل معه وأن تجنب المصالح الحكومية التورط معه في عقود توريد أخرى تكون مسرحاً لغشه وتلاعبه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن قرار الجامعة بوقف التعامل مع المدعي مستنداً إلى أسباب صحيحة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول ثابتة بالأوراق، ويكون الطعن فيه بالإلغاء في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون، ولما كانت الإدارة لا تسأل عن التعويض عن قراراتها الإدارية المشروعة لانتفاء عنصر الخطأ بشأنها الأمر الذي يكون طلب التعويض معه في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين الصادرين في الدعوى وبقبولها شكلاً وبرفضها موضوعاً عن طلبي الإلغاء والتعويض، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكمين الصادرين في هذه الدعوى وبقبولها شكلاً وبرفضها موضوعاً عن طلبي الإلغاء والتعويض وألزمت المدعي المصروفات.


[(1)] يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 724 لسنة 24 ق المحكوم فيه بجلسة 16/ 1/ 1982.